محمد إسحق درويش.. الساعد الأيمن للحاج الحسيني في الثورة الفلسطينية
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
سياسي فلسطيني وُلِد عام 1896م في القدس خلال الحرب العالمية الأولى، وكان من الشخصيات الوطنية الفلسطينية التي قاومت الانتداب البريطاني.
المولد والنشأةوُلِد محمد إسحق مصطفى درويش في مدينة القدس المحتلة عام 1896م، وهو ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني محمد أمين الحسيني.
كان جده علي أفندي أحد الموظفين العثمانيين الذين عُيّنوا لتولية أوقاف خاصكي سلطان في القدس.
صاهر آل الحسيني، فتزوج ابنة المفتي طاهر أفندي والد مصطفى أفندي الحسيني.
الدراسة والتكويندرس المرحلة الأساسية في القدس والمرحلة الثانوية في بيروت، ثم التحق بالكلية الحربية في الأستانة (إسطنبول) في تركيا، ونال رتبة ضابط احتياط بالجيش العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى.
التجربة السياسية والعمليةانخرط درويش في الحركة الوطنية أثناء الاحتلال البريطاني لفلسطين، وكان الساعد الأيمن للحاج أمين الحسيني منذ عشرينيات القرن العشرين حتى أواخر حياته.
شارك في تأسيس النادي العربي عام 1918، وفي إنشاء كلية روضة المعارف الوطنية بالقدس عام 1918.
كان عضوا في مؤتمر بلودان بسوريا عام 1937، الذي رفض قرار تقسيم فلسطين، وعضوا في لجنة الجهاد المركزية التي كانت تدير الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) من الخارج.
شارك في المؤتمر الإسلامي للدفاع عن المسجد الأقصى عام 1928، ومؤتمر التسليح في نابلس عام 1931، والذي عُقد للتنديد بسماح بريطانيا بتسليح المستوطنات، وفي المؤتمر الإسلامي العام بالقدس عام 1931.
وصل أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية، واستلم الملف السوري في المفاوضات مع دولتي المحور ألمانيا وإيطاليا، وأصبح عضوا في الهيئة العربية العليا عام 1946، والتي أوكلت لها مهمة قيادة الشعب الفلسطيني أثناء أحداث النكبة.
واستقر مع الحاج أمين الحسيني بمصر بعد النكبة ثم في بيروت، ثم عاد إلى القدس، وشارك في تأسيس الهيئة الإسلامية العليا بعد احتلال إسرائيل القدس الشرقية في حرب عام 1967.
عانى درويش أثناء مسيرته النضالية، فقد أوقفت بريطانيا راتبه الذي كان يتقاضاه بوصفه مديرا لدار الأيتام الإسلامية في القدس، واعتقلته السلطات التركية عام 1943 على خلفية نشاطه السياسي لصالح فلسطين.
اعتقلته السلطات الفرنسية مع الحاج أمين الحسيني وراسم الخالدي لمدة سنة في فرنسا، إلى أن هربوا من مقر احتجازهم بمساعدة جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
واستقر درويش في القاهرة حتى عام 1959، ثمَّ منعه النظام المصري من دخول مصر عام 1964، فعاد إلى فلسطين، وعاش في القدس إلى أن تُوفي عام 1974.
عمل مدرِّسا في كلية روضة المعارف الوطنية، ثمَّ موظفا في المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، ثمَّ مفتشا للمدارس الإسلامية التابعة للمجلس الإسلامي، وأصبح السكرتير الأول للجمعية الإسلامية المسيحية في القدس.
وكان عضوا في المؤتمر السوري الثاني بالقدس عام 1920، وعضوا في المؤتمر الفلسطيني الثالث بمدينة حيفا عام 1920، وعضوا في المؤتمر الفلسطيني الخامس بمدينة نابلس عام 1922.
كان كذلك عضوا في المؤتمر الفلسطيني السابع بالقدس عام 1928، ثمَّ مأمورا لأوقاف القدس عام 1932، وعضوا مؤسسا في الحزب العربي الفلسطيني، وعضوا في لجنته التنفيذية عام 1935م.
تولى أيضا منصب مدير دار الأيتام الإسلامية في القدس حتى عام 1937، وكان عضوا في مؤتمر بلودان بسوريا عام 1937.
اختير محمد إسحق مصطفى درويش عضوا في اللجنة القومية بالقدس، وكان رسول الحاج أمين الحسيني إلى فوزي القاوقجي (أحد القادة العسكريين العرب في ثورة 36).
استقر مع مجموعة من قادة وكوادر ثورة 1936 في لبنان ثم العراق، وشارك في تأسيس حزب الأمة العربية ببغداد عام 1941، وكان مسؤول المالية في ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد بريطانيا في العراق عام 1941.
غادر العراق بعد فشل الثورة، واستقر في تركيا، وكان وسيطا بين اللاجئين العرب فيها والحاج أمين الحسيني.
الوفاةوافته المنيّة في مدينة القدس مساء الجمعة 15 جمادى الآخر سنة 1394هـ-1974م، ودُفِن فيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات عضوا فی المؤتمر أمین الحسینی بالقدس عام القدس عام محمد إسحق وعضوا فی فی القدس
إقرأ أيضاً:
الحرب والحياد.. وجهة نظر الرّحالة حسين حيدر درويش
حسين حيدر درويش العماني مواليد 1920م من أوائل من التحق بالمدرسة السّعيديّة في مسقط القديمة، ومنذ فترة مبكرة من حياته قرّر الحياة متنقلا بين بغداد وباكستان ودول الخليج وبعض الدّول العربيّة، وفي عام 1951م أراد أن يقرأ أوروبا عن قرب بعد 6 سنوات من الحرب العالميّة الثّانية (1939-1945م)، فارتحل إليها متأمّلا كاتبا، ابتداء من إنجلترا، ثمّ بلجيكا وألمانيا والدّنمارك والنّرويج والسّويد وفرنسا وسويسرا، فنشر تجربته ورؤيته المرتبطة بنقد الذّات مع انفتاح رؤيته إنسانيّا في مجلّة صوت البحرين، ابتداء من السّنة الثّالثة، عدد (1) و(2)، في محرّم وصفر 1327هـ/ 1952م، وحتّى السّنة الرّابعة، عدد (1)، في محرّم 1373هـ/ 1953م، بيد أنّه قدّم رؤيته الخلاصيّة المنفتحة والنّاقدة لواقعنا العربيّ مقارنة بما سمّاه «عوامل تقدّم الشّعوب الأوروبيّة» حينها في السّنة الثّانية، عدد (12)، من محرّم 1371هـ/ 1951م، وقد لخص الأستاذ حسن مدن من البحرين رحلاته هذه في كتابه «كتّاب عمانيون في مجلّة صوت البحرين»، ونشره النّادي الثّقافيّ 2023م.
وبالرّجوع إلى رحلاته ذاتها، وخصوصا في مفردة (الحرب)، نجده يسهب الحديث حولها كما في رحلته إلى ألمانيا، وقد نشر رحلته إلى ألمانيا في ذات المجلّة في السّنة الثّالثة، عدد (6)، من جمادى الآخرة 1327هـ/ 1953م، قائلا: «بدأت السّيارة تشقّ طريقها عبر الأراضي الألمانيّة حتّى وصلت إلى أول مدينة بعد اجتياز الحدود، وهي تسمّى -مونستر- Minstre، لقد أذهلني كثيرا ما شاهدته في تلك المدينة، وفي ما مررت به من القرى الألمانيّة الأخرى من الخراب والدّمار، واستولى عليّ شعور غريب وأنا أجول ببصري بين تلك الأنقاض والخرائب الّتي خلّفتها الحرب، لقد خيّل لي كأنّ ذلك حلم، إذ لم أستطع أن أتصوّر من قبل بأنّ كلمات الدّمار والخراب تحمل هذا المعنى المخيف، كنت أدخل المدينة بعد الأخرى فيبدو لي وكأنّ الحرب قد انتهت منذ يومين فحسب، وكأنّه لم ينقض عليها الآن ستّة أعوام طوال».
ويصوّر الحالة في منستر وأوسنابروك وبريمن وهمبرج من مدن شمال ألمانيا واصفا ما تركته الحرب فيها من آثار: «هذه منستر أراها رأي العين لم يبق فيها منزل واحد لم يتهشم بعض أجزائه، وهذه مدينة أوسنابروك -أسنبرُك- أصبحت مساكنها خاوية وكأنّها من آثار الغابرين كأن لم تك بالأمس منازل عامرة، وديارا زاهرة، وقصورا شامخة، وهذه بريمن المدينة الصّناعيّة الشّهيرة أصبحت أنقاضا وتلالا، ولولا تلك الأخشاب المتناثرة، والأسقف المتداعية، وهياكل الجدران القائمة؛ لغدا من المتعذّر على المرء أن يصدّق أنّه كانت تقوم في ذلك المكان مدينة صناعيّة مهمّة، وهذه همبرج -هامبورج- الّتي كانت تعتبر أعظم ميناء ألمانيّ بالأمس، وأعظم مدينة بعد العاصمة الألمانيّة، إذ كان يبلغ عدد سكّانها قبل الحرب مليونين، أمّا اليوم فقد أصبحت مدينة خاوية، أحرقت القنابل ثلاثة أرباعها، فأحالتها إلى أرض بلقع يجلّلها السّواد، وهناك شارع ممتد قرب الميناء، تأخذ السّيارة في اجتيازه نصف ساعة دون أن يرى المرء منزلا واحدا قائما فيه، لقد قيل إنّ ذلك المكان بالذّات كان مزدحما بمساكن الميكانيكيين والعمّال الذين كانوا ينتجون أسطول ألمانيا، فدمّر الإنجليز جميع تلك المساكن بغاراتهم الجويّة عام ١٩٤٣م، الّتي ذهب ضحيّتها في يوم واحد أكثر من ثمانين ألف شخص، وما زالت جثث معظمهم حتّى الآن مطمورة تحت تلك الأنقاض».
ويواصل درويش تصوير ما رآه من آثار الحرب حيث «يطوف المرء في شوارع تلك المدن أو غيرها من المدن والقرى الألمانيّة فلا يرى إلّا منازل متهدّمة، وتلالا من التّراب مكومة، وقطعا من الأخشاب مبعثرة، وأعمدة من الحديد متناثرة، وبالرّغم من أنّ بعض المنازل لم يبق منها إلّا جدران قائمة؛ غير أنّ السّكان اتّخذوا منها مأوى للسّكنى، مخاطرين بحياتهم في دخول تلك الخرائب الّتي قد تقع فتدفنهم مع أولئك الملايين الّذين سبقوهم، ما أبشع منظر تلك الخرائب المحاطة بتلال من التّراب، وفوقها عشرات من الأطفال يلعبون ويقفزون دون أن يعلموا أنّ تلك التّلال تضمّ تحتها جثث آبائهم وأمّهاتهم وإخوانهم وأخواتهم».
ويرى أنّ آثار الحرب ليست آثارا ماديّة، بل هناك آثار معنويّة ونفسيّة، فالأول يمكن أن يعمر في سنوات قلال، ولكن الثّاني يمتدّ أثره لأجيال وأجيال، «فخسارة ألمانيا -لا تنحصر- في جيشها فحسب؛ بل إنّها فقدت ثرواتها، وقسّمت أراضيها، وانحطّ مستوى معيشة سكّانها، فعبث الجنود الأمريكيون بأعراض نسائها، وارتكبوا أفظع الجرائم الخلقيّة، مخلّفين وراءهم مئات الألوف من الأطفال الّذين ليس لهم آباء ينتمون إليهم، إنّ آثار المآسي تبدو جليّة على وجوه النّساء والرّجال، بل وحتّى على وجوه الأولاد والبنات الصّغار، فالكلّ يشعر بالذّل والخذلان».
لهذا يخلص من مشاهداته هذه «إنّ كلمة الحرب لا يمكن أن يتصوّر عقباها ونتائجها، إلّا أولئك الّذين يشاهدون ويلاتها وكوارثها، ولكن هل اعتبرت الحكومات المتحاربة بتلك الكوارث والفظائع البشريّة؟ كلا، بل ما كادت الحرب تضع أوزارها حتّى بدأت فكرة الاستعداد لحرب أخرى تخامر أذهان ساسة بعض الدّول، فاستأنفوا إنتاج آلات الدّمار والخراب، ولم يعودوا يكتفون بمقدرة القنبلة الذّريّة الّتي استطاعوا أن يبيدوا بها مائة ألف نسمة من سكّان هيروشيما؛ بل إنّهم ركّزوا تفكيرهم، وحصروا أوقاتهم في اختراع أفتك الأسلحة وأخطرها وأسرعها في إبادة أكثر عدد ممكن من البشر».
والنّاس في الحروب إمّا مهيّج لهذا الفريق أو ذاك، وقلّ من يتعقّل فيها، ويدرك أنّ أضرارها تعمّ الكلّ، ومن يسعى إلى الصّلح وإعمال العقل، معتقدا أنّ الدّم واحد، وحرمة الإنسان واحدة، وهنا في تجربته التّنقليّة هذه يضرب حسين حيدر درويش بالسّويد وسويسرا، والأولى وقفت على الحياد، ولم تك طرفا في إثارة الحروب أو تشجيعها، ونتائج هذا كما يرى من خلال رحلته إلى السّويد ذاتها يتمثل في «أنّ موقف السّويد الحيادي في الحربين العالميتين ساعدها كثيرا على بناء اقتصاديّاتها، وتكريس ثروتها في فنّ البناء والتّعمير، وإنقاذها من ويلات الحرب، وما تجلبه من التّخريب والتّدمير، كما أنّه أكسب شعبها سمعة حسنة لحبّه للسّلام، وقد حقّ له أن يدعو نفسه شعبا مسالما، وفي الوقت الذي كانت فيه الدول الأوروبيّة تتخبط في أزمات اقتصاديّة خلال الحرب العالميّة الثّانية؛ نجد اقتصاديّات السّويد تخطو خطوات واسعة إلى الأمام دون أن تتأثر بحرارة النّار المشتعلة حولها، أو فرقعة القنابل المتفجرة قربها».
وأمّا سويسرا، فسعت إلى تحقيق السّلام «والشّعب السّويسريّ محبّ جدّا للسّلام، ولا يكره شيئا بقدر ما يكره الحرب، وقد استطاع أن يتجنبها زهاء 300 عام، ولا يزال متشبثا براية السّلام، ومن واجب كلّ معتد أن يكفّ عن الاعتداء على السّويسري، إذا لم يكن حبّا للسّلام، فعلى الأقل تقديرا لجمالها، فللجمال حرمة يجب أن تراعى، وللجمال حقّ التّقديس والخشوع والإعجاب».
واليوم ونحن بعد أكثر من 7 عقود من الحرب العالميّة الثّانية، وما تبعها من حروب؛ ما زال العقل البشريّ يستصغر الحروب وآثارها، ويسعى إلى إشعالها لا إطفائها، وقلّ من ينظر إلى آثارها بعقلانيّة، مع قرب العالم من بعضه، إلّا أنّ الصّراع الحيوانيّ في الحروب كثيرا ما يغلب على التّعقّل والحياد وحبّ السّلام، ولكن التّشبث بالتّعقل والحياد والسّلام يرجع أثره الإيجابيّ على الذّات والآخر، كما هو الحال في السّويد وسويسرا، والعكس صحيح كما في ألمانيا، وإن وقف غالب العالم حينها، إمّا مشجّعا لدول المحور أو دول التّحالف، بيد أنّ الحرب لا ترحم أحدا، ولا تفرّق بين أحد، حبّا لهذا الفريق، أو بغضا لذاك.