طالما الحركة الإسلامية على خطى طالبان.. سيطول بقاء المشردين على “ظهور الخيل”
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
كتب إبراهيم سليمان:
رغم عدم وجود رسمي لكيانهم السياسي قانونياً، في اجتماعهم الأخير في شهر يوليو الماضي من مقر نزوح قياداتهم في تركيا، وحسب التسريبات الموازية للمضابط السرية، أوصت قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول، منسوبيها بالصمود "الجهادي" وانتهاج البراغماتية والمراوغة السياسية، مبشرين بعودة السلطة إليهم، عنوةً أو طوعاً، تأسياً بمآل حركة طالبان الأفغانية!
لتبيان خطل هذه الأشواق الوردية، للحركة الإسلامية والسودانية، فلنتوقف برهةً، في ماهية ومسيرة حركة طالبان التي بدأت كحركة ثورية متطرفة، ضد ظلم الدولة المركزية الإعلانية، وآلت لها السلطة الرسيمة حالياً.
حركة طالبان حركة إسلاميّة سِيَاسِية سُنية مُسلحة، تأسست سنة 1994 من طلبة المدارس الدينية في باكستان بقيادة الملا محمد عمر خلال، وتهدف لتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة إمارة إسلامية في أفغانستان.
تحكم حاليًا أفغانستان تحت مسمى إمارة أفغانستان الإسلامية، بعد هزيمة واستسلام الجيش الوطني الأفغاني. وهي إحدى الفصائل البارزة في الحرب الأهلية الأفغانية. ومعظم منتسبيها هم من الطلبة من مناطق البشتون في شرق وجنوب أفغانستان الذين تلقوا تعليمهم في مدارس إسلامية تقليدية، وقاتلوا خلال فترة الحرب السوفيتية الأفغانية.
انتشرت الحركة في معظم أفغانستان، وتمكن الملا عمر من أبعاد المجاهدين أمراء الحرب عن صفوف الحركة. واستطاعت التحكم في أجزَاءً كبيرة من أفغانستان وسيطرت على العاصمة الأفغانية كابل في 27 أيلول/سبتمبر 1996م معلنة قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان ونقلت العاصمة إلى قندهار.
استمرت حركة طالبان في الحكم حتى 2001، عندما أطيح بها بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان في ديسمبر 2001 في أعقاب هجمات 11 سبتمبر. وفي ذروتها لم تعترف بحكومة إمارة أفغانستان الإسلامية دبلوماسيا إلا ثلاث دول فقط: باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
أعادت المجموعة تنظيم صفوفها لاحقًا كحركة مقاومة لمحاربة «إدارة كرزاي» المدعومة من الولايات المتحدة وقوات "إيساف" بقيادة الناتو في الحرب في أفغانستان. وأميرها الحالي هو هبة الله آخوند زاده. قُدر عدد طالبان بنحو 200 ألف جندي في 2017.
إذن، الحركة الإسلامية، وتنظيمها السياسي "المحلول" حزب المؤتمر الوطني، تلتقي مع حركة طالبان في رفع شعار دولة الشريعة الإسلامية، وتختلف معها في الممارسات، إذ عرفت الأخيرة بالشطط الفقهي، والفساد العام، وعدم المبدئية، حيث أحلت القروض الربوية من داخل برلمانها الآحادي، وشرّعت فقه التحلل، لتقنين الفساد المالي واستغلال النفوذ، والإفلات من المحاسبة، وعرفت قياداتها بالثراء الفاحش عبر السلطة، (عوض الجاز وعبدالباسط حمرة كأمثلة) وتعاونت مع أعدائها المعلنة "أمريكا روسيا قد دنى عذابها"، حيث أنها أفشت أسرار الحركات الإسلامية في فلسطين وفي أفغانستان ذاتها، إلى أمريكا عبر رجل استخبارات الحركة الأقوى والدموي صلاح قوش، وطلب رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول عمر البشير المطلوب دولياً الحماية الروسية في آخر متاهاته.
حركة طالبات لم تفرّط في شبرٍ من الأراضي الأفغانية، من أجل الاستمرار في السلطة، على نحو ما فعلت الحركة الإسلامية السودانية بفصل الجنوب والتنازل عن حلاليب وشلاتين وأبو رماد ثمناً لخطيئتها في تدبير محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك.
حركة طالبان بقيادة الملا عمر، ظلت متماسكة ولم تتصدع، كما واجهت الحركة الإسلامية السودانية، كما أنها لم تقوض الدستور وتنقلب على حكومة شرعية، وإنما هزمت حكومة مركزية، تتكئ على السند الأجنبي.
استسلام الجيش الوطني الأفغاني، لحركة طالبان، هو أقرب لموقف هروب الجيش السوداني من قيادتها العامة ومقراتها لقوات الدعم السريع، وسيطرتها على العاصمة كابول، أشبه بسناريو سقوط الخرطوم فيما بعد 15 أبريل 2023م في يد قوات الدعم السريع،
تمّكن الملا عمر، من إبعاد أمراء الحرب، بينما يستميت الفريق البرهان، الإبقاء على جنرالات الحرب من بقايا ما عرفت بحركات الكفاح المسلح، والكتائب الجهادية للحركة الإسلامية.
تكونت حركة طالبات من مناطق البشتون في شرق وجنوب أفغانستان، ثم تمددت إلى كافة ربوع البلاد، وهو سيناريو أقرب لتكوين قوات الدعم السريع، مع فارق ملابسات التشكيل بالطبع، وتتفوق عليها الأخيرة، بحصولها على الاعتراف الدستوري من القوى المدينة لثورة ديسمبر المجيدة ومن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، فهي قوات نظامية قانونياً وواقعياً، وبإمكان قائدها الفريق حميدتي، زيارة كافة دول العالم، والتواصل مع كافة المنظمات الدولية، وهي صفات لم تتوفر لقيادات طالبان حتى وقت قريب.
تتفق حركة طالبان من الحركة الإسلامية السودانية في أنها ارتكبت مع حلفائها مذابح ضد المدنيين الأفغان، وحرمت إمدادات الأمم المتحدة الغذائية لـ 160 ألف مدني جائع، واتخذت سياسة الأرض المحروقة، وحرقت مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، ودمرت عشرات الآلاف من المنازل.
شتان ما بين الظروف التي خدمت عودة حركة طالبات إلى سدة الحكم، وما بين "أحلام زلوط" التي تعشعش في عقول قيادات الحركة الإسلامية السودانية الإجرامية والفاسدة.
خلاصة القول، إذا كان ذلك كذلك، وأن حزب المؤتمر الوطني، مصر على مواصلة القتال، أملاً في تكرار سيناريو حركة طالبان، وما "الحردان" عن الذهاب إلى طاولة مفاوضات جنيف، إلا بسبب هذا المخطط، فلا شك أن اللاجئين والنازحين من الشعب السوداني الأبي، سيطول بقائهم "على ظهور الخيل" كما يقول المثل، ما لم يتم كسر شوكتهم، ورميهم في مذبلة التاريخ.
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 164//
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة السودانیة حزب المؤتمر الوطنی فی أفغانستان حرکة طالبان
إقرأ أيضاً:
مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر
الثورة نت /..
قال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج، خالد مشعل، الأربعاء، إن القضية الفلسطينية تقف على حضور غير مسبوق استعادة لروحها على الساحة الإقليمية والدولية، بعد أن كانت “مخبأة في الأدراج”.
وأضاف مشعل في مقابلة مع قناة الجزيرة اليوم الأربعاء ، أن القضية اكتسبت أيضا مساحات جديدة إلى جانب المقاومة، ودخلت على شرائح من جيل الشباب الأميركي والأوروبي.
وأوضح أن وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر، وأصبح “الإسرائيلي” منبوذا ينتسب إلى كيان قاتل، وارتكب إبادة جماعية في قطاع محاصر.
وأشار مشعل إلى أن الأمة استيقظت واستعادت الروح تجاه القضية الفلسطينية التي تمثل شرفها، وأن العدو “الإسرائيلي” عدو للأمة بأكملها.
وأكد أن قطاع غزة يدفع ثنا باهظا اليوم في مسيرته نحو التحرر، مستدركا أن الذي “يجبر الفلسطينيين على المُر هو وجود الاحتلال على الأرض”.
وشدد مشعل على أن الإدارة الأميركية تحاول عبر مبادراتها لوقف الحرب وإيجاد حلول، أن تقدم صورة في غزة من شكل استقرار ولو جزئي وانتهاء شلال الدم من أجل تسويق ذلك على الساحة الدولية، لإنقاذ سمعة “إسرائيل”، ومن أجل تطبيع بعض دول المنطقة مع العدو.
وبحسب مشعل، فإن الحرب بصورتها التي تمثل حرب إبادة شاملة التي رأيناها عبر عامين كاملين، لا شك أنها انتهت واستنفدت قدرة المجتمع الدولي على تحملها. مستدركا: “نأمل ألا تعود”.
وبيّن أن الحراك العربي والإسلامي يرفض التهجير واستمرار حرب الإبادة في غزة، لكن الجهد المبذول في الفترة الأخيرة من قادة 8 دول عربية وإسلامية خلال اجتماعهم مع ترامب وأركان إدارته، كان نوعا من الخطوة الختماية للوصول إلى إنهاء الحرب.
ولفت مشعل إلى أن “الحرب انتهت، لكن القتل لن يتوقف”.
وتنتهك “إسرائيل” كل القوانين الدولية في قطاع غزة، دون أن يكترث العالم بذلك، وفقا لمشعل الذي أكد أن المسؤولية الآن تتمثل في أن تطبب جراح غزة وتغاث، وأن يعود الشارع العربي والإسلامي إلى دوره الفاعل للضغط على العواصم الغربية و”إسرائيل” لاستكمال متطلبات المرحلة الأولى من وقف الحرب على غزة، للانتقال إلى المرحلة الثانية.
وأردف مشعل أنه منذ أكثر من شهرين تتعامل “حماس” والمقاومة الفلسطينية بمسؤولية ومرونة كافية لإيقاف الحرب على غزة، ولا تزال تتعامل بانضباط من أجل ألا تعود الحرب وأن يتنفس الناس الصعداء، وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية في غزة.
وتابع أن هناك من يريد أن يفرض رؤيته على المقاومة، مثل نزع السلاح، وهو أمر مرفوض في ثقافة الفلسطينيين.
وقال إن المقاومة تريد ضمانة لطرح فكرة ألا يستعرض بسلاحها في غزة (يتم تجميده)، بعيدا عن فكرة نزع السلاح، لأن نزع السلاح يعني نزع الروح، وألا يأتي أي تصعيد عسكري من غزة، مقابل وقف الحرب ووقف التصعيدات والانتهاكات “الإسرائيلية”، مستدركا أن استراتيجية غزة هي التعافي والانشغال بنفسها.
كما أوضح مشعل أن الفلسطيني يعتبر سلاحه روحه، وذلك يعني أن المقاربة بنزع سلاح الفلسطيني يعني نزع روحه.
وقال رئيس “حماس” في الخارج، إنه جرى التوافق برعاية الإدارة المصرية على أن تسلم إدارة قطاع غزة لحكومة تكنوقراط، تلحق بهم قوات شرطة لحفظ الأمن، لصنع صورة مجتمع مدني حقيقي، لكن “إسرائيل” تعطل ذلك.
وأضاف أن فكرة “مجلس السلام” التي اقترحها ترامب، محفوفة بالمخاطر، لأن تحته مجلس تنفيذي يشكل الحكم الحقيقي في غزة، مؤكدا أن ذلك مرفوض بالنسبة للمقاومة، لأنه شكل من أشكال الوصاية ويذكر بالانتداب البريطاني.
وتابع مشعل، أن الحركة إلى جانب حركات المقاومة، يريدون أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني، وتعجيل إعادة إعمار غزة، إلى جانب بقاء وقف إطلاق النار وعدم عودة الحرب.
وارتكبت قوات العدو منذ 7 أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.