كتب إبراهيم سليمان:
رغم عدم وجود رسمي لكيانهم السياسي قانونياً، في اجتماعهم الأخير في شهر يوليو الماضي من مقر نزوح قياداتهم في تركيا، وحسب التسريبات الموازية للمضابط السرية، أوصت قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول، منسوبيها بالصمود "الجهادي" وانتهاج البراغماتية والمراوغة السياسية، مبشرين بعودة السلطة إليهم، عنوةً أو طوعاً، تأسياً بمآل حركة طالبان الأفغانية!
لتبيان خطل هذه الأشواق الوردية، للحركة الإسلامية والسودانية، فلنتوقف برهةً، في ماهية ومسيرة حركة طالبان التي بدأت كحركة ثورية متطرفة، ضد ظلم الدولة المركزية الإعلانية، وآلت لها السلطة الرسيمة حالياً.


حركة طالبان حركة إسلاميّة سِيَاسِية سُنية مُسلحة، تأسست سنة 1994 من طلبة المدارس الدينية في باكستان بقيادة الملا محمد عمر خلال، وتهدف لتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة إمارة إسلامية في أفغانستان.
تحكم حاليًا أفغانستان تحت مسمى إمارة أفغانستان الإسلامية، بعد هزيمة واستسلام الجيش الوطني الأفغاني. وهي إحدى الفصائل البارزة في الحرب الأهلية الأفغانية. ومعظم منتسبيها هم من الطلبة من مناطق البشتون في شرق وجنوب أفغانستان الذين تلقوا تعليمهم في مدارس إسلامية تقليدية، وقاتلوا خلال فترة الحرب السوفيتية الأفغانية.
انتشرت الحركة في معظم أفغانستان، وتمكن الملا عمر من أبعاد المجاهدين أمراء الحرب عن صفوف الحركة. واستطاعت التحكم في أجزَاءً كبيرة من أفغانستان وسيطرت على العاصمة الأفغانية كابل في 27 أيلول/سبتمبر 1996م معلنة قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان ونقلت العاصمة إلى قندهار.
استمرت حركة طالبان في الحكم حتى 2001، عندما أطيح بها بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان في ديسمبر 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر. وفي ذروتها لم تعترف بحكومة إمارة أفغانستان الإسلامية دبلوماسيا إلا ثلاث دول فقط: باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
أعادت المجموعة تنظيم صفوفها لاحقًا كحركة مقاومة لمحاربة «إدارة كرزاي» المدعومة من الولايات المتحدة وقوات "إيساف" بقيادة الناتو في الحرب في أفغانستان. وأميرها الحالي هو هبة الله آخوند زاده. قُدر عدد طالبان بنحو 200 ألف جندي في 2017.
إذن، الحركة الإسلامية، وتنظيمها السياسي "المحلول" حزب المؤتمر الوطني، تلتقي مع حركة طالبان في رفع شعار دولة الشريعة الإسلامية، وتختلف معها في الممارسات، إذ عرفت الأخيرة بالشطط الفقهي، والفساد العام، وعدم المبدئية، حيث أحلت القروض الربوية من داخل برلمانها الآحادي، وشرّعت فقه التحلل، لتقنين الفساد المالي واستغلال النفوذ، والإفلات من المحاسبة، وعرفت قياداتها بالثراء الفاحش عبر السلطة، (عوض الجاز وعبدالباسط حمرة كأمثلة) وتعاونت مع أعدائها المعلنة "أمريكا روسيا قد دنى عذابها"، حيث أنها أفشت أسرار الحركات الإسلامية في فلسطين وفي أفغانستان ذاتها، إلى أمريكا عبر رجل استخبارات الحركة الأقوى والدموي صلاح قوش، وطلب رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول عمر البشير المطلوب دولياً الحماية الروسية في آخر متاهاته.
حركة طالبات لم تفرّط في شبرٍ من الأراضي الأفغانية، من أجل الاستمرار في السلطة، على نحو ما فعلت الحركة الإسلامية السودانية بفصل الجنوب والتنازل عن حلاليب وشلاتين وأبو رماد ثمناً لخطيئتها في تدبير محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك.
حركة طالبان بقيادة الملا عمر، ظلت متماسكة ولم تتصدع، كما واجهت الحركة الإسلامية السودانية، كما أنها لم تقوض الدستور وتنقلب على حكومة شرعية، وإنما هزمت حكومة مركزية، تتكئ على السند الأجنبي.
استسلام الجيش الوطني الأفغاني، لحركة طالبان، هو أقرب لموقف هروب الجيش السوداني من قيادتها العامة ومقراتها لقوات الدعم السريع، وسيطرتها على العاصمة كابول، أشبه بسناريو سقوط الخرطوم فيما بعد 15 أبريل 2023م في يد قوات الدعم السريع،
تمّكن الملا عمر، من إبعاد أمراء الحرب، بينما يستميت الفريق البرهان، الإبقاء على جنرالات الحرب من بقايا ما عرفت بحركات الكفاح المسلح، والكتائب الجهادية للحركة الإسلامية.
تكونت حركة طالبات من مناطق البشتون في شرق وجنوب أفغانستان، ثم تمددت إلى كافة ربوع البلاد، وهو سيناريو أقرب لتكوين قوات الدعم السريع، مع فارق ملابسات التشكيل بالطبع، وتتفوق عليها الأخيرة، بحصولها على الاعتراف الدستوري من القوى المدينة لثورة ديسمبر المجيدة ومن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، فهي قوات نظامية قانونياً وواقعياً، وبإمكان قائدها الفريق حميدتي، زيارة كافة دول العالم، والتواصل مع كافة المنظمات الدولية، وهي صفات لم تتوفر لقيادات طالبان حتى وقت قريب.
تتفق حركة طالبان من الحركة الإسلامية السودانية في أنها ارتكبت مع حلفائها مذابح ضد المدنيين الأفغان، وحرمت إمدادات الأمم المتحدة الغذائية لـ 160 ألف مدني جائع، واتخذت سياسة الأرض المحروقة، وحرقت مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ودمرت عشرات الآلاف من المنازل.
شتان ما بين الظروف التي خدمت عودة حركة طالبات إلى سدة الحكم، وما بين "أحلام زلوط" التي تعشعش في عقول قيادات الحركة الإسلامية السودانية الإجرامية والفاسدة.
خلاصة القول، إذا كان ذلك كذلك، وأن حزب المؤتمر الوطني، مصر على مواصلة القتال، أملاً في تكرار سيناريو حركة طالبان، وما "الحردان" عن الذهاب إلى طاولة مفاوضات جنيف، إلا بسبب هذا المخطط، فلا شك أن اللاجئين والنازحين من الشعب السوداني الأبي، سيطول بقائهم "على ظهور الخيل" كما يقول المثل، ما لم يتم كسر شوكتهم، ورميهم في مذبلة التاريخ.
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 164//

ebraheemsu@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة السودانیة حزب المؤتمر الوطنی فی أفغانستان حرکة طالبان

إقرأ أيضاً:

“من الحرية إلى الإعمار”.. ندوة علمية لجامعتي دمشق وغازي عينتاب ‏الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا

دمشق-سانا

نظمت جامعتا دمشق وغازي عينتاب الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا، ندوة علمية تحت عنوان ‏”من الحرية إلى الإعمار: الإمكانيات والتحديات” في ‏إطار تعزيز التعاون الأكاديمي والعلمي بين الجامعات السورية والدولية، ‏وذلك في مركز رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.

وتركزت محاور الندوة على ثلاثة محاور هي: “المعرفة والإرث الثقافي في ‏مسار الإعمار” و”السياسات التعليمية ما بعد الحرب .. الأولويات والتحديات ‏في عملية إعادة البناء” و”أهمية الكفاءات البشرية في مستقبل سوريا”.

وفي الجلسة الافتتاحية التي ترأسها معاون وزير التعليم العالي لشؤون البحث ‏العلمي الدكتور غيث ورقوزق، بحضور رئيس جامعة ‏دمشق الدكتور ‏محمد ‏أسامة الجبان، ومدير العلاقات الدولية والثقافية ‏بالجامعة الدكتور بشار ‏دحدل، شدد الدكتور عيسى العسافين أستاذ علم المعلومات في جامعة دمشق ‏ورئيس جمعية المكتبات والوثائق السورية، على أن “إعادة الإعمار تبدأ بإعادة ‏بناء الإنسان”، مؤكدًا أهمية التراث والمعرفة كثنائية أساسية في عملية ‏النهوض، وأن مخرجات البحث العلمي ومراكز التطوير هي العماد الحقيقي ‏لأي مشروع تنموي.

من جانبه، تحدث الدكتور محمد حسان إدلبي، ممثل مركز تنمية سوريا ‏والمتخصص في بناء المؤسسات والقدرات المؤسسية، عن معوقات تنمية ‏الموارد البشرية في قطاع التعليم العالي، داعيًا إلى تحويل هذه التحديات إلى ‏فرص، وتفعيل دور الخبرات السورية في الخارج للمساهمة في بناء نموذج ‏تنموي محلي وأخلاقي يخدم المجتمع السوري.

كما أشار الدكتور فيصل الحفيان، الأستاذ في جامعة غازي عينتاب التركية، ‏إلى أن الغرض من الندوة إثارة قضية التعمير والعمران وأهمية السياسات ‏التعليمية في مرحلة ما بعد التحرير، وضرورة تطوير الفكر والوعي نحو ‏استعادة مستدامة للمشروع الحضاري العربي الإسلامي.

وفي الجلسة الثانية، أشار رئيس جامعة غازي عينتاب الدكتور شيخموس ‏ديمير، إلى أن هذا اللقاء يمثل انطلاقة جديدة في مسار التعاون بين تركيا ‏وسوريا، مشدداً على أن العلاقة بين البلدين تقوم على وحدة الدم والثقافة.

وأوضح، أن إعادة بناء سوريا مسؤولية مشتركة تتطلب تعاونًا حقيقيًا بين ‏المؤسسات التعليمية والثقافية، لافتاً إلى أن التعليم هو مفتاح التغيير وصناعة ‏المستقبل.

وبيّن ديمير أن التعاون بين جامعة غازي عينتاب وجامعة دمشق، يهدف إلى ‏خلق فضاء علمي مشترك يسهم في تجديد روح الأمة، وأن هذه الندوة هي لتعزيز التعليم وتوسيع الشراكات بما يعود بالنفع على الشعبين.

وتضمنت الندوة مداخلات عديدة قدمها أكاديميون سوريون، منهم الدكتور عماد ‏الدين عضو الهيئة التدريسية في كلية الشريعة بجامعة دمشق، والذي تناول ‏ارتباط الهوية بالسياسات التعليمية، وأهمية ترسيخ التعليم على أسس الكرامة ‏والمعرفة المستقلة.

كما ركزت المداخلات على أن التعليم يمثل الركيزة الأولى في انطلاق عملية ‏إعادة الإعمار، يليه قطاعا العدل والقضاء، ثم توفير الطاقة بتكلفة منخفضة، ‏لما لها من دور أساسي في مرحلة الإدارة الاقتصادية وجذب الاستثمارات.

وفي مداخلات أخرى شدد الحضور على أهمية ضمان حقوق العاملين لبناء ‏اقتصاد حر وسليم، مؤكدين ضرورة تعزيز الفكر المستقل والاستفادة من ‏التراث المادي، إلى جانب إدارة المعرفة عبر آليات فعالة تضمن استدامة ‏التنمية.

وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة فعاليات تهدف إلى بناء شراكات استراتيجية ‏في المجال الأكاديمي والعلمي، وتعد خطوة مهمة في سبيل تعزيز جهود ‏الإعمار من خلال التعاون المعرفي والثقافي بين الجامعات والمؤسسات ‏البحثية في سوريا وتركيا.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • “الشؤون الإسلامية” تستقبل الفوج الأول من الحجاج ذوي الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين
  • الشغدري يدشن حركة السير في طريق صنعاء – الضالع – عدن “صور”
  • “الشؤون الإسلامية” تسخّر إمكاناتها عبر (14) لجنة لخدمة (2443) حاجًّا من (100) دولة
  • نشطاء حركة “تساف 9” يغلقون معبر كرم أبو سالم ويمنعون شاحنات المساعدات من الدخول إلى غزة / فيديو
  • “مخطط أمريكي لاختراق مصر”.. خبير يحذر من ظهور شركة توزيع مساعدات أمريكية في غزة
  • قيادي في “حماس”: الحركة تدرس بكل مسؤولية وطنية الرد على مقترح المبعوث الأمريكي
  • صاروخ يمني فرط صوتي يضرب مطار “بن غوريون” ويشل الحركة الجوية في قلب الكيان
  • مصدر بـ “حماس”: ما بثته وسائل إعلام بشأن موقف الحركة من المقترح الأخير غير صحيح
  • صاروخ اليمن يشل الحركة في شوارع “تل أبيب”، بعد تفعيل صافرات الإنذار
  • “من الحرية إلى الإعمار”.. ندوة علمية لجامعتي دمشق وغازي عينتاب ‏الإسلامية التركية للعلوم والتكنولوجيا