لجريدة عمان:
2025-07-12@15:59:35 GMT

إنسانية العالم في خطر كبير

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

إنسانية العالم في خطر كبير

Your browser does not support the audio element.

رغم أن القضية الفلسطينية في أساسها قضية عربية إسلامية مرتبطة في كثير من أجزائها بالجوانب الدينية والعقدية، إلا أنها مع الزمن خرجت من إطارها الجغرافي العربي لتكون قضية دولية تُبحث، ولو على استحياء، في المنظمات العالمية. لكن القضية بعد السابع من أكتوبر 2023 أخذت بعدا إنسانيا فوق الجغرافيا وفوق الأطروحات الدينية أو المناظير العقدية التي يُنظر من خلالها إلى القضية.

لا يمكن اليوم فصل ما يحدث في قطاع غزة عن إنسانية الإنسان أينما كان موقعه من الجغرافيا أو أيا ما كان اعتقاده الديني. إن مشهد قتل الأطفال والنساء والمدنيين بالجملة في قطاع غزة مشهد تُعنى به الإنسانية بامتياز، ومساءلة هذا الفعل لا بد أن تكون إنسانية قبل أن تكون سياسية، وهذا يعني أن الجميع مسؤول عن هذه المساءلة وعن تطبيق القانون إن كنا نؤمن أنه وُضع لحماية الإنسانية بشكل فردي أو جماعي؛ فالجُرم الذي نشاهده لا يقع على الفلسطينيين في قطاع غزة فقط، إنما يقع على إنسانيتنا جميعًا، إنسانيتنا في سلطنة عُمان أو في أمريكا أو في بريطانيا أو في السويد أو الصين أو أستراليا أو غيرها من البلدان، وحتى في إسرائيل نفسها، فليس كل سكان الأراضي المحتلة سعداء بما تفعله آلة القتل الخاصة بجيش الاحتلال بما في ذلك «اليهود» أنفسهم الذين يطالب بعضهم بوقف هذه الحرب.

إن قتل الأطفال الخدّج في المستشفيات، وقتل المدنيين في الشوارع وتجويع الشيوخ والنساء بالطريقة التي يشاهدها الجميع في شمال غزة وجنوبها، وقنص الأمهات والآباء الذين خرجوا للبحث عن أي طعام يبقيهم وأطفالهم يومًا آخر على قيد الحياة، كل تلك الأفعال منافية للإنسانية قبل أن تكون منافية لقواعد الحرب وسلوكياتها، أو هو- بمعنى أكثر دقة- وصمة عار في جبين الإنسانية، وهذا السياق أكبر وأهم من أن نقول: إنه تجاوز لقواعد القانون الدولي أو لقواعد الاشتباك في الحروب، وهذا أدعى لأن تنتفض من أجله الإنسانية جمعاء لأنه يضرب في جوهرها وفي كينونتها ووجودها ومنجزها.

إن إسرائيل بهذا المعنى وبهذه الصورة التي بات يعرفها الجميع اليوم تضرب كل قيم الإنسانية، وتقوضها، وتحاربها، بل وتغتالها بدم بارد أمام الجميع، وفي تحدٍ للجميع وليس للفلسطينيين والعرب وحدهم. وردة الفعل على هذه الجرائم لا بد أن تكون إنسانية ومن منطلق إنساني شامل لا من منطلق جغرافي أو أيديولوجي محدود.

وصف نتانياهو أمام الكونجرس الأمريكي الأسبوع الماضي حرب إبادته الجماعية في قطاع غزة بأنها حرب «حضارية» ضد «البربرية»، وسبق أن كررها في كل خطاباته منذ بداية الحرب. ولم يكن غريبا أن يقول نتانياهو ذلك، ولكن المفاجئ أن يقوله أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي، وهم كبار المشرعين في أمريكا وعلى مستوى كبير من الوعي السياسي والثقافي والتاريخي. والمفاجئ أكثر أن الجميع صفّق وبشدة مؤيدا لوصف نتانياهو الذي كان فيه الكثير من الاستخفاف بإنسانية الحضور إن لم يكن بإنسانيتنا جميعا. فلا يمكن أن يقول قائل: إن الإبادة الجماعية أو إن قتل الأطفال والنساء فعل حضاري جاء ضد البربرية رغم ما في استخدام هذا المصطلح من تحيّز ثقافي وتاريخي!!

ويعرف المشرعون في الكونجرس الأمريكي وبينهم من هم على مستوى مفكرين أن طرح ثنائية «الحضارة» و«البربرية» هو خطاب سياسي يستخدم منذ الأزل لتسويغ الأعمال العسكرية، وتشكيل سردية يؤمن بها الرأي العام للإمعان في تشويه الآخر وشيطنته وتسويغ العنف وتحفيز الدعم سواء كان شعبيا أو دوليا.

إن العالم أجمع مطالب في هذه اللحظة التاريخية أن يراجع قيم إنسانيته وحساسيته تجاه كل ما يحدث في العالم ليس في قطاع غزة، وإن كانت في المقدمة، ولكن ضد الظلم والطغيان وغياب العدل والعنف والاستبداد في كل مكان.

ما يحدث في غزة هو ذروة كل ذلك، ذروة الظلم والطغيان وغياب العدالة والاستبداد بالقوة والاستبداد بالسرديات، وتوظيف مؤسسات النظام العالمي لصالح المستبد، وتوظيف الكثير من البشر من أجل التصفيق للظلم ونصرته. إن إنسانية العالم في خطر كبير، فلا تتركوها تتلاشى فإن في تلاشيها «الظلام» الذي تحدث عنه نتانياهو.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة أن تکون

إقرأ أيضاً:

إدريس: الفاشر تموت أمام مرأى ومسمع العالم.. و”الدعم السريع” يعرقل وصول المساعدات الإنسانية

متابعات- تاق برس – قال رئيس مجلس الوزراء السوداني كامل إدريس إن ما يجري في الفاشر من حصار وقصف ليس مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة كبرى تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم.

وأضاف أنه يتابع ببالغ الغضب والألم والمسؤولية الكارثة الإنسانية المتفاقمة في مدينة الفاشر، حيث يعيش ملايين المدنيين الأبرياء تحت حصار خانق وغير إنساني تفرضه قوات الدعم السريع، في واحدة من أبشع صور الابتزاز الجماعي والتجويع الممنهج في التاريخ المعاصر.

 

وعبر رئيس الوزراء في بيان أصدره، اليوم الجمعة، عن تقديره العميق وتضامنه غير المحدود مع صمود المدنيين العزل في مدينة الفاشر، نساءً وشيوخاً وأطفالاً، الذين أثبتوا للأسرة الدولية أن الكرامة الإنسانية لا تُشترى ولا تُقهر، رغم ما يتعرضون له من حصار غاشم وممارسات وحشية تفتقر إلى أدنى درجات الأخلاق والرحمة والإنسانية.

 

وحيا إدريس القوات المسلحة، والقوات النظامية الأخرى، والقوات المشتركة، وكل القوات المساندة والمستنفرين، في تصديهم واستبسالهم في الدفاع عن مدينة الفاشر والمدنيين العزل.

 

وأكد أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجريمة البشعة، وأنه سيبذل كل ما في وسعه – سياسياً ودبلوماسياً وإنسانياً – لكسر هذا الحصار الظالم وتأمين وصول الإغاثة العاجلة إلى المدنيين في الفاشر، الذين يواجهون التجويع الممنهج الذي سببه حصار المدينة وسط صمت دولي مخزٍ.

 

وناشد رئيس الوزراء الأمين العام للأمم المتحدة، والهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية، بالتحرك الفوري للضغط على الدعم السريع من أجل فتح الممرات الإنسانية، والتوقف عن استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين، وهو ما يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الإنساني الدولي.

 

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه يذكر المجتمع الدولي بأن قوات الدعم السريع هي الجهة الوحيدة التي تتحدى وترفض تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2736، رغم الترحيب العلني من قبل الحكومة السودانية، وموافقة رئيس مجلس السيادة مؤخراً على الهدنة استجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، مما يكشف بوضوح الجهة التي تعيق وصول المساعدات الإنسانية وتتحمل مسؤولية ما يجري من تجويع وترويع ممنهج بحق المدنيين الأبرياء العزل.

 

وأهاب بالمنظمات الدولية والحقوقية تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، ويحذر من أن استمرار الصمت على هذه الجرائم، بما في ذلك تصفية المدنيين الفارين من جحيم الحصار والقصف في الفاشر.

 

 

وأكد أن التدمير الممنهج والقصدي للمستشفيات أدى إلى توقف عملها نتيجة هجمات الدعم السريع بالطائرات المسيّرة الانتحارية والاستراتيجية، مما يهدد حياة ملايين المدنيين.

الدعم السريعرئيس الوزراء السوداني كامل إدريسكامل إدريس

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: نقص الوقود في غزة يهدد بوقف العمليات الإنسانية
  • تعنت إسرائيلي وكارثة إنسانية| تعقيدات أمام الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار في غزة
  • إدريس: الفاشر تموت أمام مرأى ومسمع العالم.. و”الدعم السريع” يعرقل وصول المساعدات الإنسانية
  • مدير الإغاثة الطبية: «الوضع الإنساني كارثي.. ومؤسسة غزة الإنسانية تمارس قتل المواطنين»
  • مهند شعبان: ذهبية التتابع بالخماسي الحديث ثمرة تعب كبير رغم الإصابة
  • الأمم المتحدة: ارتفاع ضحايا المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى 798 شخصًا
  • شاهد.. لفتة إنسانية من رئيس باريس سان جيرمان تجاه طفل أصيب في المدرجات
  • الاتحاد الأوروبي: إسرائيل وافقت على تسهيلات إنسانية لغزة والتنفيذ وشيك
  • عواصف وأحداث مأساوية تهز العالم.. زلازل وجرائم غامضة وأزمات إنسانية
  • كرة القدم كيف يمكن أن تكون بهجة الشعوب وجوهرة الفنون؟!