جدري القرود.. لماذا أعلنت بسببه حالة طوارئ عالمية؟
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
أعلنت منظمة الصحة العالمية عن أحدث تفشّ لمرض جدري القرود في أفريقيا باعتباره "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليا"، وهي الفئة المستخدمة في الماضي لتفشي الإيبولا وكوفيد-19 وارتفاع حالات جدري القردة في أوروبا سنة 2022.
وفي تقريرها الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، قالت الكاتبة كات لاي إن العديد من البلدان في أفريقيا تشهد مزيدا من حالات الإصابة بمرض جدري القردة، حيث يعبر الفيروس القاتل الحدود الوطنية، مع مخاوف من أنه قد يتسبب في تفشّ عالمي كبير.
إليك ما نعرفه حتى الآن.
ما جدري القردة؟ذكرت الكاتبة أن جدري القردة هو مرض معدٍ يسببه فيروس، وتكون أعراضه عادة شبيهة بالإنفلونزا كالحمى والقشعريرة وآلام العضلات وطفح جلدي يبدأ في شكل بقع تتحول إلى بثور ممتلئة بالسوائل وتشكل هذه البثور في النهاية قشورًا.
وهناك نوعان مختلفان على نطاق واسع، يُعرفان باسم "الفروع"، وكانت المجموعة الأولى تُعرف ذات يوم باسم فروع حوض الكونغو، والفئة الثانية باسم فروع غرب أفريقيا، وكلاهما يمكن أن يكون قاتلا على الرغم من أن المجموعة الأولى سجلت تاريخيا معدل وفيات أعلى.
وحسب الكاتبة، يهدف إعلان منظمة الصحة العالمية لحالة الطوارئ إلى حث الوكالات المانحة والدول على العمل، وحث الخبراء الطبيين على أن يعمل الإعلان على تسريع الوصول إلى الاختبارات واللقاحات والأدوية العلاجية في المناطق المتضررة، وبدء حملات للحد من الوصمة المحيطة بالفيروس، لكن الاستجابة العالمية للإعلانات السابقة كانت مختلطة.
وقال الجنرال الدكتور جان كاسيا، مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا، إن إعلان الوكالة عن حالة طوارئ صحية عامة كان يهدف إلى "حشد مؤسساتنا وإرادتنا الجماعية ومواردنا للتصرف بسرعة وحسم"، وناشد شركاء أفريقيا الدوليين المساعدة قائلا إن تصاعد عدد الحالات في أفريقيا تم تجاهله إلى حد كبير.
وقال مايكل ماركس أستاذ الطب في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي "من الواضح أن إستراتيجيات السيطرة الحالية لا تعمل وهناك حاجة واضحة إلى مزيد من الموارد"، وأضاف أنه "إذا كان إعلان الطوارئ العالمية هو الآلية لفتح هذه الأشياء، فهو مبرر".
أين تحدث العدوى؟وأفادت الكاتبة بأنه وفقًا لإحاطة إعلامية لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا، فإن 34 دولة في أفريقيا إما تبلغ عن إصابات أو تعدّ "معرضة لخطر كبير".
(شترستوك)
وتشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية تفشيًا حادا في ظل تسجيل أكثر من 14 ألف إصابة و524 حالة وفاة منذ بداية عام 2024؛ إذ إن تفشي المرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية ليس بالأمر غير المعتاد ولكن رقم هذا العام يطابق بالفعل إجمالي عام 2023 بأكمله، ويشمل حالات في مقاطعات لم تتأثر سابقًا.
ويتم أيضًا الإبلاغ عن حالات عدوى في بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا، وهي دول مجاورة لجمهورية الكونغو الديمقراطية حيث لم تسجّل إصابات من قبل.
لماذا ترتفع الإصابات الآن؟وأشارت الكاتبة إلى اكتشاف فرع جديد من السلالة الأولى، السلالة الأولى ب، في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنه تم تأكيده في كينيا ورواندا وأوغندا. ويعتقد العلماء أن هذا المتغير يلعب دورًا في الانتشار.
ففي الماضي كانت السلالة الأولى تنتشر عادة عن طريق الأشخاص الذين يتناولون لحوم الطرائد المصابة، وتنتشر السلالة الأولى ب من شخص إلى آخر، غالبًا عن طريق الاتصال الجنسي، ولكن أيضًا من خلال الاتصال الجسدي وجها لوجه، أو عن طريق الفراش أو المناشف الملوثة.
وقالت رئيسة منظمة الصحة العالمية الدكتورة روزاموند لويس "نحن لا نعرف إذا كان أكثر قابلية للانتقال، لكنه ينتقل من خلال طريقة فعالة".
ولا تزال أشكال أخرى من الفيروس منتشرة، إذ تسجل جمهورية الكونغو الديمقراطية أيضًا حالات من السلالة الأولى أ، وكذلك جمهورية أفريقيا الوسطى، وتم الإبلاغ عن السلالة الثانية في الكاميرون وساحل العاج وليبيريا ونيجيريا وجنوب أفريقيا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وتأتي الزيادة وسط مستويات عالية من انعدام الأمن في المنطقة، وأزمة المناخ التي تقرب البشر من الطبيعة، وهي تمثل أيضًا عوامل وفقًا للدكتور جان كاسيا رئيس مركز السيطرة على الأمراض في أفريقيا.
كيف ينتشر ولماذا يتأثر الأطفال بشكل غير متناسب؟يعبر الفيروس الحدود مع الأشخاص المصابين أثناء التنقل، وقد شخّصت السلطات الكينية مرض جدري القردة لدى سائق شاحنة لمسافات طويلة كان أيضًا في رواندا وتنزانيا وأوغندا.
وينتشر جدري القردة أيضًا من خلال الاتصال الجنسي، وقد شكل العاملون في مجال الجنس في الأصل نسبة عالية من المصابين.
وخلال تفشي مرض جدري القردة العالمي في عام 2022؛ شكل الرجال المثليون ومزدوجو الميل الجنسي الغالبية العظمى من الحالات وانتشر الفيروس في الغالب من خلال الاتصال الوثيق.
وعلى الرغم من ملاحظة بعض الأنماط المماثلة في أفريقيا، فإن الأطفال دون سن 15 عامًا يشكلون حاليا أكثر من 70% من حالات الإصابة بجدري القردة و85% من الوفيات في الكونغو.
وقال الخبراء إن هذا قد يعكس اختلافات في نظامهم المناعي، حيث إن معدلات سوء التغذية المرتفعة تجعل الأطفال عرضة للإصابة بالعدوى. وفي حين أن كبار السن في المنطقة ربما تلقوا لقاح الجدري الذي يوفر بعض الحماية، فإن هذا ليس هو الحال لدى الأجيال الأصغر سنا.
وقال جريج رام، مدير منظمة "أنقذوا الأطفال" في الكونغو، إن المنظمة كانت قلقة بشكل خاص بشأن انتشار الأموكسيسيلين في المخيمات المزدحمة للاجئين في الشرق، مشيرًا إلى وجود 345 ألف طفل "محشورين في خيام في ظروف غير صحية".
هل لدينا لقاحات؟وذكرت الكاتبة أن هناك لقاحات ولكن هناك مشاكل في إيصالها؛ فأفريقيا بحاجة إلى 10 ملايين جرعة، ولكن هناك 200 ألف جرعة فقط متاحة، ومن ثم فإن نقص العلاجات والتشخيصات يعيق الاستجابة.
ولا تزال خطط برامج التطعيم قيد المراجعة ولكن من المرجح أن تنطوي على تتبّع وتطعيم المخالطين للحالات، واستهداف مجموعات مثل الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الذين يبدو أنهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطرة.
وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية قائمة استخدام طارئة للقاحين، وذلك يسمح لمنظمات مثل جافي واليونيسيف بشرائها للتوزيع.
ماذا حدث مع آخر تفشّ كبير؟اختتمت الكاتبة التقرير بالقول إنه في عام 2022 انتشر وباء عالمي من أوروبا، وأثر تأثيرا خاصا على مجتمعات المثليين. ففي يوليو/تموز من ذلك العام أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة، ونشرت برامج تتبع للمخالطين مع التطعيم الشامل، ورفعت حالة الطوارئ في مايو/أيار 2023 بعد إصابة نحو 90 ألف شخص.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة منظمة الصحة العالمیة جدری القردة فی أفریقیا من خلال
إقرأ أيضاً:
الإمارات والصحة العالمية تُطلقان مبادرة إنسانية لمكافحة سوء التغذية في جزيرة سُقطرى
بشراكة استراتيجية بين دولة الإمارات ومنظمة الصحة العالمية، أطلقت مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، مبادرة إنسانية لمكافحة سوء تغذية الأطفال والنساء في جزيرة سُقطرى، انطلاقاً من الرسالة الحضارية والإنسانية لدولة الإمارات نحو تحقيق تطلعات الشعوب ومساعدتها في الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، وتعزيزاً للرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم.وتعكس هذه المبادرة الواجب الإنساني والأخلاقي لدولة الإمارات تجاه الأشقاء اليمنيين، بهدف التغلب على التحديات الصحية المُلحة في جزيرة سُقطرى بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، حيث تشير التقارير الدولية إلى أن سكان الجزيرة يواجهون تحديات كبيرة في مجال التغذية خاصةً عند الأطفال، وأن معدل سوء التغذية الحاد لديهم بلغ 10.9%، ووصل معدل سوء التغذية الحاد الشديد إلى 1.6% بين فئة الأطفال دون سن الخامسة، إذ تُصنف (دولياً) معدلات سوء التغذية الحاد الشامل التي تتراوح بين 10% إلى 14% على أنها خطيرة، بينما تُعد معدلات سوء التغذية الحاد الوخيم التي تزيد عن 1% بأنها مُقلقة.وفي هذا السياق، أكد محمد حاجي الخوري، مدير عام مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، على المسؤولية الإنسانية والدولية التي تضطلع بها دولة الإمارات في تنمية المجتمعات وتعزيز الخدمات الصحية الضرورية، سيراً على النهج الإنساني الخالد للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، لمساعدة الإنسان لأخيه الإنسان في كل مكان وزمان، وتنفيذاً للرؤية المُلهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، نحو معالجة مثل هذه التحديات الغذائية والصحية التي يعاني منها أطفال ونساء جزيرة سقطرى في الجمهورية اليمنية الشقيقة بالشراكة الاستراتيجية مع منظمة الصحة العالمية.وأوضح سعادته أن مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية كإحدى الجهات التابعة لمؤسسة إرث زايد الإنساني، ستعمل مع منظمة الصحة العالمية على وضع الحلول المناسبة لمعالجة هذه التحديات الغذائية والصحية، من خلال إجراء مسح جديد وفقاً للمعطيات الحالية، إذ تسعى هذه المبادرة المشتركة إلى خفض وفيات الأمهات والأطفال الناجمة عن سوء التغذية، من خلال تنفيذ نهج شامل لتعزيز النظام الصحي والغذائي في جزيرة سُقطرى على مدار سنتين متتاليتين.
ولفت إلى أهمية ذلك في تعزيز خدمات الرعاية الطبية المُخصصة لصحة الأم والرُضع والأطفال على نحو يُوسع التأهب للطوارئ ومكافحة الأوبئة، ويُحسن أنظمة مراقبة الصحة والتغذية لضمان الكشف المُبكر عن سوء التغذية وتفشي الأمراض.من جانبها قالت الدكتورة فريما كوليبالي-زيربو، القائمة بأعمال ممثلة منظمة الصحة العالمية في اليمن، إن هذا الجهد المشترك يعكس الرؤية المشتركة لبناء أنظمة صحية مستدامة في اليمن، وتعمل المنظمة مع دولة الإمارات العربية المتحدة والسلطات الوطنية اليمنية على تلبية الاحتياجات العاجلة وإرساء أسس الأمن الصحي طويل الأمد في جزيرة سُقطرى.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة الإنسانية في جزيرة سُقطرى هي شكل من أشكال المساعدات الرسمية بين دولة الإمارات ومكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن، سعياً لتوفير الإغاثة الغذائية الفورية من ناحية، والحد من التدهور الغذائي والصحي بين مختلف الفئات والشرائح من ناحية أخرى.
كما ستعمل هذه المبادرة على تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية في جزيرة سُقطرى، من خلال تدريب الكوادر وتوفير الأدوية ووضع آليات التأهب للطوارئ لضمان التعامل الأمثل مع التحديات الصحية، بالإضافة إلى وضع حلول مستدامة لمعالجة سوء التغذية وزيادة الوعي المجتمعي، وتحسين مراقبة الأمراض لتحديد التدخلات الطبية المستهدفة وفقاً لنتائج التقييم والدراسات بشكل مستمر.