قالت صحيفة "هآرتس" إن الخلاف الأعمق في المجتمع الإسرائيلي اليوم، بعد مرور 9 أشهر على يوم السبت الأسود، وبعد عملية الإنقاذ المؤثرة لـ4 محتجزين، هو الخلاف بين من يدركون أننا خسرنا الحرب ومن هم غير قادرين على تقبل هذه الفكرة، وبين القادرين على مواجهة الواقع ومن يواصلون تضليل أنفسهم بإمكانية محو الماضي عبر المستقبل، بإمكانية محو الخسارة المؤلمة ببعض النصر مهما كلف ذلك.

وأوضحت الصحيفة -في مقال للكاتب يائير أسولين- أن أولئك الذين نجحوا في مواجهة الواقع على حقيقته قد حققوا أهم اكتشاف، وهو أن إسرائيل والإسرائيليين يمكن أن يخسروا دون أن تتوقف حياتهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة روسية: الأميركيون يخططون لنقل الصراع مع موسكو إلى البحرlist 2 of 2جدعون ليفي: كم طفلا فلسطينيا ستقتل إسرائيل مقابل اغتيال محمد الضيف؟end of list

وعدّ ذلك اكتشافا ثوريا، لأن الأنا الإسرائيلية حتى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول كانت مبنية على فكرة أننا إذا لم ننتصر في كل معركة وفي كل حرب فلن يكون لنا بقاء، وقد أظهرت هذه الحرب أننا حتى لو خسرنا هذه الجولة وأخذنا على حين غرة، وأصبح كابوسنا الأكبر حقيقة، فإننا ما زلنا موجودين.

وهذا الاعتراف -كما يقول الكاتب- له أهمية بالغة في تحقيق سيادتنا ومنعنا من الغرق في واقع انهزامي، لأن الاعتراف بالخسارة تعبير عن القوة، ولأن معرفة الطفل بأنه يمكن أن يخسر أو يفشل أمر حيوي لنموه وصحته العقلية وقدرته على التصرف والإبداع والازدهار، والمجتمع مثله تماما.

وأشار الكاتب إلى أن هذا هو المغزى العميق لمقاربة "الجدار الحديدي" الإسرائيلي الذي انهار يوم السبت الملعون، مشيرا إلى قول زئيف جابوتنسكي "إن إحدى قواعد الحياة الأساسية هي أنه لا ينبغي لك أن تقابل في منتصف الطريق من لا يريدون مقابلتك"، أي من لا يستطيعون الخسارة تحت أي ظرف، لأنهم لن يخرجوا أبدا من خلف الجدار الحديدي.

وفي المقابل، يرى الكاتب أن المجتمع الذي يعرف أنه حتى لو خسر سيستمر في الوجود وسيظل قادرا على إصلاح الإخفاقات التي جلبت الخسارة، وستظل لديه فرصة للفوز، هو مجتمع ناضج وأكثر حرية وأقوى.

المجتمع الذي لا يستطيع الاعتراف بالهزيمة، بالمعنى العملي العميق لهذا الاعتراف، لن يعرف أبدا معنى النصر.

لذا فإن من يجرؤون على الاعتراف بالخسارة ولو جزئيا في هذه الحرب هم من يجرؤون على التفكير في ولادة الرواية الإسرائيلية من جديد، وعلى الشك في العديد من الافتراضات الأساسية التي كُسرت في ما يتعلق بالجيش والدولة والوعود الصهيونية والمبدأ الأساسي للرواية الإسرائيلية برمتها.

والحقيقة أن ما يحتاجه المجتمع الإسرائيلي الآن هو القدرة على القول، حتى لو كان الأمر صعبا ومخيفا، إننا خسرنا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأن المجتمع الذي لا يستطيع الاعتراف بالهزيمة، بالمعنى العملي العميق لهذا الاعتراف، لن يعرف أبدا معنى النصر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

تكهنات بحدوث ضربة إسرائيلية ضد إيران.. مناورة للضغط على طهران أم أنها الحرب فعلاً؟

بينما تتحدث إسرائيل عن "ضرورة ردع إيران قبل فوات الأوان"، وتتهمها بعدم الامتثال لالتزاماتها النووية، تبدو واشنطن، حسب تسريبات استخبارية، قلقة من احتمال أن تقدم تل أبيب على ضربة عسكرية منفردة ضد طهران. تصعيد وتساؤلاتاعلان

في ظل التصعيد المتسارع بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، تطرح تطورات الساعات والأيام الماضية تساؤلات عدّة: هل ما يجري مجرد مناورات ضغط على طهران في ملفها النووي؟ أم أن المنطقة أمام سيناريو ضربة عسكرية مباغتة قد تشعل حرباً إقليمية شاملة؟ وهل يجرّ نتنياهو واشنطن إلى حربٍ تخدم مصالحه السياسية؟ وماذا عن موقف ترامب الذي يبدو حذراً؟

في هذا التحقيق، نستعرض المشهد بتشعباته المعقدة، ونناقش تداعيات محتملة على جبهات مختلفة: من غزة إلى البحر الأحمر، فلبنان والعراق وسوريا.

أين أميركا من ضربة إسرائيلية ضد إيران؟

بينما تتحدث إسرائيل عن "ضرورة ردع إيران قبل فوات الأوان"، وتتهمها بعدم الامتثال لالتزاماتها النووية، تبدو واشنطن، حسب تسريبات استخبارية، قلقة من احتمال أن تقدم تل أبيب على ضربة عسكرية منفردة ضد طهران.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أطلق تحذيراً مباشراً لنتنياهو بعدم التهور بشن ضربة ضد إيران حالياً، مشدداً على ضرورة إعطاء المسار الدبلوماسي فرصته. لكن في المقابل، لا تخفى رغبة نتنياهو في استغلال التصعيد لتحقيق مكاسب داخلية، خاصة مع تفكك ائتلافه ومتاعبه أمام القضاء بسبب شبهات الفساد التي تلاحقه.

أطلقت القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني صاروخا أرض-بحر خلال مناورة، جنوب إيران، السبت 26 أغسطس/آب 2006. AP Photoهل تمتص إيران الضربة أم تردّ؟

أي حرب مع إيران لن تمر دون كلفة باهظة على الولايات المتحدة. فقواعدها المنتشرة في العراق، والكويت، وقطر، والبحرين، والإمارات، ستكون عرضة لهجمات صاروخية إيرانية في حال نشوب صراع. قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي قالها صراحة: "نرصد عمق أهداف العدو، ومستعدون لأي سيناريو".

كما أشار وزير الدفاع الإيراني إلى أن أي ضربة لن تمر بلا رد، متوعداً بقصف قواعد أميركية في المنطقة. فهل تنفّذ إيران تهديداتها وتضرب الأهداف التي تحدثت عنها؟، وهل واشنطن مستعدة للدخول في حرب قد تكون الأطول والأعقد منذ غزو العراق؟.

Relatedتهديد إيراني صريح: سنضرب القواعد الأميركية في الشرق الأوسط إذا اندلع نزاعالتوترات تشتعل.. إتهام دولي لإيران وردّ تصعيدي من طهرانهل دقت ساعة المواجهة؟ إيران تلوّح بالنار وواشنطن تقلّص طواقم سفاراتها بالعراق والخليجالأسطول السادس... في قلب المعادلة

وجود الأسطول السادس الأميركي في البحر المتوسط يطرح علامات استفهام حول دوره في حال اندلاع حرب. هل سيكون رأس الحربة في أي عملية عسكرية؟ أم مجرد أداة ردع؟ في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات، يبدو أن انتشار هذا الأسطول يعزز من قابلية تحرك واشنطن سريعاً، لكنه في المقابل يجعلها هدفاً مباشراً لأي رد فعل إيراني.

غزة وحرب الإقليم

وسط الضجيج الإقليمي، يخشى الفلسطينيون في قطاع غزة أن تتحول قضيتهم إلى هامش الأحداث. فحرب بين إيران وأميركا/إسرائيل ستنقل الأضواء والاهتمام الدولي بعيداً عن معاناة الغزيين الذين ما زالوا يرزحون تحت الحصار. فهل تتحول غزة إلى "قضية منسية" في ظل اندلاع مواجهة كبرى إقليمياً؟ وما الثمن الإنساني لذلك؟.

الحوثيون بين الالتزام تجاه واشنطن ومصالح المحور المعادي لها

الحوثيون، الذين دعموا غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر عبر استهداف سفن إسرائيلية وغربية، كانوا قد توصلوا إلى تفاهم معلن مع الولايات المتحدة لوقف ضرباتهم في البحر الأحمر. لكن في حال اشتعلت مواجهة إيرانية - إسرائيلية - أميركية، هل سيتراجع الحوثيون عن هذا الاتفاق؟ وماذا يعني ذلك للتجارة العالمية؟ الاحتمال قائم بقوة، ما يهدّد مجدداً بارتفاع أسعار السلع والنفط وتعطيل خطوط الملاحة الحيوية.

حزب الله: هدوء ما قبل العاصفة؟

رغم اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، إلا أن الغارات الإسرائيلية لم تتوقف، بزعم استهداف عناصر للحزب أو منشآت تابعة له. حتى الآن، يلتزم حزب الله الصمت العسكري. لكن ماذا لو اندلعت الحرب الكبرى؟ هل يدخل الحزب بقوة إلى المعركة؟ وهل يمتلك فعلاً ترسانة كافية رغم الضربات الإسرائيلية الأخيرة؟ المؤشرات تفيد بأن الحزب يحتفظ بقدرة هجومية معتبرة، قد تترجم لاحقاً إلى ضغط على الجبهة الشمالية لإسرائيل.

في هذه الصورة الملتقطة في 20 أبريل/نيسان 2017، يقف ضابط من حزب الله، أمام موقع للجيش الإسرائيلي.AP Photoالعراق بين ناريْن

يقف العراق عند مفترق بالغ الحساسية. فالفصائل المسلحة الموالية لطهران، وعلى رأسها كتائب حزب الله العراقي، تُبقي على جاهزيتها تحسباً لأي تطور عسكري ضد إيران، ما يثير تساؤلات ملحّة: هل تكون هذه الفصائل رأس الحربة في استهداف القواعد الأميركية أو المصالح المرتبطة بإسرائيل من داخل الأراضي العراقية؟.

لكن التحدي الأكبر الذي يواجه بغداد ليس فقط في اتخاذ موقف حاسم من الأزمة، بل في كيفية الموازنة بين تجنب الانخراط في مواجهة مدمّرة من جهة، والحفاظ على الاستقرار الأمني الهش من جهة أخرى. فالمعادلة معقّدة، إذ تشير تقارير أمنية إلى مخاوف جدية من عودة تنظيم داعش إلى الواجهة، مستغلاً حالة الانشغال الإقليمي والفراغ الأمني المحتمل.

في هذا السياق، يبدو العراق مهدداً بأن يُزج في نزاع لم يكن طرفاً فيه، لكنه قد يجد نفسه فجأة في قلب معركة تتجاوز قدرته على الاحتمال أو التحكم بمسارها.

سوريا غائبة عن المشهد وإن حضرت جغرافياً

منذ تولّي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع مقاليد الحكم، تشهد سوريا تحوّلاً تدريجياً في مقاربتها للعلاقات الإقليمية والدولية، وسط انفتاح نحو الغرب، وتلميحات إلى إمكانات تقارب غير مسبوقة مع إسرائيل. هذا التحول، وإن كان لا يزال في طور التشكّل، يطرح تساؤلاً محورياً: هل يمكن أن تصبح الأراضي السورية، في ظل التفاهمات الجديدة، ممراً أو منصة لأي عمليات عسكرية في حال اندلاع الصراع؟.

في المقابل، لا يخلو هذا المشهد من تحديات داخلية. ففلول النظام السابق ستسعى لاستغلال الوضع الجديد لاستعادة نفوذها، بينما يشكّل خطر تنظيم "داعش" المتجدد تهديداً حقيقياً للاستقرار. أما الرئيس الشرع، فيجد نفسه أمام اختبار مصيري: في حال اندلاع الحرب، هل يقف على الحياد، أم يُحدّد موقعه في معادلة إقليمية معقّدة؟.

التحالف مع إيران يبدو مستبعداً في ظل المسار السياسي الجديد، وكذلك الاصطفاف ضد إسرائيل. وبين هذين "المستحيلين"، تترقب المنطقة كيف ستحدّد دمشق موقعها في المرحلة المقبلة.

حسابات الربح والخسارة ووقع المعركة على الداخل الايراني؟

لن تكون أي ضربة عسكرية ضد إيران عملية خاطفة أو سهلة، بل هي خطوة محفوفة بتعقيدات استراتيجية وأمنية هائلة. فاندلاع المواجهة يعني اتساع رقعتها لتشمل جبهات متعددة، واضطراباً واسعاً في التوازنات الإقليمية، وتعرض المصالح الحيوية في الشرق الأوسط لضربات موجعة.

في المشهد الإسرائيلي، قد يرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أتون المعركة فرصة سانحة للهروب من أزماته الداخلية، السياسية والقضائية، وتحقيق مكاسب شخصية على حساب استقرار المنطقة. أما الولايات المتحدة، فرغم قوتها العسكرية الهائلة، تقف أمام لحظة حاسمة: بين تبني سياسة ردع مدروسة، أو الانجرار إلى صراع مفتوح قد يكلفها الكثير، خاصة في ظل انتشار قواعدها العسكرية في محيط إيران.

أما الداخل الإيراني، المُنهك أساساً بفعل العقوبات الغربية والضغوط الاقتصادية المتراكمة، فسيكون أول المتضررين من أي حرب، ما يهدد بتفجّر الأوضاع داخلياً، وتوسيع دائرة الغضب الشعبي في وقت تواجه فيه القيادة الإيرانية اختباراً مزدوجاً: الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، والرد على أي خطر خارجي.

ويبقى السؤال: هل تسير المنطقة نحو تسوية نووية؟ أم نحو انفجار شامل؟.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • كيف تصوغ الحرب الإسرائيلية الإيرانية ملامح نظام دولي جديد؟
  • كاتب أميركي: إسرائيل فتحت بابا للحرب من الصعب إغلاقه
  • القبض على إسرائيلي بعد نشره محتوى مؤيدًا لإيران على مواقع التواصل
  • عشرات القتلى في غزة بقصف إسرائيلي.. ماكرون يعلن تأجيل مؤتمر الدولة الفلسطينية ويؤكد: الاعتراف قادم 
  • تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة عن فلسطين في نيويورك بسبب الضربة الإسرائيلية ضد إيران
  • فرنسا تدعو للتهدئة وتؤكد تصميمها على الاعتراف بدولة فلسطين
  • كاتب إسرائيلي: 3 أسئلة حاسمة ستحدد ما سيحدث لاحقا
  • ما الذي حدث في إيران ؟ ولماذا لم تُطلق المضادات؟
  • قوّة إسرائيليّة دخلت اليوم إلى بلدة جنوبيّة... ما الذي قامت به؟
  • تكهنات بحدوث ضربة إسرائيلية ضد إيران.. مناورة للضغط على طهران أم أنها الحرب فعلاً؟