هل اقترب موعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي.. من البديل؟
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
لم تُعد مسألة دعوة بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي مجرد دعوات فردية، بل أصبحت رسائل جماعية تُرسل له من قبل زعماء وقادة في الحزب الديمقراطي وعلى رأسهم الرئيس السابق باراك أوباما.
صحيفة نيويورك تايمز قالت إن "الرئيس الأمريكي جو بايدن والذي يقيم في العزل الصحي في منزله على شاطئ ديلاوير، بدا غاضبا ويشعر بالاستياء المتزايد مما يعتبره حملة منسقة لإخراجه من السباق الرئاسي، ويشعر بالمرارة تجاه بعض أولئك الذين اعتبرهم مقربين منه من قبل، وأهمهم الرئيس السابق أوباما.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن "الاحتكاك بين الرئيس الحالي وقادة حزبه لا يشبه أي شيء شوهد في واشنطن منذ أجيال، خاصة وأن الديمقراطيين الذين يعملون الآن على تسهيل خروجه كانوا من بين حلفائه الأكثر أهمية لنجاحه على مدى السنوات العشر الماضية".
ولفتت الصحيفة إلى أن بايدن "راقب بسخط متزايد ظهور سلسلة من القصص الإخبارية، واحدة تلو الأخرى، تفيد بأن القادة الديمقراطيين، شومر، وبيلوسي، وأوباما، والنائب حكيم جيفريز من نيويورك، الزعيم الديمقراطي في مجلس النواب، قد حذروا جميعًا من حدوث أزمة، وهزيمة ساحقة للحزب في نوفمبر".
وترى أنه من المؤكد أن بايدن لاحظ أن أوباما لم يفعل أي شيء لمساعدته في الأيام الأخيرة، على الرغم من أن مساعديه السابقين قادوا الطريق علنًا في دعوة السيد بايدن إلى الانسحاب فيما تم تفسيره على أنه دعوة من معسكر الرئيس السابق لبايدن.
انسحاب محتمل
ألكسندر كيسار أستاذ التاريخ والسياسة الاجتماعية في جامعة هارفارد الأمريكية، أكد في حديث خاص لـ"عربي21"، أنه "غير مطلع على النقاشات داخل الحزب الديمقراطي، لكنه في ذات الوقت يتوقع أن ينسحب بايدن من السباق الرئاسي وأن هاريس ستكون المرشحة البديلة له".
صحيفة نيويورك تايمز قالت في ذات التقرير إنه "بينما يصر بايدن وفريقه علناً على بقائه في السباق الرئاسي، فإن أشخاص مقربون منه قالوا سراً إنه يتقبل بشكل متزايد أنه قد لا يتمكن من الاستمرار في الترشح، وأن البعض قد بدأوا في مناقشة مواعيد وأماكن الإعلان المحتمل لانسحابه من السباق الرئاسي".
وأوضحت الصحيفة أن "أحد العوامل التي قد تؤدي إلى تأجيل قرار الانسحاب، هو اعتقاد المستشارين أن بايدن لن يرغب في القيام بذلك قبل أن يزور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واشنطن يوم الأربعاء بمبادرة من الجمهوريين لإلقاء كلمة أمام الكونغرس، وعدم منح نتنياهو الرضا في ظل توتر العلاقات بينهما في الآونة الأخيرة بسبب حرب غزة".
الكاتبة والصحفية الأمريكية سارة بيكينو، قالت في مقال رأي نُشر في موقع "يو أس توداي"، إن "بايدن لم يكن عليه ضغوط للتنحي أكثر مما هي عليه الآن، منذ أدائه في المناظرة في حزيران/يونيو وظهوره العلني بعد ذلك، حيث دعاه ديمقراطيون وناخبون بارزون على حد سواء إلى الانسحاب من السباق الرئاسي".
وأوضحت بيكينو في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، أن "بايدن يبدو أصبح أكثر تقبلاً لفكرة التنحي، إذا صدقنا التقارير الإخبارية، حيث قال يوم الثلاثاء إنه -سيفكر في الانسحاب من السباق في حالة حدوث "حالة طبية ما"-، أي قبل أقل من يوم من إصابته بفيروس كورونا".
وترى أن "قرار انسحاب بايدن لا يمكن لأحد سواه اتخاذه، ومع ذلك، قد يكون هذا هو أفضل شيء للحزب، وإذا كان يفكر بجدية في الرحيل، فعليه اتخاذ قرار قريبًا، فالوقت ينفد من الآن وحتى الانتخابات، وليس الأمر وكأن الجمهوريين سيتراجعون في أي وقت قريب".
وأكدت أن” قرار الانسحاب صعب ــ قرار لا يمكن اتخاذه بمفرده ــ ولكنه قرار يتعين على الرئيس أن يفكر فيه بجدية في الأيام المقبلة، وإذا لم ينسحب، فسوف يكون لزاماً عليه أن يثبت لأعضاء حزبه وبقية البلاد أنه لا يزال قادراً على الاستمرار".
هاريس الأوفر حظا!
وتثار تساؤلات حول ما إذا كان الحزب الديمقراطي في حال انسحب بايدن سيعتمد ترشيح كاملا هاريس بدلا منه أم لا، على الرغم من أنها في حال نجح بايدن لفترة رئاسية ثانية وتغيب بالموت أو أي عارض أخر ستتسلم هي مقاليد الحكم.
ولكن كما هو الحال فيما يخص قرار انسحاب بايدن وما إذا كان فعلا سينفذه، تبقى مسألة ترشيح هاريس بدلا منه قضية غامضة حتى الان، ولم يتم الحديث من قبل الديمقراطيين حول هذا الموضوع، حيث أحاديثهم العلنية تدور فقط حول ما إذا كان بايدن سينسحب أم لا.
نايل ستانيج كاتب متخصص في شؤون البيت الأبيض والكونغرس في صحيفة "ذا هيل"، اتفق مع كيسار في الرأي وقال، "أعتقد أنه من المحتمل أن يتنحى الرئيس، كما لا أعتقد أنه من المعقول أن يستمر في الترشح بينما يطالبه العديد من زملائه في الحزب بالتنحي جانباً".
وحول البديل المحتمل قال ستانيج لـ"عربي21"، "إذا تنحى بايدن جانبًا، أعتقد أنه من المؤكد تقريبًا أن كامالا هاريس ستكون المرشحة البديلة، فهي أول نائب رئيس من السود، وهي أيضا أول امرأة وأول شخص من أصل جنوب آسيوي يصل لهذا المنصب، وبالتالي من الصعب تجاوز هذه المعطيات وترشيح شخص أخر غيرها".
شبكة "سي إن إن" الأمريكية قالت في تقرير كتبه الصحفيين إدوارد دوفير ولورين فوكس، إنه "لا يمكن لأي شخص معرفة كيف ستكون عملية اختيار مرشح جديد إذا تنحى جو بايدن - لكن العديد من الديمقراطيين يقولون إن أي عملية اختيار مرشح من المرجح أكثر من أي وقت مضى أن تنتهي بسرعة مع اختيار نائبة الرئيس كامالا هاريس كمرشح للرئاسة".
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن "المحادثات غير الرسمية حول كيفية سير المعركة لاستبدال بايدن كانت مستمرة منذ أسابيع خلف الكواليس، ولكن عدم اليقين بشأن العملية كان غير واضح للغاية، مما دفع العديد من الديمقراطيين - حتى أولئك الذين لديهم مخاوف جدية بشأن بايدن - إلى التوقف عن الخروج ضد ترشح الرئيس، بالنظر إلى أن ما سيأتي بعد ذلك قد يكون أكثر فوضوية".
ووفقا للشبكة "يتم تداول استطلاعات رأي داخلية تُظهر أن هاريس ستكون على الأقل أكثر فائدة في تعزيز حماسة الديمقراطيين والمساعدة في تقليل سباقات الاقتراع، إن الحجج القائلة بأنها ستكون الأسرع في تنظيم حملة انتخابية أصبحت أكثر صعوبة، إن أحلام اليقظة المتمثلة في رفع قضية أكثر نشاطًا وقوة ضد دونالد ترامب بدأت تتجذر".
وأكدت أن الكثير من الديمقراطيين يتعمدون تأجيل الحديث عن الافتراضات، حيث يقول مساعدو بايدن إنه يخطط للعودة إلى الحملة الانتخابية الأسبوع المقبل بمجرد تعافيه من فيروس كورونا، ولكن إذا تغير ذلك فجأة، كما قال أكثر من عشرين من السياسيين والناشطين الديمقراطيين البارزين للشبكة الأمريكية، فلن يتمكنوا من الناحية الواقعية من رؤية هذه النهاية بأي طريقة أخرى.
ومع تزايد الضغوط على بايدن للانسحاب، لا زال على الديمقراطيين انتظار قراره حول ما إذا كان سيوافق أم لا، وفي حال قرر الانسحاب فإنه سيكون الداعم الأكبر لترشح هاريس بدلا منه رغم اعتراض بعض الديمقراطيين عليها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية بايدن الحزب الديمقراطي كاملا هاريس امريكا الولايات المتحدة الحزب الديمقراطي بايدن كاملا هاريس المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من السباق الرئاسی ما إذا کان أن بایدن أنه من
إقرأ أيضاً:
ترامب على طريق بايدن
أمضى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن كل العام 2024 وهو يحاول أن يقنع رئيس حكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أولاً بتحديد موعد قريب للحرب، ثم بوقفها وذلك عبر صفقة تبادل بين المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، ولكن مع فشله المتواصل وعجزه عن القدرة على إجبار نتنياهو على الامتثال لما يريده، بدافع انتخابي على أقل تقدير.
كان يدعي أحياناً أن الاتفاق قريب، وأنه قاب قوسين أو أدنى من التحقق، وأحياناً يلقي اللوم على حماس، ومن ثم يعلن إحباطه، بعد تسريبات من أوساط إدارته بأنه مارس الضغط أو حتى أنه هدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، وفي نهاية المطاف، خرج بايدن من البيت الأبيض دون رجعة، ودون أن يحقق أي منجز يذكر، وأخذ معه بفشله مع نتنياهو بالذات حزبه ونائبته كامالا هاريس، وفتح الباب بيده المرتعشة لخصمه السياسي دونالد ترامب ليعود إلى البيت الأبيض من بابه الواسع.
يبدو اليوم أن هناك تبادلاً في الأدوار، وأن ما مر به بايدن يمر به حالياً ترامب، فما دام نتنياهو هو من يجلس على الجانب الآخر من العلاقة الأميركية - الإسرائيلية، فإن الرؤساء الأميركيين يتغيرون ويتبدلون، ويبقى رئيس الحكومة الإسرائيلية كما هو.
وفي حقيقة الأمر ربما كان هذا أحد الأسباب التي تظهره كرجل ما زال مطلوباً للعدالة الدولية في الخارج، ومتهماً أمام القضاء الإسرائيلي في الداخل، من تبجح وعنجهية وغرور، كيف لا وهو يتلاعب برئيس أكبر وأقوى دولة في العالم، كما لو كان لعبة بين يديه، ولم يقتصر الأمر على رئيس واحد، حتى لا يقال إن العيب أو المشكلة كانت في ذلك الرئيس شخصياً.
فقد فعل هذا مع ترامب في ولايته الأولى، حين واصل تحريكه بالريموت كونترول الذي بين يديه، فوجهه نحو إلغاء الاتفاق مع إيران العام 2018، الذي كان وقعه باراك أوباما قبل ذلك بثلاثة أعوام، ثم دفعه لارتكاب فعل تجنبه كل الرؤساء الأميركيون السابقون، نقصد نقل السفارة الأميركية من تل أبيب للقدس، ومن ثم الاعتراف بالضم غير القانوني للجولان المحتل، وأخيراً إبرام اتفاقيات أبراهام للتطبيع بين ثلاث دول عربية وإسرائيل بالقفز عن شرط إقامة الدولة الفلسطينية أولاً.
ثم تلاعب ببايدن الذي حاول أن يهرب من الشرق الأوسط، بعد أن حاول أن يكمل عمل ترامب الخاص باتفاقيات أبراهام، وذهب للرياض من أجل هذا الغرض، لكن علاقته السيئة مع الأمير محمد بن سلمان، حالت دون تحقيق أي إنجاز بهذا الخصوص، بل ولقنه الأمير السعودي المفعم بالحيوية والشباب والطموح درساً، دفعه بعيداً عن الشرق الأوسط إلى شرق أوروبا، حيث علق مستقبله ومستقبل حزبه السياسي بالحرب الروسية الأوكرانية، وحتى هنا لم يستطع أن يواجه نتنياهو، فمن بين كل دول الغرب الحليفة لأميركا، وقفت إسرائيل جانبا، ولم تنضم للتحالف السياسي الذي أقامته أميركا ضد الحرب الروسية على أوكرانيا.
ثم كانت الطامة الكبرى حين وقع طوفان الأقصى، فكانت تفاصيل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تمثل إهانات متكررة ومتواصلة للرئيس الأميركي في مقابل رئيس حكومة إسرائيلي، ليس مطلوبا للعدالة الدولية، وللقضاء الإسرائيلي وحسب، بل ويواجه معارضة داخلية غير مسبوقة، لا تقتصر على المعارضة السياسية، بل يواجه مؤسسات الدولة بما فيها القضاء والمؤسسات الأمنية والعسكرية.
أي كان يمكن لبايدن أن يتحجج أو يطالب نتنياهو بإجماع داخلي، حتى يجلس إلى جانبه أو حتى وراءه في حرب أغضبت العالم بأسره، لكنه لم يقوَ حتى على منع نتنياهو من منح الفاشيين الإسرائيليين المقاعد الوزارية، وكان بايدن قد تورط بإعلان عدم رغبته في منح كل من إيتمار بن غفير وبتسئليل سموتريتش مقاعد حكومية حين قام نتنياهو بتشكيل حكومته الحالية، وذلك قبل أشهر قليلة من طوفان الأقصى، وكان ذلك محاولة من بايدن لتعزيز علاقة بلاده بالدول العربية، نظراً لتقديره بأن هذين الرجلين سيشعلان المنطقة توتراً وصخباً بمجرد مشاركتهما في الحكومة، فما بالنا وقد باتا يتحكمان بهما من خلال تهديد نتنياهو المرعوب من احتمال الخروج من المنصب ليكون تحت رحمة القضاء الإسرائيلي، بفض الشراكة معه، في حال تردد في مواصلة حرب الإبادة الجماعية، ومواصلة الطريق ضد العالم بأسره ؟
بالطبع كان ينظر إلى بايدن على أنه رئيس ضعيف، لا يتمتع بكاريزما باراك أوباما، ولا حتى بشخصية رونالد ريغان ولا حتى جورج بوش الأب، أما ترامب فهو ظهر، بعد أن فاجأ الدنيا كلها برفض نتائج انتخابات الرئاسة العام 2020، وظل يدعي تعرض النتيجة للتزوير.
ثم أعلن بشكل غير مسبوق أنه سيعيد محاولة العودة للبيت الأبيض، وظل 4 سنوات يمارس دور المرشح الرئاسي المعارض، وظهر مدعوماً من مؤيدين متطرفين، عصبويين لدرجة العنصرية ضد الآخرين، بمن فيهم نصف الشعب الأميركي، أي الخصم الديمقراطي، باختصار ظهر أو حاول أن يظهر كرئيس قوي، مختلف تماما عن بايدن، وقد ادعى أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ما كانت لتقع لو كان رئيسا، وأنه يمكنه أن يوقف الحرب في الشرق الأوسط خلال أيام، وواصل ذلك وبصوت أعلى بكثير حين فاز بالانتخابات، لدرجة أنه هدد بأنه سيحرق الشرق الأوسط، لو دخل البيت الأبيض، دون التوصل لاتفاقية الصفقة.
وفعلاً رضخ نتنياهو للتهديد، رغم أن تهديد ترامب كان يبدو موجها لحماس أصلاً، وبدأ تنفيذ صفقة تبادل مكونة من 3 مراحل، قبل تنصيب ترامب بيوم واحد فقط، وبذلك أوحى نتنياهو لترامب بأنه قد حقق له ما أراد، بما جعل الرئيس الأميركي ينتشي مثل طاووس في ريعان الشباب، ما أعاده إلى حضن نتنياهو، الذي كان قد أغضبه قبل 4 سنوات حين قام بتهنئة بايدن على فوزه بانتخابات 2020، لدرجة أنه استقبله في البيت الأبيض كأول مسؤول أجنبي يستقبله كرئيس أميركي ثم قام بتقديم أعظم هدية سياسية له.
وكانت إعلانه عن خطة مدوية تجاه غزة، مضمونها تهجير سكانها، إعلان أذهل نتنياهو والفاشيين الإسرائيليين، الذين ما زالوا يحلمون بتنفيذ تلك الخطة، رغم نسيان ترامب نفسه لها، بل وحتى أنه نسي إن كان قد تفوه بها من قبل.
وكما فعل بايدن، يفعل ترامب حالياً، فهو قد عين ممثلاً رسمياً له لمتابعة مسار صفقة التبادل، وهو ستيف ويتكوف، والذي يعد كما لو كان أهم من وزير الخارجية نفسه، بينما كان بايدن قد أرسل وزير خارجيته خلال عام واحد أكثر من عشر مرات لمتابعة هذا الملف، إضافة بالطبع لمستشار أمنه القومي، ووزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان، وكذلك أكثر من مندوب خاص.
ولكن دون جدوى، ذلك أن المعضلة لا تكمن في الجانب الفني، ولا في إقناع حماس، لكن المشكلة تكمن بين أميركا وإسرائيل بالتحديد، فأميركا أيام بايدن كانت بحاجة لاتفاق الصفقة لغرض انتخابي، وللتخلص من الضغط الدولي والداخلي، حيث كانت تضطر كل الوقت للوقوف في وجه العالم كله المنتفض بالتظاهرات، والمنشغل بمناقشة مشاريع القرارات في مجلس الأمن والجمعية العامة، فيما أميركا في أيام ترامب الحالية بحاجة إلى الصفقة لتقديمها كإنجاز يخفف من المعارضة الداخلية ضد الرسوم الجمركية، ولفتح أبواب الشرق الأوسط أمام مزيد من الاستثمارات في أميركا بما يعزز اقتصادها ويقويه في مواجهة التحدي الاقتصادي الصيني.
أما إسرائيل فلا يمكنها في ظل حكومتها الفاشية الحالية، عقد صفقة توقف الحرب، ولو بعد حين، وبالتحديد لو أرفق اتفاق الصفقة بضمانة أميركية أو قبول إسرائيلي بالطبع بوقف الحرب وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، فهذا يعني تفكيك الائتلاف وسقوط حكومة نتنياهو، وهذا التباين.
ومع تصاعد الغضب الدولي، ومنه الأوروبي المهم، الذي يبدو أنه وجد في إسرائيل ضالته للرد على تخلي أميركا عن أوكرانيا، وتوريط أوروبا بوحل المواجهة مع روسيا، وذلك بنبذ إسرائيل، كما فعلت أميركا مع أوكرانيا، يعني أن ترامب يحارب طواحين الهواء حالياً، من أجل «احتواء» فتيل التوتر الذي يمسك به نتنياهو، في محاولته لإجبار ترامب على الدخول في المسار الذي سار عليه بايدن، وهو مسار الحرب الإقليمية، بدلاً من مسار الصفقات التجارية، وبما يشمله ذلك من الإبقاء على خيار مواجهة إيران، أميركيا وإسرائيل عسكرياً، ولهذا أظهر ترامب حنقه على نتنياهو وحذره تحذيراً شديد اللهجة، إن هو فكر في تخريب المفاوضات الأميركية الإيرانية.
السؤال يبقى معلقاً، بينهما، أي بين ترامب ونتنياهو، ويدور حول من منهما سيلوي عنق الآخر، وحيث إن ترامب يطرق الباب السهل، والذي ليس بالضرورة يوصله لبر الأمان، وهو باب حماس، لذلك يواصل القول إنه قريب من اتفاق الصفقة، وإن ذلك قد يكون اليوم أو غداً!
الأيام الفلسطينية