كشف تقرير أصدرته منظمة "أطباء بلا حدود"، اليوم الاثنين، جانبا من المآسي الإنسانية التي جرّتها الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على المواطنين، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي، مع استمرار القتال بين الطرفين في مناطق عدة.

وفي تقرير يحمل عنوان "حرب على الإنسان – التكلفة الإنسانية للنزاع والعنف في السودان"، قالت "أطباء بلا حدود" إن كلًّا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وأنصارهما يمارسون عنفا مروّعا على الناس في جميع أنحاء البلاد.

ويذكر التقرير أن الحرب في السودان أدت إلى تداعي حماية المدنيين، حيث تواجه المجتمعات المحلية العنف العشوائي والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وسط هجمات مستمرة على العاملين في المجال الصحي والمرافق الطبية.

ونقل التقرير شهادات عاملين في مجال الرعاية الصحية وناجين روَوا فظائع ما عاينوه وهم يهربون من جحيم الحرب وفي طريق نزوحهم إلى مناطق أخرى.

استهداف المستشفيات

وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إنها عالجت في مستشفى واحد فقط من المستشفيات التي تدعمها، وهو مستشفى النو في أم درمان بولاية الخرطوم، ما مجموعه  6776 مريضا من الإصابات الناجمة عن العنف بين 15 أغسطس/آب 2023 و30 أبريل/نيسان 2024، أي بمعدل 26 شخصا في اليوم.

كما عالجت "أطباء بلا حدود" آلاف المرضى من الإصابات المرتبطة بالنزاع في جميع أنحاء البلاد، معظمهم من الإصابات الناجمة عن الانفجارات والطلقات النارية والطعن.

وبحسب التقرير، تعرضت المستشفيات طوال فترة الحرب للنهب والهجوم بشكل روتيني. وذكرت منظمة الصحة العالمية في يونيو/حزيران أنه في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وصلت نسبة المرافق الصحية القادرة على العمل إلى ما بين 20- 30% فقط، وحتى في ذلك الحين كانت تعمل بشكل محدود جدا.

وقالت المديرة العامة لـ"أطباء بلا حدود" فيكي هوكنز "يتفاقم العنف الذي تمارسه الأطراف المتحاربة بفعل العوائق؛ فمن خلال عرقلة الخدمات والتدخل فيها واحتجازها عندما يكون السكان في أمس الحاجة إليها، يمكن للأختام والإمضاءات أن تقتل شأنها شأن الرصاص والقنابل في السودان".

وتابعت "ندعو جميع الأطراف المتحاربة بأن تسهل توسعة نطاق المساعدات الإنسانية، وأن توقف قبل كل شيء هذه الحرب العبثية على السكان من خلال الوقف الفوري للهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية والمناطق السكنية".

اشتباكات

ميدانيا، قالت مصادر بالجيش السوداني للجزيرة إن الطيران الحربي شن هجمات جوية على تجمعات لقوات الدعم السريع بمصنع سكر سنار وسط السودان، إضافة إلى ضربات جوية على تجمعاتهم ببلدة جبل مويه غرب ولاية سنار.

وتشهد ولاية سنار اشتباكات عنيفة منذ أكثر من شهر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد سيطرة الدعم السريع على عدة مدن بولاية سنار، بينها سنجة والدندر.

في السياق ذاته، أفاد مراسل الجزيرة أن طيران الجيش السوداني قصف صباح اليوم الاثنين مواقع قوات الدعم السريع حول الطريق الرابط بين مدينتي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ومليط، الميناء البري بالولاية.

وقتل شخصان على الأقل وأصيب آخرون إثر اقتحام قوة من الدعم السريع بلدة الخوي بولاية غرب كردفان مساء أمس الأحد.

وأكدت مصادر محلية للجزيرة أن قوة من الجيش وقوات الاحتياطي المساندة للجيش تحركت من النهود واشتبكت مع ارتكاز للدعم السريع غربي الخوي على الطريق القومي المؤدي إلى مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان.

وتضيف المصادر أن قوة من الدعم السريع اقتحمت الخوي من الناحية الجنوبية وأطلقت نيرانا كثيفة في سوق البلدة، ما تسبب في مقتل اثنين من المواطنين وجرح آخرين، قبل أن تنسحب القوة المهاجمة.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل ونحو 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات وقوات الدعم السریع الجیش السودانی أطباء بلا حدود فی السودان

إقرأ أيضاً:

هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟

انتشرت أخبار مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بوفاة الصحفي السوداني المعتقل لدى قوات الدعم السريع معمر إبراهيم، داخل مكان احتجازه في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وفي إفادة للجزيرة نت، أكد محمد إبراهيم، الشقيق الأكبر للصحفي المعتقل منذ أكتوبر/تشرين الأول أن مصدر الإشاعة التي نفى صحتها ما زال مجهولا، وأن معمر بخير ولم يتعرض لأي أذى، مشيرا إلى أنه استطاع الاطمئنان عليه عقب ورود إشاعة وفاته مساء أمس الأربعاء.

وأضاف شقيق الصحفي الذي عمل مراسلا لدى قناة الجزيرة مباشر أن آخر تواصل مباشر معه كان عقب ظهوره إلى جانب المتحدث باسم الدعم السريع الفاتح قرشي مطلع الشهر الماضي، غير أن ثمة تواصلا غير مباشر يسعون عبره إلى الاطمئنان على معمر وتأمين احتياجاته.

وأكد المتحدث باسم تحالف السودان التأسيسي -الذي يقوده الدعم السريع- علاء الدين نقد في تصريح للجزيرة مباشر أن الصحفي معمر بـ"أمن وأمان"، وفق تعبيره.

ما مصير الصحفي معمر إبراهيم؟
الناطق باسم تحالف السودان التأسيسي يجيب #الجزيرة_مباشر #السودان #الفاشر pic.twitter.com/JpygwAP36v

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 16, 2025

مطالبات بظهور الصحفي

وتعليقا على تصريح نقد، دعا الصحفي السوداني مزمل أبو القاسم إلى السماح لزميله معمر بالظهور على شاشة قناة الجزيرة مباشر للتأكد من سلامته، وكتب عبر حسابه على فيسبوك بأن معمر تعرض لإخفاء قسري واحتجاز غير مشروع وإهانة وضرب وتعذيب ظهرت بجلاء في مقاطع فيديو عقب سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.

لكنّ الإشاعة حفّزت حالة القلق على سلامة معمر وعدد غير معلوم من الصحفيين المعتقلين والمختفين قسريا في السودان، ورغم نفي الأمر، يبدي نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم أبو إدريس قلقه بشأن سلامة الصحفي معمر، مطالبا بإطلاق سراحه على الفور.

إعلان

ويقول أبو إدريس للجزيرة نت "معمر كان يؤدي مهنته كصحفي وهي ليست جريمة حتى يُحتجز بسببها، وما يمرّ به يُعد خرقا للقوانين الدولية والإنسانية"، مناشدا المنظمات المهتمة بحرية الصحافة للتضامن مع معمر وسائر الصحفيين السودانيين في ما يقاسونه من تحديات وتهديدات جراء الحرب.

سي بي جيه: صحة معمر متدهورة ونريد دليلا على حياته

وفي تصريح لها مساء الأربعاء، أعربت لجنة حماية الصحفيين "سي بي جيه" (CPJ) عن قلقها إزاء تقارير تفيد بأن الحالة الصحية للصحفي معمر قد تدهورت بشكل خطير أثناء احتجازه، داعية إلى الإفراج الفوري عنه لتمكينه من تلقي الرعاية اللازمة.

#السودان: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن الحالة الصحية للصحفي السوداني معمر إبراهيم، المحتجز لدى قوات الدعم السريع، قد تدهورت بشكل خطير أثناء احتجازه. إذ أصبح طريح الفراش ويعاني من آلام شديدة، في وقت ترفض فيه قوات الدعم السريع نقله إلى المستشفى أو الإفراج عنه. وتدعو… pic.twitter.com/Sx0zRTfVMq

— CPJ MENA (@CPJMENA) December 10, 2025

وقالت المديرة الإقليمية للّجنة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة القضاة إن معمر أصبح طريح الفراش ويعاني من آلام شديدة، في وقت ترفض فيه قوات الدعم السريع نقله إلى المستشفى أو الإفراج عنه.

لكنْ في اليوم التالي، الخميس، صدر تصريح آخر للّجنة الدولية، يفيد بأنها راسلت قوات الدعم السريع مطالِبة بتقديم أي دليل على أن الصحفي معمر إبراهيم على قيد الحياة، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بأنه قُتل أثناء احتجازه، في حين لم تجزم اللجنة بنفي الأخبار المتداولة.

تؤكد لجنة حماية الصحفيين أنها راسلت قوات الدعم السريع مطالِبةً بتقديم أي دليل على أن الصحفي السوداني معمر إبراهيم على قيد الحياة، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بأنه قُتل أثناء احتجازه لدى قوات الدعم حيث يقول زملاؤه إنها مزاعم غير مؤكدة حتى الآن." سارة القضاة. pic.twitter.com/HZujvEmIel

— CPJ MENA (@CPJMENA) December 11, 2025

وكانت شبكة الصحفيين السودانيين في الـ18 من الشهر الماضي أعربت عن قلقها البالغ على مصير الصحفي، عقب تصريحات لوزير الصحة في حكومة التأسيس علاء نقد خلال لقاء له عبر قناة الجزيرة، ذكر فيها جملة من التهم الموجهة للصحفي، وقال إنه كان سببا في تأجيج الحرب.

وقالت الشبكة في بيان آنذاك إن "سيل الاتهامات التي أطلقها نقد في حق معمر تجعلنا في قلق شديد من المصير الذي ينتظره".

الصحفي بوصفه مدني بموجب القانون الدولي الإنساني يجب حمايته من أطراف النزاع ويحظر احتجازه أو معاملته بقسوة أو الاعتداء عليه.

ندعو @ICRC للعمل على ضمان سلامة الزميل الصحفي معمر إبراهيم @MUAMMAR_SUD الذي ظهر محتجزا ويعامل بقسوة من قبل عناصر الدعم السريع وفقا للمقطع أدناه. pic.twitter.com/fw1WsD4j1S

— Mojahed Taha (@mojahedashw2k) October 26, 2025

وظهر معمر إبراهيم اليوم الثاني لسيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر 26 أكتوبر/تشرين الأول، في مقطع فيديو صُوّر ليلًا مع مجموعة من المسلحين، وقال فيه إنه حاول الخروج من المدينة، وقد قُبض عليه قبل أن يتمكن من ذلك.

إعلان

وفي الرابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بثت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا ظهر فيه إبراهيم إلى جانب الفاتح قرشي، الذي قال إن الصحفي يواجه تهمة الإساءة لقوات الدعم السريع بسبب استخدامه كلمتي "مليشيا وجنجويد" توصيفا للدعم السريع، معتبرا الوصفين إخلالا بالحيادية المطلوبة لدى الصحفيين.

وقبل نحو أسبوعين، اغتالت قوات الدعم السريع الصحفي تاج السر محمد سليمان، مدير مكتب وكالة السودان للأنباء (سونا) في منزله مع شقيقه بحي الدرجة في مدينة الفاشر.

وأشار وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر في بيان نعيه الصحفي سليمان، إلى أن قوات الدعم السريع اعتقلت عددا من الصحفيين السودانيين العاملين لدى وسائل إعلام مختلفة، ونقلتهم من الفاشر إلى مدينة نيالا في جنوب دارفور غربي السودان.

وناشد الإعيسر المنظمات الدولية المعنية بحماية الصحفيين الاضطلاع بدورها في متابعة الصحفيين المعتقلين والعمل على ضمان سلامتهم.

وغطى إبراهيم أخبار الحرب في دارفور على مدى العامين الماضيين، ويُعدّ من بين الصحفيين القلائل الذين بقوا لتوثيق التطورات في الفاشر رغم الغارات الجوية المستمرة وانقطاع الاتصالات والأزمة الإنسانية الحادة.

مقالات مشابهة

  • جنوب السودان يتولى أمن حقل هجليج النفطي بعد سيطرة الدعم السريع
  • هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟
  • حرب السودان تخرج عن السيطرة
  • انتهاكات بلا سقف.. حصار وقتل واغتصاب.. «الدعم السريع» يوسع دائرة الدم في كردفان
  • قومي المرأة بالإسكندرية" يدق ناقوس الخطر: دعوات للتصدي لظاهرة التحرش
  • لون القيء الأخضر المائل للأصفر يدق ناقوس ‫الخطر
  • شبكة أطباء السودان: 19 ألف محتجز بسجون الدعم السريع بجنوب دارفور
  • شبكة أطباء السودان: ميليشيات الدعم السريع تحتجز أكثر من 19 ألف شخص في دارفور
  • اتهامات أمريكية للدعم السريع.. جرائم واعتداءات صادمة
  • عقوبات أميركية جديدة على الدعم السريع