ملتقى الصداقة العماني الصيني يناقش استثمار العمق التاريخي للعلاقات بين البلدين
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
ناقش ملتقى الصداقة العُماني الصيني استثمار العمق التاريخي للعلاقات بين البلدين الصديقين لبناء مسارات المستقبل المشترك، وبحث محددات التعاون الثنائي بمشاركة عددٍ من المختصين والخبراء.
جاء ذلك خلال النسخة الثانية من الملتقى "نحو مسارات تعاون تمهِّد للمستقبل المشترك"، تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار بفندق هيلتون صلالة اليوم.
وألقى حاتم بن حمد الطائي الأمين العام للملتقى كلمة أشار فيها إلى حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والصين والذي تجاوز أكثر من 40.45 مليار دولار أمريكي فيما بلغت الاستثمارات الصينية في سلطنة عُمان ما يزيد على 6.6 مليارات دولار ويستحوذ قطاع الطاقة والبتروكيماويات على 76 بالمائة من هذه الاستثمارات.
وأضاف الطائي إن العامين الماضيين شهدا زيادة في المشروعات الاستثمارية الصينية في سلطنة عُمان التي من بينها ضخ نحو 230 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروعات في المنطقة الحرة بصلالة إلى جانب سلسلة جهود ثنائية واعدة للغاية في مشروعات الطاقة المتجددة، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر.
وقال سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العمانية الصينية: نعتز في سلطنة عمان بعمق وقدم علاقتنا مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة والتي تمتد آلاف السنين وتتجذر وتنمو باستمرار بالاهتمام المباشر الذي توليه القيادة الرشيدة في كلا البلدين الصديقين لتلك العلاقة بما يخدم المصالح المشتركة ويعود بالنفع والخير على الشعبين من خلال تعظيم التبادل التجاري والاقتصادي وتشجيع الاستثمار.
وأشار السعيدي إلى أن تنظيم الملتقى يعد فرصة لطرح وتبادل الأفكار والآراء التي من شأنها إيجاد آفاق جديدة في مجالات التعاون بين البلدين حيث إن العلاقات العمانية الصينية تزهو بما سطره التاريخ وما جاء على لسان المؤرخين الصينيين من ذكر في محطات مهمة على مستوى التبادل التجاري والحضاري.
وأوضح الشيخ الدكتور عبد الله بن سالم السعيدي سفير سلطنة عمان السابق لدى جمهورية الصين الشعبية أن العلاقات العمانية الصينية تتسم بالتنوع والشمولية حيث تمتد لتشمل التعاون في مجالات عديدة مثل: الطاقة، والبنية الأساسية، والتكنولوجيا، والسياحة، والثقافة مشيرا إلى أن هناك زيارات رسمية متبادلة بين القادة والمسؤولين من البلدين خلال السنوات الماضية ما يعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون والشراكة.
وأضاف: يجب أن نعمل على تعزيز الشراكات الاقتصادية من خلال زيادة الاستثمارات المتبادلة وتوسيع التبادل التجاري فيُمكن لسلطنة عمان أن تستفيد من الخبرات الصينية في مجالات التكنولوجيا والابتكار بينما يمكن للصين أن تستفيد من موقع عمان الاستراتيجي كبوابة إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
وأشار السعيدي إلى أهمية التبادل الثقافي والعلمي إذ يفرض الواقع ضرورة تعزيز التبادل الثقافي والعلمي بين البلدين من خلال برامج التبادل الطلابي والبحث العلمي والتعاون الأكاديمي فيُمكن لهذه الجهود أن تسهم في تعزيز الفهم المتبادل والتقارب بين الشعبين كما يجب أن نسعى لتنظيم فعاليات ثقافية مشتركة ومعارض فنية، وتشجيع التبادلات الأكاديمية التي تسهم في تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية.
كما تطرق إلى التعاون في مجالات الطاقة والبيئة التحديات البيئية والاحتياجات المتزايدة للطاقة والتي تستدعي تعزيز التعاون في هذا المجال حيث يمكن للبلدين أن يتبادلا الخبرات في مجالات الطاقة المتجددة والاستدامة البيئية فيمكن لعمان أن تستفيد من التكنولوجيا الصينية المتقدمة في مجال الطاقة الشمسية والرياح بينما يمكن للصين أن تستفيد من التجارب العمانية في مجال استخراج النفط والغاز.
من جانبه قال المستشار وانغ شيو هونغ القائم بأعمال سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عمان إن مدينة صلالة الجميلة لها أهمية خاصة للصداقة الصينية العمانية فهي محطة تاريخية مهمة للتبادلات بين البلدين عبر طريق الحرير البحري القديم قبل 600 عام، فقد قام البحار الصيني المشهور تشنغ خه وأسطوله الضخم بعده زيارات إلى صلالة حيث أحضر معه الحرير والخزف الصيني وعاد معه باللبان والتوابل العمانية.
وأكد المستشار وانغ شيو هونغ أن هذا العام تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين ونجد هذا في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية والاهتمامات الرئيسية المشتركة لكل منهما حيث إن الصين تقدر لسلطنة عمان مواقفها الثابتة في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي وتظل الصين أكبر شريك تجاري وأكبر مستورد للنفط الخام لعمان، حيث بلغ حجم التجارة بين الصين وسلطنة عمان في الفترة من يناير إلى مايو 2024 أكثر من 15 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 8%.
وأوضح أن الجهات المعنية بين البلدين نظمت عدة ندوات ومؤتمرات حول تشجيع وترويج الاستثمار وتكاثفت الزيارات للشركات الصينية ورجال الأعمال الصينيين إلى عمان للبحث عن فرص التعاون ونفذت عديد من المشاريع الكبرى في مجالات الطاقة الجديدة وصناعة التعدين وتوليد الكهرباء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وأضاف وانغ شيو هونغ إن مجالات الثقافة والتعليم والصحة قد حققت تبادلات وتعاونا إيجابيا بين البلدين فقد تم توقيع مذكرة تفاهم بين اللجنة الوطنية الصينية للصحة ووزارة الصحة العمانية على هامش جمعية الصحة العالمية الـ77 وفي أبريل الماضي قام أكثر من 50 طالبًا وطالبة من الجامعات والكليات بسلطنة عمان بالسفر إلى الصين للمشاركة في مخيم الربيع التابع لـبرنامج "جسر اللغة الصينية" حيث تعلم الطلبة المشاركون اللغة الصينية وتعرفوا على الثقافة والعادات والتقاليد بشكل عميق.
تناولت أعمال الملتقى جلسات حوارية بعنوان جسـور جديدة لتعزيز الروابـط الثنائية والعلاقات العُمانية الصينية والتعاون متعدد الأبعاد بالإضافة إلى استشراف مستقبل التقارب بين عُمان والصين.
كما تضمن الملتقى عرض تجربتين تمثل نموذجين للعلاقات المتبادلة بين البلدين، الأولى قدمها الدكتور فارح بن عامر الحمر، خريج الطب العام من جامعة بكين، والحاصل على ماجستير طب العيون من جامعة داليان الطبية، مساعد استشاري في عمليات قسطرة القلب بمستشفى السلطان قابوس مركز طب وجراحة القلب بصلالة، فيما قدمت التجربة الثانية تميمية سعيد بيت سعيد استعرضت خلالها تجربتها الطلابية في جمهورية الصين الشعبية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جمهوریة الصین الشعبیة التبادل التجاری أن تستفید من بین البلدین سلطنة عمان فی مجالات سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
احتفاء بالمواسم العمانية
خلال إجازة عيد الأضحى المبارك، حضرت عددا من الفعاليات التي تُقام سنويا فـي قريتي والقرى المجاورة لها منها ما يخص الصغار، مثل «العيود»، ومنها ما يخص الكبار كالمهرجانات الشعبية التي تستعرض الفنون التقليدية العُمانية مثل «الرزحة» و«العازي» وسباقات الخيل، إلى جانب احتفالات أخرى مرتبطة بالعادات العُمانية المتأصلة فـي المجتمع، مثل صلاة العيد فـي أجواء روحانية مفعمة بالسكينة، وزيارات الأقارب والأرحام، وما يتلوها من فعاليات أن صحت تسميتها بالفعاليات كالمشاكيك والتنور وما يصاحبها من طقوس وعادات تعود إلى أعماق الزمن العماني القديم. هذه العادات والتقاليد والفعاليات فـي مناسبات الأعياد لفتت انتباه محبي توثيق الفنون التراثية، خصوصا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي داخل سلطنة عمان وخارجها؛ حيث ساهموا فـي نشر تلك العادات وتعريف العالم عليها وأصبح الكثيرون يتسابقون على حضور العيد فـي عُمان لما تحمله هذه الفترة من ميزات وعادات جميلة نادرة الوجود فـي كثير من دول العالم.
هذا هو المدخل الذي قادني لكتابة هذا المقال حول الاحتفاء بالمواسم والاحتفال بها، خاصة أن دول العالم أجمع تحتفـي بمواسمها الخاصة التي تميزها، وتقيم لها احتفالات عامة كبيرة تتبناها الدولة، ويسافر لها الناس من مختلف بقاع الأرض لحضور هذه الاحتفالات. نذكر من أشهر هذه الاحتفالات مهرجان الزراعة فـي الهند، حيث تحتفل القرى بموسم الحصاد بالرقص والأغاني، ومهرجان الطماطم فـي إيطاليا الذي يجذب آلاف الزوار لمعارك الطماطم الملونة، ومهرجان الكرز فـي اليابان، بالإضافة إلى مهرجان الألوان «هولي» فـي الهند، ومهرجان الفوانيس فـي الصين، فضلا عن احتفالات الحصاد فـي دول عديدة مثل مهرجان الذرة فـي المكسيك، وغيرها من المواسم التي تحكي قصص الأرض وشعبها. وفـي سلطنة عمان لدينا تقويم حافل طوال العام لمواسم احتفالية فـي الزراعة والحصاد والأعياد والمناسبات الدينية والثقافـية والتراثية متنوعة بين الشتاء والصيف والخريف والربيع مثل موسم الخريف فـي محافظة ظفار ويتبعه موسم الصرب وموسم صيد السردين وموسم قطف الورد فـي الجبل الأخضر وموسم النيروز احتفالا بمواسم الحصاد فـي عدد من ولايات السلطنة الساحلية ومواسم القيض والحصاد والزراعة والكثير من المناسبات الدينية كالمولد النبوي والتهلولة والقرنقشوه والمناسبات الوطنية كالأعياد الوطنية وغيرها الكثير التي قد لا تحضرني فـي هذه الساعة لكنها مواسم موجودة ومتعارف عليها عند العمانيين.
إن مثل هذه المواسم والاحتفالات لا يجب أن تُعامل كموروث محلي عابر أو تقليد اجتماعي فحسب، بل ينبغي الالتفات إليها كأدوات فاعلة من أدوات «القوة الناعمة» لسلطنة عمان، فهي تملك قدرة عالية على لفت أنظار العالم إلى عمق الهوية الوطنية وتفرد الثقافة المحلية. كما أنها تشكل عامل جذب سياحي واقتصادي مهم، حيث تُسهم فـي استقطاب الزوار من داخل السلطنة وخارجها، وتدفع عجلة النشاط التجاري من خلال الإقبال على الأسواق والمنتجات المحلية، ورفع معدلات الإشغال فـي الفنادق والمنشآت السياحية. علاوة على ذلك، فإنها تتيح للأهالي والمجتمعات فرصة للاحتفال، والالتقاء، والتجديد، وتوفـير متنفس نفسي واجتماعي يُعزز من التلاحم المجتمعي ويُشجع على الفخر بالهوية والتراث.
ولذلك، فإن الاستثمار فـي هذه المواسم، من خلال تنظيمها بشكل احترافـي وتسويقها إعلاميا وسياحيا على نطاق واسع، من شأنه أن يفتح آفاقا واسعة للتنمية المستدامة فـي قطاعات السياحة والثقافة والاقتصاد، ويُسهم فـي رسم صورة مشرقة لعُمان فـي أعين العالم، بوصفها وجهة غنية بتنوعها الطبيعي وثرائها الثقافـي وروحها الأصيلة.
إنها دعوة لاستكشاف مواسم عمانية أكثر واستغلالها بشكل مبتكر ففـي كل عادة متوارثة تكمن الفرصة لتعزيز السياحة المحلية والعالمية وتنشيط الاقتصاد المحلي وإثراء المجتمع والتعريف الهوية الوطنية للأجيال والحفاظ على الموروث المحلي وبناء جسور ثقافـية مع الآخر.