MEE: مصر توافق على بقاء إسرائيل بمحور فيلادلفيا مقابل تشغيل فلسطيني لمعبر رفح
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا، أعدّه أحمد عابدين قال فيه إن مصر وافقت على سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلية على حدود غزة معها، مقابل إعادة فتح معبر رفح بإدارة فلسطينية.
وأضاف أن مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي توصّلتا إلى تفاهم يسمح بوجود أمني إسرائيلي عند حدود غزة- مصر، مقابل إعادة فتح معبر رفح وتشغيل الفلسطينيين له، حسب ثلاثة مسؤولين مصريين بارزين.
وبحسب دبلوماسي مصري مسؤول في جهاز المخابرات العامة، وآخر من المخابرات العسكرية، فقد قدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي خيارين لمحور فيلادلفيا. الأول هو بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلية في المحور كما هو الحال من احتلاله في أيار/ مايو. أما الثاني، فهو استبدال القوات من خلال جدار أرضي ورقابة إلكترونية ودوريات من وقت لآخر.
وقالت مصر إنها ستوافق على الخيارين لو وافقت عليها الفصائل الفلسطينية وبخاصة حماس. لكن الأخيرة، أكّدت أنّها لن توافق على وقف إطلاق النار في غزة إلا في حالة تأكدها من انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من القطاع بما في ذلك محور فيلادلفيا.
ونقل الموقع عن مصادر مقربة في حماس، قولها، إنها ليست على معرفة بموافقة مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي وأن اتفاقا كهذا ليس مفاجئا أو بالضرورة مقبولا من الحركة. ويعتبر محور فيلادلفيا الذي يمتد على طول 14 كيلومترا وبعرض 100 متر مربع منطقة منزوعة السلاح أنشئ بموجب اتّفاقين بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي، في عام 1979 و 2005.
ويقضي الاتّفاقين على منع أي من الطرفين نشر قوات عسكرية بقرار من طرف واحد في المنطقة. إلا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطر في أيار/ مايو على معبر رفح وسيطر على الحدود بين غزة ومصر، وهو تحرّك شجبه المتحدث باسم الحكومة المصرية، ضياء رشوان، واعتبره خرق لمعاهدة كامب ديفيد عام 1979.
ومنذ ذلك الوقت عقد المصريون والإسرائيليون عددا من اللقاءات لبحث وضع المحور، وحضر بعضها مسؤولون أمريكيون.
وبحسب المسؤول من المخابرات المصرية العامة، فقد أظهرت مصر استعدادا للمرونة بشأن وجود إسرائيلي بالمنطقة المنزوعة السلاح. ومن جهة أخرى أكد المصريون على ضرورة إعادة فتح معبر الذي لا يقع على الحدود مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وإدارة الجانب في غزة كيان فلسطيني من نوع ما. وطلب الموقع تعليقات من الجيش المصري، ووزارة الخارجية المصرية، وكذا سي آي إيه، ومكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي.
وحسب المصادر، تُفضّل دولة الاحتلال الإسرائيلي الحفاظ على مستوى السيطرة الحالي في محور فيلادلفيا، ونشر أعداد كبيرة من القوات على الأرض. وذلك لأن الاحتلال الإسرائيلي لا تثق بقدرة المصريين على منع تهريب الأسلحة للجماعات الفلسطينية إلى غزة من سيناء.
وقال المسؤول في المخابرات العامّة إن المخابرات المصرية أخبرت دولة الاحتلال الإسرائيلي أنّها مستعدة لأن تسمح للإسرائيليين عمل هذا. كما واقترحت دولة الاحتلال الإسرائيلي سحب قواتها واستبدالها بجدار ارضي عازل مزود بالتكنولوجيا الحديثة ونظام متقدم للإستشعار مرتبط بغرفة عمليات إسرائيلية. ويطلق النظار إشارات تحذير بشأن أي عملية حفر أو تحرك في الأنفاق ووسائل أخرى للتهريب، حيث يتم الضرب من الجو أو الأرض.
وقال مسؤول المخابرات العامة، إن هذا الخيار رفضته مصر بشكل متكرر لاعتقادها أنه ينتهك السيادة المصرية ويضر بالأمن القومي. ومع ذلك، وافقت القاهرة في النهاية وظل خيار الجدار على طاولة البحث.
وأشار المسؤول العسكري المصري، الذي شارك في المناقشات، إلى أن هذا يرجع جزئيا إلى أن رغبة دولة الاحتلال الإسرائيلي في الحفاظ على وجود عسكري كبير على الحدود تواجه تحديات كبيرة. وتتعرض قوات الاحتلال الإسرائيلية بالمنطقة وأجزاء غزة الأخرى لهجمات بقنابل الهاون التي تطلقها حماس، وتترك إصابات كبيرة بما فيها قطع الأطراف.
وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي فقد قتل منذ بداية الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 690 جنديا إسرائيليا. وفي الأسبوع الماضي، قالت دولة الاحتلال الإسرائيلي إن أكثر من 10,000 من جنودها جرحوا في الحرب، بمن فيهم 3,700 تلقوا إصابات بالأطراف.
وقالت المصادر إن البعض في دولة الاحتلال الإسرائيلي يفضّل تركيب أجهزة استشعار لإبعاد الجنود عن مرمى النيران. وأكدت المصادر على أن معبر رفح هو بمثابة خطر أحمر، وأكّدت مصر على ضرورة خروج قوات الاحتلال الإسرائيلية منه وتسليمه لسلطة فلسطينية.
ومن غير المرجح موافقة دولة الاحتلال الإسرائيلي على عودة حماس وتشغيل المعبر. ورغم إصرار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة لإدارة القطاع، فإن حكومة الاحتلال الإسرائيلية متردّدة في التعامل مع هذا الخيار أيضا.
وهناك شائعات من تسليم مهمة تشغيل المعبر إلى عناصر في تيار الإصلاح الديمقراطي التابع للقيادي السابق في فتح، محمد دحلان، المقيم حاليا في الإمارات، ويعمل مستشارا للرئيس الإماراتي، وهو مقرب من الحكومة في مصر. ولكن عادل الغول، قائد تيار الإصلاح الديمقراطي المقرب من دحلان، نفى وجود خطة لإدارة المعبر. وقال إن حزبه سوف يؤكد على التوافق الفلسطيني حول من سيدير المعبر.
وقال الدبلوماسي المصري إن "مصر ستوجه دعوة لحماس وفتح لإجراء حوار في الأيام المقبلة في القاهرة والإتفاق على إدارة معبر رفح". وخسرت مصر تأثيرها عندما سيطرت دولة الاحتلال الإسرائيلي على المعبر. وكانت نسبة 40 في المئة من واردات القطاع تمر قبل الحرب عبر رفح.
وتحوّل المعبر إلى أهم معبر للمواد الإنسانية والطبية بعدما أغلقت دولة الاحتلال الإسرائيلي كل المعابر التي تسيطر عليها. لكنه بدون تشغيل منذ أيار/ مايو. وقالت السلطات المحلية في غزة إن إغلاق المعبر ساهم في وفاة 1,000 فلسطيني، كانوا سيظلون على قيد الحياة بالمساعدات الإنسانية أو نقلهم إلى الخارج. وهناك 25,000 مريض ومصاب فلسطيني بحاجة للعلاج العاجل خارجة القطاع.
وأشار الدبلوماسي المصري إلى أن بعض الأشخاص المؤثرين خسروا "مكاسب اقتصادية" عندما أغلق المعبر. وقبل إغلاقه كانت شركة يديرها رجل أعمال حليف لرئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، وتكسب في اليوم مليوني دولار من الفلسطينيين الفارين من غزة.
وكانت شركة هلا للخدمات السياحية والتي يديرها شيخ قبيلة اسمه إبراهيم العرجاني، تقاضي 5,000 دولارا للكبار و2,500 دولارا للصغار. وقال الدبلوماسي إن بعض الأشخاص الذين تربحوا من المعبر أثناء الحرب شاركوا في المفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع أنه لم يذكر اسم أيا منهم.
ويرى الدبلوماسي أن مصر قد خفّفت من موقفها بسبب الضغوط الأمريكية والإسرائيلية ولأنها تستورد كميات من الغاز الإسرائيلي، في وقت تواجه فيه أزمة انقطاع مستمر للتيار الكهربائي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية مصر غزة معبر رفح محور فيلادلفيا مصر غزة معبر رفح محور فيلادلفيا المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الاحتلال الإسرائیلیة دولة الاحتلال الإسرائیلی معبر رفح
إقرأ أيضاً:
وزير فلسطيني: إسرائيل دمّرت 90% من المنشآت الصناعية بغزة (فيديو)
قال وزير الصناعة الفلسطيني، عرفات عصفور، إن "العدوان الإسرائيلي المتواصل أدى إلى تدمير أكثر من 90% من المنشآت الصناعية في قطاع غزة، وأدى إلى التوقف التام عن العمل والإنتاج، باستثناء بعض الورش الصغيرة جدا، وهو ما خلق فراغا كبيرا في حجم الناتج المحلي".
كما أدى العدوان الإسرائيلي لانخفاض إنتاج الصناعات في الضفة الغربية المُحتلة بشكل عام بنسبة تزيد على 40%، وذلك نتيجة غياب قطاع غزة كليا، وانخفاض الدخل الفلسطيني في الضفة الغربية، وتراجع الصادرات، وفقا لما أورده الوزير الفلسطيني في مقابلته الخاصة مع "عربي21".
وأضاف عصفور أنهم عقدوا اجتماعا مؤخرا مع الاتحاد الأوروبي، وجرى الحديث عن "إنشاء برنامج بالتعاون معهم لدعم القطاع الصناعي تحديدا، وهناك ثلاثة برامج تمت الموافقة عليها مع مؤسسة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة (اليونيدو)، ومن المتوقع أن يبدأ تنفيذها قريبا".
ولفت وزير الصناعة الفلسطيني، إلى أنهم يعملون على "جذب الاستثمارات والتمويل الدولي الذي يحتاج إلى سياسات محددة وتسهيلات واضحة، والعمل قد بدأ فعليا خلال السنة الجارية، وقد قطعنا شوطا جيدا جدا في هذا الاتجاه".
وإلى نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تنظرون لتداعيات العدوان الإسرائيلي على الصناعة الفلسطينية بعد مرور نحو 19 شهرا على الحرب؟
منذ بداية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مرّ أكثر من عام ونصف حاليا على العدوان الإسرائيلي الغاشم. ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى قسمين: القسم الأول فيما يتعلق بقطاع غزة، والقسم الآخر فيما يتعلق بالضفة الغربية والقدس الشريف.
في قطاع غزة، نحن أمام دمار تجاوز 90% في المنشآت الصناعية، وتوقف تام عن العمل والإنتاج، باستثناء بعض الورش الصغيرة جدا.
أما في الضفة الغربية، فإن الحديث يدور حول انخفاض إنتاج الصناعات بشكل عام بنسبة تزيد على 40%، لأن أكثر من 30% من الإنتاج كان يذهب لسوق غزة، إضافة إلى تدني القدرة الشرائية في الضفة الغربية، وتراجع الصادرات.
أما في قطاع غزة، فقد توقف هذا القطاع كليا، وللأسف فإن معظم المساعدات والإسناد الإغاثي الذي كان يُقدَّم لقطاع غزة كان يأتي من الخارج، وليس من الصناعات الفلسطينية الموجودة سابقا، مما خلق فراغا كبيرا في حجم الناتج المحلي.
نتحدث اليوم عن انخفاض في الصناعات بالضفة الغربية بنحو أقل من 50%، وذلك نتيجة غياب قطاع غزة كليا، وانخفاض الدخل الفلسطيني في الضفة الغربية.
هل هناك أرقام حول حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بالعملية الصناعية في قطاع غزة والضفة الغربية خلال العدوان الإسرائيلي الحالي؟
الإحصائيات التي كانت متعلقة بقطاع غزة، للأسف هذه الإحصائيات كانت قبل استئناف الحرب، كنّا نتحدث عن خسائر تقدر بحوالي 930 مليون دولار أمريكي نتيجة الأضرار المباشرة، أي الدمار المباشر.
لا نتحدث هنا عن الفرص الضائعة، بل عن الدمار المباشر في المنشآت، والمعدات، والمواد الخام المخزنة، وفي توقف العمل.
وإذا أردنا حساب الخسائر ضمن القطاع الأوسع فسنصل إلى مبالغ أكبر من ذلك بكثير، لكن وفقا للإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الإحصائيات الداخلية التي قمنا بها، فإن الرقم الذي كنا نتحدث عنه هو 930 مليون دولار، وذلك قبل استئناف الحرب، أي قبل الـ72 يوما الأخيرة.
هل لديكم رصدا بعدد المؤسسات الصناعية التي تضرّرت بسبب العدوان الإسرائيلي؟
الإحصائيات الأخيرة غير متوفرة حاليا، لكن كنا نتحدث عن نحو 1250 منشأة تقريبا، حسب آخر الإحصائيات التي تم إجرائها في تشرين الأول/ أكتوبر 2024.
كم عدد العاملين في القطاع الصناعي الذين فقدوا وظائفهم نتيجة الحرب؟
إذا أردنا الحديث عن قطاع الصناعة في فلسطين بجميع مناطقها، أي في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن الحديث يدور حول حوالي 135 ألف عامل، الجزء الأكبر منهم -أكثر من 100 ألف- كانوا موجودين في الضفة الغربية، والجزء المتبقي كان في قطاع غزة، أما الآن، فهؤلاء العاملين في قطاع غزة توقفوا كليا.
ويمكن القول إن الوضع في الضفة الغربية لا يختلف كثيرا اليوم، عندما نتحدث عن منطقة الشمال في الضفة الغربية، مثل جنين وطولكرم، فنحن أمام نفس المشكلة تقريبا، وإن كانت أقل حدة، لكنها مشكلة قائمة.
نتحدث عن أعداد كبيرة، لكن لا توجد إحصاءات دقيقة؛ لأن الإحصائيات الخاصة بقطاع غزة غير متوفرة حاليا، بينما في الضفة الغربية، هناك على الأقل ما يُقدّر بنحو 25% من الأيدي العاملة تم تسريحها نتيجة انخفاض الطلب وضعف الإنتاجية.
هل هناك برامج طوارئ لدعم العمال المسرّحين؟
تكفلت عدد من المؤسسات، ومنها وزارة العمل تحديدا، بتقديم دعم مرحلي عبر صناديق التشغيل، هذا الدعم يشمل فترات تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر.
حاليا نحن بصدد إعداد برنامج جديد بالتعاون بين وزارة الصناعة ووزارة العمل، ويهدف إلى دعم مجموعة تضم أكثر من 10 آلاف عامل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
البرنامج ينقسم إلى شقين:
الشق الأول: 75% من العمالة التي ما زالت مستمرة في عملها وتوجد داخل المنشآت في الضفة الغربية، والهدف هنا هو منع تسريح هؤلاء العاملين.
الشق الثاني: 25% لإعادة العمال المسرحين إلى أماكن عملهم في المنشآت الصناعية أو استقطاب عمال جدد.
والأساس في هذا المشروع هو أن 50% من التكلفة تتحملها المنشأة، بينما يتحمل البرنامج النصف الآخر، وبشرط أن يتم توظيف هذه العمالة بشكل دائم في المنشآت بعد مرور 6 أشهر من بدء البرنامج.
هل لديكم تقدير لتكلفة إعادة تشغيل المصانع المدمّرة أو المتوقفة؟
الإحصائيات الأكثر دقة هي التي تتعلق بقطاع غزة، فكما ذكرت: كنّا نتحدث في السابق عن دمار مباشر بلغ 930 مليون دولار. وبلا شك، سيكون الرقم الحالي أكبر من ذلك، لكن للأسف لا توجد إحصائيات متوفرة حاليا، لذا لا نريد أن نستبق الأحداث أو نضع أرقاما جزافية قبل أن تستند إلى إحصاءات دقيقة.
ما انعكاس الأضرار التي لحقت بقطاع الصناعة على الاقتصاد الفلسطيني عموما؟
بالنسبة لانعكاس الأضرار التي لحقت بالقطاع الصناعي على الاقتصاد الوطني الفلسطيني عموما، فإن الناتج الصناعي كان يشكل نسبة تتراوح بين 12% إلى 13% من الدخل القومي الفلسطيني، مثل باقي القطاعات الأخرى.
القطاع الصناعي هو بلا شك من المتضررين، لكنه ليس الأكثر تضررا، فتضرر قطاع السياحة كان أكثر بكثير.
وبالتالي، فإن حجم الانعكاس على مستوى الدخل القومي يمكن أن نُقدّره بما يتناسب مع هذا التراجع؛ فنتحدث عن انخفاض الدخل الفلسطيني من 17 مليار دولار إلى 12 أو 13 مليار دولار، والحديث يدور حول تراجع بنحو 35% إلى 36%، وهو ما يعكس حجم التراجع الكلي.
ما أبرز الجهود التي تقوم بها وزارة الصناعة الفلسطينية تحت قيادتكم؟
أولا نحن بأمس الحاجة إلى إعادة تفعيل الاستهلاك الفلسطيني الداخلي.
في الأسبوع الماضي تحديدا، عقد مجلس الوزراء جلسة في بيت لحم، واتخذ قرارا بإلزام استخدام المنتج الوطني الفلسطيني في العطاءات العامة حتى فارق سعر نسبته 15%.
ومن شأن هذا القرار أن يعزّز استخدام المنتجات الفلسطينية في كل المشاريع الحكومية، وكذلك المشاريع التابعة للبلديات والهيئات المحلية وغيرها.
وهو من شأنه إعادة تحريك عملية الإنتاج، وتعزيز الطلب، وبالتالي زيادة الإنتاج المحلي.
أما على المستوى الخارجي، فقد تم مؤخرا توقيع ثلاثة برامج مع جهات مانحة؛ مع إيطاليا واليابان وألمانيا، بإجمالي يزيد على 6 أو 7 مليون دولار، وتستهدف هذه البرامج القطاع الصناعي بشكل مباشر.
الأمر الأهم أننا نعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة لبرنامج جديد سيتم إقراره نهاية شهر حزيران/ يونيو القادم بالتعاون مع مؤسسة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة «اليونيدو» هذا البرنامج سيكون الأول من نوعه في فلسطين، ومن المتوقع أن تصبح فلسطين الدولة السابعة على مستوى الوطن العربي التي تمتلك برنامجا وطنيا للتنمية الصناعية.
وهناك مشروع يجري العمل على إعداده يتعلق بتوفير منح وقروض للمنشآت الصناعية لمساعدتها على تجاوز الأزمة الراهنة والحفاظ على صيرورة الإنتاج والتطور لديها.
كذلك من المتوقع بدء استقبال منطقة جنين الصناعية لمستثمرين جدد، وهي منطقة مُجهّزة وفق أعلى المعايير العالمية.
وهناك تعاون مع الجامعات، ونحن بصدد إطلاق منصة للتعاون الصناعي الأكاديمي لدفع مسيرة البحث العلمي التطبيقي الذي يسهم في التنمية الصناعية وحل المشاكل التي تواجه الجامعات.
إلى ذلك سيتم العمل على تشجيع القطاع الخاص على إقامة المناطق الصناعية الخاصة؛ نظرا لأن هذا النموذج هو الأنجع على الصعيد العالمي.
وهناك العديد من المشاريع والبرامج التي تقدم الدعم للمنشآت الصناعية، والتي تهدف إلى رفع تنافسيتها عبر تطوير الجودة وتخفيض تكاليف الإنتاج.
ما هي أولوياتكم في تطوير القطاعات الإنتاجية؟
الحفاظ على الموجود والقائم حاليا من أهم الأولويات في الظرف الحالي.
نحن نمر بظرف صعب جدا، نتحدث عن أكثر من ألف نقطة قطع في الضفة الغربية، بين حواجز إسرائيلية ونقاط إغلاق، مما يجعل التواصل اليومي صعبا جدا.
لذا نعمل على تثبيت العاملين في المصانع القائمة، ودعم هذه المنشآت بما نستطيعه من تشريعات وتسهيلات مالية، وتسهيلات اقتراض بنسب مالية محددة، ضمن إطار البرنامج الجاري بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص.
اليوم، نحن أمام برنامج متواضع، وذلك لأن الحرب لم تنتهِ، وإذا لم تنتهِ الحرب ولم يُرفع الحصار الشامل، فسيكون من الصعب الحديث عن برامج تنمية حقيقية في ظل هذه الحرب.
بالتالي، تركيزنا الآن على:
تثبيت الناس في مواقع عملهم.
الحفاظ على المصانع القائمة في أماكنها.
تعزيز المنتج الوطني لدى المستهلك الفلسطيني، وهو أحد البرامج الأساسية التي تعمل عليها الوزارة حاليا.
ما هي أهم الصناعات الفلسطينية التي تعتقدون أن لها قدرة تنافسية إقليمية أو دولية؟
قطاع الحجر والرخام كان من أبرز القطاعات في فلسطين، يمكن القول بأن فلسطين في عامي 2010 و2011 كانت تحتل المرتبة الثالثة عشر عالميا من حيث إنتاج الحجر والرخام، وكان حجم إنتاج هذا القطاع يتجاوز 600 مليون دولار سنويا. اليوم، للأسف تراجع هذا الرقم، لكنه ما زال من بين أقوى القطاعات الموجودة بفضل الميزة التنافسية التي يتمتع بها، رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وذلك لأننا نعيش حاليا في ظل نظام جمركي مرتبط بإسرائيل، ومعدل دخل الفرد ومعدل الناتج القومي لديهم أضعاف مضاعفة -عشرات الأضعاف- مقارنة بما هو موجود لدى الفلسطينيين، وذلك نتيجة الاحتلال.
هناك قطاعات أخرى كثيرة يمكن الحديث عنها، مثل قطاع الأحذية والجلود، والأثاث، ونحن بصدد إنشاء أول منطقة صناعية متخصصة لهذا القطاع في منطقة الخليل، وآمل أن نبدأ في إنشاء منطقة صناعية جديدة ضمن خطة مماثلة لتطوير صناعات الأثاث الموجودة جزئيا هناك، بهدف الحفاظ على العاملين فيها، وتنمية هذه الصناعات، وخلق مناطق متخصصة.
أما بالنسبة لصناعات أخرى، مثل صناعة الحديد، فهي تدخل ضمن الصناعات التحويلية.
وبالنسبة لقطاع العلف الحيواني، تم تحقيق تقدم كبير في هذا القطاع؛ فقد كنّا نستورد أكثر من 70% من احتياجاتنا من الأعلاف من الجانب الإسرائيلي. أما اليوم، ومع دخول مصنعين حديثين إلى جانب المصانع القائمة، فإننا سنغطي ما بين 60% إلى 65% من احتياجات الضفة الغربية من الأعلاف.
وفي مجال الألبان ومشتقاتها، فقد شهد هذا القطاع تطورا كبيرا خلال السنوات الـ15 الماضية.
ففي الماضي، لم يكن الناتج المحلي من الألبان يغطي سوى 20% من الاستهلاك المحلي، بينما اليوم تجاوز هذا الرقم 85% إلى 90% من الحاجات المحلية.
أما في قطاع الأدوية، فيشهد تصنيعا محليا لحوالي 60% من احتياجاتنا الدوائية، ضمن مجموعة من الصناعات الواعدة التي استحوذت على حصة كبيرة من السوق الفلسطيني.
الآن، واجبنا هو فتح آفاق جديدة في الأسواق الخارجية لتلك القطاعات، خاصةً إذا توفر لدينا الحجم الكافي الذي يساعد في تخفيض تكاليف الإنتاج، مما يجعل المنتج الفلسطيني أكثر تنافسية.
جرى استحداث وزارة للصناعة لأول مرة في الحكومة الفلسطينية منذ عام 2002.. لماذا لم تكن هناك وزارة لقطاع الصناعة في الحكومات الفلسطينية السابقة؟
كانت هناك وزارات صناعة منذ إنشاء السلطة الفلسطينية، لكن في عام 2003 دُمجت ثلاث وزارات (التجارة، والتموين، والصناعة) في وزارة واحدة هي وزارة الاقتصاد الوطني، وكان الاعتقاد آنذاك أن وجود وزارة واحدة يسهل عملية الربط بين مدخلات الإنتاج، ويدعم التنسيق بين القطاعات.
ثم أعيد تأسيس وزارة مستقلة للصناعة في عام 2024م؛ فبعد انتهاء أزمة كورونا تحديد أصبح العالم كله أكثر انتباها لأهمية المنتج المحلي، حيث تنافست الدول فيما بينها على حماية ناتجها الداخلي، وبات واضحا أن الدول التي تحمي منتجها المحلي، وتحمي شعبها، والأيدي العاملة أيضا، وهو ما وضعنا أمام الحاجة لإعادة النظر في الهيكل الوزاري وتخصيص وزارة مستقلة للصناعة.
ما تقييمكم للدور الذي تقوم به الأمم المتحدة والجهات الدولية المختلفة في دعم قطاع الصناعة الفلسطيني؟
نشكر كل مؤسسات الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي وغيرها من الجهات الدولية على دعمها المستمر في هذا المجال.
اعتماد فلسطين لبرنامج وطني للتنمية الصناعية بالتعاون مع مؤسسة اليونيدو (منظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة)، وهي جهة دولية متخصصة. هذا البرنامج يشمل وضع أحدث السياسات الصناعية على المستوى العالمي، بما فيها صناعات خضراء وغير خضراء، وأحدث التكنولوجيا التي تساعد في تخفيض تكلفة الإنتاج، عبر الاستفادة من الخبرات العالمية.
أود أن أؤكد مرة أخرى أنه لو لم يكن هناك وزارة مستقلة للصناعة، لما كنّا نتحدث اليوم عن برنامج وطني للتنمية الصناعية بالتعاون مع اليونيدو.
وبالتالي، فإن وجود وزارة مختصة بالصناعة يُعد رمزا بحد ذاته، ويؤكد أن الصناعة أصبح لها عنوان واضح، ولها أهداف واضحة ومحددة.
ولكن يجب أن يكون واضحا أن دور التنمية الصناعية لا تلعبه الحكومات فقط، بل هو أساسا دور القطاع الخاص.
وحتى يستطيع القطاع الخاص القيام بدوره، يحتاج إلى: سياسات داعمة، ومحفزات، وحوافز استثمارية، وهذا هو الدور الذي نقوم به حاليا، وهو دور تسهيلي وتنظيمي، وجزء من هذه الجهود يتمثل في إنشاء مناطق صناعية جديدة تهدف إلى تخفيض تكلفة الإنتاج، واستخدام الطاقة المتجددة، لأن فلسطين تعتبر الآن واحدة من أغلى المناطق من حيث تكلفة الإنتاج في المنطقة المحيطة.
علينا العمل على تخفيض تكلفة الإنتاج وعوامل الإنتاج، كما علينا تشجيع الاستثمارات الصناعية من الخارج، وكذلك من فلسطيني الداخل (مناطق 48) نفسها.
فنحن لدينا مواطنون فلسطينيون في الشتات وفي الداخل، لديهم خبرات كبيرة وتجارب مميزة في هذا المجال.. باختصار: دورنا هو تسهيل البيئة الصناعية ووضع السياسات المناسبة.
هل تلقيتم تعهدات فعلية من أي جهة دولية لدعم الصناعة؟
نعم، كان لدينا اجتماعا مع الاتحاد الأوروبي، وجرى الحديث عن إنشاء برنامج بالتعاون معهم لدعم القطاع الصناعي تحديدا.
وكما ذكرت هناك ثلاثة برامج تم الموافقة عليها مع مؤسسة اليونيدو، ومن المتوقع أن يبدأ تنفيذها قريبا.
أما اليوم، فنحن بصدد إعداد مجموعة من البرامج الجديدة تستهدف الصناعة بشكل خاص، وهو عمل يتطلب جهدا مكثفا ومستمرا لجلب التمويل اللازم للمشاريع الصناعية المحددة.
في الوقت الحالي، قدمنا عددا من المبادرات الصناعية المطلوبة إلى الحكومة، وذلك عبر الوزارات ذات العلاقة مثل وزارة التخطيط ورئاسة مجلس الوزراء.
كما نعمل على جذب الاستثمارات والتمويل الدولي الذي يحتاج إلى سياسات محددة وتسهيلات واضحة، والعمل قد بدأ فعليا خلال السنة الجارية، وحسب رأيي، فقد قطعنا شوطا جيدا جدا في هذا الاتجاه.
هل لديكم تقدير للوقت الذي تحتاجه غزة لاستعادة قدرتها الصناعية السابقة؟
سؤال صعب، لأن غزة دُمّرت كليا، كما تعلم.
حاليا، الأولويات في غزة تتركز في الناحية الإغاثية والصحية والسكنية والتعليمية، وقطاع الصناعة يأتي في مرتبة ثانية.
لكن بكل تأكيد، نحن نعمل على أن يكون الإعمار في غزة مصحوبا بإنتاج فلسطيني، وأن تكون المنتجات المستخدمة في إعادة البناء محلية الصنع، وتخرج من المصانع الفلسطينية العاملة داخل القطاع.
ففي الوقت الذي كان الحديث يدور فيه عن إدخال كرفانات لإيواء السكان في غزة، وجدنا أن هناك مجموعة من المصانع ما زالت موجودة حتى اليوم في القطاع، وهي جاهزة للبدء بالعمل فورا لإنتاج هذه الكرفانات لسد احتياجات السكان.
وبالتالي، فإن عملية إعادة الإعمار يجب أن تكون شاملة وغير قابلة للتَجزئة بين قطاع صناعي أو زراعي أو غيره من القطاعات الأخرى.