المغرب أرسى دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مجلس حقوق الإنسان)
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2023، أن المملكة شهدت هذه السنة إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح المجلس، في تقريره الذي حمل عنوان « إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية »، أن هذه المعالم تتجلى في إطلاق الدعم الاجتماعي المباشر للأسر، حيث بلغ عدد المستفيدين خلال المرحلة الأولى من صرف الدعم حوالي مليون أسرة، وتعزيز الولوج إلى الحق في السكن من خلال مجموعة من الإجراءات بهدف تعزيز قدرة المواطنين على الولوج إلى السكن، علاوة على التقدم المحرز في مجال إصلاح الضريبة على القيمة المضافة في القانون باعتباره مؤشرا على تعزيز الدور الاجتماعي للنظام الجبائي الوطني، خاصة من خلال دوره في تعزيز مصادر تمويل أوراش الحماية الاجتماعية.
وأشار إلى أن قرار الملك محمد السادس مراجعة مدونة الأسرة من الأحداث البارزة التي طبعت حقوق الإنسان بالمملكة خلال سنة 2023، مسجلا أن « الاختلالات التي أفرزها تطبيق مقتضياتها خلال العشرين سنة الماضية يعد جوابا على العديد من التحديات التي تواجهها بلادنا في مسيرة بناء تنمية إنسانية شاملة ودامجة للفئات الهشة ولا تترك أحدا خلف الركب ».
وفي مجال التعليم، يرى المجلس أن مواجهة الصعوبات الكبيرة التي تواجهها المدرسة العمومية تتطلب التفكير في قضايا التربية وفق مقاربة تركيبية تستحضر تحولات المحيط السوسيو-ثقافي للمدرسة المغربية، وإشكالية تدبير العلاقة بين الزمن الطويل للإصلاح والإطار الزمني لتصريفه في السياسات العمومية القطاعية، كما تأخذ بعين الاعتبار العوائق المختلفة التي تحول دون الولوج للحق في تعليم ذي جودة.
من جهة أخرى، دعا المجلس في تقريره إلى « اعتماد خيار العدالة المجالية » كأساس موجه لتدخلات الفعل العمومي الوطني والمحلي، ليس على مستوى السياسات العمومية فحسب، بل كذلك كجزء لا يتجزأ من عملية إعادة التوجيه الإستراتيجي للسياسة العامة للدولة واختياراتها الكبرى في مجال التنمية.
وذكر، في هذا الإطار، بأنه تمت المصادقة على خمسة مشاريع قوانين تهم إصلاح المنظومة الصحية الوطنية خلال سنة 2023، مستحضرا التقدم المحرز في إعداد الإطار المؤسساتي الذي يعد خطوة رئيسية في استكمال النظام الصحي الجديد، وتعزيز الحق في الصحة للمواطنات والمواطنين.
وعلى صعيد آخر، أبرز التقرير أن تفعيل برنامج الحماية الاجتماعية (2021-2025) بلغ المرحلة الثانية الخاصة بتعميم التعويضات العائلية، والتي ستمتد لسنتي 2023 و2024، بعد تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (2021 و2022) على أن يبلغ في سنته الأخيرة مرحلة توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل (2025).
وعلى مستوى دعم السكن الاجتماعي، سجل التقرير أن الحكومة صادقت على المرسوم رقم 2.23.350 الخاص بتحديد أشكال إعانة الدولة لدعم السكن وكيفيات منحها لفائدة مقتني مساكن مخصصة للسكن الرئيسي، والذي يهدف إلى تجديد المقاربة المتعلقة بالمساعدة على تملك السكن، ودعم القدرة الشرائية للأسر من خلال مساعدة مالية مباشرة للمقتني.
من جهة أخرى، أكد المجلس أن التدخل الاستعجالي بعد زلزال 8 شتنبر 2023 اتسم بالسرعة والفعالية في التدابير التي تم اتخاذها، وخاصة من خلال إحداث صندوق للمساهمات التضامنية المفتوح للجميع، لتدبير آثار الزلزال، إضافة إلى منح الأطفال اليتامى جراء الزلزال صفة « مكفولي الأمة » التي تمكنهم من الحصول على الرعاية اللازمة وتضمن ولوجهم للحقوق الأساسية وتيسر اندماجهم في المجتمع.
كلمات دلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياشالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
كيف يتم استلاب عقولنا؟ من التنوير الإعلامي المضلل إلى التبعية الطوعية
كيف يتم استلاب عقولنا؟ من التنوير الإعلامي المضلل إلى التبعية الطوعية
محمد الحسن محمد نور
الهيمنة في زماننا لم تعد تعتمد على المدافع والجيوش وحدها لتركيع الشعوب، بل اعتمدت أكثر على صنع مفاهيم جديدة تعيد تعريف القيم ذاتها التي كانت ذات يوم سلاحًا في وجه الظلم، فتحوّلها إلى أدوات طيّعة لخدمة الجلاد.
الاستلاب يبدأ من حيث لا ينتبه الناس عادةً: من الشعارات البراقة التي تتصدر ميثاق الأمم المتحدة وتقارير المنظمات الدولية، والتي تبدو في ظاهرها دعوة نبيلة للحرية والعدالة وحقوق الإنسان، لكنها في الواقع قد تم تحويرها فأصبحت غطاءً ناعمًا لتدخلات سافرة، ووسائل فعالة لتفكيك المجتمعات وإخضاعها.
فـ”حقوق الإنسان” التي يُفترض أنها قيمة كونية سامية، تُستخدم بانتقائية مريبة. لا يُرفع هذا الشعار حين يُسحق الفلسطينيون تحت القصف، ولا حين يُقتل الأطفال في دارفور، بل يُستدعى فقط حين يتعلق الأمر بدولة خرجت عن الطوق الغربي.
أما “حقوق المرأة”، فقد تحوّلت إلى حملة منظمة لفك الارتباط بين المرأة وأدوارها الطبيعية في الأسرة والمجتمع، تحت ستار “التمكين”، بينما تُستغل المرأة ذاتها وتذل بعرضها واستباحتها في الإعلانات والأفلام الإباحية دون اعتراض من المدافعين عن حقوقها.
و”حقوق الطفل” لم تمنع قصف المدارس ولا تهجير الأسر، بل أصبحت أداة لضرب النظم التعليمية التقليدية وفرض مناهج مشبوهة وتطبيقها في الدول الضعيفة.
هذه المفاهيم، بمجرد أن تُنتزع من سياقها وتُعاد تعبئتها بخطاب جديد، تُصبح أسلحة ناعمة لتغيير ثقافة المجتمعات من الداخل. فحين يُعلّم الطفل العربي أن “مجتمع الميم” هو مجرد اختلاف طبيعي، أو أن “الأسرة النمطية” باتت شكلًا قديمًا للتعايش، فإننا لا نبني وعيًا حرًا، بل نعيد تشكيل الإنسان وفق النموذج الذي يريده الغرب الذي ثبت فشله هناك، ويراد تصديره وتطبيقه هنا.
ثم تأتي المرحلة الأخطر: التسمية الخادعة. فالكلمات ليست محايدة، بل محمّلة بمضامين أيديولوجية. “فالمجاعة” التي يتسببون فيها، يسمونها “فجوة غذائية”، لتحول المأساة من كونها جريمة إلى مجرد إشكال إداري. وحين يُسمى الاحتلال العسكري بـ”عملية أمنية”، يتساوى الجلاد بالضحية. الكلمات هنا لا تصف الواقع، بل تُعيد تصنيعه ليتوافق مع رواية الأقوى.
بل إن حتى المصطلحات الجغرافية ليست بريئة. فمصطلح “الشرق الأوسط” ليس توصيفًا مكانيًا، بل هو تصور استراتيجي اختاره المستعمر ليُقصي الانتماء العربي والإسلامي، ويضع المنطقة في هامش تابع للمركز الغربي.
تتعمق الخدعة حين تُقلب الأدوار في الوعي العام. فالمحتل يُقدّم كمن يسعى للسلام، والمقاوم يُوصف بالإرهابى، واللاجئ يُختزل في توصيف قانوني بارد دون التطرق لجريمة التهجير التي دفعته للهروب.
الإعلام لا يكذب صراحة، بل يُعيد ترتيب عناصر الحقيقة بطريقة تجعل الظالم مقبولًا، والمظلوم مشكوكًا فيه. وحين يُقتل الصحفي الفلسطيني، يُقال إنه “كان في منطقة خطرة”، وكأن وجوده هناك هو الجريمة، لا استهدافه.
هذا هو “السحر الأسود” للمصطلحات: لا يُنكر الحقيقة، بل يُلبسها لباسًا جديدًا، فتبدو كأنها لم تكن.
ولكي تكتمل هذه العملية، يتم تدجين العقل الجمعي بالتكرار. عبارة مثل “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” تُردد آلاف المرات حتى تصبح بديهية، بينما تُحجب عن الوعي عبارات مثل “حق الفلسطيني في الحياة”، أو “حق العودة”، وكأنها لم تُكتب يومًا في المواثيق ذاتها.
وهكذا يُنتج الإعلام وعيًا مزيفًا يجعل المتلقي يشاهد المذابح دون أن يرتجف، ويسمع الصرخات دون أن يغضب، بل قد يتعاطف مع الجلاد إذا بكى في مؤتمر صحفي!
ما يحدث ليس مجرد تضليل عابر، بل هندسة ممنهجة للوعي، تُمارسها مراكز أبحاث، وتمولها دول، وتنفذها منصات إعلامية عملاقة. والهدف ليس مجرد السيطرة على العقول، بل على الخيارات. حين يُدجن العقل، تصبح التبعية قناعة، والاستسلام حكمة، والتطبيع ضرورة، والارتهان للخارج “شراكة استراتيجية”.
في مواجهة هذا الواقع، لا يكفي أن نكون ضد الاحتلال، بل يجب أن نكون ضد اللغة التي تبرّره. لا يكفي أن ننتقد سياسات الغرب، بل أن نفكك أدواته الناعمة التي يستعملها لاختراق وعينا.
إن أول خطوات التحرر تبدأ من تحرير المصطلح، واستعادة المعنى الحقيقي للكلمات. فالكلمة قد تقتل حين تُستخدم بذكاء، وقد تُحرر حين تُستعاد من براثن التزييف.
كما قال علي شريعتي: “أخطر أنواع الاستعمار هو الذي لا يكتفي بسرقة ثرواتك، بل يسرق عقلك، ثم يجبرك أن تسمي هذه السرقة تقدماً”.
الوسومالأمم المتحدة الاستعمار الاستلاب المنظمات الدولية حقوق الإنسان حقوق الطفل حقوق المرأة دارفور علي شريعتي محمد الحسن محمد نور