الهدنة الأمنية على حافة السكين.. و القوى المعتدلة تصارع الزمن
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
27 يوليو، 2024
بغداد/المسلة: أصبحت التهدئة الأمنية في العراق أمام اختبار حقيقي، بعد أن أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية وقوع هجوم على المنطقة القريبة من قاعدة عين الأسد الجوية.
وهذا الهجوم يهدد استقرار الأوضاع في البلاد ويعيد فتح ملف التصعيد الأمني الذي تسعى القوى السياسية المعتدلة إلى تجنبه بأي ثمن.
وفي الوقت الذي تعمل فيه القوى السياسية المعتدلة في العراق على الحفاظ على الهدنة، باعتبار أن التصعيد الأمني يسبب خسائر اقتصادية وفوضى سياسية، يبقى الوضع معقداً بسبب تعارض المصالح بين الأطراف المختلفة.
رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، يسعى جاهداً لاستمرار الهدنة وتجنب التصعيد، معتبراً أن الحفاظ على الاستقرار الأمني هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية في البلاد.
ومع ذلك، لا تزال الفصائل المناوئة للوجود الأمريكي تترقب المشهد بحذر، معارضةً لإطالة أمد الهدنة.
وهذه الفصائل ترى في استمرار الوجود الأمريكي تهديداً للسيادة الوطنية، وتضغط من أجل إنهاء الهدنة واستئناف العمليات ضد القواعد الأمريكية.
في هذا السياق المعقد، هناك جهات تنتظر الفرصة لاستغلال أي تصعيد، بما في ذلك إسرائيل، التي قد تتخذ من الهجمات المتكررة ذريعة لضرب أهداف استراتيجية في العراق. الصحافي الإسرائيلي الذي أشار إلى احتمال قصف موانئ البصرة إذا انطلقت صواريخ عراقية على إسرائيل، يعكس تصاعد التوترات الإقليمية وانعكاساتها على الوضع الداخلي في العراق.
إيران تلعب دوراً كبيراً في رسم معالم الهدنة من خلال علاقاتها الوثيقة مع الفصائل العراقية المسلحة حيث القرار الإيراني بدعم الهدنة أو السماح بالتصعيد يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار في العراق.
والعلاقات المتشابكة بين طهران والفصائل المسلحة تجعل من الصعب التنبؤ بالخطوات القادمة، إلا أن إيران تدرك أن تصعيداً غير محسوب قد يجر المنطقة إلى مواجهة أوسع.
إن الوضع الأمني في العراق يبقى هشاً، والهدنة القائمة تعتمد على توازن دقيق بين المصالح المحلية والإقليمية والدولية.
والقوى السياسية المعتدلة تواجه تحدياً كبيراً في الحفاظ على هذا التوازن، في ظل التهديدات المستمرة من الفصائل المناوئة والتدخلات الخارجية. استمرار الهدنة يتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة وتفاهماً عميقاً بين مختلف الأطراف لضمان استقرار البلاد ومنع انزلاقها إلى دائرة جديدة من العنف والفوضى.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
خطى تتحدى الزمن .. قصة شيوخ اليمن الذين أبَوا أن يتركوا الساحات فارغة
على امتداد الشوارع المؤدية إلى ميدان السبعين في صنعاء، حيث كانت تتدفق الحشود كأنها نهر بشريّ متواصل، مليونيات متتالية وثّقتها عدسات الاعلام المحلي والعربي والدولي،، أكدت حضورًا شعبيًا واسعًا من مختلف فئات المجتمع، وإلى مشاركة ’’ الشيبات’’ كما نقول في لهجتنا الدارجة، من كبار السن، ورغم تقدم أعمارهم ’’في هذه المسيرات الضخمة’’ ، لكن خلف هذه الصورة العامة، تختبئ عشرات القصص الإنسانية لرجال تجاوزوا السبعين والثمانين، تحدّوا أمراض المفاصل وضعف النظر وصعوبات الحركة، وواصلوا حضورهم في الساحات لأكثر من عامين.
يمانيون / خاص
هذا الاستعراض يستند إلى هذه الحقائق الميدانية، ويقدّم سردًا إنسانيًا يمثّل نموذجًا حقيقيًا لطبيعة مشاركة كبار السن في المسيرات المليونية ، ليعكس ما أشارت إليه المصادر الصحفية من حضور كبار السن، وما أكدته التقارير الإنسانية على الرغم من معاناتهم اليومية.
هم شيوخٌ بين الحشود .. ولكن أصواتهم لا تشيخ
حين كانوا يسيرون ببطء، يجرّون أقدامهم، كما لو أنهم يرفعون الصخور، مستندين إلى عصيهم الخشبية التي طالما رافقتهم في سنوات الشيخوخة، كانوا رمزًا لحضور فتي لم تُهمل قصصهم في خضم التغطيات الإخبارية.
من منازلهم الممتدة في شوارع وأحياء أمانة العاصمة وحتى مديريات محافظة صنعاء وقبائلها الأبية، كانوا كل يوم جمعة، يسابقون الشباب على مقدمة الصفوف في الساحات ، وفي الطريق يسأل أحدهم حفيد ينظر بعين الوقار إلى جده ، إلى أين نحن ذاهبون يا جدي؟؟ ويجيبه بابتسامة تحمل عنفواناً وطمأنينة في آن واحد: ( إلى حيث يذهب اليمني حين يجيب داعي الله) ،
كل الكاميرات تلاحقهم وكل القنوات تستضيفهم، وفي اليوم الثاني يتصدرون عناوين الصحف بعنوان رئيسي : كبار السن رغم تقدم أعمارهم خرجوا إلى المسيرات معبّرين عن موقفهم،
إرادةٌ في مواجهة الأجساد المنهكة
تشير تقارير إلى أن كبار السن في اليمن هم من أكثر الفئات معاناة بسبب نقص الدواء والغذاء والرعاية الصحية، ورغم ذلك، يظهرون في مشاهد المليونيات كما لو أنهم يؤكدون للعالم أن روح الإنسان قادرة على أن تتجاوز هشاشة الجسد.
كان شيوخ اليمن بأعناق تطاول عنان السماء يقدمون نموذجًا حيًا لهذه الحقيقة، يعانون من تصلب في مفاصل الركبة ومن ضغط الدم، ويحتاجون إلى فترات طويلة للراحة بين كل مشية وأخرى، لكن حين تقترب أيام المسيرات، كانوا يستعيدون، بشكل يكاد يكون معجزًا، نشاطًا لا يتوقعه حتى أهلهم وذويهم.
في إحدى المسيرات، بينما كان أحد هؤلاء العظماء من كبار السن يشق طريقه وسط الزحام، توقف ليلتقط أنفاسه، اقترب منه شاب في العشرينات، عرض عليه المساعدة، لكن الشيخ ابتسم وأشار له بالعكاز قائلاً: ( يا ولدي .. هذه العصا لا تزال في يدي، وقلبي لا يزال ينبض في صدري ، كل شيء عيسبر .. ) ، يقول هذا الشاب : جعلني هذا الشيخ أخجل من نفسي ، بينما أنا أعرض عليه المساعدة ، تلقيت منه المساعدة ، وأدركت أنه لا تقاس عظمة المواقف بالسن ، بل بالإيمان وقوة الإرادة .
عامان من الحضور .. ورسالة لا تخطئها العين
التقارير الإعلامية، من وكالة سبأ، ومن قناة المسيرة التي غطّت خروج الحشود في كل الساحات ، واستمرار الفعاليات والتجمعات الشعبية على مدى عامين، كان كبار السن جزء من كل الفئات اليمنية الذين جعلوا من هذا الاستمرار ممكنًا.
لم يكن غالبيتهم يملكون سيارات تقلهم، لكنهم كانوا يصرون على الوصول إلى الساحة، يرفعون الشعارات عاليًا، عامان كاملان وهم يفعلون الشيء نفسه، عامان من خطى الصمود والتحدي وقهر الوجع والتعب ، والنبض الصادق، والانتماء الذي لا يضعف.
أبناء وأحفاد .. وقصة تنتقل بين الأجيال
لطالما تكرر مشهد كبار السن وهم يحملون أحفادهم على اعناقهم أو يمسكون بأياديهم في صورة تعكس رمزية الرسالة التي يحرص هؤلاء العظماء أن يورثوها لجيل الغد، صورة تحمل معاني الصمود والتحدي والثبات على المواقف ، وهذا الدور العظيم لكبار السن في المجتمع اليمني يشكل ركيزة إجتماعية وأخلاقية تمتد عبر الأجيال .
ختاماً
لا تحتاج قصص الصمود دائمًا إلى بندقية أو منصة أو قرار سياسي، أحيانًا يكفي شيخ تجاوز السبعين، يمسك بعصاه، يمشي خطوة خطوة ، ليقول للعالم إن اليمني، مهما أرهقته الظروف، يظل قادرًا على الوقوف.
وتكفي هذه الخطى المرتجفة، التي وثّقتها عيون المشاركين ووسائل الإعلام ، أنها أصبحت جزءًا من التاريخ الشعبي للمليونيات التي شهدتها اليمن خلال العامين الماضيين.