خرق إسرائيل لجدار الصوت.. رسالة عامة للبنانيين
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
في ظل تصاعد العمليات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله إلى مستويات غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي نطاق طلعاته الجوية، صباح الجمعة، لتشمل مناطق جديدة في لبنان غير محسوبة على حزب الله.
شملت الطلعات الجوية، مناطق كسروان، المتن، جبيل، وصولاً إلى الكورة وطرابلس، حيث خرقت الطائرات الحربية الإسرائيلية "جدار الصوت" في أجوائها.
أحدث هذا التصعيد حالة من الرعب بين سكان هذه المناطق، إذ اعتقدوا أن القصف طالهم بالفعل، قبل أن يكتشفوا أنهم انضموا إلى مناطق لبنانية أخرى ينفّذ فيها الطيران الحربي الإسرائيلي اختراقات متكررة لـ"جدار الصوت" على ارتفاع منخفض خلال الأسابيع الماضية.
تأتي هذه الطلعات الجوية وسط مخاوف اللبنانيين من انزلاق بلدهم في مستنقع الحرب الشاملة، في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية بأن "صيفاً ساخناً" بانتظارهم.
ويعيش اللبنانيون حالة من الترقب لنتائج المساعي الدبلوماسية الرامية إلى وقف الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع، وفيما إن كان وقف إطلاق النار سينسحب على الجبهة الجنوبية لبلدهم.
وكان أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، أكد في كلمة له قبل يومين، أن الحزب ماضٍ في معركته حتى تتوقف الحرب في غزة، مشدداً على أن التزامه بمعركة "طوفان الأقصى" كان حاسماً ونهائياً منذ اليوم الأول.
رسالة عامةخرق الطيران الإسرائيلي لـ"جدار الصوت" في أجواء مناطق لبنانية غير محسوبة على حزب الله، هو رسالة للشعب اللبناني بأكمله، كما يرى المحلل العسكري والاستراتيجي، العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر.
هذه الرسالة تفيد بحسب ما يقوله عبد القادر لموقع "الحرة" بأن "الحرب التي شنها حزب الله على شمال إسرائيل، والتي استوجبت ردود الفعل الإسرائيلية بالقصف، مستمرة ويمكن أن تتصاعد".
وتتضح هذه الرسالة كذلك، ليس فقط من خلال خرق "جدار الصوت"، بل أيضاً بحسب ما يقول عبد القادر "من خلال تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين في كل زيارة لهم إلى شمال إسرائيل".
في الأيام الأخيرة، شهدنا بحسب عبد القادر "تكثيف عمليات خرق حاجز الصوت، وكأنه رد على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها حسن نصر الله، والتي وصف فيها استراتيجيته وربط معركته في الجنوب بما يحصل في غزة، المعركة التي جرّ لبنان إليها من دون استشارة الشعب أو المسؤولين اللبنانيين".
ويشير إلى أن إسرائيل، من خلال تكثيف هذه العمليات، "تسعى لإضعاف موقع حزب الله في الدولة والمجتمع اللبناني". ويرى أن هذه المعركة قد تستمر لفترة طويلة، موضحاً أنه "يجب استطلاع المرحلة جديدة، إذا ما توصلت المفاوضات الجارية إلى وقف لإطلاق النار في غزة".
هذه المرحلة ستكشف بحسب عبد القادر "مدى دقة حسابات حزب الله، والتي وعد بها نصر الله، بوقف إطلاق النار فور توقفه في غزة، إذ يبدو الأمر كما لو أنه يضمن التزام إسرائيل بذلك، دون النظر إلى مواقفها السابقة التي أكدت أن وقف إطلاق النار في غزة لا يتعلق بالأحداث في جنوب لبنان".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أكد قبل أيام خلال لقائه جنوداً في جبل حرمون أنه، حتى لو تم التوصل إلى "اتفاق لإطلاق سراح المخطوفين... في الجنوب، فإن هذا لا يشمل ما يحدث هنا في الشمال إلا في حال توصل حزب الله إلى تسوية".
أهداف متعددة"يسعى الجيش الإسرائيلي، بتفويض سياسي، إلى تجفيف منابع حزب الله العسكرية في العمقين اللبناني والسوري"، وفقاً لما يقوله الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني، العميد المتقاعد ناجي ملاعب، "وهو ينفّذ طلعات جوية لتحقيق هدفين رئيسيين".
الهدف الأول، بحسب ما يقوله ملاعب لموقع "الحرة"، هو "خلق بيئة ضاغطة على حزب الله عبر إثارة اللبنانيين المعارضين لفتح جبهة الجنوب اللبناني".
أما الهدف الثاني، فهو "استكشاف وتحديد مواقع الدفاعات الجوية لحزب الله، خصوصاً تلك التي تتعامل مع الطيران ذو الطبقات عالية المستوى، مثل طائرات "إف 16"، والتي قد تكون خارج مناطق البيئة الحاضنة للحزب".
من جانبه يعتبر رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد، الدكتور هشام جابر"، أن خرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في مناطق لبنانية غير محسوبة على حزب الله "هو جزء من الحرب النفسية التي تهدف إلى إخافة اللبنانيين والضغط عليهم".
ويضيف جابر في حديث مع موقع "الحرة" أن "خرق جدار الصوت في مناطق غير محسوبة على حزب الله، يدخل ضمن تهديدات إسرائيل بشن حرب واسعة على لبنان وسبق أن تحدث الباحث والأكاديمي الإسرائيلي إيدي كوهين عن أنه سيتم ضرب اللبنانيين المسيحيين أولاً، داعياً إياهم ألا يعتقدوا أنهم في أمان"، لكن كما يشدد جابر فإن "تكثيف عمليات خرق جدار الصوت، يعني تصاعد الحرب النفسية وانخفاض احتمالات الحرب الواسعة".
ما هو جدار الصوت؟يتسبب "جدار الصوت" بصوت قوي مشابه لدوي القصف وبالتالي في حالة من الهلع والخوف لدى السكان في المناطق التي يحدث فيها، وقد يؤدي إلى ارتجاج المباني وتحطيم زجاج النوافذ، وأحياناً سقوط أسقف المنازل القديمة وتضرر جدرانها.
وينتج الدوي القوي الذي تسببه الطائرات الحربية، عن خرقها خلال تحليقها لسرعة الصوت (343 متر في الثانية)، وهو ما يسمى "كسر حاجز الصوت".
وسبق أن شرح العميد الطيار المتقاعد، أندريه أبو معشر، لموقع "الحرة" أن الطائرة تصدر موجات صوتية خلال تحليقها، حين تسبق بسرعة تحليقها ذبذبات الصوت الذي تصدره يتشكل ما يسمى بـ "جدار الصوت" وينتج عنه صوت الدوي وارتجاجات صوتية، تؤدي إلى تحطم الزجاج والاهتزاز.
وحين تسبق الطائرة سرعة الصوت فإنها تصطدم بالموجات الصوتية الصادرة عنها، لكن وبدلا من أن ترتد الموجات الصوتية عند اصطدامها بالأشياء، فإن الطائرة تخترقها وتحولها إلى موجة صوتية واحدة تنطلق خلفها بشكل مخروطي، هي عبارة عن صوت الدوي الذي يسمع عند بلوغه الأرض.
وعادة ما يترافق جدار الصوت مع تشكل غيمة دائرية تحيط بالطائرة، تتكون من الاحتكاك العنيف للطائرة السريعة مع جزيئات الهواء، تشكل موجة الصدمة مخروطا من جزيئات الهواء المضغوط التي تتحرك للخارج والخلف في جميع الاتجاهات.
وبحسب ما يشرح موقع "ناسا" فإن الهواء يتفاعل مثل السائل مع الأجسام الأسرع من الصوت. عندما تنتقل الأجسام عبر الهواء، يتم دفع جزيئات الهواء جانبا بقوة كبيرة وهذا يشكل موجة صادمة مثلما يخلق القارب موجة مقوسة عند سيره في البحر.
ويضيف أنه كلما كانت الطائرات أكبر وأثقل، زاد الهواء الذي تزيحه في تحليقها فوق سرعة الصوت. ويلعب حجم الطائرة وارتفاعها وسرعتها ومسارها فضلا عن حال الطقس والضغط الجوي دورا رئيسيا في حجم الصوت المسموع عند خرق حاجز الصوت.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: جدار الصوت عبد القادر بحسب ما فی غزة
إقرأ أيضاً:
جيش بلا جنود.. إسرائيل تكشف كيف تحركت قواتها داخل غزة
كشفت الحرب الإسرائيلية على غزة عن مستوى جديد من استخدام الروبوتات القتالية، في تطور حمل معه مخاوف كبيرة إزاء أثر هذه التقنيات على حياة المدنيين الفلسطينيين.
قال العقيد المتقاعد يارون ساريغ، رئيس مكتب برنامج الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية في مديرية البحث والتطوير العسكري التابعة لوزارة الدفاع، إن الحرب على غزة تمثّل "الحرب الروبوتية الأولى".
وأوضح خلال قمة تكنولوجيا الدفاع الدولية في تل أبيب أنّ الحرب شهدت نشر عشرات آلاف الأنظمة الذاتية، من أسراب المسيّرات إلى الروبوتات البرية السريعة، مشيرًا إلى تنفيذ آلاف الكيلومترات من التوغلات داخل القطاع بواسطة هذه المنصّات.
وأكد ساريغ أن مكتب الذكاء الاصطناعي عمل، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، على الدفع نحو تطوير تقنيات جديدة قدمتها شركات ناشئة ومقاولين عسكريين ومؤسسات بحثية، بهدف دمجها في الميدان "لضمان التفوق البرّي والجوي والبحري".
وأضاف أنّ هذه المرحلة لا تزال "مجرّد بداية" لثورة ستتوسع في السنوات المقبلة مع إدماج الذكاء الاصطناعي في كل منظومة سلاح وفي القدرات العملياتية لكل جندي. ورغم الطابع التكنولوجي للخطاب، إلاّ أن الحرب كشفت عن واحدة من أكبر المآسي البشرية التي عرفها القطاع.
على الأرض، رصد سكان غزة استخدامًا لم يشهدوه من قبل لـ"الروبوتات المفخخة". فقد توسّع الجيش الإسرائيلي في نشر منصّات تطلق النار آليًا وغير قادرة على التمييز بين المدني والمقاتل، بحسب شهادات وتقارير ميدانية.
وتشير معلومات متقاطعة إلى أنّ هذه الروبوتات استخدمت ضمن استراتيجية تهدف إلى توسيع نطاق التفجير لتسهيل توغل القوات والآليات داخل الأحياء. وقد جرى تزويدها بكميات كبيرة من المتفجرات لتُستخدم كعربات ناسفة ذات قدرة تدميرية واسعة، قادرة على إحداث حرق كامل ودمار شامل في محيط استخدامها.
وتكشف التقارير أن الجيش أعاد توظيف آليات عسكرية قديمة لتحويلها إلى منصّات تفجير ضخمة تُطلق داخل المناطق السكنية ثم تُفجّر عن بُعد، الأمر الذي خلّف خسائر بشرية كبيرة ودماراً واسع النطاق. وقد أدى ذلك إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، من بينهم عائلات قُتلت بالكامل، إضافة إلى موجات تهجير قسري داخل مدينة غزة وفي المناطق الشمالية.
Related اليوم الـ50 لوقف إطلاق النار في غزة: غارات إسرائيلية وتحذيرات أممية من تدهور وضع الأطفالغارات إسرائيلية داخل "الخط الأصفر" بغزة ومقتل 70 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023غارات داخل "الخط الأصفر" في غزة واقتحامات واعتقالات بالضفة الغربية حصيلة بشرية ثقيلةأثار استخدام الروبوتات قلقًا دوليًا متزايدًا، إذ سبق أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى وقف استخدام "الروبوتات القاتلة" وإقرار ترتيبات قانونية تضمن بقاء القرار البشري في التحكم بالقوة، في محاولة للحدّ من تفويض الآلات بقرار الحياة والموت.
وترى منظمات حقوقية، مثل "هيومن رايتس ووتش"، أن هذه المنظومات تُجرّد الحروب من بعدها الإنساني، إذ تمنح الآلات سلطة تقرير المصير خارج أي رقابة بشرية مباشرة، في انتهاك صارخ لمعايير القانون الدولي.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أدت الحرب إلى مقتل أكثر من 70 ألفاً و100 فلسطيني وإصابة 170 ألفاً و983 آخرين منذ السابع من أكتوبر 2023 حتى اليوم، في حصيلة تُظهر حجم المأساة البشرية، رغم إعلان وقف إطلاق النار، وسط استمرار استهداف الفلسطينيين.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة