تساءلت صحيفة واشنطن بوست أي الأوصاف "مدمر أو منهك أو غير منقوص" أنسب لوصف حالة البرنامج النووي الإيراني بعد الضربات الأميركية؟ مشيرة إلى أن الجواب عن هذا السؤال الذي أزعج واشنطن طيلة الأسبوع الماضي هو الذي سيحدد نتيجة الصراع مع إيران.

وأوضحت الصحيفة -في افتتاحيتها- أن الضربة الأميركية إذا كانت "قضت" على البرنامج النووي الإيراني بالكامل، كما يصر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فستكون الولايات المتحدة قد أثبتت قدرتها على تدمير قدرة إيران على إنتاج الأسلحة النووية متى شاءت، وعليه تبقى الدبلوماسية ضرورية حتى لا تضطر واشنطن لقصف إيران بانتظام لمنعها من إعادة بناء برنامجها النووي، وذلك ما يفرض على طهران أن تقبل بتنازلات، وربما بالتخلي عن طموحاتها النووية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة إسرائيلية تكشف عن انهيار صفقة سرية لإنهاء محاكمة نتنياهوlist 2 of 2صحيفة إسرائيلية: تاريخ ترامب الطويل في تسريب المعلومات السريةend of list

أما إذا لم تسفر الضربة الأميركية عن تدمير كامل، فقد تشعر إيران بقدرتها على الدفاع عن برنامجها النووي في وجه القوة النارية الأميركية الساحقة، وبالتالي سيحدد حجم الضرر مدى قدرة طهران على مقاومة المحاولات الأميركية، وفي هذه الحالة أيضا تكون الدبلوماسية ضرورية، وستكون المفاوضات أكثر صعوبة بالنسبة لترامب.

عمال يحركون قضيب الوقود في مصنع تصنيع الوقود في منشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان (رويترز)

ولكن الحقائق غير واضحة في الوقت الحالي -كما تقول الصحيفة- وتقرير وكالة استخبارات الدفاع المسرب يشير إلى أن الضربة الأميركية أعاقت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، ولذلك فإن إيران تستطيع العودة إلى تخصيب المزيد من الوقود النووي، إضافة إلى مخزونها الذي يرجح أنه نقل إلى مكان آمن، حتى لو كانت أجهزة الطرد المركزي قد دمرت، لأنه لا يمكن محو الخبرة التقنية التي تراكمت لدى طهران على مدى عقود.

ضرورة استئناف المحادثات

ومع أن ترامب يبدو مستعدا لإعادة التواصل مع إيران دبلوماسيا، فإن إيران ترفض التفاوض مع واشنطن حتى الآن، وقد أقر نوابها مشروع قانون لتعليق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد لا تكون في عجلة من أمرها للعودة إلى المحادثات، في انتظار أن تتعافى من أسبوعين من الغارات الجوية القاسية التي قضت على قيادتها العسكرية وألحقت أضرارا بالغة ببنيتها التحتية للطاقة.

ورأت الصحيفة أن استئناف المحادثات ضروري، وخاصة إذا لم تكن الولايات المتحدة قد دمرت القدرة النووية الإيرانية، وسيكون من الحكمة أن يقدم ترامب حوافز مع احتفاظه بخيار المزيد من العمل العسكري، وأن يبقي الهدف مركزا على كبح طموحات إيران النووية بدلا من توسيع نطاق الأهداف لدرجة تجعل المفاوضات أكثر صعوبة.

منشآت نووية إيرانية تعمل بالماء الثقيل قرب مدينة آراك على بعد 250 كيلومترا جنوب غرب طهران (أسوشيتد برس)

وإذا كانت إيران مصرة على مواصلة برنامجها النووي المدني كما تقول، فيجب -حسب الصحيفة- تحقيق ذلك مع شركاء دوليين تحت رقابة صارمة وعمليات تفتيش دقيقة وقيود على مستوى اليورانيوم المخصب المسموح لها بامتلاكه، مع ضرورة إجبارها على الكشف عما هو مخفي والتخلي عنه، مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات التي شلت اقتصادها، ووعد باستعادة مليارات الدولارات من أصولها المجمدة في جميع أنحاء العالم.

إعلان

وفي غياب حل دبلوماسي، فإن السيناريو الأفضل -حسب واشنطن بوست- هو أن تمارس الولايات المتحدة وإسرائيل لعبة "ضرب الخلد" على الأمد الطويل، في محاولة مستمرة للعثور على المواقع النووية المشتبه بها وتدميرها، علما أن إيران، بعد أن تعرضت للإذلال، ستبتكر طرقا أكثر إبداعا لإخفاء وحماية برنامجها النووي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات البرنامج النووی الإیرانی برنامجها النووی

إقرأ أيضاً:

مساع إيرانية لوساطة سعودية مع واشنطن وسط مخاوف من حرب جديدة في المنطقة

كشفت وكالة رويترز أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تلقى، خلال الاستعدادات النهائية لزيارته المرتقبة إلى البيت الأبيض، رسالة غير مألوفة من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان طلب فيها وساطة الرياض لاستئناف المحادثات النووية بين طهران وواشنطن.

وبحسب مصدرين إقليميين تحدثا للوكالة، فإن الطلب الإيراني جاء مدفوعا بالخوف من اندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.

وقال بزشكيان في رسالته، وفق المصادر، إن إيران "لا تسعى إلى المواجهة" وإنها مهتمة بتعزيز التعاون مع دول المنطقة، مضيفا أنها لا تمانع حلا دبلوماسيا للملف النووي شريطة الحصول على ضمانات بعدم المساس بحقوقها.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن الرسالة إلى بن سلمان "شأن ثنائي"، بينما لم تُدلِ الرياض بأي تعليق رسمي حتى اللحظة.

قناة سعودية نحو واشنطن
مصدر خليجي أفاد لرويترز بأن طهران تبحث عن مسار آمن لإعادة فتح قنوات التواصل مع واشنطن، وأن ولي العهد السعودي يبدي رغبة في الدفع نحو حل غير عسكري للأزمة. 

وأضاف المصدر أن بن سلمان أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستعداده للمساعدة في ذلك، وهو ما كرره لاحقا في مؤتمر صحفي الثلاثاء: "سنبذل قصارى جهدنا لمساعدة الطرفين على التوصل إلى اتفاق".

ويرى التقرير أن اختيار السعودية وسيطا خطوة مفاجئة لكنها ليست اعتباطية؛ فالعلاقة بين طهران والرياض شهدت تحسنا ملحوظا بعد المصالحة التي رعتها الصين عام 2023، فيما تحولت المملكة لاحقا إلى لاعب دبلوماسي رئيسي بفضل علاقاتها الوثيقة مع واشنطن وصلاتها الشخصية بترامب.

ويؤكد مسؤولون إيرانيون سابقون أن الوساطة السعودية أصبحت أكثر فاعلية من قنوات تقليدية مثل عُمان وقطر.


شروط متباعدة رغم الرغبة في الحوار
ورغم استعداد الطرفين للعودة إلى المسار الدبلوماسي، إلا أن الخلافات الأساسية لا تزال عميقة. فإيران تتهم الولايات المتحدة بـ"خيانة الدبلوماسية" من خلال وقوفها مع الاحتلال الإسرائيلي في الحرب، وتطالب برفع العقوبات النفطية التي تخنق اقتصادها. 

في المقابل، تصر واشنطن على وقف تخصيب اليورانيوم وتقليص برنامج الصواريخ الباليستية ووقف دعم المجموعات المسلحة في المنطقة، وهي مطالب ترفضها طهران بشدة.

وفي حين يواصل ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحذير من هجوم عسكري جديد إذا استأنفت إيران مستويات أعلى من تخصيب اليورانيوم، تتمسك طهران بأن برنامجها النووي "مدني بالكامل"، متوعدة برد "ساحق" على أي هجوم إسرائيلي.

ضائقة داخلية تضغط على القيادة الإيرانية
ورغم تشدد المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي يكرر رفضه التفاوض "تحت التهديد"، إلا أن الضغوط الداخلية تجعل هذا الموقف أكثر تعقيدا. فإيران تعاني من انهيار اقتصادي وتراجع في قيمة الريال، وارتفاع كبير في معدلات التضخم، إضافة إلى أزمة مياه حادة ناجمة عن سوء الإدارة والعقوبات.

وبحسب مسؤولين إيرانيين رفيعين تحدثا لرويترز، فإن الخوف من هجوم إسرائيلي آخر والضائقة الاقتصادية يدفعان طهران للبحث عن اختراق دبلوماسي مع واشنطن. 

وتأتي هذه التحركات بعد تقارير إعلامية محلية أشارت إلى أن مستشارا بارزا للمرشد دعا ترامب الأسبوع الماضي إلى "محادثات جادة قائمة على الاحترام المتبادل والمساواة".

مقالات مشابهة

  • مساع إيرانية لوساطة سعودية مع واشنطن وسط مخاوف من حرب جديدة في المنطقة
  • إيران تستغيث بمحمد بن سلمان لإحياء النووي.. طهران تراهن على ولي العهد السعودي
  • إيران تتهم واشنطن والدول الأوروبية بإنهاء اتفاق القاهرة النووي
  • بعد قرار الوكالة الذرية.. هذه أبرز السيناريوهات التي تنتظر النووي الإيراني
  • إيران تحدد شرط تفتيش منشآتها النووية "المقصوفة"
  • إيران ترفض السماح للطاقة الذرية بتفتيش منشآتها النووية المتضررة من الحرب
  • واشنطن بوست: ترامب قدم غطاء سياسيا لقتلة خاشقجي
  • ما خيارات إيران بعد مشروع القرار الغربي لإلزامها بكشف مواقعها النووية؟
  • طهران تنفي أي تفاوض مع واشنطن والترويكا تصعّد تجاه إيران
  • لماذا يُحرَّم على إيران؟.. المنصات تستنكر الاتفاق النووي بين واشنطن وسول