نمو سياحي ونقدي ينفصل عن حرب جنوب لبنان
تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT
كتب علي زين الدين في" الشرق الاوسط": كرّست الإحصاءات القطاعية المنجزة جانباً من مشهدية الانفصام الواقعي بين حرب الجنوب اللبناني ومخاطر توسعها إلى حرب شاملة، والأداء الإيجابي الشامل لأنشطة اقتصادية حيوية في الداخل، المعزّز باستعادة الاستقرار النقدي القائم على تحكم صارم من قبل السلطة النقدية بالكتلة النقدية لليرة، والمترجم تلقائياً بكبح التضخم في أسواق الاستهلاك.
وتعكس حركة الوافدين عبر المطار، التي تعدّت نحو 400 ألف زائر خلال الشهر الماضي، ومرشحة للمضاعفة هذا الشهر وتاليه، وكثافة الحجوزات التي تشهدها الحفلات الفنية والمهرجانات في العاصمة وشمالها وجبل لبنان وزحمة الإقبال على المطاعم وقطاع تأجير السيارات... النجاح المنشود للموسم السياحي الصيفي وحياده الواضح عن يوميات المواجهات العسكرية المحتدمة على الحدود الجنوبية، ما أنعش الترقبات بتحقيق نمو ظرفي في مجمل مؤسسات القطاع السياحي، واستتباعاً في حجم التدفقات الدولارية.
ومن دون أي التباس، يؤكد معنيون وناشطون في القطاع السياحي لـ«الشرق الأوسط»، أن اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين يشكلون الغالبية العظمى للوافدين، بسبب تأثير أخبار الحرب واحتمالاتها على توجهات السياح العرب والأجانب، بينما تعوّض السياحة الداخلية للمقيمين جزءاً من هذا النقص، ولا سيما في ظل توسيع نطاق التوازن المعيشي النسبي، عبر «الدولرة» الشاملة لمعظم المداخيل العامة والخاصة ومجمل مصاريف البنود الاستهلاكية والخدمية.
ويشكل اللبنانيون في الخارج، والذين انضم اليهم ما يزيد على 400 ألف مقيم اختاروا الانتقال بسبب الضغوط الناجمة عن الانهيارات النقدية والمعيشية في السنوات السابقة، مصدراً حيوياً للتحويلات المالية الواردة إلى البلد بالعملات الصعبة، وبما يصل إلى نحو 7 مليارات دولار سنوياً، وفق القيود المصرفية الموثقة، أي ما يضاهي نحو 35 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، علماً بأن الحجم الإجمالي للتدفقات يفوق هذا الرقم بكثير عبر مبالغ السيولة التي يحملها الوافدون، ومن دون احتساب المبالغ الواردة إلى منظمات أممية وهيئات مختلفة.
وبالتوازي، أظهرت تحديثات بيانات ميزانية مصرف لبنان المركزي منتصف الشهر الحالي، تسجيل زيادة كبيرة نسبياً في الاحتياطات الدولارية السائلة بلغت نحو 350 مليون دولار، لتدفع الحصيلة التراكمية للزيادات المتواصلة إلى نحو 1.7 مليار دولار، وسط ترجيحات ببلوغها عتبة ملياري دولار بنهاية الشهر الحالي، والتي تصادف مرور سنة كاملة على تسلّم الدكتور وسيم منصوري سدة حاكمية مصرف لبنان.
وتبرز الأهمية الخاصة لهذا النمو في مؤشرات موازية لا تقل أهمية، حسب مصادر مصرفية معنية، لا سيما لجهة ارتفاع إجمالي الاحتياطات السائلة إلى نحو 10.3 مليار دولار، بموازاة منع أي نمو مقابل بسيولة الليرة خارج البنك المركزي، حيث تظل الكتلة المتداولة بحدود 62.5 تريليون ليرة، أي ما يوازي 698 مليون دولار بسعر الصرف البالغ 89.5 ألف ليرة، وما يشكل أقل من 7 في المائة من احتياطي الدولار.
كذلك، تبرز معطيات مؤشر سوقي يشكل تقدماً نوعياً يسهم في تعزيز توجهات البنك المركزي في ضبط السيولة واعتماد وسائل دفع تخضع للمقاصة لديه ولإمكانية تتبعها من قبل الأجهزة الرقابية المختصة لدى السلطة النقدية. ويتمثل إلى جانب التوسع مجدداً باستخدام البطاقات المصرفية والمحافظ الإلكترونية، بارتفاع قيمة الشيكات المحرّرة بالدولار (الفريش) كبديل مساوٍ تماماً للسداد بالنقد الورقي (البنكنوت)، حيث شهد النصف الأول من العام الحالي، تبادل نحو 7.42 ألف شيك بقيمة ناهزت 101 مليون دولار، وتدني الشيكات المرتجعة بينها إلى 87 فقط، وبقيمة مجمعة بلغت نحو 766 ألف دولار.
وفي سياق رقمي متصل، إنّما تقتصر مفاعيله على البعد النفسي نظير التشريع الذي يمنع التصرف به بأي وسيلة، استفاد لبنان تلقائياً من الارتفاعات القياسية المتتالية في أسعار الذهب بالأسواق العالمية، لتقفز القيمة السوقية للمخزون البالغ نحو 286.8 طن، إلى نحو 22.2 مليار دولار منتصف الشهر الحالي، مما رفع الحصيلة التراكمية لقيمة «الثروة» المخزنة بثلثيها في لبنان ونحو الثلث في أميركا، بنحو 4.17 مليار دولار بالمقارنة مع مثيلتها البالغة نحو 18 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ملیار دولار إلى نحو
إقرأ أيضاً:
تقترب من 30 مليار دولار في 10 أشهر.. لماذا زادت تحويلات المصريين بالخارج؟
القاهرة – أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن تحويلات المصـريين العاملين بالخارج ارتفعت خلال 10 شهور (من يوليو/تموز 2024 إلى أبريل/نيسان 2025) 77.1% إلى نحو 29.4 مليار دولار (مقابل نحو 16.6 مليار دولار خلال الفترة المقابلة من السنة الماضية).
وشهدت الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان ارتفاعا بمعدل 72.3% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 12.4 مليار دولار، وعلى المستوي الشهري، وارتفعت تحويلات شهر أبريل/نيسان 2025 بمعدل 39% على أساس سنوي لتصل إلى نحو 3 مليارات دولار (مقابل نحو 2.2 مليار دولار).
وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة المصري عن ارتفاع ملحوظ في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، إذ قفزت 84.4% لتصل إلى 8.33 مليارات دولار في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بـ 4.52 مليارات دولار في الربع الأول من عام 2024.
وكانت بيانات سابقة أصدرها البنك المركزي المصري، أشارت إلى ارتفاعِ إجماليِّ تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 51.3% خلال عام 2024.
ووفق البيانات، بلغت القيمة الإجمالية لتحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال العام الماضي، نحو 29.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 19.5 مليار دولار خلال عام 2023.
تأتي مصر في المركز السابع عالميا في قائمة الدول التي تتلقى تحويلات مالية من مواطنيها العاملين بالخارج، وذلك بحسب التقرير الأخير للبنك الدولي.
تأتي النسبة الكبرى من تحويلات المصريين بالخارج من دول الخليج العربي التي يعمل بها حوالي 8 ملايين مصري من بين حوالي 11 مليون مصري يعملون في مختلف دول العالم.
منتجات بنكية ومبادرات عقارات وسياراتقال الخبير المصرفي الدكتور محمد عبدالعال لـ"الجزيرة نت"، إن النمو غير المسبوق في تحويلات المصريين بالخارج جاء مدفوعا بعدة عوامل كالتالي:
إعلان قرارات الإصلاح الاقتصادي الصادرة في 6 مارس/آذار 2024 وما ترتب عليها من مرونة سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، مما أدى إلى اختفاء السوق السوداء وتحجيم أباطرة الدولرة والمتاجرين بالعملات. رفع البنوك الفائدة منذ مارس/آذار 2024 وإصدار شهادات استثمار بفائدة غير مسبوقة وهي منتجات جاذبة للقطاع العائلي سواء كانت بالدولار أو العملة المحلية. طرح الدولة مبادرات استيراد السيارات وشراء الأراضي والعقارات مقسطة بالنقد الأجنبي مما جعلها تمثل منتجات جاذبة للمصريين العاملين بالخارج. ابتعاد مصر عن حالة التوترات السياسية بالمنطقة أدى إلى حالة اطمئنان لدى العاملين بالخارج خاصة في ظل المرونة الكبيرة التي تعامل بها سعر صرف الجنيه مع تطورات الأوضاع السياسية.وأضاف عبد العال في تعليق للجزيرة نت أن زيادة تدفقات تحويلات المصريين بالخارج انعكست على زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد ليتجاوز 48 مليار دولار، وكذلك ارتفع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي إلى 13.4 مليار دولار في أبريل/ نيسان، متوقعًا أن تسجل التحويلات من الخارج ما بين 35-40 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، خاصة حال استقرار الأوضاع بمنطقة الخليج، التي تشهد تركز عدد كبير من المصريين.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر تحدث للجزيرة نت: "زيادة تحويلات المصريين بالخارج يقف وراءها عدة عوامل منها إجراءات وقرارات اتخذها البنك المركزي منها رفع الفائدة على الودائع بالعملات الأجنبية والموافقة على دخول خدمات تطبيق التحويلات المالية إنستاباي (Instapay) -وهي خدمة دفع إلكتروني فوري- وغيره من تطبيقات الهاتف الجوال".
وأضاف أن فترة شهور الصيف غالبا ما تشهد ذروة زيادة تحويلات المصريين بالخارج لأنها تعتبر موسم الإجازات لمعظم العاملين بالخارج وتشهد تنفيذ قراراتهم سواء بشراء عقارات وأراض أو بالاستثمار في مشاريع خاصة بهم.
القـضاء على السوق السوداءقالت الخبيرة الاقتصادية هدى الملاح لـ"الجزيرة نت": "تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت لاختفاء السوق السوداء للعملات الأجنبية وهي ظاهرة قاومتها الدولة وعملت على تشجيع المواطنين العاملين بالخارج على تحويل مدخراتهم عبر البنوك الرسمية".
وأضافت الملاح "تحويل الأموال عبر قنوات غير رسمية فيه مخاطرة كبيرة، أما التحويل عبر البنوك فهو أمن وأمان، كما أن ظهور وسائل وتطبيقات تحويل الأموال إلى الحسابات المصرفية وإمكانية التحويل اللحظي للأموال شجع وسهل للعاملين بالخارج تحويل أموالهم إلى البنوك، وأصبح بالإمكان من خلال الهاتف الجوال إجراء التحويلات المالية بكل سهولة وبرسوم بسيطة وأكثر أمانًا من السوق السوداء".