18 مليار دولار لمترو بغداد: هل سينهي الأزمة المرورية أم يزيد الفساد؟
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
يوليو 28, 2024آخر تحديث: يوليو 28, 2024
المستقلة/- تسلم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم الخميس الماضي، اعتماد ائتلاف الشركات العالمية الفائزة بالفرصة الاستثمارية لمشروع مترو بغداد، الذي من المتوقع إنجازه بحلول عام 2028. يُعتبر هذا المشروع الحيوي خطوة كبيرة نحو إنهاء الاختناقات المرورية في العاصمة العراقية، كما أنه يعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، الدكتور مظهر محمد صالح، في حديثه لـ”الصباح” تابعته المستقلة، إن اعتماد ائتلاف الشركات الفائزة بمشروع مترو بغداد يؤكد دقة السير في تنفيذ البرنامج الحكومي وأولوياته، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تسير بخطى واثقة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية وفق خطط تنفيذية دقيقة. وأكد أن عام 2024 سيكون عاماً للإنجازات المتسارعة، خاصة في مجال تحريك مشاريع البنية التحتية مثل مشروع مترو بغداد، الذي طال انتظاره لمدة 45 عاماً.
تفاصيل المشروع والتحالف الفائزوأوضح مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل، ناصر الأسدي، أن التحالف الفائز بمشروع مترو بغداد يتألف من تسع شركات عالمية متخصصة في أعمال المترو، بتكلفة تقديرية تبلغ 18 مليار دولار. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع في غضون أربع سنوات، وسيمر القطار بنسبة 85% من مناطق العاصمة، مما سيحل أزمة النقل بشكل كبير ويعزز من مكانة بغداد كمدينة حديثة ومتطورة.
الأثر الاقتصادي والاجتماعيوأشار المختص في شؤون تنمية القطاع الخاص والمالي، الدكتور عقيل جبر المحمداوي، إلى أن الشركات التي تم اعتمادها فازت بالفرصة الذهبية لتصميم وتنفيذ المشروع، والذي تم اختيارها بناءً على معايير وضوابط دقيقة. وأكد المحمداوي على ضرورة إدراج هذا المشروع ضمن رؤية تنمية العراق 2030، مع تخصيص تصميم مميز يحاكي مكونات استراتيجية التنمية المؤملة والمخططة في بغداد والعراق.
تعزيز الثقة بين المستثمرين والبيئة الاقتصاديةوأضاف المحمداوي أن المشروع سيسهم في بث روح جديدة لكسب ثقة المستثمرين المحليين، وإعادة تنظيم رأس المال الأجنبي، وتعزيز الثقة المتبادلة مع المستثمرين. كما سيعمل على بناء مناخ اقتصادي مناسب لبنية استثمارية سليمة، مما يعزز من استقرار واستدامة التنمية الاقتصادية في العراق.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: مترو بغداد
إقرأ أيضاً:
طريق التنمية وميناء الفاو يعيدان رسم خرائط التجارة الإقليمية
في لحظة مفصلية من تاريخ العراق الاقتصادي، يبرز مشروع طريق التنمية وميناء الفاو الكبير كأكبر محاولة إستراتيجية لإعادة تموضع العراق في قلب حركة التجارة العالمية.
لا يقتصر المشروع على كونه خطة محلية لتطوير البنية التحتية، بل هو محور جيو-اقتصادي إقليمي، يربط مياه الخليج الدافئة بعمق السوق الأوروبية الباردة، مرورًا بالأراضي العراقية والتركية، ويملك المشروع ما يؤهله ليكون إحدى أهم القنوات الجافة البديلة لقناة السويس خلال العقدين المقبلين.
بدأ العراق، الذي ظل لعقود مرتهنًا لريع النفط، يخطو نحو موقع جديد كدولة عبور تربط الموانئ الخليجية بأوروبا عبر طريق بري وسكة حديد تمتد من ميناء الفاو في البصرة جنوبًا حتى الحدود التركية شمالاً، بطول يزيد على 1200 كيلومتر.
سيختصر الطريق، الذي وصفه بعض الخبراء بـ"طريق الحرير الجديد"، زمن نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا من 33 يومًا إلى نحو 15 يومًا، وهو تقليص زمني كفيل بخفض التكاليف اللوجستية بنسبة تصل إلى 40% وفق تقديرات أولية.
وسيكون ميناء الفاو، الذي يعتبر أضخم مشروع بحري يشهده العراق منذ تأسيس الدولة الحديثة، نقطة الانطلاق، وقد وصلت نسب إنجاز الأعمال فيه، وفق بيانات رسمية حتى منتصف 2025، إلى أكثر من 90% في البنى التحتية الأساسية، ويشمل ذلك قناة ملاحية بطول 22 كيلومترًا، ونفقا بحريا يُعد الأطول في الشرق الأوسط.
ومن المقرر أن يبدأ التشغيل الجزئي للميناء في 2026 بطاقة أولية تبلغ 3.5 ملايين حاوية، على أن تصل إلى 25 مليون حاوية في مراحله المتقدمة.
وما يميز هذا المشروع ليس فقط موقعه الجغرافي، بل أيضًا حجم ومستوى الشراكات الإقليمية التي تدعمه، ففي أبريل/نيسان 2024، وقّع كل من العراق، وتركيا، وقطر، والإمارات اتفاقا رباعيا يعتبر بمثابة الأساس التنفيذي والمالي لطريق التنمية، ولم يكن الاتفاق مجرد بيان نوايا، بل انعكاس لرؤية اقتصادية مشتركة تؤمن بأن تعزيز الترابط الإقليمي ليس ترفًا، بل ضرورة لمواكبة تحولات الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد العالمية.
إعلانوتعبر مشاركة تركيا ودول الخليج في هذا المشروع عن تحول نوعي في فلسفة الاستثمار في المنطقة، من التركيز التقليدي على العقارات والطاقة إلى الاستثمار في البنى التحتية العابرة للحدود، وهذا لا يخدم العراق فحسب، بل يوفر لدول الخليج ممرا إستراتيجيا بديلا عن الطرق البحرية المكتظة والمهددة بالتوترات الجيوسياسية، ففي حال حدوث أي اختناق بحري، سيكون طريق التنمية خيارا آمنا وفعالا لنقل البضائع الخليجية إلى الأسواق الأوروبية.
وتتجاوز عائدات المشروع المحتملة الأبعاد المالية المباشرة، فبحسب نماذج اقتصادية محلية:
يمكن أن يحقق المشروع ما يزيد على 4 مليارات دولار سنويا من الإيرادات غير النفطية بحلول عام 2040 يولد أكثر من 100 ألف فرصة عمل في مجالات النقل، والخدمات اللوجستية، والصناعة، والتخزين، والرقمنة يتوقع أن يسهم المشروع في زيادة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة تراكمية تصل إلى 15–18% خلال العقد المقبل، ما يعني إعادة صياغة هيكل الاقتصاد العراقي لصالح التنوع والاستدامة.أما بالنسبة لتركيا ودول الخليج، فإن الاستثمار في هذا المشروع:
يعزز من أمنها الاقتصادي والتجاري على المدى الطويل. يمنحها دورا أكبر في التفاعل مع السوق الأوروبية ليس فقط كمصدرين للطاقة، بل كشركاء في منظومة نقل وسلاسل توريد متكاملة. يفتح آفاقا جديدة لتصدير الصناعات الخليجية غير النفطية نحو أوروبا وآسيا الوسطى عبر العراق. يمنح المستثمرين الأتراك والخليجيين فرصًا للدخول في قطاعات اللوجستيات والمناطق الاقتصادية الحرة المزمع إنشاؤها على امتداد الطريق.صحيح أن المشروع يواجه تحديات، منها الجوانب الأمنية في بعض المحافظات العراقية، والمخاطر السياسية الناتجة عن أي توترات إقليمية، إلا أن التصميم العراقي الحالي، مدعومًا بالإرادة الخليجية، يمثل فرصة حقيقية لقلب معادلات الجغرافيا الاقتصادية لصالح منطقة لطالما وصفت بأنها منطقة توتر أكثر من كونها منطقة عبور وتكامل.
وطريق التنمية وميناء الفاو ليسا مشروعا محليا، بل هو مشروع إقليمي بامتياز:
تستفيد منه دول الخليج وتركيا عبر بوابة العراق. يستفيد منه العراق عبر دعم استثماري وتمويلي وخبراتي خليجي. تستفيد منه تركيا كمحطة عبور إلى أوروبا. تستفيد منه أوروبا نفسها كخيار بديل وآمن في ظل تصاعد التوترات في الممرات البحرية.إننا أمام بنية جديدة للتكامل الاقتصادي العربي-التركي-الأوروبي، والعراق في قلب هذه المعادلة.
من هنا، فإن نجاح المشروع لا يجب أن يقاس فقط بمؤشرات الإنجاز الإنشائي، بل بالقدرة على استثمار هذا المشروع لإعادة تموضع العراق على الخريطة الاقتصادية العالمية.
ولم يعد العراق مجرد حقل نفطي، بل ممر إستراتيجي تتقاطع فيه مصالح آسيا والخليج وأوروبا، وإذا أُحسن استغلاله، فقد يكون هذا الطريق هو الجسر الذي ينقل العراق من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد المشاركة في الإنتاج والنقل والتوزيع.