يمانيون – متابعات
ها هي ذكرى عاشوراء، يوم استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، ذكرى انتصار الدم على السيف، تطل علينا، الذكرى التي اتخذت من الشهادة والدم رمزاً للحرية والإباء، واليوم هناك أحداث مشابهة لها، وما يعانيه ويتعرض له أبناء قطاع غزة من مجازر وحشية وحصار وتجويع من قبل العدو الصهيوني خير شاهد على ذلك التشابه بين عاشوراء وما يحدث في غزة.
مئات السنوات مرت على تلك الفاجعة الأليمة، التي سالت الدماء الطاهرة من سبط خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام الحسين بن علي ابن ابي طالب -عليهما السلام- على أرض كربلاء، وما شهدته تلك الفجيعة المأسوية من قتل وسبي وتعذيب ضد أهل بيت النبوة، لتسجل ملحمة عاشوراء بذلك رسالة خالدة إلى قيام الساعة.
التاريخ يعيد نفسه
نرى اليوم بأن “عاشوراء” تتجدد، لكن مع اختلاف الزمان والمكان والشخصيات!، حيث نرى قوى الاستكبار العالمي تسيطر وتهيمن على الشعوب وتنهب مقدراتها، نسمع ونشاهد كيف تسعى تلك القوى وبأسلوب الترهيب والإكراه والاستبداد والاستعباد، تركيع وإخضاع وإذلال كل من يقف أمامها، إلا أن مدرسة “عاشوراء” كانت وما تزال السد المنيع أمام تنامي قوة ذلك الجبروت. كانت اليمن بالأمس القريب وما زالت تواجه هذه الغطرسة والطغيان من قبل قوى الشر العالمي وأدواتها، وكيف استطاع اليمن الصامد المجاهد بقيادته المؤمنة الصادقة، الوقوف بوجه تلك القوى بكل ما تملك من أسلحة وعتاد، وكل ذلك ناتج عن الوعي والصمود الكبير في أوساط الشعب اليمني العظيم، الذي جعل من ذكرى “عاشوراء” الحسين -عليه السلام- نهجاً وعطاء ينهل من فيضه المبارك.
اليوم فلسطين وخصوصاً أبناء غزة تواجه ظلم وعدوان صهيوني أمريكي، كما واجهت اليمن هذا الظلم والجبروت ومن قبلهما حادثة “عاشوراء” بقيادة حفيد رسول الله الإمام الحسين عليه السلام.
“عاشوراء” قطاع غزة
تتواصل جرائم الإبادة الصهيونية ضد أبناء غزة، ونجد الكثير من أوجه الشبه بين ما حصل قبل أربعة عشر قرناً من الزمان على أرض كربلاء وبين ما يجري اليوم على أرض فلسطين المحتلة، ففي كربلاء بدأت السلطة الجائرة المعركة بحصار الإمام الحسين وأهل بيت الرسول الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- واليوم نجد أن التاريخ يعيد نفسه عبر الحصار الجائر على إخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة.
في كربلاء منع الطغاة الماء عن الإمام الحسين وأهل بيته، واليوم يمارس الكيان الصهيوني المحتل الفعل نفسه من خلال منع الماء والغذاء والدواء عن أهل غزة، وفي كربلاء استشهد الشيخ والشاب والصبي والطفل الرضيع من الوريد إلى الوريد، وفي غزة يقتل الكيان الصهيوني الشيوخ والأطفال الرضع والنساء والشباب، وفي كربلاء احرقت خيام الإمام الحسين وأهل بيت الرسول الأكرم، وفي غزة يقوم العدو الصهيوني بحرق وتدمير القطاع، وفي كربلاء وقف الإمام الحسين ونفر من أهل بيته وأصحابه أمام جيش جرار مدجج بالسلاح والعتاد، وغزة اليوم تقف أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي ومن وراءه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وعملائهم في المنطقة بأحدث الأسلحة من الطائرات الحديثة والصواريخ والقنابل الذكية، وفي كربلاء سبيت نساء آل البيت، وفي غزة اليوم تهدم البيوت على رؤوس النساء والأطفال.
الامتداد والمنهج الواحد
تحرك الإمام الحسين عليه السلام في تلك الفترة، ورفض رفضاً قاطعاً أن يخضع للطاغية “يزيد بن معاوية”، وتربعه على كرسي حكم الأمة الإسلامية، كما هو حال قادة وحكام بعض الأنظمة الذين يمارسون الطغيان، ويوعزون لعلماء السلطة بشرعنة طاعتهم، بقولهم “اطع الوالي وإن قسم ظهرك وإن أخذ مالك وإن أنهك عرضك”.ويعرف الطاغية يزيد وجيش الباطل أن الامام الحسين هو ابن بنت رسول الله فاطمة الزهراء، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال فيه : “حسينا مني وأنا من حسين”، والحسن والحسين هما سيدا شباب أهل الجنة، أي أنهما إلى الجنة بل أنهما سادات أهل الجنة، ومن يقف ضدهما إنما يقف ضد رجال من أهل الجنة، ومن يناصرهما فهو يناصر رجال من أهل الجنة.
وجاء تحرك الإمام الحسين – عليه السلام- رفضا للحال السيئ الذي وصلت إليه الأمة من قياده الطلقاء ومسار المنافقين، وقال لأولئك القوم تلك العبارة “ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير”.
ونحن اليوم نقول لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، ونشهد الله على ذلك بأن السعودية والإمارات وأمريكا والصهاينة، قد أفسدوا في الأرض، وأفسدوا كل شيء، وحاصروا غزة وقتلوا أبناءها وأحلوا الحرام، وحرموا الحلال، ونحن أهل اليمن أحق من غير، ونحن في ذلك نتحرك ونحن في ذلك نغير.
سمعت عن كربلاء ورأيت غزة
لماذا هناك صخور صماء من البشر لا تتحرك لنصرة إخوانهم في غزة، تسعة أشهر من المجازر الصهيونية بدعم أمريكي وتواطؤ عربي وإسلامي ضد اخواننا في فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة، تسعة أشهر من الموت اليومي للأطفال والنساء والشيوخ ولم يحرك الكثير من العربان أو من ينتمون للعرب والاسلام أي ساكن، وهنا وهناك من لا زال تائها بعيد كل البعد عن مسؤوليته الإنسانية والدينية.
الدم ينتصر على جبروت السيف
رغم المشاهد المأساوية التي يشاهدها العالم في غزة، إلا أننا بدأنا نستنشق رائحة النصر من الدماء الزكية والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، والتي تذكرنا بملحمة “عاشوراء” الخالدة، نعم إنها الدماء الزاكية التي ستنتصر بإذن الله على العدوان الصهيوني الأمريكي الهمجي في غزة، كما انتصرت هذه الدماء على السيوف في كربلاء.
اليوم ونحن نقف أمام مدرسة عاشوراء، أمام مكمن الثروات الروحية والعرفانية والإنسانية، نجدد لها الولاء والبيعة بعد أن باتت مشعلاً ينير درب الأحرار، ينتصرون به على الظلم والطغيان، والقهر والاستبداد، فقد برهن الإمام الحسين -عليه السلام- للعالم أجمع أن الدم باستطاعته أن ينتصر على جبروت السيف.
– السياسية – منى المؤيد
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم الإمام الحسین علیه السلام وفی کربلاء فی کربلاء أهل الجنة فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل يجب الاستعاذة قبل الفاتحة في الصلاة؟.. حكم تكرارها بكل ركعة
لعله ينبغي معرفة هل يجب الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة في الصلاة ؟، لأنه لا يمكن التهاون بفريضة الصلاة ، حيث إنها ثاني أركان الإسلام الخمسة ، كما أنها عماد الدين ، ولا تسقط عن الإنسان، ومن ثم ليس من الحكمة التفريط فيها أو الاستهانة بأي من أحكامها، لذا ينبغي معرفة هل يجب الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة في الصلاة ؟.
قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه يجوز للمصلِّي التَّعوُّذ قبل الشروع في القراءة في الصلاة مطلقًا، وله أن يقتصرَ على التَّعوُّذ في الركعة الأولى، أو يُكرر ذلك في كلِّ ركعةٍ، ولا حرج في أيٍّ من ذلك، فالأمر واسع.
واستشهدت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال: هل يجب الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة في الصلاة ؟، عن حكم الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة وتكرارها في كل ركعة ، بعموم قول الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ الآية 98 من سورة النحل.
حكم الاستعاذة قبل القراءة في الصلاةوأوضحت أن الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنَّة من سنن الصلاة مطلقًا، سواء كانت صلاة فريضة أم نافلة، على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب؛ مستدلين على ذلك بعموم قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98].
و رُوِي عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين افتتح الصلاة قال: «اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، والْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثم قال: أَعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرجيم مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
وورد عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه أنه قام يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَيْطَانِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ» رواه عبد الرزاق في "المصنف" واللفظ له، وأحمد في "المسند".
قال الإمام أبو البركات النسفي الحنفي في "كنز الدقائق" (ص: 160، ط. دار البشائر الإسلامية) عند عدِّه سنن الصلاة: [وسننها: رفع اليدين للتحريمة، ونشر أصابعه، وجهر الإمام بالتكبير، والثناء، والتَّعوذ] هـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 325، ط. دار الفكر): [قال الشافعي والأصحاب: يستحب التَّعوذ في كل صلاة، فريضة أو نافلة أو منذورة، لكلِّ مصلٍّ من إمام ومأموم ومنفرد ورجل وامرأة وصبي وحاضر ومسافر وقائم وقاعد ومحارب، إلَّا المسبوق الذي يخاف فوت بعض الفاتحة لو اشتغل به] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 343، ط. مكتبة القاهرة): [الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة سُنَّة، وبذلك قال الحسن، وابن سيرين، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي] اهـ.
وفي رواية عن الإمام أحمد أنَّه واجب؛ قال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وسنن الأقوال اثنا عشر: الاستفتاح، والتعوذ).. وعنه أنهما واجبان، اختاره ابن بطة، وعنه: التعوذ وحده واجب، وعنه: يجب التعوذ في كلِّ ركعةٍ] اهـ.
وقال عطاء بالوجوب أيضًا؛ بناء على ظاهر الأمر الوارد في الآيات. ينظر: "البناية" للإمام بدر الدين العيني (2/ 188، ط. دار الكتب العلمية).
وذهب السادة المالكية إلى كراهة التعوذ قبل القراءة في الصلاة المكتوبة، وإلى جوازها في النافلة على قولين، وعلى تفصيلٍ في محلها: قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها، وإلى أن تركها أولى إلا أن يُراعي المصلي الخلاف فيها.
قال الإمام الدرير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 337، ط. دار المعارف، ومعه حاشية العلامة الصاوي): [(وكره تعوذ وبسملة) قبل الفاتحة والسورة (بفرض) أصلي، وجازا بنفل ولو منذورًا، وتركهما أولى ما لم يراع الخلاف] اهـ.
قال العلامة الصاوي مُحشيًّا عليه: [قوله: (تعوذ وبسملة قبل الفاتحة) إلخ: ظاهره وأسرَّ أو جهر، وهو ظاهر "المدونة" أيضًا.. وقوله: (ما لم يراع الخلاف): أي من غير ملاحظة كونها فرضًا أو نفلًا؛ لأنَّه إن قصد الفرضية كان آتيًا بمكروه كما علمت، ولو قصد النفلية لم تصح عند الشافعي فلا يقال له حينئذٍ مراع للخلاف] اهـ.
وقال الإمام الرهوني في "حاشيته على شرح الزرقاني" (1/ 424، ط. المطبعة الأميرية): [ولا يتعوذ في المكتوبة ويتعوذ في قيام رمضان.. وفي محله قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها قولان: ظاهر "المدونة" التقديم وجواز الجهر، وفي "العتبية" كراهة الجهر؛ لأنها ليست من الفاتحة بإجماع.. وفي "الذخيرة" عن "الطراز" اختلف قول مالك في التعوذ قبل الفاتحة في النافلة، فأجازه في "الكتاب" وكرهه في "العتبية"] اهـ.
حكم تكرار الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة في كل ركعةاختلف القائلون بالسنية والاستحباب في حكم تكرارها في كل ركعة من ركعات الصلاة الواحدة؛ فذهب الحنفية والشافعية في قول والحنابلة في المذهب إلى اقتصارها على الركعة الأولى وأنَّ تكرارها في الركعة الثانية وما بعدها مكروه، بينما ذهب الشافعية في الأصح، والإمام أحمد في إحدى الروايتين إلى استحباب تكرارها في كلِّ ركعةٍ. ينظر: "الهداية" للإمام المرغيناني (1/ 52، ط. دار إحياء التراث العربي) و"المجموع" للإمام النووي (3/ 32) و"الإنصاف" للإمام المرداوي" (2/ 73-74).
ووافقهم ابن حبيب من المالكية ولم ينقل في كتب المذهب خلافه؛ قال الإمام الرهوني في "حاشيته" (1/ 425): [ويتعوذ في جملة الركعات عند ابن حبيب والشافعي؛ لأنَّه من توابع القراءة.. ولم أرَ مَن تعرَّض لهذا الفرع بخصوصه من شُرَّاح المختصر ولا من غيرهم الآن غيره، ومقابلته ما لابن حبيب والشافعي.. تدل على أنَّه لا مخالف لابن حبيب من أهل المذهب، وذلك مع توجيهه يدلُّ على أنَّ عليه المعول، والله أعلم] اهـ.
مفهوم الاستعاذةالاستعاذة: هي اللجوء والاعتصام بالله عزَّ وجلَّ، يقال: عاذ فلان بربه يعوذ عوذًا؛ إذا لجأ إليه واعتصم به، وعاذ وتعوَّذ واستعاذ بمعنى واحد. ينظر: "تهذيب اللغة" للإمام محمد الهروي (3/ 93، ط. دار إحياء التراث العربي).
ومقصود الاستعاذة قبل قراءة القرآن: هي نفي وساوس الشيطان عند القراءة. ينظر: "تفسير الرازي" (1/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي).
الصيغ التي تحصل بها الاستعاذةورد للاستعاذة صيغ متعدِّدة؛ منها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومنها: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ومنها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم، ومنها: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم. وبأيّ هذه الصيغ استُعيذ حصلت الاستعاذة باتِّفاق الفقهاء؛ على تفصيلٍ بينهم في الأفضلية. ينظر: "المبسوط" للإمام السرخسي (1/ 13، ط. دار المعرفة)، و"المجموع" للإمام النووي (3/ 325، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (1/ 343، ط. مكتبة القاهرة) كما أنها تحصل بكلِّ ما اشتمل على معنى التَّعوُّذ من الشيطان؛ كما قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "الغرر البهية" (1/ 324، ط. المطبعة الميمنية).