شقيقتان تتبادلان الأدوار وتكشفان زيف من يحيط بهما ويتآمر عليهما

لا شك أن أفلام الرعب كانت ولا تزال نوعا فيلميا يجتذب جمهورا عريضا من المشاهدين حتى تراكم المنجز السينمائي لهذا النوع عبر تاريخ السينما وتدرجت مستويات الأحداث التي تتسم بطابع الرعب من خلال العديد من التجارب السينمائية وخلال ذلك ومع نمو هذا النوع وتطوره صار يتداخل مع أنواع سينمائية أخرى ومنها الحركة والجريمة والتوغل في قضايا الأمراض النفسية وقضايا التحليل النفسي فضلا عن التفاعل مع الميثولوجيا والخرافات والسحر والقوى الخارقية.

كل هذه المعطيات وفرت لهذا النوع الفيلمي قبولا شعبيا واسعا حتى صرنا نشاهد أفلاما ذات درجة عالية من الأحداث والمحتوى المرعب والمثير وهي تقدم أجزاءً متعددة منها عاما بعد عام مما دفع الجمهور العريض إلى تقصي تلك الأفلام والاهتمام بمشاهدتها.

في هذا الفيلم لكاتب السيناريو والمخرج داميان مكارثي، سوف نشهد الكثير مما ذكرنا فهو يخطو بحذر في أشد موضوعات أفلام الرعب قتامة والذي يمزج ما بين الرعب والبناء النفسي مع الخرافة والقدرات الخارقة كلها مجتمعة في مواجهة شخصيات ليس فيها من هو ليس على مستوى رفيع من المعرفة.

ها نحن ومع المشاهد الأولى من الفيلم مع طبيعة خضراء وفي وسطها هنالك منزل معزول لننتقل إلى داني – الممثلة كارولين بروكين وهي تقوم بمهام ترتيب المنزل الذي سكنته حديثا هي وزوجها الطبيب النفساني داني- الممثل جويلم لي الذي يعمل في مصحة للأمراض النفسية والعقلية ويتصل بها من مكان عمله ثم لننتقل بعد ذلك إلى ظهور شخص غريب يحاول دخول المنزل زاعما أن هنالك شخصا يريد قتلها وقد تسلل إلى داخل المنزل دون علمها، هذا الحوار كان هو البداية التي تأسست عليها العديد من الأحداث الأخرى المتلاحقة التي لن تتكشف لنا مباشرة وخاصة بعد مقتل الزوجة في تلك الليلة.

ها نحن بعد عام من تلك الفاجعة ولنكتشف نسخة أخرى من الزوجة المقتولة ممثلة في توأمها العمياء دارسي التي تدير متجرا للتحفيات القديمة وتمتك حدسا يصل إلى الخارقية في الاستبصار وصولا إلى إعلانها لزوج أختها الطبيب النفساني أنها تعلم جيدا من قتل أختها ثم يفاقم تصميمها على ملاحقته علمها أن زوج أختها قد ارتبط بفتاة أخرى منكرا أنه كان على علاقة بها أثناء زواجه.

يتحول المنزل إلى مكان شديد الالتباس عندما تجتمع دارسي مع صديقة الطبيب، ومعهما ذلك التمثال الخشبي لرجل يصرخ ومعهما ما كانت قد سجلته الكاميرا، هذه المتوازيات السردية اشتغل عليها المخرج وهو نفسه كاتب السيناريو بشكل متقن، وخلال ذلك كانت الممثلة كارولين بروكين تؤدي بإتقان دور الشقيقتين داني ودارسي، بل إن دارسي في حد ذاتها وبسبب ميلها الشديد إلى الخرافة والقدرات الاستثنائية على الاستبصار سوف تقودنا إلى منعطف آخر في المسار الفيلمي وذلك من خلال محاصرة صديقة الطبيب إلى حد إصابتها بالهلع وهربها من المنزل.

ومع تدفق مشاهد الرعب كان هناك سؤال محير عن من الذي قتل داني؟ وهو سؤال تمت تغطيته بالعديد من الحبكات الثانية التي تجعل المشاهد مشاركا في التحليل وصولا إلى الحيرة في الاستنتاج لكن دارسي هي التي تشير إلى ممرض في مستشفى الأمراض العقلية بأنه هو الذي قتل أختها وأنها تريد منه أن يأتي إليها لكي تقتص منه.

وفي هذا الصدد تذهب الناقدة جوي ماجيدسون في موقع أورادس رادار إلى أن هذا الفيلم يستحق الثناء. القصة نفسها متوازنة، من خلال تتابع مشاهد الرعب والجريمة التي يجهل مرتكبها في البداية، وتنتهي بطريقة مثيرة للاهتمام إلى حد كبير. وتنصح الناقدة المشاهدين قائلة، إذا كنت تحب أفلام الرعب ذات الإنتاج المتوسط أو المعتدل، فهذا هو الفيلم الذي يجب عليك مشاهدته، لأنه يقدم أكثر مما لا تتوقعه.

أما الناقدة شيلا أومالي من موقع روجر إيبرت فتذهب إلى أن ميزة المخرج مكارثي أنه يتمتع بالصبر كمخرج، فهو مولع بالانتظار ريثما تحين اللحظة المناسبة للحدث التالي، فلا يحاول أن يربك المشاهدين بمشاهد الرعب المفاجئة السهلة. بل إنه يسمح للشعور بالقلق بالتراكم التدريجي. تشترك أفلامه بالشغف بالأشياء الخارقة للطبيعة، فمثلا نحن نرى رجلاً خشبياً بحجم الإنسان وهو ابتكار مرعب. وجه الرجل الخشبي غارق في الألم، وفمه مفتوح وكأنه يطلق صرخة. تضعه دارسي على الطاولة،. هناك شيء غريب في هذه الأشياء. وكيف تتطور في خيال مكارثي.

إن الشعور بالتهديد في ذلك المنزل الحجري ذي الشكل الغريب كثيف لدرجة أنك تشعر أن التنفس يضيق عليك. يخلق مكارثي استجابة للذعر القاتم فتتجه الشخصية نتيجة ذلك إلى تجنب المواجهة والصراع فتلجأ إلى الهروب ويصبح هدفها هو أن تجد بابا مفتوحا قليلا، أو نافذة فارغة، أو رواقا فارغا.

يلفت النظر خلال ذلك العالم الذي صنعته دارسي وهي تنام بطريقة غريبة وهي جالسة ووجهها على الطاولة بينما يجلس مقابلا لها ذلك الإنسان الخشبي فاغر الفم وكأنه ملاكها الحارس حيث عززته بالصور والتمائم وتعيش ليلتها تلك في هذا المسار حتى اللحظة التي تتعرض فيها إلى الخديعة فتسقط من خلال فتحة القبو ومع ذلك سوف تستخدم قوتها الذاتية للانتقام.

الأجواء الكابوسية التي سيطرت على الفيلم كانت من مميزاته فبين مشاهد المصحة العقلية وانكشاف الزوج المتآمر على زوجته ورسومات ذلك المريض عقليا ثم رمزية بؤبؤ العين الذي تستخدمه دارسي للكشف عن الحقيقة، كل ذلك شكل نسيجا تعبيريا كثيفا تم مزجه بالخرافة والجريمة والرعب في تداخل متصاعد مع أن إدارة المخرج للأحداث لم تتجه إلى ذلك النوع المعتاد في أفلام الرعب الذي تتفاقم فيه المشاهد بما يتعب المشاهد ويجعله مقتنعا أن هنالك كثيرا من المشاهد المصطنعة.

من هنا يمكننا تفسير هروب صديقة الطبيب بينما كان بإمكان المخرج إبقائها وترويعها وأن تكون هي موضوع مشاهد الرعب الليلي التالية وكذلك دارسي وهي تسقط من فتحة القبو لم يترك لها فرصة لتتحول فعليا إلى امرأة فتاكة ومنتقمة بطريقة غير مألوفة بينما كان تمهيدا مقنعا بما فيه الكفاية في الاقتراب من منطقة الطبيب لكونه هو المخطط والمدبر لقتل شقيقتها وهو ما سوف يتكشف لاحقا مع توالي أحداث الفيلم وهو ما وفر مساحة كافية لاستنتاج الأحداث والمواقف قبل وقوعها.

....

سيناريو وإخراج/ داميان مكارثي

تمثيل/ كارولين بروكين – داني، جويلم لي – تيد، كارولين مينتون- يانا

مدير التصويلا / كولم هوجان

موسيقى / ريتشارد ميتشيل

التقييمات / آ أم دي بي 7 من 10، روتين توماتو 96%، كوليدور 8 من 10

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أفلام الرعب مشاهد الرعب من خلال

إقرأ أيضاً:

القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الخميس، استكمال مجموعة قوات «الشمال» سيطرتها على بلدة ليمان التابعة لمقاطعة خاركيف، بعد سلسلة من العمليات الهجومية، مشيرة إلى أن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة بالأرواح والمعدات على جميع جبهات القتال، في منطقة العملية العسكرية الخاصة.

وأضافت الوزارة، أن خسائر العدو في منطقة نفوذ قوات الشمال، بلغت 145 جنديا، وسيارة، ورادارا إسرائيلي الصنع من طراز رادا، ومستودعا للذخيرة.

وأشارت الوزارة إلى أن القوات الأوكرانية خسرت ما يصل إلى 215 جنديا، و4 مركبات مدرعة من طراز «هامفي» وناقلة جند مدرعة، و11 سيارة، ومحطة حرب إلكترونية، و6 مستودعات ذخيرة، في منطقة عمليات مجموعة «الغرب».

بالإضافة إلى ذلك أعلنت الوزارة، اليوم الخميس، أن مجموعة قوات «الغرب» الروسية، تواصل تدمير القوات الأوكرانية المحاصرة على الضفة اليسرى لنهر أوسكيل.

وسيطرت وحدات مجموعة قوات «الجنوب» على خطوط ومواقع حاكمة، وتمكنت من دحر تشكيلات تابعة للواءين ميكانيكيين من القوات الأوكرانية قرب بلدات سيفيرسك، وكراماتورسك، وستيبانيفكا، وكونستانتينوفكا في دونيتسك.

وتكبدت القوات الأوكرانية، على هذا المحور، خسائر تجاوزت 120 جنديًا، وفقدت ناقلتي جند مدرعتين، ومركبتين قتاليتين مدرعتين، و8 سيارات، و3 مستودعات للذخيرة والإمدادات والوقود.

وأفادت الوزارة بأن القوات الروسية دمّرت منشآت طاقة ووقود تابعة للقوات الأوكرانية، بالإضافة إلى مواقع انتشار مؤقتة للقوات الأوكرانية والمرتزقة الأجانب في 152 منطقة.

وأكد البيان، أن «منظومات الدفاع الجوي اعترضت ودمرت 10 صواريخ «هيمارس» وصاروخ من طراز «نبتون» الموجه بعيد المدى، وأسقطت 396 طائرة مسيرة».

اقرأ أيضاًالدفاع الروسية: استهدفنا بنية تحتية ملاحية تدعم القوات الأوكرانية

الطيران الروسي يدمر معبرا للمسلحين الأوكرانيين عبر نهر أوسكول في خاركوف

خاركوف: القوات الروسية تسيطر على 40% من القوات المسلحة الأوكرانية

.

مقالات مشابهة

  • مصرع 3 أشخاص في انهيار حفرة تنقيب عميقة داخل منزل بالفيوم
  • إخلاء منزل تعرض لانهيار جزئي في الشونة الشمالية / فيديو
  • وزارة الدفاع: روسيا تدمر 90 مُسيرة أوكرانية ليلا
  • هدم أجزاء من منزل آيل للسقوط في الأغوار بعد انهيار مفاجئ دون إصابات
  • كارثة في بريطانيا جريمة حرق منزل تودي بحياة عائلة
  • تمساح الشرقية يثير الرعب .. أسبوع من الذعر والغموض
  • استشهاد مواطن إثر انهيار جدار منزل عليه في مخيم الشاطئ
  • القوات الروسية تسيطر على بلدة بخاركيف
  • قومي حقوق الإنسان: الكرامة الإنسانية هي الأساس الذي يُبنى عليه أي نظام ديمقراطي
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”