الجزيرة:
2025-05-16@16:33:12 GMT

حساب قاسٍ.. العدالة والتنمية بعد 23 عامًا من التأسيس

تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT

حساب قاسٍ.. العدالة والتنمية بعد 23 عامًا من التأسيس

نعيش هذه الأيام الذكرى الثالثة والعشرين لتأسيس حزب العدالة والتنمية. وتم عقد اجتماع في المقر العام للحزب، حيث ألقى رئيس الحزب، رجب طيب أردوغان، خطابًا تقييميًا. كان هذا الاجتماع أيضًا مناسبة سنوية لمراجعة الحسابات للأعوام الماضية.

تأسس حزب العدالة والتنمية في عام 1997، خلال فترة شهدت بكل غطرستها وتعاليها وهجومها انقلاب 28 فبراير/شباط ضد حكومة أربكان.

تم تأسيس الحزب في وقت كان فيه الانقلابيون يتباهون علنًا بأن هذا الانقلاب ليس حدثًا ليوم واحد بل هو عملية ستستمرّ لألف عام.

في الواقع، جاء تأسيس حزب العدالة والتنمية بعد إغلاق حزب الفضيلة الذي أُسّس بعد حلّ حزب الرفاه نتيجة لهذا الانقلاب. وكان مؤسس الحزب، رجب طيب أردوغان، ممنوعًا من العمل السياسي؛ بسبب إدانته نتيجة قصيدة ألقاها، مما جعله محرومًا من العمل السياسي. لذلك، كان هناك اعتقاد سائد بأن حزب العدالة والتنمية، الذي تأسس بعد حلّ حزب الفضيلة، لن يدوم طويلًا؛ بسبب التهديدات المستمرة لانقلاب 28 فبراير/شباط.

اليوم، أصبح من الممكن قراءة هذه الأحداث كجزء من التاريخ بعد مرور وقت طويل عليها. لقد مرت 23 عامًا منذ تأسيس الحزب، فترة طويلة لدرجة أن أولئك الذين وُلدوا في السنة التي تأسس فيها الحزب، وحتى الذين ولدوا في السنة التي وصل فيها إلى السلطة، بلغوا سن التصويت قبل ثلاث سنوات. هؤلاء الشباب لا يتذكرون تلك الأحداث، ومع التغير السريع الذي شهدته البلاد، مرت 23 عامًا بسرعة فائقة.

النظام الانقلابي الذي كان سائدًا في فترة تأسيس الحزب كان في الواقع محاولة لاستعادة السلطة من نظام سلطوي علماني استمر لمدة 80 عامًا. كانت هذه محاولة يائسة من النظام القديم لإعادة إنتاج نفسه، أو حتى البقاء على قيد الحياة في وجه التغيرات الاجتماعية. كانت الغطرسة المتمثلة في شعار "من أجل الشعب رغمًا عن الشعب" تحتوي على جهل كبير وتعصب أيديولوجي. كان البلد الذي يُدار بهذا التعصب الأيديولوجي يعاني من أزمة أيديولوجية وسياسية واجتماعية وإدارية عميقة. لم يكن بيد أولئك الذين جعلوا من الانقلابات عادةً أيديولوجية سوى تقديم الفساد وسوء الإدارة والظلم والقيود كحلول للمشاكل.

وفر الوضع الأزموي الذي كان يعيشه البلد فرصة كبيرة لبروز حزب العدالة والتنمية. الشخصيات التي أسست الحزب تميزت بقدرتها على تقديم قيادة جديدة، وتحفيز أيديولوجي ومشاريع للخروج من هذه الأزمة. الشعب الذي كان يعاني من تعصب الانقلابيين وإدارتهم الفاشلة، رأى في هذا الفريق الجديد فرصة لتمثيله بوضوح، وقام بإيصال حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بمفرده بعد 15 شهرًا فقط من تأسيسه.

وجد حزب العدالة والتنمية حلولًا قوية جدًا للأزمة التي كانت تعاني منها البلاد، وعرضها بشكل أقنع الشعب التركي بتجديد ثقته في الحزب في كل الانتخابات المتعاقبة. إلى درجة أن الشعب منحه صلاحيات وسلطات ومدة لم ينلها أي حزب آخر في تاريخ الديمقراطية. في البداية، بدا أن حزب العدالة والتنمية هو المعارضة داخل السلطة، حيث نفذ أنجح وأقوى الإصلاحات والمشاريع في تاريخ البلاد رغم النخبة الحاكمة والدولة العميقة.

كان البعد عن النخبة الحاكمة والتوترات معها، يجعل حزب العدالة والتنمية وفريقه أقرب إلى الشعب. وبهذه الطريقة، تم تجديد البلاد من الألف إلى الياء سواء في مجال التنمية أو في علاقة الدولة بالشعب. تم إنجاز أعمال كبيرة في مجالات: الصحة، الإسكان، النقل، التعليم، التمدن، الصناعات الدفاعية والإنتاج. هذه الأنظمة غيرت بالكامل مناخ البلاد، وجوهًا، وعادات حياتية. في الواقع، تركيا اليوم مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة.

ومع ذلك، فإن طول فترة الحكم التي استمرّت 23 عامًا تشكل في الوقت نفسه واحدة من أكبر نقاط ضعف حزب العدالة والتنمية اليوم. خلال هذه الفترة، شهدت تركيا الكثير من الأمور، سواء كانت إيجابية أو سلبية، جيدة أو سيئة. كل هذه الأمور كانت بمثابة اختبارات لحزب العدالة والتنمية. تمكن الحزب من تجاوز بعض هذه الاختبارات بنجاح، في حين أثرت بعض الاختبارات الأخرى على الحزب وأضعفته.

وفرت الانتخابات القليلة الماضية معلومات كافية حول مدى تأثر حزب العدالة والتنمية بطول فترة حكمه. ففي عام 2019، خسر الحزب البلديات الكبرى في إسطنبول وأنقرة بعد 25 عامًا من إدارتها. وفي الانتخابات المحلية لعام 2024، احتل حزب العدالة والتنمية المرتبة الثانية لأول مرة منذ تأسيسه في جميع الانتخابات التي خاضها. هذا الوضع الجديد هو الأول من نوعه الذي يواجهه الحزب منذ 23 عامًا.

تحدث زعيم الحزب المؤسس ورئيسه رجب طيب أردوغان بشكل مفصل عن أسباب هذه الخسائر خلال تقييمه لنتائج الانتخابات الأخيرة. في الواقع، كُشف جزء كبير من التشخيص، ولكن لم يتم بعد تنفيذ برنامج علاجي. اليوم، يقف حزب العدالة والتنمية عند مفترق طرق خطير. السؤال هو: هل سيتمكن الحزب الذي نفذ إصلاحات ثورية في جميع المجالات من إظهار الإرادة أو الكفاءة اللازمة لقيادة البلاد نحو المستقبل وفقًا لفلسفته الخاصة أم لا؟ إذا كان الحزب قادرًا على إظهار هذه الإرادة، فيجب عليه تشخيص نقاط ضعفه الحالية بلا تردد والبدء في علاجها بشجاعة.

اليوم، العديد من الأزمات التي كانت موجودة في البلاد قبل 23 عامًا عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة قد تكررت وتفاقمت في ظل ظروف جديدة، وأصبحت أكبر مشاكل تواجه الحزب.

يبقى السؤال المهم هو مدى التزام حزب العدالة والتنمية بجذوره التي نشأ منها وهدفه التاريخي، وإلى أي مدى يتمتع القادة الحاليون في الحزب، باستثناء أردوغان، بالفهم والنية اللازمة لتحمل هذه المهمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب العدالة والتنمیة العدالة والتنمیة ا فی الواقع

إقرأ أيضاً:

المتاحف والتنمية السياحية

 

مدرين المكتومية

 

أيام قليلة تفصلنا عن تظاهرة ثقافية ومعرفية بالغة الأهمية، تدعم جهود عدد من الجهات ذات الصلة بالعمل المُتحفي والثقافي والوثائقي؛ حيث يستضيف مُتحف عُمان عبر الزمان بولاية منح في محافظة الداخلية، أعمال المؤتمر الدولي "المتاحف ودورها في التنمية السياحية"، ولمدة ثلاثة أيام خلال الفترة من 18 إلى 20 من مايو الجاري، وهو الحدث الذي سيسلط الضوء على الأدوار المهمة للمتاحف في تعزيز نمو القطاع السياحي.

المؤتمر الدولي ينعقد بتنظيم من المتحف وبالتعاون مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ووزارة التراث والسياحة، ويشهد مشاركة ما يزيد عن 42 باحثًا وأكاديميًا وخبيرًا من 21 دولة، فضلًا عن عدد من المعنيين بقطاعي التراث والسياحة من داخل عُمان وخارجها.

ما يُميِّز هذا المؤتمر المرتقب أنه يتضمن استعراض العديد من الأوراق العملية، التي أعدها باحثون وأكاديميون ومهتمون بالشأن المُتحفي، وتتناول دور المؤسسات المُتحفية والتراثية في تنمية السياحة وصون المكوّن الثقافي، والسياحة المُتحفية والاقتصاد الثقافي، والفرص الاستثمارية المرتبطة به، بجانب الدور التعليمي والمعرفي للمتاحف من خلال الشراكات الأكاديمية، وكذلك جهود توظيف التقنيات الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في إثراء تجربة الزائر.

المؤتمر ثمرة تعاون بين 3 جهات، أولها متحف عُمان عبر الزمان، ذلك الكيان المتحفي الرائد الذي يروي تاريخ عُمان على مر العصر ويسلط الضوء على أبرز المحطات التاريخية الفاصلة في حياة الإنسان العُماني الذي عاش منذ القدم على هذه الأرض الطيبة.

إلى جانب دور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وهي أكبر أرشيف وطني في عُمان، يزخر بالعديد من الوثائق والمخطوطات التي توثق بكل دقة العديد من المراحل التاريخية، بما فيها من شخصيات رائدة وسِيَر إنسانية مُلهمة، تبرهن مدى عِظم الإنسان العُماني، في مسيرته الحضارية الممتدة عبر آلاف السنين، وفي شتى الحقب الزمانية.

أما الجهة الثالثة التي تشارك في تنظيم هذا الحدث المحوري، فهي وزارة التراث والسياحة، والتي تتولى مهمة النهوض بالقطاع السياحي وتوفير كافة السبل الكفيلة ببناء قطاع سياحي مُزدهر، يُسهم في رفد الخزانة العامة بالإيرادات التي تدعم التنويع الاقتصادي، وتساعد في توفير فرص العمل، وتُعزز الازدهار الاقتصادي.

ولا ريب أن للمتاحف دورًا مؤثرًا في تنشيط الحركة السياحية، ودعم نمو القطاع، بفضل ما توفره من تجارب بصرية ومعارف تعليمية مميزة؛ الأمر الذي يساعد على تعزيز الهوية الثقافية، وجذب المزيد من السياح إلى البلد، والمساهمة في نمو اقتصادنا الوطني. وهذه المتاحف ليست فقط صالات عرض للكنوز الثمينة، لكنها نوافذ عملاقة يُطل من خلالها الزائر على مراحل التاريخ، بما فيها من عراقة وثراء معرفي وثقافي وحضاري، وهي في ذلك تصبح جزءًا أصيلًا من أي استراتيجية للتنمية السياحية؛ إذ لا سياحة دون متاحف. والدليل على ذلك، أننا عندما نشارك في أية فعاليات خارج الدولة، تحرص الجهات المُنظمة للفعاليات على تنفيذ جولات وزيارات ميدانية للوفود المشاركة إلى عدد من المتاحف؛ بهدف تعريف هذه الوفود بتاريخ وحضارة البلد الذي يزورونه.

ومن المميز في هذا المؤتمر الدولي أنه يتضمن تنظيم 3 حلقات عمل تخصصية، إضافة إلى معرض تشارك فيه مؤسسات حكومية وخاصة، وعدد من الباحثين والأكاديميين، لإبراز الأبعاد الثقافية والاقتصادية للمتاحف ودورها المجتمعي والسياحي.

هذه الجهود الحثيثة تواكب بلا أدنى شك مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز التنمية السياحية وترسيخ الجوانب الثقافية، فيما بات يُعرف بالاقتصاد البنفسجي، وهو فرع الاقتصاد القائم على الجوانب الثقافية والفكرية، والتي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي قائم على المقومات الثقافية والحضارية.

ولذلك فإن أدوار المتاحف متعددة في دعم القطاع السياحي، منها ترسيخ الهوية الثقافية من خلال ما تقدمه من تجارب تعليمية مميزة للزوار؛ سواءً كانوا مواطنين أو سياح أجانب؛ إذ تعرض المتاحف القطع الأثرية والمخطوطات التاريخية. كما تُسهم المتاحف في جذب السياح المهتمين بالثقافة والتاريخ؛ حيث نلاحظ اهتمام السياح الأجانب بزيارة متاحفنا للاطلاع على الجوانب التاريخية المُشرقة في حضارتنا على مر العصور.

ولعل من أبرز أدوار المتاحف أنها تعزز التعاون مع المتاحف الأخرى حول العالم، بما يساعد على تبادل الخبرات والترويج للتراث العماني عالميًا، وأكبر مثال على ذلك تعاون المتحف الوطني العُماني مع متحف الإرميتاج الروسي.

ومن هذا المنطلق، نؤكد أن متاحفنا العُمانية بمثابة منارات تشع نور المعرفة وضياء الثقافة، وتمنح زوارها تجربة ثقافية وحضارية لا تُنسى، بفضل الإمكانيات المتطورة والثراء الحضاري الذي تزخر به. والجمع بين الثقافة والسياحة، يمثل سموًا حضاريًا جديرًا بالاحترام والتقدير؛ حيث تتحول السياحة من كونها نشاط ترفيهي، إلى منظومة اقتصادية وثقافية متكاملة، تدعم خطط الدولة على أكثر من صعيد.

وإنني لأدعو جموع المهتمين بالشأن المُتحفي والباحثين في مجال الثقافة وعلاقتها بالتنمية السياحية، أن يحرصوا على متابعة أعمال هذا المؤتمر الدولي، والذي أسعد بالمشاركة فيه وتغطيته صحفيًا، انطلاقًا من أدوار الصحافة والإعلام الرائدة في مثل هذه المناسبات.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • كركي: إعطاء المستشفيات المتعاقدة مع الصندوق سلف على حساب معاملات الاستشفاء
  • الصين: ندعم سوريا في انتهاج سياسات شاملة لاستعادة الاستقرار والتنمية في البلاد
  • لقمةُ الشعبِ في قمّة الذلّ
  • 3 أهداف.. ما أهمية الزيارات الميدانية في حساب المواطن؟
  • إسنا الصناعية تتألق: رابع الجمهورية وأول الصعيد في «أكفأ مدارس التأسيس العسكري»
  • عاجل.. بولونيا بطلًا لـ كأس إيطاليا على حساب ميلان
  • براهيمي يبلغ نصف نهائي كأس أمير قطر على حساب عطال
  • إمام أوغلو: العدالة والتنمية يستغل قضية “الكردستاني” لكسب الانتخابات
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • المتاحف والتنمية السياحية