عربي21:
2025-12-04@21:58:37 GMT

فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

في مثل هذا اليوم منذ أربعة أعوام وفي يوم الخميس، استشهد الدكتور عصام العريان، أحد أبرز رموز الإخوان المسلمين في مصر، داخل محبسه إثر حديث دار بينه وبين سجّانه حول حقوق المسجونين وخصوصا المرضى وقد كان واحدا منهم، فقام الضابط بضربه ضربة قوية أفضت إلى موته، وهو أعزل لا يملك الدفاع عن نفسه.

هذه قصة من بين مئات إن لم يكن آلاف القصص التي تروى وستروى من داخل سجون مصر بعد انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وهذا نزر يسير أو فصل من فصول كتاب العشرية السوداء التي لم ينته التاريخ من كتابتها كاملة بعد.



لم يكن الدكتور عصام العريان شخصية عابرة في تاريخ الحركة الإسلامية، بل كان شخصية قيادية ملهمة، تحب أن تجلس معه وتستمع إليه وتستمع بحديثه، وتستأنس بآرائه وترتاح إلى أفكاره غير النمطية ولكنها مؤطرة بإطار الشرع والدين، وكان أكثر ما جذبني إليه كما جذب الآخرين هو انفتاحه على كافة التيارات السياسية الأخرى، وقدرته على إدارة الحوار بطلاقة ورشاقة وثقة عجيبة؛ مبعثها الإيمان بالله وقدرته على التحصيل العلمي والمعرفي الدائم وبشغف منقطع النظير.

لم يكن الدكتور عصام العريان شخصية عابرة في تاريخ الحركة الإسلامية، بل كان شخصية قيادية ملهمة، تحب أن تجلس معه وتستمع إليه وتستمع بحديثه، وتستأنس بآرائه وترتاح إلى أفكاره غير النمطية ولكنها مؤطرة بإطار الشرع والدين، وكان أكثر ما جذبني إليه كما جذب الآخرين هو انفتاحه على كافة التيارات السياسية الأخرى
كنت أتابع لقاءاته على إذاعة بي بي سي وأنا منبهر بقدرته على الاسترسال والاستفاضة واستحضار المعلومات وعمل المقارنات بسلاسة وأدب واحترام، رغم قسوة الأسئلة أحيانا ورغم كثرة أغلاط الضيوف المشاركين وهجومهم على الدعوة والحركة وعليه شخصيا.

كنت دائم التواصل معه وأنا خارج مصر، وفي كل زيارة كنت حريصا على لقائه وزيارته في مكتبه بنقابة الأطباء في القصر العيني، وهي النقابة التي أحياها هو وإخوانه في الإخوان المسلمين ومعهم ثلة من الأطباء الذين حبسوا أنفسهم لخدمة المهنة والزملاء، وفي كل مرة كان يفاجئني بالجديد من الأفكار والآراء ويبهرني وأنا أجلس في مكتبه أتابع سيلا من الزوار، وكلما هممت بالاستئذان كان يقول يا أخ حمزة اجلس عشان نكمل كلامنا، وأمتثل لطلبه رغم مشاغله.

في عام 1992 كنت أحد أفراد الطاقم الطبي الأول لجامعة الدول العربية إلى الصومال، وهو الطاقم الذي شكلته نقابة الأطباء واتحاد الأطباء العرب تحت قيادة الدكتور الكبير عبد المنعم أبو الفتوح -فرّج الله كربه وإخوانه- وعند العودة تلقيت اتصالا منه قال لي فيه: اسمع أنا رتبت لك مقابلة مع بي بي سي من أجل أن تعرض مشاهداتك أنت وزملاءك عن الوضع الصحي المنهار في الصومال. وفي تمام الساعة السابعة مساء جاءني الاتصال وأجريت المقابلة، وكنت أستغرب من المذيع الذي كان يصر على الحديث عن السياسية والقتال أكثر من الوضع الإنساني، وأنا أرغب في التحدث عن فرق الإغاثة الغربية والأمريكية المصحوبة بمجموعات المبشرين المسيحيين القادمين من قارة أمريكا لكي ينشروا المسيحية في بلد ليس فيه مسيحي واحد.

وانتهت المقابلة وتواصلت مع الدكتور العريان، ولما أدرك خطورة الموقف اقترح عمل مؤتمر صحفي في النقابة، وكنت أحد المتحدثين وتناولت الوضع الصحي ودور الكنيسة الغربية في إرسال وفود من المبشرين تحت غطاء العمل الطبي الإغاثي، وضعف الدور العربي والإسلامي إغاثيا.

بعد الثورة التقيت به تكرارا ومرارا، وعندما حدثت أزمة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح -فرّج الله كربه وإخوانه- مع مكتب الإرشاد كنت حريصا على أن أسأله وأعرف منه حقيقة الأمور، ولماذا خرج الدكتور أبو الفتوح من مكتب الإرشاد، وقد أثير في ذلك الوقت لغط كثير أثاره بعض أصحاب النفوس الضعيفة حتى داخل المجتمع الإخواني. واستحلفته بالله ثلاثا أن يقول لي قولا فصلا في الموضوع وخصوصا ما أشيع عن أن الدكتور أبو الفتوح له صلات بجهات هنا أو هناك أو أنه خرج على رأي الجماعة. وكان ذلك أثناء زيارة له لدولة الكويت والتقيته هناك وقال لي:كان واعيا منتبها لما يدور على الساحتين العربية والعالمية، ويدرك الخطوط الفاصلة وخطوط التماس بين القضايا الرئيسية ويجيد فك الارتباط والاشتباك، كما كانت لديه طريقة في توضيح وبيان الأولويات وأهمية ترتيب الملفات حتى لا تختلط علينا الأمور خصوصا الاستراتيجية والتكتيكية الدكتور عبد المنعم أخ صالح وفاضل من خيار الناس ومن خيار قادة الجماعة، وما حدث هو اختلاف وجهات النظر في بعض أمور العمل العام، وهو صاحب رأي ولعله اختلف مع رأي البعض في مكتب الإرشاء فآثر الخروج وانتهت القصة. لم أسمع أرقى ولا أجمل من الوصف الذي قاله الدكتور عصام في هذا الأمر، رغم أنه تم تداول معلومات كثيرة معظمها كان مغلوطا.

مزج الشهيد الدكتور عصام العريان بين الطب والسياسة وبين السياسة والعلوم الشرعية، وكان حافظا لكتاب الله تعالة مستشهدا بآيات القرآن في جل أحاديثه، وكان عليه رحمة الله يتمتع بذاكرة حديدية يغبطه عليها المقربون ويحسده عليها المبعدون، وكان واعيا منتبها لما يدور على الساحتين العربية والعالمية، ويدرك الخطوط الفاصلة وخطوط التماس بين القضايا الرئيسية ويجيد فك الارتباط والاشتباك، كما كانت لديه طريقة في توضيح وبيان الأولويات وأهمية ترتيب الملفات حتى لا تختلط علينا الأمور خصوصا الاستراتيجية والتكتيكية.

ولأنه كان ملء السمع والبصر بسبب تواجده المنتشر في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة فقد كان ملهما لكثير من أبناء الحركة الإسلامية، ليس داخل الإخوان بل خارجهم، لا بل وخارج نطاق الحركة نفسها، إذ كان مثار إعجاب كثير من التيارات السياسية الأخرى، وكان شريكا حاضرا في كل الفعاليات السياسية التي جرت في عصر المخلوع مبارك وما بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011.

كان يرغب في إنضاج التجربة السياسية داخل التيار الإسلامي وخصوصا الإخوان، وكان يرى أن الوقت قد حان لتعزيز وتعظيم أسس الشورى داخل المؤسسة، وأذكر أنني التقيته بعد وفاة المستشار الهضيبي وقلت له في مكتبه: لماذا لا يقيم الإخوان مؤتمرا صحافيا ضخما يعلنون فيه نتيجة الانتخابات التي أسفرت وقتها عن اختيار الأستاذ محمد مهدي عاكف؛ الذي كان هو الآخر نموذجا للانفتاح والرغبة في الالتحام بالرأي العام وقادة الفكر على تنوع مراجعهم؟ فقام وأغلق باب مكتبه وكأنه سيسر إلي بسر عظيم لا يريد أن يطلع عليه أحد، وقال له بصوت خفيض: ما زال أمامنا شوط لنقطعه يا أخ حمزة (وأنا هنا أنقل ما قاله بتصرف لا يخل بالمعنى).

تفتقد مصر اليوم رجالا سياسيين ودعاة ومصلحين بقامة الدكتور العريان، وبقيمة الدكتور أبو الفتوح، وبشجاعة الأستاذ عصام سلطان، وفقه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وغيرهم كثر من أبناء التيار الإسلامي
تتميز جماعة الإخوان عن غيرها باتساع مساحة التنوع داخلها، وهو ما يعطيها زخما غير مألوفا في غيرها من التجمعات والمؤسسات التي بنيت على أساس عقدي أو ديني، كما أن قاعدة بناء الفرد فيها هي قاعدة صلبة ومتينة فقهيا وأخلاقيا، وهذا ما أسميه بالمنسوب الموحد للتربية عند الإخوان المسلمين، فالكل يناله قسط متساو من التربية في المراحل الأولى لارتباطه بالجماعه ثم تبدأ عملية النمو الرأسي لكل شخص على حدة، فمنهم من يتعب على نفسه ولا يكتفي بالحصيلة الجماعية التي نالها في بداية ارتباطه بالجماعة وهنا يتحول مثل هؤلاء إلى عالم المصلحين الاجتماعيين والدعاة الموثوق بهم والساسة النابغين، ومنهم من يتوقف عن الحد الأدنى، وهو كاف لكي تكوت صالحا في نفسك ولكنه غير كاف للانخراط في العمل العام وخصوصا المجال السياسي وتحديدا الإصلاح والتغيير.

رحل الشهيد العريان وباتت ذكرى استشهاده مرتبطة بذكرى مجزرة رابعة العدوية التي تحل في يوم الرابع عشر من آب/ أغسطس من كل عام، وهي مجزرة لن يمحوها شيء سوى محاكمة كل من تسبب فيها بالفعل أو بالقول، بالمال أو بالإعلام، من الداخل أو من الخارج، هي مجزرة القرن وكل القرون التي تآمرت فيها دول النفط والغاز والكيان الصهيوني وحفنة من العساكر الذين باعوا ضمائرها بدراهم معدودات ولن يغني عنهم كل ذلك من الله شيئا.

تفتقد مصر اليوم رجالا سياسيين ودعاة ومصلحين بقامة الدكتور العريان، وبقيمة الدكتور أبو الفتوح، وبشجاعة الأستاذ عصام سلطان، وفقه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وغيرهم كثر من أبناء التيار الإسلامي والحركة الإسلامية التي خسرت مصر وبلا شك بسبب حصارها ومطاردتها خلال العشرية السوداء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإخوان مصر سجون عصام العريان مصر الإخوان عصام العريان سجون شخصيات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدکتور أبو الفتوح الحرکة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «2-11»

بقلم: الدكتور عبد الله الفكي البشير [email protected] ختمت البروفيسور آمال قرامي تقديمها للطبعة الثانية التي ستصدر قريباً من كتاب: الذكرى الخمسون للحكم بردة محمود محمد طه: الوقائع والمؤامرات والمواقف، قائلة: “يصدر المُؤلَف في فترة حرجة من تاريخ السودان استشرى فيها العنف وتفتت فيه النسيج الاجتماعي، وكثرت فيها الخيبات والمآسي وبرزت فيها علامات التراجع عن أهداف الثورة السودانية. فهل يكون هذا المُؤلَف ملاذ الحائرين/ات والباحثين عن فهم أسباب ما يجري؟” البروفيسور آمال قرامي أستاذة الفكر الإسلامي والدراسات الجندرية بالجامعة التونسية، تونس صحيفة الرأي العام السودانية وسوء الفهم وسوء النية “محكمة الردة لم تكن إلا بداية المواجهة بيننا وبين الفقهاء. وطويلة المسألة وكان فيها مواجهة في محاضرات ومواجهة في الصحف “. محمود محمد طه، صاحب الفهم الجديد للإسلام قادت *صحيفة الرأي العام* السودانية على صفحاتها وضمن باب “الرأي العام: من يوم إلى يوم” حملة مستمرة على المحاضرة، وتابعت حملتها حتى بعد صدور حكم محكمة الردة. ففي إطار حملتها على المحاضرة قبل انعقاد محكمة الردة، نشرت العديد من الأخبار والمقالات، منها، على سبيل المثال، مقال جاء بعنوان: “حول عنوان محاضرة محمود محمد طه: عندما تهدد الحرية بالفتنة والاضطرابات”. وكتبت، قائلة: استفزنا عنوان محاضرة الأستاذ محمود محمد طه التي ألقاها بمعهد المعلمين العالي. وأضافت الصحيفة، قائلة: إننا لا نقر أن تصل حرية الأستاذ محمود حدود استفزاز الآخرين وتعريض الأمن للخطر، وتهديد البلاد بفتنة يلعن الله من يوقظها. رد ذو النون جبارة الطيب، عضو الحزب الجمهوري، على صحيفة الرأي العام، بمقال وأرسله للنشر إلا أن الصحيفة رفضت أن تنشره. أعاب ذو النون في مقاله، إطلاق الصحيفة حكمها على المحاضرة من مجرد العنوان، وأوضح بأن عدم توخي الدقة هو الذي أوقع الصحيفة في سوء الفهم وفي الخطأ. وقال: من ذا الذي قال بأن الاسلام لا يصلح لكل زمان ومكان؟ وأوضح بأن حتى العنوان الذي قالت الصحيفة فيه ما قالت لا يعطي ما ذهبت إليه، لأن الإسلام إن كان برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين، فالإسلام برسالته الثانية يصلح لإنسانية القرن العشرين، والقرون التي تليه، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. وأضاف ذو النون، قائلاً: لقد أصدر الحزب الجمهوري، قبل ثلاثة أعوام كتاباً بعنوان: الرسالة الثانية من الاسلام، ولقد دار حوله نقاش مستفيض على صفحات صحيفة الرأي العام الغراء بيننا وبين الشيخ محمد محمود شاهين (مصر)، كنا نحسب أن فيه الغناء. ترتب على حملة صحيفة الرأي العام أن سعى رجال الدين، وبعض المسؤولين في الدولة لمنع المحاضرة، واستعداء السلطات، بينما كانت السلطات جزءاً من المؤامرة، كما سيأتي لاحقاً. قاضي القضاة يخاطب رئيس وأعضاء مجلس السيادة بشأن إقامة المحاضرة كان الشيخ عبد الماجد أبو قصيصة (1910- 1993) قاضي قضاة السودان (1965- 1969)، قد يسعي سعياً حثيثاً، وهو على رأس مجموعة من العلماء ورجال الدين، لمنع المحاضرة ولإثارة السلطات ضد الحزب الجمهوري، وكان يتوكأ على نقطة الأمن، ويظهر الحرص على الأمن. فقد بعث بخطاب إلى السادة رئيس وأعضاء مجلس السيادة، بصورة لوزارة التربية وسلطات الأمن، ينصح فيها بعدم تقديم المحاضرة المزمع تنظيمها في معهد المعلمين العالي يوم 11 نوفمبر 1968 خشية أن يكون فيها ما يثير المسلمين. لم يكن سعى قاضي القضاة لمنع المحاضرة منفصلاً عن التحركات لتدبير محكمة الردة، فقد كان هو جزءاً منها، إذ اتصل به المدعي الأول في القضية الأمين داؤد، قبل اسبوعين من انعقاد المحكمة. على الرغم من تدخلات قاضي القضاة ومراسلاته مع مجلس السيادة ووزارة التربية والتعليم وسلطات الأمن، وتحركات العلماء لمنع إقامة المحاضرة، فإن المحاضرة تحت اصرار الطلاب واستعداد المحاضر قد قامت في موعدها بمعهد المعلمين العالي. أدى قيام المحاضرة إلى تصعيد المواجهة بين الحزب الجمهوري وقاضي القضاة والعلماء ورجال القضاء الشرعي، فانتقلت المواجهة، والتي هي مواجهة فكرية، بسبب عجز العلماء الفكري، من ساحة الحوار إلى ساحة المحكمة الشرعية. المحكمة الشرعية وديوان النائب العام  في ظل الاصرار والاستمرار في تقديم المحاضرة بنفس العنوان: “الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين”، زادت تحركات العلماء ورجال القضاء الشرعي، الذين ظلوا يطرقون مختلف الأبواب من أجل إيقاف المحاضرة، ولمَّا فشلت تحركاتهم، قاموا من خلال المحكمة الشرعية بالاتصال بديوان النائب العام بحثاً عن سند قانوني يتم بموجبه إيقاف المحاضرة. فقد أوردت صحيفة السودان الجديد في 16 نوفمبر 1968، قائلة: “علمت السودان الجديد أن المحكمة الشرعية قد اتصلت بديوان النائب العام تستفسره عن نص قانوني يمكن الاعتماد عليه لإيقاف محاضرة الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين) التي قدمها بمعهد المعلمين العالي”. وأضافت الصحيفة أن ديوان النائب العام “أبلغ المحكمة الشرعية أن هذا غير ممكن لأن الندوة تقام في مكان خاص”. مع فشل كل هذه التحركات من قبل قاضي القضاة والعلماء ورجال القضاء الشرعي، كشفت صحيفة السودان الجديد ضمن تحرياتها، بأن هناك اتجاه “في المحكمة الشرعية بمقاضاة السيد محمود محمد حول الأفكار التي يدعو لها”. نسخ المؤامرة في ساحة مجلس السيادة السوداني من المؤسف حقاً أن يكون رأس الدولة أعلى سلطة سيادية ممثلاً في مجلس السيادة، وفي ظل نظام ديمقراطي، طرفاً في مؤامرة لعقد محكمة لتحكم بردة مفكر إسلامي. كان المجلس برئاسة السيد إسماعيل الأزهري، وعضوية كل من: السيد/ خضر حمد، والسيد/ داود الخليفة، والسيد/ الفاضل البشرى المهدي، والسيد/ جيرفس ياك. فقد أبرزت الوثائق أن رئيس المجلس وبعض أعضاء المجلس، اشتركوا على نحو ما في مؤامرة محكمة الردة. مجلس السيادة ونداء الأمين داود “إلى ولاة الأمر في السودان”، 1 أكتوبر 1968 كان المدعي الأول في قضية محكمة الردة الأمين داود، قد أتصل برئيس مجلس السيادة وأعضاء المجلس، قبل المحكمة، وكان قد وجه نداءً بعنوان: “إلى ولاة الأمر في السودان”، بشأن محمود محمد طه والجمهوريين، وذلك بتاريخ غرة أكتوبر 1968، قبل المحكمة بـ (48) يوماً. كما أرسل لهم نسخاً من كتاب كان ألفه بعنوان: نقض مفتريات محمود محمد طه. بيَّن الأمين داود بأنه تقدم بهذا النداء إلى ولاة الأمر في السودان، بإسم زملائه علماء السودان بل بإسم المسلمين جميعاً. وطالب الحكومة وولاة الأمر أن يقوموا بواجبهم تجاه الضالين المضلين، “كي لا يعم ضررهم ولا ينشر باطلهم. فهم باسم الإسلام يهدمون الإسلام وباسم الدين يقوضون صرح الدين”. تضمن نداء الأمين داود حكماً على محمود محمد طه والجمهوريين بالخروج عن الإسلام والردة. وطالب النداء بالآتي: 1. أن توصد نوادي الجمهوريين في الحال ولا يسمح بفتحها. 2. لا يسمح لأحد من هؤلاء الجهال أن يتحدث بإسم الدين أو أن يفسر آية من كتاب الله وذلك بعد أن بينا فهم رئيسهم السقيم لآيات القرآن وقلة درايته بالبراهين الواضحة وذلك لأن محمود محمد طه واتباعه خارجون عن الإسلام ومرتدون. وحكم المرتد شرعاً أن يستتاب ثلاثاً، فإن لم يتب قتل كفراً لا حداً، وذلك للأسباب الآتية: … إلخ ثم عدد ستة أسباب لذلك. ونحن في انتظار ما تقوم به الحكومة من عمل واجب عليها تحمد عليه عند هذا الشعب الذي اختارها، وإلا فهي تتحمل تبعة حصول مالا تحمد عقباه. أرسل الأمين داود هذا النداء مع نسخة من كتابه نقض مفتريات محمود محمد طه، وقد أوضح بأنه تلقى ردوداً مكتوبة من السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة، ومن السيد الفاضل البشرى المهدي، عضو مجلس السيادة، كما سيرد في الحلقات القادمة. نلتقي في الحلقة الثالثة الوسومعبد الله الفكي البشير

مقالات مشابهة

  • إحدى أولياء أمور مدرسة عبدالسلام محجوب: ابني لم يشارك في الفيديو وكان في الفصل فقط
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «2-11»
  • ريهام عبد الغفور تحيي الذكرى الثانية لوفاة والدها: فقدت أكثر شخص يحبني
  • الذكرى الـ 58 لعيد الاستقلال.. دروس عن الخيانة والنضال
  • عصام شيحة: التدخل الرئاسي أعاد الحيوية للعملية السياسية وضبط إيقاع انتخابات مجلس النواب
  • لمن يعرفه .. شخص تائه يعاني اضطرابات نفسية يدّعي أنه أردني وكان في صيدنايا
  • الدكتور صدمني.. الفنانة غادة إبراهيم تعلن إصابتها بفيروس خطير | تفاصيل
  • افتتاح فرع كاك بنك بكريتر تزامناً مع احتفالات الذكرى الـ58 لعيد الاستقلال
  • بالفيديو- البابا يبارك المؤمنين في واجهة بيروت البحرية
  • أيمن الرمادي: إشاعات فيريرا أضرت بالزمالك.. وكان على الإدارة الرد فورًا