منذ حرب 2008/2009 في قطاع غزة، ثم حرب 2012، فحرب 2014، نشأ وضع فلسطيني عموما، ووضع داخل حركة حماس خصوصا، يمكن تسميته بغير الطبيعي، وذلك من دون أيّة حساسية بأيّ شكل جهويّ. فقد أدى تسلّح المقاومة في قطاع غزة إلى تحويله إلى قاعدة عسكرية جبّارة، متمتعة بمستوى عالٍ من الاستقلال والحريّة، بالرغم من الحصار.
أدى هذا الوضع الاستقلالي والعسكري إلى التمييز عن وضع الحركة، خارج القطاع، ولكن دور قيادة الحركة استمرّ بالإشراف على المفاوضات غير المباشرة، حول كل وقف إطلاق النار في الحروب الثلاث (2008/2009، و2012، و2014). ولكن مع طوفان الأقصى، وما اندلع من حرب في قطاع غزة امتدت لعشرة أشهر، فرضا أن تصبح قيادة المقاومة، وعلى رأسها يحيى السنوار، هي من يقود الحرب، ويقرّر سياسة المفاوضات لوقف إطلاق النار. وقد شملت هذه المعادلة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، وإشرافه على سير المفاوضات، وهذا ما فرض عمليا في موضوع الحرب أو شروط أي اتفاق هدنة لوقف إطلاق النار، أن يكون القرار بيد قيادة المقاومة في غزة.
عملية طوفان الأقصى، وما تداعى بعدها من حرب، جعلا المقاومة في مركز المواجهة مع الكيان الصهيوني، وذلك على المستوى الفلسطيني العام، كما على مستوى حركة حماس، كما مركز الوحدة بين حركة حماس وحركة الجهاد، أو بين قيادة كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس، بل والوضع الفلسطيني كله
وبكلمة، إن عملية طوفان الأقصى، وما تداعى بعدها من حرب، جعلا المقاومة في مركز المواجهة مع الكيان الصهيوني، وذلك على المستوى الفلسطيني العام، كما على مستوى حركة حماس، كما مركز الوحدة بين حركة حماس وحركة الجهاد، أو بين قيادة كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس، بل والوضع الفلسطيني كله.
بهذا عمليا أصبحت قيادة المقاومة التي يترأسها يحيى السنوار هي القيادة الوطنية للشعب الفلسطيني، وبذلك في ظل حربٍ، أصبحت مركز الصراع مع العدو الصهيوني، الأمر الذي أوجب أن تلتف حولها قيادات فصائل المقاومة، موضوعيا، كما فعلت غالبية الشعب الفلسطيني. وذلك لتحقيق الانتصار في هذه الحرب المصيرية، وهي السائرة نحو انتصار المقاومة والشعب في قطاع غزة، تحت قيادة على رأسها يحيى السنوار، ومحمد ضيف، وزياد نخالة، مع التأكيد على أهمية المساندة الفعالة التي يمارسها حزب الله واليمن والمقاومة العراقية، وبدعم إيران: محور المقاومة.
وبهذا أيضا، أصبح من غير الطبيعي، ولا سيما بعد استشهاد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ألاّ تتوحّد القيادة الفلسطينية باختيار يحيى السنوار رئيسا لحركة حماس، كما يوحّد موقف الفصائل والنخب الفلسطينية وراء قيادة المقاومة عموما، وخصوصا قائدها يحيى السنوار، على المستوى الفلسطيني.
تكون حماس قالت لهم: ليس السنوار، وليست قيادة كتائب عز الدين القسام في مواجهتكم، وإنما نحن يحيى السنوار، وقيادة كتائب عز الدين القسام، الأمر الذي يعني أن حماس كلها أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحرب في غزة، ليس تأييدا ودعما فحسب، وإنما صارت أقدام الجميع في "الفلقة"، وعلى طريق الانتصار
هذا ما حتمته الحرب في غزة طوال عشرة أشهر، وهو ما عكس الاتجاه العام للشعب الفلسطيني. وهو ما اثبتته تجربة الحرب في ما يتعلق بكفاءة السنوار وقيادة المقاومة وجدارتها، في حرب استثنائية عالمية، لا مثيل لها فلسطينيا.
على أن أهم ما حمله قرار رئاسة يحيى السنوار بالنسبة إلى حركة حماس بالذات، هو البُعد السياسي، والبُعد المقاوم في تحدّي قادة الكيان الصهيوني وأمريكا والغرب. وذلك بتحدي استراتيجيتهم الرامية إلى عزل يحيى السنوار، وقيادة المقاومة في غزة، والاستفراد بهم وقتلهم، باعتبارهم "مجرمي" عملية طوفان الأقصى.
ومن هنا تكون حماس قالت لهم: ليس السنوار، وليست قيادة كتائب عز الدين القسام في مواجهتكم، وإنما نحن يحيى السنوار، وقيادة كتائب عز الدين القسام، الأمر الذي يعني أن حماس كلها أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحرب في غزة، ليس تأييدا ودعما فحسب، وإنما صارت أقدام الجميع في "الفلقة"، وعلى طريق الانتصار.
أما ما يجب توقعه من هذا القرار بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني كله، ولحماس كلها، فهو تصعيداللحرب، وتأكيد على الانتصار المدوّي. وهذا ما سيترجم، تقديرا، بقيادة يحيى السنوار في قابل الأيام والأشهر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حماس يحيى السنوار إسماعيل هنية حماس غزة إسماعيل هنية يحيى السنوار طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیادة المقاومة یحیى السنوار طوفان الأقصى المقاومة فی فی قطاع غزة حرکة حماس الحرب فی فی غزة حرب فی
إقرأ أيضاً:
محللون: غزة لن تتبخر وإسرائيل خسرت أمورا لا يمكن تعويضها
دفع الفلسطينيون في قطاع غزة أثمانا بشرية واقتصادية فادحة خلال الحرب الأخيرة، لكن ما دفعته إسرائيل من تماسكها الداخلي وصورتها العالمية لا يقل فداحة، بل ولا يمكنه تعويضه، كما يقول محللون.
فقد قتلت إسرائيل نحو 55 ألف مدني -أغلبيتهم من النساء والأطفال- خلال 600 يوم من الحرب، ودمرت القطاع بشكل شبه كامل تقريبا، لكنها لم تحقق أهدافها المتمثلة في إنهاء المقاومة واستعادة الأسرى وجعل غزة منزوعة السلاح، كما يقول الخبير العسكري العميد إلياس حنا.
ووفقا لما قاله حنا خلال برنامج "مسار الأحداث"، فقد فشلت إسرائيل في تحقيق المنجزات العسكرية إلى مكاسب سياسية، في حين خسرت صورتها الإستراتيجية عندما باغتتها المقاومة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفشلت في الحسم السريع، وتحولت من الردع العسكري إلى معاقبة المدنيين.
وإلى جانب ذلك، يقول حنا إن إسرائيل ذهبت إلى ساحة قتال أعدتها المقاومة مسبقا وحددت طريقة الحرب فيها، مضيفا أن تل أبيب غيرت تكتيكاتها أكثر من مرة لكن النتائج بقيت واحدة.
فشل سياسي وانقسام سياسي
ولعل هذا الفشل في استغلال النجاحات العسكرية سياسيا هو ما جعل الحرب سببا لانقسام داخلي إسرائيلي غير مسبوق بعدما كانت محط إجماع في بدايتها، كما يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية ساري عرابي.
إعلانولم يعد هذا الانقسام محصورا في جدوى مواصلة هذه الحرب، ولكنه تجاوزها إلى صراع على شكل إسرائيل التي يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية جعلها بلدا دينيا مستبدا يطوف حول شخصه هو، وفق تعبير عرابي.
ولا يمكن لإسرائيل تجاوز تداعيات هذا الخلاف -برأي عرابي- لأنه خلاف على مستقبل إسرائيل التي أسسها آباء علمانيون كملاذ آمن لكل يهودي في العالم، وحددوا طريقة إدارة الصراع مع الفلسطينيين ومع العرب.
فعلى مدار تاريخها كانت هذه الدولة تقدم حياة اليهودي على أي مكسب، في حين نتنياهو واليمين المتطرف يقدمان ما يعتبرانها "أرض إسرائيل" على حياة اليهود، وبالتالي فهم يحاولون ضرب كل ما قامت عليه هذه الدولة، كما يقول عرابي.
وتكمن خطورة هذا الخلاف الإسرائيلي -برأي الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي- في أنه يضرب كيانا لا جذور له، ودائما ما تعامل مع الحروب بجدية لم تعد موجودة اليوم.
خسارة لا يمكن تعويضها
لذلك، يرى مكي أن غزة دفعت ثمنا بشريا واقتصاديا هائلا خلال هذه الحرب، لكنه يرى أيضا أن "إسرائيل هي الأخرى دفعت أثمانا سياسية واجتماعية باهظة بعدما تمرد عليها الأوروبيون، وأصحبت الولايات المتحدة تتعامل معها كعبء".
كما خسرت إسرائيل أيضا -والحديث لمكي- من خلال تجميد اتفاقات التطبيع لأجل غير مسمى، فضلا عن طلب المحكمة الجنائية الدولية توقيف نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
ومع الاعتراف بأن لكل حرب أثمانها التي يجب دفعها -يضيف مكي- "سنجد أن المقاومة الفلسطينية حققت نجاحا سياسيا كبيرا خلال هذه المواجهة التي صمدت فيها 600 يوم، ووصلت إلى التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، في حين حزب الله اللبناني -الذي كان أقوى جماعة مسلحة في العالم- لم يصمد أكثر من شهرين أمام إسرائيل".
إعلانلذلك، يعتقد الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات أن كلا الطرفين دفع ثمنا لهذه الحرب، وأن كليهما استفادا منها، لكنه يرى أن ما خسرته إسرائيل أخلاقيا لا يمكن تعويضه، خصوصا أنه دفع دولا إلى المطالبة بالاعتراف بدولة فلسطين، في حين المقاومة ستفرض سرديتها لو خرجت من هذه المواجهة دون التخلي عن سلاحها.
وخلص مكي إلى أن أهل غزة "لن يتبخروا أبدا"، وأن العبرة بالمكاسب التاريخية وليست بالخسائر البشرية، مشيرا إلى أن حركة فتح -التي تحكم فلسطين اليوم- "اكتسبت شرعيتها بالمقاومة المسلحة التي جعلت الرئيس الراحل ياسر عرفات يتحدث أمام الأمم المتحدة".