لجريدة عمان:
2025-06-03@18:19:02 GMT

تحت ظلال «أشرف الشجر»

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

كلما اشتدّت حرارة الشمس نرفع أنظارنا لأعلى أشجار النخيل، وحين نرى الخَلال وقد اصفرّ من شدّة الحرارة، نشعر بالاطمئنان، إذ يكون قد اقترب قطف الرطب، اللذيذ، وعندما يفيض عن أعذاق النخيل، يغمر الجميع ذلك الفيض الحلو، وكثيرا ما يطرق باب بيتي صديق يحمل لي ما يجود به من هذا الفيض، بما يؤكد كرم النخلة، والإنسان الذي يزرعها، ويعتني بها، وحتى أصحاب مزارع النخيل يتهادون، فيما بينهم، الرطب الجني، وهو ما طاب من التمر، وصلح للاجتناء، وأصناف التمور كثيرة، وكلّ مزارِع يتباهى بالصنف الذي يكثر في مزرعته، فيهديه لمزارع آخر يملك أصنافا أخرى، وفي كلّ وقت من الصيف ينضج نوع من التمور، وتكثر الأصناف، والكميات، وفي سلطنة عُمان، أينما تذهب تجد التمر والقهوة بانتظارك، في البيوت والمكاتب والمحلات التجارية، ما عليك سوى أن تجلس أمام المائدة المفروشة بالمحبّة، و(تتقهوى) أي تأكل بضع حبّات من التمر وتشرب فنجانا أو أكثر من القهوة، بما يمدّك بطاقة لإنجاز أعمالك، وتمضي إلى مقصدك، فالنخلة، تهب ثمارها التي كثيرا ما تكون مشاعة، بسخاء، يقول السري الرفاء:

فالنخل من باسق فيه وباسقة

يضاحك الطلع في قنوانه الرطبا

ووصفها أبو العلاء المعري بأشرف الشجر بقوله:

وردنا ماء دجلة خير ماء

وزرنا أشرف الشجر النخيلا

وللنخلة منزلة عالية بين الأشجار، وقد ذُكرت غير مرّة في القرآن الكريم، قال تعالى: «وهُزِّي إليكِ بجِذِع النَّخلَةِ تُساقِط عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا» سورة مريم ٢٥، لذا وضُعت الكثير من الكتب عنها من بينها: (كتاب النخلة) لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني، و(النخلة) للشيخ سالم بن حمد الحارثي، وأهداني الباحث والشاعر خميس المويتي كتابه الذي وضعه عن النخل، وحمل عنوان (النخلة والإنسان على مرّ الزمان) والمويتي كما يصفه السيد قحطان بن ناصر البوسعيدي في تقديمه للكتاب «أبو الفنون الشعبية فهو قائد في الرزحة وله باع طويل في التغرود والميدان والمسبّع وغيرها من الفنون الشعبية العمانية، ويعتبر مرجعا في هذه الفنون»، وجاء كتابه عن النخلة ليتتبّع علاقة الإنسان العماني بالنخلة، وهي علاقة مشيميّة؛ فالنخلة قديمة وأقدم ذكر للنخلة ورد في الحضارة البابلية، وعمرها يمتدّ، كما يقول المويتي «إلى حوالي أربعة آلاف سنة قبل الميلاد ولا يستبعد أن يكون النخل معروفا قبل هذا التاريخ.

ومما يثبت قِدَم النخل في جنوب العراق والخليج العربي، وجود النقوش التي يرجع تاريخها إلى العهد السومري، والتي تدلّ على وجود النخيل في تلك المنطقة»، هذا القِدَم يعني أن عمرها يمتدُّ مع الإنسان، ووجوده على الأرض، لذا وجد كمال الدين القاهري صاحب كتاب (النبات والحيوان) تشابهًا بين النخلة والإنسان في جملة صفات كما ذكر في مقال منشور بمجلة العربي - العدد ٢٦٨ مارس 1981 «فهي ذات جذع منتصب، ومنها الذكر والأنثى، وإنها لا تثمر إلا إذا لُقّحت، وإذا قُطع رأسها ماتت، وإذا تعرّض قلبها لصدمة قوية هلكت، وإذا قُطع سعفها لا تستطيع تعويضه من محله كما لا يستطيع الإنسان تعويض مفاصله، والنخلة مغشّاة بالليف الشبيه بشعر الجسم في الإنسان».

لقد اختصر المويتي النخلة بثلاث كلمات جعلها عنوانا فرعيا لكتابه هي (غذاء.. إيواء.. دواء) «فالعماني سعى للاستفادة من هذه النّعمة الربّانية في شتى شؤون معاشه؛ فهو يأكل منها، ويدّخر، ويُطعم حيواناته، كذلك يصنع منها منزله الذي يسكنه وحظيرة بهائمه، والمصائد التي يصطاد بها بعض الطيور وصغار الأسماك والحبال التي يربط بها، وبعض ألعاب أطفاله» كما يقول.

فثمرها، طعام غنيّ ذو قيمة غذائية عالية، من معادن وأملاح وفيتامينات وسكريات، وكالسيوم، وبوتاسيوم وفوسفور، ومغنيسيوم ودهون، وحديد، وهو الغذاء الرئيسي لسكان الصحراء ويعطي الجسم مناعة ويقويه فهو غذاء كامل، وغير ذلك من العناصر المفيدة لجسم الإنسان، ذات الفوائد العلاجية، وكذلك تقي من بعض الأمراض، كالسرطان، وارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون وحساسية الجلد، أما جذعها فيُستخدم في البناء، وكل جزء فيها له فائدة؛ الخوص، الليف، الجريد، والسعف.

ويفصّل المويتي في طرق زراعتها، وكتبَ أسماء أصناف النخيل حسب الفترة الزمنية من الموسم؛ بدايته، وسطه ونهايته، ويذكر معلومات تفصيلية مدعومة بصور عن كيفية الاستفادة من أجزاء النخلة في التصنيع كالجذع، والخوص ذاكرا تفاصيل دقيقة، تجعل من كتابه بحثا علميا، مع أنه أفرد فصلا للأشعار المتوارثة، والأمثال التي ذُكرت باللهجة العامية التي قيلتْ في النخلة والمواسم التي تصاحبها والأشعار التي يردّدها ويترنم بها الحرفي أثناء عمله.

وقد اعتمد المويتي في كتابه على اللقاءات الشخصية التي أجراها مع عدد من كبار السن وأصحاب الخبرة بلغ عددهم (28) شخصا مع اعتماده على مصدرين هما كتاب (النخلة) للشيخ سالم بن حمد الحارثي المطبوع عام 1990 وحتى الصور فمعظمها من تصويره، فهو بحث ميداني، يُضاف إلى سلسلة بحوث ميدانية أنجزها المويتي في الفنون الشعبية وأسفرت عن عدد كبير من الكتب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الجامعة المصرية اليابانية توقع بروتوكولًا لتدريب «طلاب الفنون» مع كبرى شركات التصميم

أكد الدكتور عمرو عدلي، رئيس الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، أن الجامعة استقبلت عددًا من ممثلي كبرى الشركات المتخصصة في مجالات التصميم والصناعات الإبداعية، لتوقيع بروتوكول تعاون مشترك مع كلية الفنون والتصميم بهدف توفير فرص تدريب عملي لطلاب الكلية، وذلك في إطار تنفيذ رؤية الجامعة لربط التعليم الأكاديمي بسوق العمل.

أوضح أن هذه الشراكات تمثل ركيزة أساسية في فلسفة الجامعة التعليمية، مؤكدًا أن الخبرة العملية جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية، وأن ربط الطلاب بالتدريب في المؤسسات الصناعية الكبرى منذ سنوات الدراسة يمنحهم ميزة تنافسية حقيقية، مشيرًا إلى حرص الجامعة على توفير بيئة تعليمية متكاملة تحفز الابتكار والإبداع لدى الطلاب، من خلال الدمج بين المعرفة الأكاديمية والتطبيق العملي، وتوفير فرص احتكاك مباشر مع رواد الصناعة في مجالات التصميم والفنون وهذا ما يمكن الطلاب من التفكير الإبداعي والعمل الجماعي على مشروعات حقيقية، وهو الطريق الأمثل لبناء جيل جديد من المصممين والمبدعين القادرين على تقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات المجتمع وسوق العمل المحلي والدولي.

أضاف أن شركات رائدة في مجالات الإعلان والتصميم الداخلي والإبداع الرقمي والهندسة المعمارية شاركت في التوقيع، من بينها: Get Go Studio، Blue Ocean، Make Sense، Manassa، TWT، SABAEI Architecture، Memar Design Studio، AXIS Architects، وK&A Design Studio، حيث حضر ممثلون عن كل شركة لتوقيع البروتوكول داخل الحرم الجامعي والذي يتضمن أربعة برامج دراسية رئيسية بكلية الفنون والتصميم هي التصميم الصناعي، التصميم الداخلي، التصميم الرقمي، وفنون الصناعات الإبداعية.

شهد الفعالية حضور الدكتور سامح ندا، نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية والتعليم، وعمداء الكليات، والدكتور تسونودا مانابو المستشار الرئيسي لمكتب الجايكا بالجامعة، و نهى عفيفي، مدير مركز التكنولوجيا الابتكارية وتطوير الصناعة.

قدم الدكتور أحمد رموزي عرضا تقديميا تعريفيا عن برامج الكلية وإمكانات الجامعة، وبعده تم اجراء حوار مفتوح مع ممثلي الشركات حول آفاق التعاون المستقبلية وفرص دعم الطلاب والمشروعات المشتركة بين الجانبين.

واختُتمت الزيارة بجولة ميدانية في الحرم الجامعي شملت معامل الكلية الحديثة، ومكتبة الجامعة الرئيسية التي تحمل اسم السفيرة فايزة أبو النجا، إضافة إلى منشآت الجامعة الرياضية.

اقرأ أيضاًالجامعة المصرية اليابانية تطلق أول ورشة دولية للطاقة الخضراء بين اليابان وإفريقيا

إدراج 12 عالما بالجامعة المصرية اليابانية بقائمة «ستانفورد» السنوية

مقالات مشابهة

  • ترانيم بصرية.. معرض افتراضي يحتفي بإبداعات الطالبات في الفن التشكيلي
  • محافظ الغربية يستقبل مدير صندوق مكافحة الإدمان ويتفقدان أول مركز متكامل للعلاج بالدلتــا
  • الفن يجمعنا معرض جامعة حلوان يشهد تميز 19 كلية في 20 مجالًا فنيًا
  • جامعة حلوان تختتم فعاليات معرضها الفني الـ 49: إبداعات 19 كلية في الفنون التشكيلية والأسرية
  • اليكتي في خمسينيته.. ظلال الرفاق تزداد طولاً في دباشان
  • بدعى ربنا ينور قبرك.. شهيرة فى رسالة مؤثرة بذكرى ميلاد محمود ياسين
  • الجامعة المصرية اليابانية توقع بروتوكولًا لتدريب «طلاب الفنون» مع كبرى شركات التصميم
  • ظلال سايغون.. كيف تعيش فيتنام حربها بعد نصف قرن؟
  • حريق في أشجار النخيل بمنطقة كرمة البلد بالولاية الشمالية
  • محمد سبأ.. رحلة تشكيلية تنبض بالموروث