حساب قاسٍ.. العدالة والتنمية بعد 23 عامًا من التأسيس
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
نعيش هذه الأيام الذكرى الثالثة والعشرين لتأسيس حزب العدالة والتنمية. وتم عقد اجتماع في المقر العام للحزب، حيث ألقى رئيس الحزب، رجب طيب أردوغان، خطابًا تقييميًا. كان هذا الاجتماع أيضًا مناسبة سنوية لمراجعة الحسابات للأعوام الماضية.
تأسس حزب العدالة والتنمية في عام 1997، خلال فترة شهدت بكل غطرستها وتعاليها وهجومها انقلاب 28 فبراير/شباط ضد حكومة أربكان.
في الواقع، جاء تأسيس حزب العدالة والتنمية بعد إغلاق حزب الفضيلة الذي أُسّس بعد حلّ حزب الرفاه نتيجة لهذا الانقلاب. وكان مؤسس الحزب، رجب طيب أردوغان، ممنوعًا من العمل السياسي؛ بسبب إدانته نتيجة قصيدة ألقاها، مما جعله محرومًا من العمل السياسي. لذلك، كان هناك اعتقاد سائد بأن حزب العدالة والتنمية، الذي تأسس بعد حلّ حزب الفضيلة، لن يدوم طويلًا؛ بسبب التهديدات المستمرة لانقلاب 28 فبراير/شباط.
اليوم، أصبح من الممكن قراءة هذه الأحداث كجزء من التاريخ بعد مرور وقت طويل عليها. لقد مرت 23 عامًا منذ تأسيس الحزب، فترة طويلة لدرجة أن أولئك الذين وُلدوا في السنة التي تأسس فيها الحزب، وحتى الذين ولدوا في السنة التي وصل فيها إلى السلطة، بلغوا سن التصويت قبل ثلاث سنوات. هؤلاء الشباب لا يتذكرون تلك الأحداث، ومع التغير السريع الذي شهدته البلاد، مرت 23 عامًا بسرعة فائقة.
النظام الانقلابي الذي كان سائدًا في فترة تأسيس الحزب كان في الواقع محاولة لاستعادة السلطة من نظام سلطوي علماني استمر لمدة 80 عامًا. كانت هذه محاولة يائسة من النظام القديم لإعادة إنتاج نفسه، أو حتى البقاء على قيد الحياة في وجه التغيرات الاجتماعية. كانت الغطرسة المتمثلة في شعار "من أجل الشعب رغمًا عن الشعب" تحتوي على جهل كبير وتعصب أيديولوجي. كان البلد الذي يُدار بهذا التعصب الأيديولوجي يعاني من أزمة أيديولوجية وسياسية واجتماعية وإدارية عميقة. لم يكن بيد أولئك الذين جعلوا من الانقلابات عادةً أيديولوجية سوى تقديم الفساد وسوء الإدارة والظلم والقيود كحلول للمشاكل.
وفر الوضع الأزموي الذي كان يعيشه البلد فرصة كبيرة لبروز حزب العدالة والتنمية. الشخصيات التي أسست الحزب تميزت بقدرتها على تقديم قيادة جديدة، وتحفيز أيديولوجي ومشاريع للخروج من هذه الأزمة. الشعب الذي كان يعاني من تعصب الانقلابيين وإدارتهم الفاشلة، رأى في هذا الفريق الجديد فرصة لتمثيله بوضوح، وقام بإيصال حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بمفرده بعد 15 شهرًا فقط من تأسيسه.
وجد حزب العدالة والتنمية حلولًا قوية جدًا للأزمة التي كانت تعاني منها البلاد، وعرضها بشكل أقنع الشعب التركي بتجديد ثقته في الحزب في كل الانتخابات المتعاقبة. إلى درجة أن الشعب منحه صلاحيات وسلطات ومدة لم ينلها أي حزب آخر في تاريخ الديمقراطية. في البداية، بدا أن حزب العدالة والتنمية هو المعارضة داخل السلطة، حيث نفذ أنجح وأقوى الإصلاحات والمشاريع في تاريخ البلاد رغم النخبة الحاكمة والدولة العميقة.
كان البعد عن النخبة الحاكمة والتوترات معها، يجعل حزب العدالة والتنمية وفريقه أقرب إلى الشعب. وبهذه الطريقة، تم تجديد البلاد من الألف إلى الياء سواء في مجال التنمية أو في علاقة الدولة بالشعب. تم إنجاز أعمال كبيرة في مجالات: الصحة، الإسكان، النقل، التعليم، التمدن، الصناعات الدفاعية والإنتاج. هذه الأنظمة غيرت بالكامل مناخ البلاد، وجوهًا، وعادات حياتية. في الواقع، تركيا اليوم مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة.
ومع ذلك، فإن طول فترة الحكم التي استمرّت 23 عامًا تشكل في الوقت نفسه واحدة من أكبر نقاط ضعف حزب العدالة والتنمية اليوم. خلال هذه الفترة، شهدت تركيا الكثير من الأمور، سواء كانت إيجابية أو سلبية، جيدة أو سيئة. كل هذه الأمور كانت بمثابة اختبارات لحزب العدالة والتنمية. تمكن الحزب من تجاوز بعض هذه الاختبارات بنجاح، في حين أثرت بعض الاختبارات الأخرى على الحزب وأضعفته.
وفرت الانتخابات القليلة الماضية معلومات كافية حول مدى تأثر حزب العدالة والتنمية بطول فترة حكمه. ففي عام 2019، خسر الحزب البلديات الكبرى في إسطنبول وأنقرة بعد 25 عامًا من إدارتها. وفي الانتخابات المحلية لعام 2024، احتل حزب العدالة والتنمية المرتبة الثانية لأول مرة منذ تأسيسه في جميع الانتخابات التي خاضها. هذا الوضع الجديد هو الأول من نوعه الذي يواجهه الحزب منذ 23 عامًا.
تحدث زعيم الحزب المؤسس ورئيسه رجب طيب أردوغان بشكل مفصل عن أسباب هذه الخسائر خلال تقييمه لنتائج الانتخابات الأخيرة. في الواقع، كُشف جزء كبير من التشخيص، ولكن لم يتم بعد تنفيذ برنامج علاجي. اليوم، يقف حزب العدالة والتنمية عند مفترق طرق خطير. السؤال هو: هل سيتمكن الحزب الذي نفذ إصلاحات ثورية في جميع المجالات من إظهار الإرادة أو الكفاءة اللازمة لقيادة البلاد نحو المستقبل وفقًا لفلسفته الخاصة أم لا؟ إذا كان الحزب قادرًا على إظهار هذه الإرادة، فيجب عليه تشخيص نقاط ضعفه الحالية بلا تردد والبدء في علاجها بشجاعة.
اليوم، العديد من الأزمات التي كانت موجودة في البلاد قبل 23 عامًا عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة قد تكررت وتفاقمت في ظل ظروف جديدة، وأصبحت أكبر مشاكل تواجه الحزب.
يبقى السؤال المهم هو مدى التزام حزب العدالة والتنمية بجذوره التي نشأ منها وهدفه التاريخي، وإلى أي مدى يتمتع القادة الحاليون في الحزب، باستثناء أردوغان، بالفهم والنية اللازمة لتحمل هذه المهمة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب العدالة والتنمیة العدالة والتنمیة ا فی الواقع
إقرأ أيضاً:
وزيرتا التضامن والتنمية المحلية ومحافظ الجيزة يفتتحون المجمع الخدمي بروضة السودان
افتتحت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة ، والمهندس عادل النجار محافظ الجيزة، المجمع الخدمي الجديد بمساكن روضة السودان بحي الدقي بالتعاون مع صندوق التنمية الحضرية.
وذلك بحضور المهندس خالد صديق رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية والدكتورة هند عبد الحليم نائب محافظ الجيزة، والأستاذ مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة «صناع الخير للتنمية».
وتُعد منطقة روضة السودان أحد المشروعات الحضارية البارزة ، التي نفذتها محافظة الجيزة بالتعاون مع صندوق التنمية الحضرية ، حيث جرى تحويلها من منطقة غير آمنة إلى مجمع سكني حضاري متكامل الخدمات، في إطار جهود الدولة للارتقاء بالمناطق غير المخططة وتوفير حياة كريمة لسكانها وتحسين مستوى المعيشة.
وتفقدت وزيرتا التضامن الاجتماعي والتنمية المحلية ومحافظ الجيزة المجمع الذي يضم عددًا من الخدمات المتكاملة تشمل حضانة أطفال، ووحدة للتضامن الاجتماعي، ومركز طبي ، ومركز استدامة للأعمال والحرف اليدوية، وذلك كمنحة مقدمة من صندوق التنمية الحضرية في إطار دعم المجتمعات العمرانية المطورة.
وأشادت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، بالخدمات المقدمة داخل المجمع السكني الحضاري، مؤكدة أن هذا يجسد التعاون والشراكة بين مختلف قطاعات الدولة من الحكومة والمجتمع المدني وكذلك القطاع الخاص، حيث يهدف الجميع إلى الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي ، أن افتتاح حضانة داخل المجمع يأتي في إطار التوجيهات الرئاسية الداعمة لتطوير منظومة الطفولة المبكرة باعتبارها أحد أهم ركائز بناء الإنسان المصري وتنمية رأس المال البشري، حيث تتسع جهود الوزارة نحو توسيع إتاحة خدمات الحضانة في مختلف محافظات الجمهورية.
وأشارت الدكتورة مايا مرسي، إلى أن افتتاح مركز الاستدامة للأعمال والحرف اليدوية التابع لمؤسسة صناع الخير ، يأتي في إطار الشراكة والتعاون المستمر بين الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني، في الاهتمام بالمنتجات الحرفية.
من جانبها، أشارت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية إلى حرص الحكومة علي الارتقاء بالمناطق غير المخططة وغير الآمنة وتوفير حياة كريمة للمواطنين وتحسين مستوي معيشتهم ، مشيرة إلى أن افتتاح المجمع الخدمي الجديد بمساكن روضة السودان يأتي في إطار جهود الحكومة لتنفيذ تكليفات القيادة السياسية بتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءتها، بما يوفر لهم حياة أفضل وجودة في تقديم الخدمات الأساسية.
وأضافت وزيرة التنمية المحلية، أن المجمع الجديد يمثل نموذجًا متكاملًا للخدمات التي يحتاجها المواطنين في تلك المنطقة ، حيث يضم مجموعة من القطاعات والإدارات الخدمية التي تمس حياة المواطنين ، ومن بينهم الأطفال والشباب وكبار السن .
وأوضحت د.منال عوض ، أن وزارة التنمية المحلية تعمل بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية والمحافظات على تعميم هذا النموذج الجيد في عدد من المناطق والمجتمعات السكنية خاصة ذات الكثافة السكانية الكبيرة وغير المخططة وتحويلها لمناطق لائقة بمختلف المحافظات .
ومن جانبه أكد المهندس عادل النجار محافظ الجيزة أن المجمع الخدمي الجديد يأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بالارتقاء بالمناطق المطوّرة وتوفير خدمات متكاملة للمواطنين في بيئة حضارية تليق بهم، مشيرًا إلى أن المحافظة تعمل بخطة متوازنة لضمان استدامة المشروعات الخدمية وتحسين جودة الحياة داخل المناطق التي تم تطويرها.
وقال المحافظ إن منطقة روضة السودان تُعد نموذجًا ناجحًا لتدخلات الدولة في تطوير المناطق غير الآمنة وتحويلها إلى مجتمعات عمرانية مكتملة الخدمات، لافتًا إلى أن المحافظة تتابع بشكل مستمر احتياجات الأهالي وتعمل على توفير الخدمات التعليمية والطبية والاجتماعية والترفيهية داخل المنطقة.
وأضاف النجار أن افتتاح مركز طب الأسرة وحضانة الأطفال ووحدة التضامن الاجتماعي ومركز استدامة للحرف يعكس حرص المحافظة على تنويع الخدمات وتقديمها في إطار واحد يسهل على المواطنين الحصول عليها دون تنقل أو مشقة، مؤكدًا أن هذه المشروعات ستسهم في خلق فرص عمل، وتدعيم دور المرأة، وتحسين مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.
وأشار المحافظ إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعزيزًا لبرامج التنمية المجتمعية داخل المناطق المطوّرة، مع التوسع في مراكز التدريب ودعم الحرف اليدوية، بما يهدف إلى تمكين الأسر اقتصاديًا ورفع كفاءة الموارد البشرية داخل المجتمع المحلي.