لجريدة عمان:
2025-08-01@00:56:52 GMT

تحت ظلال «أشرف الشجر»

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

كلما اشتدّت حرارة الشمس نرفع أنظارنا لأعلى أشجار النخيل، وحين نرى الخَلال وقد اصفرّ من شدّة الحرارة، نشعر بالاطمئنان، إذ يكون قد اقترب قطف الرطب، اللذيذ، وعندما يفيض عن أعذاق النخيل، يغمر الجميع ذلك الفيض الحلو، وكثيرا ما يطرق باب بيتي صديق يحمل لي ما يجود به من هذا الفيض، بما يؤكد كرم النخلة، والإنسان الذي يزرعها، ويعتني بها، وحتى أصحاب مزارع النخيل يتهادون، فيما بينهم، الرطب الجني، وهو ما طاب من التمر، وصلح للاجتناء، وأصناف التمور كثيرة، وكلّ مزارِع يتباهى بالصنف الذي يكثر في مزرعته، فيهديه لمزارع آخر يملك أصنافا أخرى، وفي كلّ وقت من الصيف ينضج نوع من التمور، وتكثر الأصناف، والكميات، وفي سلطنة عُمان، أينما تذهب تجد التمر والقهوة بانتظارك، في البيوت والمكاتب والمحلات التجارية، ما عليك سوى أن تجلس أمام المائدة المفروشة بالمحبّة، و(تتقهوى) أي تأكل بضع حبّات من التمر وتشرب فنجانا أو أكثر من القهوة، بما يمدّك بطاقة لإنجاز أعمالك، وتمضي إلى مقصدك، فالنخلة، تهب ثمارها التي كثيرا ما تكون مشاعة، بسخاء، يقول السري الرفاء:

فالنخل من باسق فيه وباسقة

يضاحك الطلع في قنوانه الرطبا

ووصفها أبو العلاء المعري بأشرف الشجر بقوله:

وردنا ماء دجلة خير ماء

وزرنا أشرف الشجر النخيلا

وللنخلة منزلة عالية بين الأشجار، وقد ذُكرت غير مرّة في القرآن الكريم، قال تعالى: «وهُزِّي إليكِ بجِذِع النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا» سورة مريم ٢٥، لذا وضُعت الكثير من الكتب عنها من بينها: (كتاب النخلة) لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني، و(النخلة) للشيخ سالم بن حمد الحارثي، وأهداني الباحث والشاعر خميس المويتي كتابه الذي وضعه عن النخل، وحمل عنوان (النخلة والإنسان على مرّ الزمان) والمويتي كما يصفه السيد قحطان بن ناصر البوسعيدي في تقديمه للكتاب «أبو الفنون الشعبية فهو قائد في الرزحة وله باع طويل في التغرود والميدان والمسبّع وغيرها من الفنون الشعبية العمانية، ويعتبر مرجعا في هذه الفنون»، وجاء كتابه عن النخلة ليتتبّع علاقة الإنسان العماني بالنخلة، وهي علاقة مشيميّة؛ فالنخلة قديمة وأقدم ذكر للنخلة ورد في الحضارة البابلية، وعمرها يمتدّ، كما يقول المويتي «إلى حوالي أربعة آلاف سنة قبل الميلاد ولا يستبعد أن يكون النخل معروفا قبل هذا التاريخ.

ومما يثبت قِدَم النخل في جنوب العراق والخليج العربي، وجود النقوش التي يرجع تاريخها إلى العهد السومري، والتي تدلّ على وجود النخيل في تلك المنطقة»، هذا القِدَم يعني أن عمرها يمتدُّ مع الإنسان، ووجوده على الأرض، لذا وجد كمال الدين القاهري صاحب كتاب (النبات والحيوان) تشابهًا بين النخلة والإنسان في جملة صفات كما ذكر في مقال منشور بمجلة العربي - العدد ٢٦٨ مارس 1981 «فهي ذات جذع منتصب، ومنها الذكر والأنثى، وإنها لا تثمر إلا إذا لُقّحت، وإذا قُطع رأسها ماتت، وإذا تعرّض قلبها لصدمة قوية هلكت، وإذا قُطع سعفها لا تستطيع تعويضه من محله كما لا يستطيع الإنسان تعويض مفاصله، والنخلة مغشّاة بالليف الشبيه بشعر الجسم في الإنسان».

لقد اختصر المويتي النخلة بثلاث كلمات جعلها عنوانا فرعيا لكتابه هي (غذاء.. إيواء.. دواء) «فالعماني سعى للاستفادة من هذه النّعمة الربّانية في شتى شؤون معاشه؛ فهو يأكل منها، ويدّخر، ويُطعم حيواناته، كذلك يصنع منها منزله الذي يسكنه وحظيرة بهائمه، والمصائد التي يصطاد بها بعض الطيور وصغار الأسماك والحبال التي يربط بها، وبعض ألعاب أطفاله» كما يقول.

فثمرها، طعام غنيّ ذو قيمة غذائية عالية، من معادن وأملاح وفيتامينات وسكريات، وكالسيوم، وبوتاسيوم وفوسفور، ومغنيسيوم ودهون، وحديد، وهو الغذاء الرئيسي لسكان الصحراء ويعطي الجسم مناعة ويقويه فهو غذاء كامل، وغير ذلك من العناصر المفيدة لجسم الإنسان، ذات الفوائد العلاجية، وكذلك تقي من بعض الأمراض، كالسرطان، وارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون وحساسية الجلد، أما جذعها فيُستخدم في البناء، وكل جزء فيها له فائدة؛ الخوص، الليف، الجريد، والسعف.

ويفصّل المويتي في طرق زراعتها، وكتبَ أسماء أصناف النخيل حسب الفترة الزمنية من الموسم؛ بدايته، وسطه ونهايته، ويذكر معلومات تفصيلية مدعومة بصور عن كيفية الاستفادة من أجزاء النخلة في التصنيع كالجذع، والخوص ذاكرا تفاصيل دقيقة، تجعل من كتابه بحثا علميا، مع أنه أفرد فصلا للأشعار المتوارثة، والأمثال التي ذُكرت باللهجة العامية التي قيلتْ في النخلة والمواسم التي تصاحبها والأشعار التي يردّدها ويترنم بها الحرفي أثناء عمله.

وقد اعتمد المويتي في كتابه على اللقاءات الشخصية التي أجراها مع عدد من كبار السن وأصحاب الخبرة بلغ عددهم (28) شخصا مع اعتماده على مصدرين هما كتاب (النخلة) للشيخ سالم بن حمد الحارثي المطبوع عام 1990 وحتى الصور فمعظمها من تصويره، فهو بحث ميداني، يُضاف إلى سلسلة بحوث ميدانية أنجزها المويتي في الفنون الشعبية وأسفرت عن عدد كبير من الكتب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أشرف العشماوي: «زمن الضباع» كانت أول رواياتي بعد محاولات قصصية بدائية وفاشلة

قال الروائي أشرف العشماوي، إن أول عمل أدبي كتبه كان رواية «زمن الضباع»، والتي مثلت البداية الرسمية له في عالم الأدب، مشيرًا إلى أن تلك الرواية ضمت كل ملامح التجربة الأولى من مزايا وعيوب، كما احتوت على معظم الأخطاء التي يقع فيها أي كاتب في عمله الأول.

وأضاف العشماوي، خلال حواره مع الإعلامية منة فاروق، في برنامج «ستوديو إكسترا»، على قناة «إكسترا نيوز»، أنه سبقت تلك الرواية عدة محاولات لكتابة القصص القصيرة، لكنه وصفها بأنها كانت بدائية وفاشلة، لدرجة أنه قام بمسحها نهائيًا من جهاز الكمبيوتر، مؤكدًا أنه لم يكن راضيًا عنها.

وأوضح أن الرواية كنوع أدبي تناسبه أكثر من القصة القصيرة، لأن الأخيرة تتطلب كثافة وتركز على لحظة توهج أو تنوير، بينما يفضل هو النفس الطويل والمساحات السردية الواسعة التي تتيحها الرواية، وهو ما يجعله أكثر ارتياحًا لهذا النوع من الكتابة.

وأشار العشماوي إلى أن الأسلوب الواقعي هو الأقرب إليه، لكنه لا يكتب الواقع كما هو، بل ينطلق من حادث بسيط أو لحظة واقعية ثم ينسج منها عالمًا خياليًا متكاملًا، لافتًا إلى أن بعض كبار الكُتاب الذين قرأوا «زمن الضباع» أخبروه أن بها بوادر موهبة حقيقية، وهو ما منحه الدافع لتقديم أعمال أقوى لاحقًا.

طباعة شارك أشرف العشماوي الرواية القصص القصيرة الكتابة زمن الضباع

مقالات مشابهة

  • رئيس الجامعة اليابانية يفتتح معرض طلاب كلية الفنون والتصميم 2025
  • أشرف زكي: مرحبا بأي موهبة حقيقية في نقابة المهن التمثيلية
  • دوبلاج وكارتون.. مواهب صاعدة من معهد الفنون المسرحية في معكم منى الشاذلي
  • أشرف العشماوي: «زمن الضباع» كانت أول رواياتي بعد محاولات قصصية بدائية وفاشلة
  • وزير الثقافة يفتتح “سيمبوزيوم الرسم” بمشاركة عربية في مهرجان جرش
  • منهم أحمد زايد والفلسطيني سليمان منصور.. مصر تعلن الفائزين بجائزة النيل لعام 2025
  • نقابة المهن السينمائية تهنىء الفائزين بجوائز الدولة فى الفنون والآداب والتفوق والنيل
  • إطلالة رومانسية لـ روجينا برفقة زوجها أشرف ذكي
  • ننشر أسماء الفائزين بجائزة الدولة لعام 2025 في مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والقانونية
  • «كوينتيت» تطلق فعاليات رياضية في الإمارات