تهديدات رسمية وقلق شعبي.. الإيرانيون يتخوفون من تصعيد لم يستعدوا له
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
في الوقت الذي تتعهد فيه طهران بـ"رد حاسم وشديد" على مقتل قيادي حماس إسماعيل هنية، يبدو المواطنون الإيرانيون العاديون "غير مستعدين ولا مدركين لما قد يأتي"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وتزداد حدة هذا الوضع، بحسب الصحيفة الأميركية، في وقت تتخذ فيه السلطات إجراءات دون تقديم تفسيرات واضحة، مما يترك الشعب في "حالة من الحيرة والقلق"، خاصة أنه لم يتم إخبارهم أو تدريبهم بكيفية الاستعداد في حال اندلاع أعمال عدائية واسعة النطاق بين بلادهم وإسرائيل.
والأربعاء، أغلقت جميع الوكالات والمكاتب الحكومية في طهران وفي 13 محافظة، بما في ذلك بعض المحافظات على طول الحدود الغربية والشرقية، وتم تحديد ساعات العمل في باقي المناطق من الساعة 6 حتى 10 صباحا.
كما أصدرت إيران إشعارا للطيران المدني، محذرة من أن "إطلاق نار سيحدث" لعدة ساعات ليلة الأربعاء وحتى صباح الخميس فوق أجزاء من البلاد.
وقالت الحكومة إن إغلاقات الأربعاء، حدثت فقط بسبب الحرارة الشديدة (كان من المتوقع أن تصل درجة الحرارة في طهران إلى 43 درجة مئوية) وأن إغلاق المجال الجوي كان للتدريبات العسكرية.
وفي ظل استعدادات إيران لتنفيذ وعيدها بـ"معاقبة إسرائيل بشدة"، تتصاعد مخاوف الحرب بين صفوف المواطنين. غير أن المشهد العام في شوارع طهران والمدن الإيرانية الأخرى يخلو تقريبا من أي مظاهر تشي باحتمال نشوب صراع وشيك، وفقا للصحيفة.
وفي حين أن توقيت ونطاق رد إيران لا يزال غير واضح، سواء كانت ستتصرف بمفردها أو بالتنسيق مع الميليشيات الإقليمية مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فإن "التناقض بين الخطاب المتصاعد واللامبالاة بشأن إعداد الجمهور، يبقى أمرا لافتا للنظر" بحسب الصحيفة.
وقالت مليحة، 66 عاما، وهي متقاعدة في طهران: "نحن في الظلام، نتمسك ببرامج الأخبار على القنوات الفضائية لمعرفة ما يحدث لأن مسؤولينا لا يخبروننا بأي شيء".
ولم تصدر الحكومة أي توجيهات حول ما يجب على المواطنين فعله إذا ردت إسرائيل بضربات مضادة، ولم توفر لهم ملاجئ مؤقتة، ولا تدريبات على الغارات الجوية ولا تحذيرات لتخزين المؤن الطارئة؛ ولا خطط طوارئ للمستشفيات في حالة حدوث ضربة.
بدوره، يقول إحسان، 41 عاما من طهران، عندما سُئل عما إذا كان قد سمع عن أي تعليمات للسلامة العامة: "الإجابة هي لا شيء، صفر.. آخر ما يُفَكّر فيه في بلدنا هم المواطنون".
"الجميع حزين وقلق"وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقابلات بالعديد من المدن، يقول إيرانيون إنهم قلقون ومرتبكون.
وقالت باريسا، 37 عاما، وهي فنانة في طهران: "الوضع يتجاوز تحملنا.. العديد من الأشخاص الذين لم يرغبوا أبدًا في مغادرة البلاد يفكرون الآن في الهجرة. الجميع حزين وعدواني وقلق".
لكن البعض الآخر يتساءل عما إذا كان حديث الحرب مبررا، مشككين في أن الرد الإسرائيلي على ما تقرر إيران القيام به سيعطل الروتين اليومي أو الخدمات الحيوية مثل الكهرباء والمياه.
وانتقد مصطفى، 36 عاما، وهو مهندس كمبيوتر في رشت شمال غرب إيران، دعم الحكومة للجماعات المسلحة في المنطقة، قائلا إنها وضعت إيران في مرمى نيران إسرائيل. ومع ذلك، قال مصطفى إنه لا يعتقد أن حربا شاملة قادمة. "ستكون حربًا عن بعد وفي شكل تدمير أهداف محددة.. لذلك أنا لست قلقًا جدًا."
وقال آخرون إنهم كانوا منهكين عاطفيا بالفعل من أشهر من الأحداث المضطربة والتي تشمل الهجوم إرهابي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه وقتل أكثر من 200 شخص، وتبادل ضربات الصواريخ مع الدول المجاورة، ثم الاقتراب من حافة الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى وفاة الرئيس ووزير الخارجية في تحطم مروحية.
وعلى صعيد متصل، ظهرت أصوات منفردة بين المحللين السياسيين تحذر من الدخول في صراع يمكن أن يخرج بسرعة عن السيطرة.
وقال أحمد زيد آبادي، وهو إصلاحي، في منشور على تطبيق تليغرام إنه في حين أن المحللين والصحفيين الإسرائيليين يناقشون بصراحة العواقب المختلفة للمواجهة مع إيران، لا يجرؤ أحد في إيران على تقديم تقييم صادق مماثل وتقييم للمخاطر.
وكتب زيد آبادي: "إذا قال شخص ما كلمة واحدة فقط - 'كن حذرا وكن حريصا، ولا تقفز في الماء بتهور، فسيتم مهاجمته واتهامه بدعم الصهيونية والتواطؤ مع أميركا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی طهران
إقرأ أيضاً:
بلغاريا تغلي: احتجاجات واسعة ضد الفساد وغضب شعبي ينصبّ على النائب بيفسكي
احتشد عشرات الآلاف في جميع أنحاء بلغاريا يوم الأربعاء للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء روزين جيليازكوف، حيث اتهم المتظاهرون الحكومة بالفساد المستشري. وتأتي هذه المظاهرات قبل أسابيع من انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو في الأول من يناير.
خرج عشرات الآلاف من البلغاريين إلى الشوارع يوم الأربعاء، مطالبين باستقالة حكومة روزين جيليازكوف التي تنتمي إلى يمين الوسط، وذلك على خلفية مزاعم الفساد.
وتجمهر المتظاهرون في صوفيا بساحة مركزية قرب مباني البرلمان والحكومة والرئاسة، رافعين شعارات مناهضة. واستخدم البعض أشعة الليزر لكتابة عبارات مثل "استقالة" و"المافيا إلى الخارج" و"من أجل انتخابات نزيهة" على واجهة مبنى البرلمان، وفقاً لتقارير محلية.
وتشير لقطات الطائرات المسيّرة إلى تجمّع أكثر من 100 ألف متظاهر في العاصمة، بينما قدّرت جهات أخرى العدد بنحو 150 ألفاً. وقد انضم إلى المسيرة طلاب من جامعات صوفيا، فيما أكد المنظمون أن حجم الاحتجاج فاق تجمعات الأسبوع الماضي التي ضمت أكثر من 50 ألف شخص.
وتفشّت عدوى الاعتصامات في أكثر من 25 مدينة رئيسية في أنحاء بلغاريا، شملت بلوفديف وفارنا وفيليكو تارنوفو ورازغراد. ففي بلوفديف مثلًا، نزل آلاف الأشخاص إلى ميدان سعيدينيني، رافعين أعلاماً بلغارية كبيرة ولافتات مناهضة للحكومة.
كما شهدت مدينة بورغاس مظاهرة تجمّع فيها قرابة 10 آلاف شخص أمام مبنى البلدية، وعرضوا مطالبهم عبر رسومات ومقاطع فيديو عُرضت على شاشة فيديو كبيرة.
ولم يقتصر الغضب على الداخل، حيث شاركت الجاليات البلغارية في مظاهرات تضامنية في مدن منها بروكسل ولندن وبرلين وفيينا وزيورخ ونيويورك، رافعةً المطالب ذاتها.
وتأتي هذه الاحتجاجات بسبب مقترحات الحكومة الخاصة بميزانية 2026، والتي شملت رفع الضرائب وزيادة اشتراكات الضمان الاجتماعي وتعزيز الإنفاق الحكومي. وقد اضطرت الحكومة لاحقاً إلى سحب خطة الميزانية المثيرة للجدل.
Related احتجاج في بلغاريا يتحول إلى عنف في صوفيا مع معارضة الحشود لمشروع موازنة 2026بلغاريا: مقتل ستة أشخاص على الأقل في حادث شاحنة تقلّ مهاجرين بعد مطاردة الشرطة للمركبةبلغاريا: آلاف يتظاهرون في صوفيا واشتباكات بين محتجين والشرطة مخاوف بشأن نفوذ مجموعة من الحكاموقد صبّ المتظاهرون غضبهم بشكل خاص على ديليان بيفسكي، السياسي والأوليغارشي البلغاري، الذي يدعم حزبه "الحركة من أجل الحقوق والحريات" (DPS) حكومة الأقلية الائتلافية.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت عقوبات على بيفسكي في يونيو 2021 بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة عن حقوق الإنسان، متهمة إياه بالفساد.
وقد ذكرت وزارة الخزانة الأمريكية أنه "مارس الفساد بشكل منتظم، مستخدماً نفوذه ودفع الرشاوى لحماية نفسه من المساءلة العامة والهيمنة على مؤسسات وقطاعات رئيسية في المجتمع البلغاري."
كما فرضت المملكة المتحدة عقوبات عليه في فبراير 2023. وكان بيفسكي يمتلك سابقاً الصحف اليومية الأكثر انتشاراً في بلغاريا ويسيطر على جزء كبير من المشهد الإعلامي، قبل أن يتخلّى عن أصوله الإعلامية بعد العقوبات الأمريكية.
وفي عام 2018، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن بيفسكي يجسّد "الفساد والتواطؤ بين وسائل الإعلام والسياسيين والأوليغارشية."
ويتّهم المعارضون بيفسكي بتوجيه سياسات الحكومة لخدمة مصالح النخبة الحاكمة، ويؤكد المنتقدون أن النفوذ الفعلي يتقاسمانه رئيس الوزراء السابق بويكو بوريسوف وبيفسكي نفسه، مما يعزز الاعتقاد بأن بيفسكي يمارس تأثيراً كبيراً على الحكومة.
وشغل بوريسوف منصب رئيس وزراء بلغاريا ثلاث مرات منذ عام 2009، حيث قاد حزب "مواطنون من أجل التنمية الأوروبية في بلغاريا" (GERB) اليميني المحافظ. وقد استقال في فبراير 2013 إثر احتجاجات شعبية واسعة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والفساد، كما سقطت حكومته مرة أخرى في 2020-2021 بعد مظاهرات مناهضة للفساد.
وبالرغم من أن حزب "الحركة من أجل الحقوق والحريات" (DPS) ليس جزءاً رسمياً من الائتلاف الحاكم، إلا أن أصواته في البرلمان تعتبر حاسمة. ويرى المطالبون باستقالة الحكومة أن هذا الوضع يمنح بيفسكي القدرة على التحكم في جميع عمليات صنع القرار الوطني.
تصويت بحجب الثقة عن الحكومةعلى الرغم من الطابع السلمي الذي اتسمت به الاحتجاجات، أفادت "يورونيوز بلغاريا" باعتقال 57 شخصاً في صوفيا. وأوضح قائد شرطة العاصمة ليوبومير نيكولوف أن الاعتقالات طالت شباناً تصرفوا بعدائية أمام مقر حزب "الجبهة الوطنية البلغارية"، مؤكداً أن المحتجزين - وفقاً للتحقيقات الأولية - كانوا محرضين وليسوا مشاركين فعليين في التظاهر. كما أشار إلى ضبط مبلغ 10,000 ليف (ما يعادل 5,100 يورو) مع أحد المعتقلين، وحوالي 1,500 يورو مع آخر.
من جانبها، دعت كتلة المعارضة البرلمانية "نحن نواصل التغيير – بلغاريا الديمقراطية" إلى طرح اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة يوم الأربعاء، على أن يُجرى التصويت يوم الخميس، وهي المحاولة السادسة من نوعها التي تحركها المعارضة في هذا الإطار.
وقد علّق الرئيس رومين راديف، المنتمي لليسار السياسي، عبر منشور على فيسبوك بأن احتجاجات الأربعاء تمثل في جوهرها تصويتاً شعبياً على "حجب الثقة عن الحكومة"، وحثّ النواب على "الاستماع لإرادة الشعب" و"الاختيار بين كرامة التصويت الحر وعار التبعية" خلال التصويت المقرر.
يأتي هذا في وقت تستعد فيه بلغاريا للانضمام إلى منطقة اليورو اعتباراً من الأول من يناير المقبل، لتصبح العضو الحادي والعشرين في التكتل، متخلّيةً عن عملتها الوطنية "الليف".
وتظهر بيانات استطلاع للرأي نُشر في يونيو – بتكليف من وزارة المالية – أن 46.8% من البلغاريين يعارضون اعتماد اليورو، بينما يؤيده 46.5% منهم.
المصادر الإضافية • AP
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة