سودانايل:
2025-12-12@19:23:21 GMT

الْعَــزَاء

تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT

الْعَــزَاء
قِصَّة فَلْسَفِيَّة.
بقلم سامح صلاح محمد أحمد

ما زلت أذكر قريتنا الصغيرة، شمبات، حيث كنا نعيش في شقة ضمن عمارة متواضعة تطل على شارع فرعي مهترئ، يغمره عادةً مياه الأمطار كل خريف. كانت هناك منطقة تجمع في الحي تُسمى بلغة العامية "مسطَبة"، تقع بالقرب من محل "دكان"، وهو تعبير محلي للبقالة في السودانية.

وفي إحدى الليالي المظلمة، جلس بالقرب مني شاب في مقتبل العمر، وهو صديق مقرب لي. بدأ الحديث قائلاً: "لقد جامعتها وكان غشاء البكارة لديها منزوعًا بالكامل!"
أجبت قائلاً: "لا بأس، فالأمور السيئة قد تحدث حتى للأتقياء أيضاً. بغض النظر عن تقييمك للأمر كجيد أو سيء، أعتقد أن الأحداث السيئة تحدث بمعدل يفوق الأشياء الجيدة.
دعني أوضح لك المسألة أكثر، لعلّك سمعت عن قانون مورفي Murphy’s Law. ينص هذا القانون على أن الأشياء إذا كان من الممكن أن تسير في طريق الخطأ، فإنها ستفعل ذلك. على سبيل المثال، إذا سقطت قطعة خبز مدهونة بالمربى، فإنها دائماً تسقط على الجانب المدهون بالمربى.

فرد قائلاً: لا افهم ما تقول "لقد كانت جميلة ودعتني إلى منزلها، قائلة: 'هيت لك'... ثم (حدث ما حدث)."
قلت : دعنى استخدام الإعارة الفلسفية لنظرية المثل الأفلاطونية لتوضيح الفكرة، وذلك عبر تقديم القانون المثالي كما يلي: "إذا استطاعت الأشياء أن تسير في الطريق الخطأ، فإنها ستفعل ذلك". كمثال على ذلك: "إذا سقطت قطعة خبز مدهونة بالمربى، فإنها دائماً تسقط على الجانب الذي به المربى".
في هذه الإعارة، نُمثل الفتاة بالمربى، والرجل بقطعة الخبز، وحادثة الزنا بوقوع الخبز على جهة المربى، والتي نعتبرها حادثاً سيئاً. وهذا يمثل فلسفة معينة تستند إلى الاستدلال الإرسطي المأخوذ من التراث الإغريقي، والتي لا تقل أهمية ولا تتعارض مع المنظور الصوفي في معارج النفس وترقيتها، لأن الأصل واحد.
قد نرى حادثة الزنا ككارثة مروعة، مثلها مثل الزلزال. ستسمع في بعض الأحيان تساؤلات مثل: "لماذا يُظلم هؤلاء المساكين؟ ماذا فعلوا ليستحقوا هذا المصير؟" أو لنفترض حالة أخرى: إذا أصيب رجل متدين لا يشرب الخمر ولا يدخن السجائر بمرض عضال وتوفي بسببه، بينما ظل رجل طالح بصحة جيدة ويدخن باستمرار ويعتقد أن للخمر فوائد أكثر من أضراره.

في هذا السياق، نحن نتعامل مع فكرة أن الأحداث السيئة قد تبدو غير مبررة من منظورنا المحدود، لكن من منظور فلسفي أو ديني أعمق، يمكن أن تكون لها دلالات ومعانٍ قد لا تكون واضحة على الفور.
كما يقول أحدهم، "أنا أدخن أكثر من أربعين سيجارة في اليوم ولم أصب بأي مرض إطلاقاً." في أحد الأيام، زاره طبيب من المملكة المتحدة في منزله، وسأله عن تفسير ذلك. فأجابه الطبيب، استناداً إلى الاستقراء الإرسطي: "عادةً، يصاب الإنسان بسرطان الرئة بعد فترة عشرين عاماً من التدخين الكثيف، ولكن هناك من لا يتأثر بالتدخين بسبب عوامل في جيناته. هذا يفسر لنا أن مشيئة الله فوق كل شيء."

بمعنى آخر، بينما يستند التفسير العلمي إلى البيانات والإحصاءات، مثل العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة، فإن هناك استثناءات تبرز فيها مشيئة الله فوق كل اعتبارات علمية أو إحصائية. قد يكون الفرد في حالة استثنائية بسبب عوامل وراثية، مما يوضح كيف يمكن أن يتداخل الإيمان والتفسيرات العلمية في فهم واقعنا.

كان الصباح باكرًا، حوالي وقت السحر تقريبًا. استيقظت منزعجًا على أصوات بكاء وعويل قادمة من المنزل المجاور. قالت لي والدتي: "هناك عزاء في منزل الجيران." أجبت بدهشة: "حقًا؟" فأكدت والدتي: "نعم، اذهب لتأدية واجب العزاء."
توجهت إلى الحمام لأتوضأ لإأداء صلاة الصبح وتلاوة أذكار الصباح، بعد ذلك، قررت الذهاب لتقديم واجب العزاء.
في الطريق، صادفت نفس الصديق الذي كان قد دار بيننا نقاش سقراطي قبل عشرين عامًا حول نظرية الثواب والعقاب وصلة الحكمة بالشريعة. اجتمعنا هناك وشاركنا في الدعاء لجيراننا ولفقيدهم.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

برلمانية: هناك اهتمام كبير من جانب الحكومة من أجل الاستثمار خلال الفترة القادمة

قالت ميرفت الكسان ، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أن هناك اهتماما كبيرا من جانب الحكومة من أجل الإستثمار خلال الفترة القادمة.

وأكدت الكسان فى تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" أن مصر تستهدف ضخ استثمارات فى القطاع الخاص، وأن يكون هناك شراكة مع القطاع الخاص فى مجالات الزراعة والتصنيع و المواد الغذائية.

نائب الشيوخ: تراجع التضخم رسالة ثقة ودفعة مهمة لجذب الاستثمارمحافظة قنا: نعد خريطة استثمارية واضحة خالية من المعوقاترئيس الوزراء: إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في مصر دليل السير على الطريق الصحيحمحافظ بورسعيد يشيد بقرار إنشاء شركة النادي المصري للاستثمار الرياضي| شاهد

وكان قد أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه الحكومة بضرورة إطلاق حزمة كاملة من التيسيرات لجميع القطاعات في الدولة ووضع رؤية متكاملة بصورة كبيرة لعدد من القرارات من شأنها تساعد الاقتصاد المصري في النمو بشكل أسرع .. مشيرًا إلى أن الحكومة تبذل مع كافة الجهات المعنية، وبناء على توجيهات رئيس الجمهورية، جهد كبير في الخروج بأفكار كثيرة في هذا الأمر؛ في حين سيتم عرضها على السيد الرئيس، بحيث يتم رؤيتها تتحقق خلال الفترة القادمة.

وأشار مدبولي - خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الأربعاء، عقب اجتماع الحكومة بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الجديدة - إلى التقارير الذي نشرته وكالة "فيتش" الدولية والخاص بالتصنيف الائتماني للاقتصاد المصري، موضحًا أن هذه المؤسسة الدولية المهمة التي تتابع اقتصاديات الدولة، قامت خلال تقريرها الاخير برفع للمرة الثانية توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري خلال شهرين من 4.9 إلى 5.2 للعام المالي الحالي بناء علي الأداء الجيد جدا للاقتصاد خلال الربع الاول من العام .

وقال إن الوكالة الدولية أرجعت هذه الزيادة المتوقعة نتيجة زيادة الاستثمارات وزيادة الصادرات وتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري والقطاع الخارجي وتوافر العملة الأجنبية واستقرار سعر العملات بالإضافة إلى توقعاتها بارتفاع إيرادات قناة السويس بصورة تدريجية خلال الفترة المقبلة وبالتالي أبقت المؤسسة تصنيف مصر عند المستوي B مع نظرة مستقبلية مستقرة .

وأضاف أن مؤسسة "فيتش" الدولية توقعت أن يحافظ الجنيه المصري على أدائه القوي أمام سلة العملات الأجنبية.. مشيرًا إلى أن كل هذه المؤشرات تعد مهمة جدا؛ للوقوف أمامها كونها تؤكد ما تقوله الحكومة بوضوح شديد دومًا من أن النمو الذي يحدث في الاقتصاد المصري قائم على إنتاجيه حقيقية وقطاعات رئيسية تعمل بغض النظر عن الظروف الموسمية او الصفقات أو الأموال الساخنة، هذا إضافة إلى إعلان البنك المركزي عن زيادة جديدة في الاحتياطي من العملة النقدية الأجنبية؛ والتي تبلغ 50 مليارا و216 مليون دولار بالمقارنة بالشهر الماضي بزيادة بلغت 145 مليون دولار خلال شهر .

وأوضح مدبولي أنه يلتقى - بصفة دورية - بمحافظ البنك المركزي على مدار الأسبوع حيث يوجد تنسيق كامل بين الحكومة والبنك المركزي في كل الإجراءات التي يتم التحرك خلالها بهدف تخفيض معدلات التضخم؛ وهو ما يؤدي لانخفاض تدريجي في أسعار الفائدة ويتيح فرصة أكبر للقطاع الخاص والمواطنين من الاستفادة من التسهيلات الائتمانية.. مشيرًا إلى أن الرقم الخاص بالتضخم لشهر نوفمبر أوضح انخفاض التضخم بشكل ملحوظ وأزال التخوفات من استمرار صعود التضخم حتي الشهر الماضي، لافتا إلى أن السبب الرئيسي لانخفاض التضخم هو انخفاض أسعار الخضروات والمواد الغذائية الأساسية على الرغم من ارتفاع أسعار وسائل النقل نتيجة ارتفاع أسعار الوقود؛ مما يثبت أن الإجراءات الحكومية كانت مناسبة وفي توقيت مثالي للوصول إلى النسبة الحالية من التضخم وصولًا إلى نهاية العام الجاري.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن التضخم وصل - في المدن المصرية - إلى 12.3 مقارنة للشهر الماضي البالغ 12.5، وأن التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية هو 10 %؛ وهو ما توقعته الحكومة للوصول إلى هذا الرقم بنهاية العام الجاري؛ وهو ما يؤكد أن الإدارة المشتركة لإدارة هذا الملف بين الحكومة والبنك المركزي تسير بشكل جيد . 

طباعة شارك الحكومة استثمارات القطاع الخاص الزراعة التصنيع

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: هناك رموز ستختفي والحكومة ستتغير بعد الانتخابات.. فيديو
  • فوائد واسعة لـالبابونج.. هل هناك أضرار في حال تناوله يوميا؟
  • قراءة في كتاب «وكأنني لازلت هناك» للدكتور صبري ربيحات
  • برلمانية: هناك اهتمام كبير من جانب الحكومة من أجل الاستثمار خلال الفترة القادمة
  • مجدي عبد الغني: النوايا السيئة وراء إخفاق المنتخب في كأس العرب.. واختيار حلمي طولان قرار خاطئ
  • إغلاق مطار بغداد مؤقتًا بسبب الأحوال الجوية السيئة
  • هل هناك موت ثقافي في القدس؟
  • هل هناك فرق بين العراف والكاهن
  • برشلونة بين «التقاليد السيئة» وديسمبر «السعيد» ورحيل يامال!
  • الإمارات تحظر السفر إلى مالي وتدعو مواطنيها هناك إلى العودة