لجريدة عمان:
2025-12-13@20:45:32 GMT

بلاد مات فتيتها لتحيا

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

بقيت البلاد، ورحل الغزاة. ولم تذهب دماؤهم هدرا.

شهدنا وشاهدنا القليل والكثير.

قرن من الشهادة والشهداء الذين وجدوا أنفسهم كأنبل ما يكون في القلوب والكتب؛ فقد بدأ الشهداء يخلدون منذ لحظة الاستشهاد، دخلوا الشعر والقصص والروايات والأفلام والمسرحيات والفن التشكيلي.

وللباحثين أن يستقصوا حضور الشهيد أدبيا وفنيا، حيث صارت الشهادة والاستشهاد جزءا من الذاكرة، وجزءا أصيلا في مجالات الإبداع.

كنا أطفالا بعد بضع سنين على حرب عام 1967، تلك العام التي ولدنا في صيفها الحار، حين تداولنا كلمات شهيد وجريح وأسير، لكن ما سحرنا وقتها، ما ذكره الكبار من أن جثث الشهداء لا تبلى، حيث كنا نسمع لسرديات من كان يجد الشهداء في الجبال، وكيف كان الأهالي حين يقتربون منهم، يجدونهم كما هم، والحديث عن شهداء الجيش العربي الأردني من الجنود الأردنيين والفلسطينيين، الذين جمعتهم أجمل وحدة عربية منذ نكبة فلسطين عام 1948، حتى هزيمة عام 1967.

للطفل فينا أن يبني أخيلته، التي تتوقد في كل مناسبة للحديث عن شهداء فلسطين والعروبة عام 1948، كذلك شهداء عام 1967، ثم لتنشر لوحة الشهيدة لينا النابلسي، طالبة المدرسة، التي رسمها الفنان سليمان منصور، حيث كان لبقعة الدم الأحمر على سنابل القمح الخضراء أثر سحريّ، فكأنها كانت نائمة. سنشهد سقوط الشهداء أطفالا وفتيانا، ثم في انتفاضة عام 1987، كنا في مطلع الشباب ونحن نرى مجايلينا يرتقون شهداء، منهم الأقرباء والأصدقاء، حيث صار بإمكاننا اختبار الرؤية والرؤيا.

في الانتفاضة الثانية، كنت كاتبا ومحررا، واخترت الكتابة عن العديد من الشهداء، وكنت أختار الحديث مع أحد أفراد الأسرة: أب أم أخ أخت، وصديق. ولم تكن لتسلم عيوني من البكاء بمجرد ترك بيت أسرة الشهيد خاصة في ظل الاستماع لتفاصيل اليوم الأخير للشهيد، وكيف كانوا يسردون عن حياته، وعرفت أن الشهداء فعلا أكرم منا جميعا، وأن الله يختار شهداءه.

في حروب غزة، ولبنان، كنا نرى سقوط الشهداء، لكن في هذه الحرب، فقد أصبح الشهداء بعشرات الآلاف، إلى درجة أن هناك أسرا استشهد كافة أفرادها.

استخدم الفلسطينيون مصطلح شهيد منذ زمن الاحتلال الإنجليزي لفلسطين، حيث لم يطلقوا هذا المصطلح على القتلى الفلسطينيين في صفوف جيش الدولة العثمانية كما تفيد بذلك الروايات الشفوية. وكانوا يميلون إلى استخدام كلمة «قتل» أيام الأتراك في حروبهم ضد أوروبا وغيرها، ربما لأن المعارك لم تكن على أرض فلسطين، وربما لأن المقاتلين الفلسطينيين الذين قتلوا في حروب تركيا (الدولة العثمانية) لم يقاتلوا باختيارهم، بل جبرا عنهم، حيث كانوا يساقون إلى «الجهادية» من دون إرادة.

أما في حالة الاحتلال الإنجليزي، فالقتلى الفلسطينيون الشهداء استشهدوا على أرض فلسطين، وباختياراتهم ورغباتهم دون جبر أو ضغط من أحد، بل كان المجاهد الثائر يتعرض للسجن والتعذيب إن عرف أنه من الثوار.

وقد استشهدت أعداد كبيرة من الثوار في معاركهم ضد الاحتلال الإنجليزي، أو ضد العصابات اليهودية (الصهيونية) التي كانت ترفع شعار تأسيس دولة لليهود في فلسطين.

وقد كثر عدد الشهداء في المعارك كما في الأعوام 1929، 1935، 1936، 1937، 1948، بشكل خاص لأنها أعوام ثورات وحروب، ولا ننسى المجازر التي تعرض لها الشعب المخلص مثل مجزرة دير ياسين عام 1948م، وكان ممن استشهدوا عرب من الدول العربية الشقيقة، وقد اشتهر شهداء الجيش العراقي والأردني، وقد تكرس مصطلح شهيد وانتشر بعد احتلال فلسطين كاملة عام 1967م، حيث تحفظ الذاكرة الفلسطينية حالات استشهاد الفلسطينيين وإخوانهم العرب من الأردنيين والمصريين.

وبعد قيام الثورة الفلسطينية، أصبح الشهداء يسقطون باستمرار سواء أكان ذلك من خلال عمليات التسلل أو الحروب مثل حرب الكرامة، ومعارك لبنان عندما أقامت الثورة الفلسطينية هناك خصوصا حرب لبنان عام 1982م التي تدج بمجزرة في صبرا وشاتيلا التي سقط فيها 3 آلاف من الشهداء.

وفي داخل فلسطين، سقط شهداء في فلسطين المحتلة عام 1948م خصوصا شهداء يوم الأرض عام 1976م، وقبل ذلك شهداء كفر قاسم عام 1956م، ثم شهداء انتفاضة الأقصى الثانية (13 شهيدا).

أما في الضفة الغربية وقطاع غزة فقد سقط الشهداء في الإضرابات والمظاهرات والانتفاضات الصغيرة، والانتفاضتين الأولى والثانية التي بلغ عدد الشهداء فيها الآلاف ناهيك عن مجازر قبية، والحرم الإبراهيمي، والمسجد الأقصى.

وكان الشهداء من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ.. ولم يقتصروا على فئة معينة.

ويؤمن الناس أن الله يحفظ جثة الشهيد تكريما له، كما يؤمنوا بأن رائحة المسك تنبعث منه بعد استشهاده.

والشهيد مصطلح تاريخي نشأ بنشوء الإسلام، فهو ميزة للمسلمين الموحدين بالله الذين يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، والشهيد من قتل في سبيل الله ووطنه وشعبه وقيمه وعقيدته، كما أن من يموت بسبب المرض أو الغرق يعد شهيدا، ويستخدم الفلسطينيون لفظة شهيد على كل مناضل فلسطيني وعربي جاهد ضد الاحتلال وسقط بعدها بدون التمييز على أساس الدين، حيث إن المجتمع الفلسطيني يتكون من أغلبية مسلمة وأقلية مسيحية.

والشهادة هي إحدى الحسنيين اللتين وعد الله عبادة المؤمنين بها، وهي بالإضافة للشهادة، النصر.

والشهيد لا يغسل كما الميت العادي، ولا يكفن، بل يدفن بثيابه، وهكذا فعل الفلسطينيون في تاريخهم الحديث والمعاصر.

والشهيد الذي يختار الجهاد في سبيل الله والوطن هو أكثر الناس إيمانا بعدالة القضية التي يجاهد في سبيلها، لذلك فإنه يعلم مسبقا أنه معرض للقتل، ورغم ذلك يستمر في النضال بسبب إيمانه العميق. لذلك فإن الناس يحترمون الشهداء كثيرا، وقد انتشرت عبارة «الشهداء أكرم منا جميعا» في الانتفاضة الأولى والثانية.

ووجود الشهداء الفلسطينيين يمثل دافعا لاستمرار النضال وحمل الرسالة، وتذكيرا بالهدف الذي قام المجاهدون واستشهدوا من أجل تحقيقه.

للباحثين في الحياة تأمل ظاهرة الاستشهاد في فلسطين، وما فيها من دلالات، تحمل الأمل في التحرر، والأمل في الغد؛ ولعلنا هنا نردد ما قاله أحمد شوقي في قصيدته عن دمشق التي تعرضت للعدوان الفرنسي: بلاد مات فتيتها لتحيا وزالوا دون قومهم ليبقوا.

تحسين يقين كاتب فلسطيني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشهداء فی شهداء فی

إقرأ أيضاً:

العاصفة بايرون تصل بلاد الشام.. ماذا ينتظر لبنان؟

كشف الدكتور محمود القياتي، عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، حقيقة تأثير العاصفة "بايرون" على الأحوال الجوية في مصر.

وأوضح القياتي لموقع "مصراوي" أن العاصفة "بايرون" كانت في الأصل منخفضًا جويًا تشكّل فوق اليونان وقبرص، قبل أن يتحرك تدريجيًا نحو بلاد الشام. وأضاف أن قوة المنخفض بدأت تتراجع مع انتقاله شرقًا، ليصبح منخفضًا جوّيًا متعمقًا يؤثر على سوريا ولبنان والأردن، مسببًا أمطارًا غزيرة ورعدية ونشاطًا كبيرًا في الرياح، دون أن يصل إلى حدّ العاصفة، مع زيادة احتمالات السيول بسبب الطبيعة الجبلية لتلك المناطق.

وأشار إلى أن السحب الرعدية المصاحبة عادةً ما تولّد هبات رياح هابطة قوية، تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة ونشاط مفاجئ في حركة الرياح.

وبخصوص تأثير المنخفض على مصر، أكد القياتي أن البلاد تتأثر فقط بأطرافه في طبقات الجو العليا، ما ينتج عنه فرص أمطار متفاوتة الشدة على مناطق السواحل الشمالية والوجه البحري، بينما تكون الأمطار على القاهرة الكبرى خفيفة وعشوائية. وأضاف أن المنخفض يفقد جزءًا كبيرًا من قوته عند اقترابه من اليابسة، إذ يظل أقوى أثناء وجوده فوق البحر، لكنه يضعف تدريجيًا مع دخوله الأراضي المصرية، ما يقلل من تأثيره.

واستبعد خبير الأرصاد أي تأثير جوّي عاصف أو خطير على مصر، مؤكدًا أن الوضع يقتصر على تغيرات جوية محدودة تتماشى مع المعدلات الطبيعية لهذا الوقت من العام. (روسيا اليوم) مواضيع ذات صلة بعد اليونان وقبرص.. هل ستتأثر مصر بالعاصفة "بايرون"؟ Lebanon 24 بعد اليونان وقبرص.. هل ستتأثر مصر بالعاصفة "بايرون"؟ 11/12/2025 14:48:33 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. هذا موعد "عاصفة لبنان" Lebanon 24 بالفيديو.. هذا موعد "عاصفة لبنان" 11/12/2025 14:48:33 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بريطانيا ترفع "هيئة تحرير الشام" من قوائم الارهاب Lebanon 24 بريطانيا ترفع "هيئة تحرير الشام" من قوائم الارهاب 11/12/2025 14:48:33 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 عون تجنّب "العاصفة السياسيّة" وبرودة اميركية حيال فكرة التفاوض مع اسرائيل Lebanon 24 عون تجنّب "العاصفة السياسيّة" وبرودة اميركية حيال فكرة التفاوض مع اسرائيل 11/12/2025 14:48:33 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان عربي-دولي روسيا اليوم القاهرة المصرية العاصفة الشمالي الأردن العليا الشمال قد يعجبك أيضاً حمية عرض حجم الأضرار في لبنان بعد العدوان خلال القمة الاقتصادية العربية-الفرنسية Lebanon 24 حمية عرض حجم الأضرار في لبنان بعد العدوان خلال القمة الاقتصادية العربية-الفرنسية 07:36 | 2025-12-11 11/12/2025 07:36:08 Lebanon 24 Lebanon 24 جامعة البلمند تطلق مشروع AWAIR لتعزيز جودة الهواء في لبنان Lebanon 24 جامعة البلمند تطلق مشروع AWAIR لتعزيز جودة الهواء في لبنان 07:29 | 2025-12-11 11/12/2025 07:29:11 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. ضبط أدوية مهرّبة إلى خارج لبنان Lebanon 24 بالفيديو.. ضبط أدوية مهرّبة إلى خارج لبنان 07:22 | 2025-12-11 11/12/2025 07:22:06 Lebanon 24 Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات 07:14 | 2025-12-11 11/12/2025 07:14:37 Lebanon 24 Lebanon 24 رسامني يواصل متابعة الملفات الإنمائية والخدماتية في البقاع Lebanon 24 رسامني يواصل متابعة الملفات الإنمائية والخدماتية في البقاع 07:09 | 2025-12-11 11/12/2025 07:09:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة المنخفض الجويّ يصل الليلة إلى لبنان... أمطارٌ طوفانيّة وثلوج كثيفة Lebanon 24 المنخفض الجويّ يصل الليلة إلى لبنان... أمطارٌ طوفانيّة وثلوج كثيفة 07:59 | 2025-12-10 10/12/2025 07:59:48 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير استرالي: مع اقتراب الموعد .. هل سينجو لبنان من حرب إسرائيلية جديدة؟ Lebanon 24 تقرير استرالي: مع اقتراب الموعد .. هل سينجو لبنان من حرب إسرائيلية جديدة؟ 10:30 | 2025-12-10 10/12/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تعقيدات شمال الليطاني واحتمالات الحرب Lebanon 24 تعقيدات شمال الليطاني واحتمالات الحرب 10:00 | 2025-12-10 10/12/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 صدور نتائج دورة تطويع ضباط في المدرسة الحربية Lebanon 24 صدور نتائج دورة تطويع ضباط في المدرسة الحربية 14:59 | 2025-12-10 10/12/2025 02:59:42 Lebanon 24 Lebanon 24 تحولات اقليمية تسابق التقدم الاسرائيلي Lebanon 24 تحولات اقليمية تسابق التقدم الاسرائيلي 11:00 | 2025-12-10 10/12/2025 11:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 07:36 | 2025-12-11 حمية عرض حجم الأضرار في لبنان بعد العدوان خلال القمة الاقتصادية العربية-الفرنسية 07:29 | 2025-12-11 جامعة البلمند تطلق مشروع AWAIR لتعزيز جودة الهواء في لبنان 07:22 | 2025-12-11 بالفيديو.. ضبط أدوية مهرّبة إلى خارج لبنان 07:14 | 2025-12-11 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات 07:09 | 2025-12-11 رسامني يواصل متابعة الملفات الإنمائية والخدماتية في البقاع 07:07 | 2025-12-11 توقيف شخصين في سوق الأحد.. ماذا ضبطت قوى الأمن بحوزتهما؟ فيديو محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء 09:14 | 2025-12-01 11/12/2025 14:48:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • 7 شهداء في عدوان إسرائيل على قطاع غزة اليوم
  • ارتفاع عدد شهداء الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 70 ألفا و654
  • حماس: انهيارات المنازل وسقوط الشهداء في غزة امتداد لحرب الإبادة
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • 4 شهداء و 10 إصابات خلال 24 ساعة والحصيلة 70 ألفاً و 373 شهيدا
  • في هذا اليوم.. كلمة لنعيم قاسم
  • العاصفة بايرون تصل بلاد الشام.. ماذا ينتظر لبنان؟
  • ارتفاع عدد شهداء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة إلى 70 ألفا و373 شهيدا
  • السوداني:شهداء الحرب ضد داعش لهم منزلة عظيمة عند الله
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي