من الخرطوم إلى كريت اليونانية..لاجئو السودان يبحثون عن حياة آمنة في أوروبا
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
بعد أن مزق صاروخ منزله في الخرطوم، لم يجد بحر الدين يعقوب أمامه سوى الفرار من السودان بحثًا عن ملاذ آمن، توجه نحو مصر، لكنه سرعان ما اصطدم بواقع اقتصادي صعب وتشديد أمني على اللاجئين، فاضطر لمواصلة رحلته عبر طرق التهريب الصحراوية إلى ليبيا، ومن هناك خاض غمار البحر إلى جزيرة كريت اليونانية. اعلان
يعقوب، البالغ من العمر 25 عامًا، ليس حالة فردية، بل هو جزء من موجة صغيرة ولكن متزايدة من اللاجئين السودانيين الذين قرروا مغادرة مصر إلى ليبيا، بدلًا من العودة إلى وطن تمزقه الحرب منذ أبريل 2023، حسب ما أفاد به لاجئون ومهربون وعمال إغاثة وناشطون.
ورغم أن حركة عبور عشرات الآلاف من السودانيين نحو ليبيا موثقة، إلا أن هذه الظاهرة الجديدة — المتمثلة في مغادرة لاجئين من مصر باتجاه ليبيا — لم تُسلَّط عليها الأضواء من قبل.
ومن هذا السياق تحدثت "رويترز" إلى 32 لاجئًا سودانيًا، معظمهم قالوا إنهم اضطروا لمغادرة مصر بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وواصلوا رحلتهم إلى ليبيا، ومن ثم إلى اليونان وفرنسا.
Relatedواشنطن ترحل 8 مدانين بارتكاب جرائم إلى وجهة غير معلومة وتقارير تتحدث عن جنوب السودانالسودان مأساة لا تنتهي: آلاف النازحين يصلون شمال دارفور هربًا من قوات حميدتي العنف الجنسي في السودان.. خطر دائم على المواطنين في ظل الحربوفي الوقت الذي تزداد فيه أعداد السودانيين المتجهين إلى ليبيا، رغم خطورة الوضع هناك، فإن مزيدًا منهم يحاولون العبور إلى أوروبا، ووفقًا لأرقام أولية صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد ارتفع عدد السودانيين الوافدين إلى أوروبا بنسبة 134% خلال أول خمسة أشهر من عام 2025 مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، حتى مع تراجع إجمالي أعداد المهاجرين القادمين من شمال إفريقيا.
يقول يعقوب: "كان البحر هائجًا، وكانت الرحلة شديدة الصعوبة، لكننا استُنزفنا بالكامل في ليبيا. لم يكن أمامنا خيار، إما أن نعبر أو نموت". وأوضح أنه تعرض للاعتقال وسوء المعاملة على يد السلطات والمليشيات الليبية.
ورغم دعم أوروبا لحرس السواحل الليبي وإعادته للمهاجرين إلى مراكز احتجاز، إلا أن بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة خلصت عام 2023 إلى أن بعض تلك المراكز شهدت ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق المهاجرين.
وصرّح اللواء إبراهيم الأربد، رئيس إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة البطنان شرقي ليبيا، بأن ما بين 20 و25 ألف سوداني دخلوا ليبيا من مصر منذ اندلاع الحرب. وأشار إلى أن العديد منهم يحملون صفة لاجئ في مصر، لكنهم لم يتمكنوا من الاستقرار بسبب الظروف الاقتصادية، مضيفًا أن ما بين 200 إلى 250 سودانيًا يعبرون الحدود أسبوعيًا، مع توقعات بزيادة العدد خلال الصيف.
قيود متزايدة في مصرمنذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فرّ أكثر من 4 ملايين سوداني إلى دول الجوار، منهم 1.5 مليون إلى مصر وحدها، وفقًا لمفوضية اللاجئين.
وفي البداية، سمحت مصر بدخول جميع السودانيين باستثناء الرجال في سن العمل دون تأشيرة، لكنها شددت الإجراءات لاحقًا، ما دفع كثيرين للجوء إلى التهريب. وتقول منظمات إن الحصول على إقامة أصبح معقدًا ومكلفًا، حيث طُلب من اللاجئين إيداع نحو ألف دولار بدءًا من أغسطس 2023، وهو مبلغ لا يقدر عليه معظمهم.
وبحسب ثلاثة محامين مصريين مختصين في قضايا الهجرة، فإن الحكومة شنّت حملة أمنية العام الماضي استهدفت من لا يملكون إقامة، حتى أولئك الحاصلين على صفة لاجئ من الأمم المتحدة. وأشاروا إلى تزايد وتيرة الترحيل بعد صدور قانون اللجوء الجديد في نهاية 2024، والذي نقل صلاحيات البت في طلبات اللجوء من مفوضية اللاجئين إلى السلطات المصرية.
ورغم نفي الحكومة لأي تمييز ضد السودانيين، قالت منظمات حقوقية إن الوضع الجديد زرع شعورًا بانعدام الأمان في أوساط اللاجئين، ودفع كثيرين إلى مواصلة الرحلة رغم المخاطر.
يقول محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات: "عدم قدرتهم على العودة إلى وطنهم، والخوف من الترحيل أو الملاحقة، جعلهم يبحثون عن الأمان خارج مصر، ولو عبر طرق خطرة".
قوارب الهروب من ليبيا إلى أوروبايعقوب غادر الخرطوم بعد أسابيع من اندلاع الحرب، ومرّ بعدة مدن داخل السودان قبل أن يسلك طريق الصحراء إلى مصر، التي وصلها في يناير 2024. وهناك، أمضى أيامًا نائمًا في الشارع بانتظار التسجيل لدى مفوضية اللاجئين، ثم استسلم لواقع البيروقراطية القاسية وانتقل للعيش في شقة صغيرة مع ثمانية رجال سودانيين.
ورغم عمله المتقطع كعامل يومي، إلا أنه ظل مهددًا بالاعتقال بسبب عدم امتلاكه أوراقًا قانونية، فقرر المغادرة نحو ليبيا، وهناك، واجه وضعًا أكثر قسوة، لكنه تمكّن بعد شهرين من ركوب قارب مع نحو 50 مهاجرًا، معظمهم سودانيون، في اتجاه جزيرة كريت.
وفقًا لوكالة فرونتكس الأوروبية، فإن المسار الشرقي للمتوسط — الذي سلكه يعقوب — كان ثاني أكثر المسارات نشاطًا نحو الاتحاد الأوروبي من يناير إلى أبريل 2025. وخلال تلك الفترة، وصل عدد السودانيين العابرين من هذا الطريق إلى 1,469 شخصًا، مقارنةً بـ361 فقط في نفس الفترة من عام 2024.
"أخيرًا شعرت بالأمان في اليونان"، يقول يعقوب من أحد مخيمات اللاجئين قرب أثينا. "إذا منحتني اليونان الأمان والاستقرار، فسأبقى".
ضغوط على أوروبا... واستغلال لورقة الهجرةعلى الجانب الآخر، تقول السلطات المصرية إنها تبذل جهدًا كبيرًا في استضافة ملايين اللاجئين رغم أزمتها الاقتصادية، التي تشمل تضخمًا مزدوج الرقم وأزمة عملة، إلا أن تقارير أوروبية، ومنها تقرير داخلي للمفوضية الأوروبية، أشارت إلى أن اللاجئين لا يستفيدون من برامج الدعم الوطني، وأن عددًا كبيرًا منهم يعاني من انعدام الأمن الغذائي.
وبحسب دبلوماسيين ومسؤولين أوروبيين، تحاول القاهرة الضغط على بروكسل لزيادة المساعدات المالية مقابل كبح تدفق المهاجرين، وقالت عضو البرلمان الأوروبي تينيك ستريك، التي زارت القاهرة في ديسمبر، إن مسؤولًا مصريًا خاطبها قائلًا: "تخيلي لو أخذ حرس الحدود لدينا إجازة لمدة أربعة أسابيع، ماذا سيحدث؟"
وفي مارس 2025، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو لمصر ضمن اتفاق للحد من الهجرة، لكن هذا التوجه أثار انتقادات من منظمات حقوقية، خصوصًا في ظل تصاعد خطاب معاداة المهاجرين في أوروبا واعتماد سياسات تُسرّع عمليات الترحيل ونقل المهاجرين إلى دول طرف ثالث.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل سوريا حركة حماس ضحايا دونالد ترامب غزة إسرائيل سوريا حركة حماس ضحايا دونالد ترامب غزة قوات الدعم السريع السودان ليبيا الهجرة غير الشرعية مخيمات اللاجئين إسرائيل سوريا حركة حماس ضحايا دونالد ترامب غزة بنيامين نتنياهو واشنطن روسيا الحرب في أوكرانيا أحمد الشرع فولوديمير زيلينسكي إلى لیبیا إلا أن
إقرأ أيضاً:
«الأغذية العالمي»: جنوب الخرطوم يعاني الجوع والعوز واليأس
أحمد مراد (جنيف، أبوظبي)
أخبار ذات صلةذكر برنامج الأغذية العالمي، أمس، أن عدة مناطق جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم عُرضة لخطر المجاعة، إذ يفوق حجم الاحتياجات الفعلية الموارد المتاحة في ظل نقص التمويل.
وقال لوران بوكيرا المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في السودان لصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من بورتسودان «مستوى الجوع والعوز واليأس الذي تم رصده شديد ويؤكد خطر المجاعة في تلك المناطق».
وذكر البرنامج التابع للأمم المتحدة أنه وصل إلى مليون شخص في سبعة مواقع بالخرطوم، بعد التمكن من دخول العاصمة السودانية.
وأدى الصراع الدائر في السودان منذ عامين إلى نزوح الملايين وتقسيم البلاد إلى مناطق سيطرة لكل من طرفي الصراع.
وسرد برنامج الأغذية العالمي أمثلة لمناطق يعاني سكانها من جوع شديد، من بينها جبل أولياء، مشيراً إلى تقليص حصص الزيت والبقوليات في توزيعاته الغذائية بسبب مواجهة عجز في التمويل قدره 500 مليون دولار لمساعدات الطوارئ الغذائية والنقدية نتيجة خفض الدول المانحة تمويل العمليات الإنسانية.
وقال بوكيرا: «المكملات الغذائية للأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات بعيدة المنال بسبب نقص الموارد، وبدون دعم عاجل لن نتمكن من إيصال الحزمة الغذائية التي يحتاج إليها السودانيون».
وفي أبريل، أعلن برنامج الأغذية العالمي خفض الحصص الغذائية في المناطق المعرضة لخطر المجاعة إلى 70% من الحصة الغذائية القياسية التي يقدمها البرنامج «أي ما يعادل 2100 سُعر حراري يومياً».
وأضاف البرنامج أنه يقدم المساعدات حالياً لأربعة ملايين شخص في أنحاء السودان.
في غضون ذلك، حذرت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم، ليني كينزلي، من خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية بمستويات غير مسبوقة في السودان، مؤكدة أن الواقع الإنساني في بعض الولايات السودانية مؤلم للغاية، في ظل تفاقم معاناة ملايين المدنيين، بسبب تداعيات النزاع المسلح الدائر في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.
وكشفت كينزلي، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن السودان يواجه أكبر أزمة جوع، لافتة إلى أنه البلد الوحيد عالمياً الذي يُعاني حالة مجاعة، مشددة على أن ملايين السودانيين بحاجة لدعم دولي عاجل.
وأشارت إلى أنه تم تهجير أكثر من 12 مليون سوداني، في العامين الماضيين، من بينهم 4 ملايين فرّوا إلى دول مجاورة، مثل تشاد وجنوب السودان ومصر، موضحة أن الوضع في السودان بات خطيراً للغاية، حيث يضطر ملايين السودانيين، في المناطق الأكثر تضرراً، إلى اتخاذ تدابير يائسة للبقاء على قيد الحياة، لا سيما في الولايات التي تشهد مجاعة.
ونوهت كينزلي بأن برنامج الأغذية العالمي يعمل على مدار الساعة، لتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين، الذين يعانون الجوع بمستويات غير مسبوقة، موضحة أنه في أبريل الماضي، قدم البرنامج الأممي الدعم لأكثر من 4 ملايين شخص، من خلال مساعدات غذائية طارئة، وهي إمدادات حيوية تشكّل طوق نجاة للعائلات المتأثرة بالنزاع.
وقالت المتحدثة باسم برنامج «الأغذية العالمي»، إن الفرق الإنسانية التابعة للبرنامج تمكّنت، خلال الأشهر الماضية، من إيصال الإمدادات الغذائية إلى ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور، بما في ذلك العديد من المناطق التي كانت شبه مغلقة منذ بداية النزاع.
وأضافت أن الجهات المانحة تبذل جهوداً مكثفة لتقديم الدعم للمحتاجين، لكن الاحتياجات الإنسانية هائلة وتتجاوز الموارد الحالية، حيث إن هناك حاجة إلى تمويل عاجل لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، وتحديداً حتى نوفمبر المقبل.