خريجو الأزهر بالغربية: هذه أسباب الإلحاد وطرق حماية الشباب من مخاطره
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
لا شك أن ظاهرة الإلحاد من أخطر المشكلات التي تدمر البيئات وتهدم المجتمعات، وتكمن خطورتها في استقطاب واستهداف الشباب وتطويعه ليكون معول هدم لهم، فقضية الفكر من أخطر القضايا التي تواجه اي أمة والأمن الفكري واحد من الأسس التي تبني عليها حضارات الأمم، ولخطورة الفكر أوجبت الشريعة حفظ العقل وجعلته من قاصدها وضرورياتها الخمس، وجعلت من التفكير فريضة إسلامية فإذا كان الدين عقيدة وشريعة فهو أيضًا أخلاق وحضاره تأخذ حكم الفريضة، وحول الإلحاد وخطورته على عقول وفكر الشباب، وكيف نحمي شبابنا من خطورة الفكر المسموم والتلاعب بالمصطلحات التي تدمر الثوابت الداخلية لديهم وتقودهم نحو المجهول، كان لنا هذا التحقيق مع عضوات خريجى الأزهر بالغربية.
تقول الواعظة هدي الشاذلي بمجمع البحوث الإسلامية وعضو خريجى الأزهر بالغربية: نستطيع أن نقول أن الإلحاد لا يعتبر ظاهرة منتشرة فالكثير من الشباب لديه الوعي الكافي لفهم ما يحاك ضده من مؤامرات وما ينتشر حوله من أفكار ولكن القليل منهم يتم استقطابه بطريقة أو بأخرى عن طريق بعض المواقع والجروبات التي وجدت خصيصًا لبث الأفكار المسمومة، وهنا وجب التنبيه على الآباء والأمهات بالمتابعة الدقيقة والمستمرة لأولادهم وعدم ترك عقولهم خاوية خاصة في عالم السماوات المفتوحة والأفكار المتغايرة، وجب عليهم الاحتواء وتقدير العقول وفتح باب المناقشة وفهم ما يدور في عقول أولادهم ومن ثم توجيههم التوجيه الصحيح فعندما يبدأ الشاب أو الفتاة التخلي عن لغته وعقيدته وتراثه فهنا دق ناقوس الخطر وهو بداية التخلي عن الهوية، وننصح الوالدين إذا ما وجدو أحد أبنائهم اتجه لمثل هذه الأفكار الإلحادية أن لا يتناقشو معهم في الموضوع خاصة أنهم غير متخصصين في العلوم العقدية والفلسفية الدقيقة وعليهم توجيههم لأساتذة العقيدة المتخصصين في محاورة الملحدين وتصحيح الأفكار المغلوطة والرد على الشبهات، ولعل هذا من الخدمات التي يقدمها الأزهر الشريف في مشيخته متمثلا في وحدة بيان ووحدة الدعم النفسي والله نسأل أن يحفظ أولادنا وبناتنا بحفظه ويرعاهم برعايته.
وتشير الواعظة وفاء القبيصى بمنطقة وعظ الغربية وعضو خريجى الأزهر إلى أن الإلحاد من أشد الظواهر السلبية التي بدأت تنتشر فى عصرنا وقبل الحديث عن أسباب هذه الظاهرة لابد أن نعلم معنى كلمة إلحاد وهي تعني/إنكار وجود الله الخالق، وأن كل شيء موجود له سبب تسبب في وجوده فهم يؤمنون بمبدأ السببية، ويرجع انتشار هذه الظاهرة إلى عدة أسباب أولها وأهمها عدم التنشئة الدينية السليمة التي تقوم على منهج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن الأسباب أيضا اتباع الهوى، لأن حب الإنسان لشهواته ورغباته يجعله يريد ان يشبع هذه الرغبات دون ضوابط فهو يريد يأتي المحرمات ويرتكب الكبائر دون أن يكون هناك ما يردعه فيبدأ بالخروج من هذا الدين الذي يعتقد أنه يقيده.
ومنها أيضا الجهل بالدين وغياب الوعي الديني، فأصبح كثير من الشباب راغبين عن كتاب الله وعن التأمل والتدبر فيه وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعها وتطبيقها ولهذا أصبح مدخل الشيطان مفتوحا على مصراعيه يلعب بأفكارهم ويغير طريقهم، قال تعالى "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (١٢٦)، وتضيف من هذه الأسباب أيضا فشل الإنسان في حياته وعدم قدرته على إنجاز أو تحقيق أي شئ يثبت به ذاته فيلجأ إلى الإلحاد هروبا من واقعه، ومن هذه الأسباب أيضا/ملازمة معظم الشباب لشاشات الفضائيات والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت سببا رئيسيا في أي انحراف، وتبادل الأفكار والمعلومات التي منها الصالح ومنها الطالح.
وتقول الدكتورة بديعة الطملاوي أستاذ الفقه المقارن والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالإسكندرية: لا شك أن مشكلة الإلحاد من أعظم المشاكل التي يعاني منها شبابنا، ذلك أن الإلحاد هو المدخل الرئيسي للإرهاب، وقد باتت ظاهرة الإرهاب تؤرق كل أسره تتطلع إلى أن تنشئ أولادها على التربية الدينية الصحيحة، لأن معرفة الدين الوسط هو الذي يعصم الإنسان من الوقوع في الفتن الرذيلة، لا سيما وقد يجاهر البعض بالإلحاد على وسائل الإعلام غير عابئ بالآثار السيئة على غيره من الشباب الذي قد لا تمكنه فرص الحياة، أو البيئة المحيطة به من معرفة دينه مع عدم العذر له فى عدم تعلمه دينه فجهات التعلم ومواقع الفتوى المعتمدة وعلماء الدين فى كل مكان يقومون بدورهم المنوط بهم رهن إشارة أولادنا لكى يتعلموا ويتفقهوا فى دينهم فيتمسك الشاب بعقيدته وينبذ كل تطرف وإرهاب ونزوات وشهوات بحجة الحرية الشخصية والمدنية.
وتشير الدكتورة بديعة يجدر بنا أن نعرض بعض الحلول لمواجهة خطر الإلحاد وتأثيره السلبي على شبابنا ومجتمعاتنا، منها على سبيل المثال لا الحصر ":توثيق الصلة بالله تعالى فقد أمرنا الله تعالى بعبادته وتوحيده في قوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة آية٥
وقال عز وجل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات أية ٥٦، فالغاية من خلق الإنسان هي عبادة الله سبحانه وتعالى وتنزيهه عن الشريك والولد، لذا يبين الله تعالى أنه أرسل رسله بيان للناس فقال تعالى:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) النحل أية 36
-والقدوة الحسنة: يقول الله تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران آية ١٠٤، ويقول عز وجل: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران آية ١١٠.
والقدوة والموعظة الحسنة والمناقشة بالمنطق: هي السبيل الوحيد لكسب القلوب وردها الى الحق رداً جميلا. فالإسلام رسالة هداية ورحمة للناس جميعا، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في تعامله مع المخالف وسماعه ومجادلته بالحسنى، لذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء آية ١٠٧، ويأتي دور المجتمع بكل أطيافه والأسرة ممثلة في الأبوين وما يقع على عاتقهم من توجيه وإرشاد وقدوة وتربية.
وأهمية دور المؤسسات الدينية من علماء ومثقفين عبر القنوات الدينية المعتمدة لنشر صحيح الدين مناقشة الشباب والعمل على حل مشكلاتهم النفسية والثقافية والاجتماعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي نجح الغرب وأعداء الدين في بثها في عقولهم وتشويش أفكارهم، وتجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع مقتضيات العصر مع الحفاظ على الثوابت ومقاصد الشريعة، وبيان أن أعداء آلامه لا يريدون الخير للبشرية بنشر الفوضى والرذيلة بمخططاتهم المشبوهة الخبيثة التى لا تعود بالخير على شبابنا ومجتمعاتنا.
ومناظره هؤلاء الملحدين وتفنيد شبههم الخبيثة الباطلة ضد الإسلام والمسلمين، تحصين الشباب بالعلم والحلم والتعلم، لا بد من زياده الوعي بعمل دورات تدريبية، وندوات ومؤتمرات وقوافل دعوية في المدارس والجامعات لتحصين الشباب من مخاطر الإلحاد والإرهاب، ولا يخفى علينا دور وسائل الإعلام وتأثيرها في جميع طوائف المجتمع، حيث إن لها أكبر الأثر في نشر الفضيلة والبعد عن الرذيلة والأفكار الهدامة.
والعمل على استضافه علماء الدين الذين يتبنون وسطية الإسلام، ويبتعدون عن التشدد في الفتوى، وعدم اللجوء إلى نشر الفتاوى الشاذة التي تضر بالمجتمع وتحدث بلبلة في عقول العامة، وإتاحة الفرصة للشباب بأن يناقش أفكاره، ويبدي رأيه فيما يعتقده، وبيان صحيح الدين له تأسيا برسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-
ولا بد من الاهتمام بمناهج التعليم وإبراز روح الشريعة الإسلامية الوسط، التي تدعو إلى الخير وتنبذ العنف والتطرف والغلو، لأن الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان أيا كان نوعه وجنسه وديانته، فقال عز من قائل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء آية ٧٠، وقال عز وجل: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) غافر آية 64.
وأخيرًا مع ضراوة الحرب الشرسة على الإسلام وتسليط كل ما هو رزيل على شبابنا من إعلانات ومواقع إباحية وأفلام مخلة، وغيرها إلا أننا نجد والحمد لله الكثير ممن يعتنقون الإسلام عن طواعية، ولا يزال الخير في أمة الإسلام كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر الشريف خريجي الأزهر بالغربية الإلحاد مخاطر الإلحاد صلى الله علیه وسلم الله تعالى
إقرأ أيضاً:
نقمة عصر البلاستيك والمفاوضات المتعثرة لإنهاء مخاطره
يركز يوم البيئة العالمي 2025 الذي يصادف 5 يونيو/حزيران، على إنهاء التلوث البلاستيكي على مستوى العالم، حيث يُعدّ تلوث البلاستيك من أكثر القضايا البيئية إلحاحا في حياتنا. ومع استمرار تزايد إنتاج البلاستيك المستخدَم لمرة واحدة، تزداد صعوبة إدارته والتخلص من تأثيراته.
تدخل سنويا ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية إلى البيئة، وتمتد آثارها عبر المحيطات والمجاري المائية واليابسة، وأصبحت أنهار العالم ومحيطاته وبحاره طرقا للنقل ومكباتٍ للبلاستيك الناتج عن الأنشطة البشرية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4"إعادة التدوير المتقدمة" حل بيئي أم حيلة تسويقية بارعةlist 2 of 4ما يمكنك أن تعرفه عن البلاستيك الدقيق ومخاطرهlist 3 of 4دراسة: اللافقاريات باتت ملوثة بجزيئات البلاستيكlist 4 of 4عالم جزر غالاباغوس الفريد تحت وطأة التغير المناخيend of listوكان يمكن لمعاهدة عالمية بشأن البلاستيك أن توفر إطارا دوليا منسقا لمعالجة إنتاج البلاستيك واستخدامه والتخلص منه بما يعزز الممارسات المستدامة ويقلل النفايات من مصدرها، لكن إقرار هذه المعاهدة يبدو أنها في مسار متعثر.
ويرى أنصار البيئة أنه من خلال توحيد جهود الحكومات يمكن لهذه المعاهدة أن تحفز الابتكار في المواد البديلة، وتعزز جهود إعادة التدوير، وتضع التزامات قانونية صارمة للحد من التلوث البلاستيكي.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 8 ملايين طن من النفايات البلاستيكية تنتهي في المحيطات سنويا. ولأن معظم البلاستيك لا يتحلل، فإنه يتراكم تدريجيا في محيطاتنا، حيث قد يستغرق تحلله قرونا دون أن يختفي تماما. ويُشكل ذلك تهديدات جسيمة للحياة المائية، وصحة الإنسان، والنظام البيئي البحري.
كما تشير الدراسات إلى أنه بحلول عام 2050، قد يفوق حجم البلاستيك في المحيطات عدد الأسماك. وقد أصبحت قضية التلوث البلاستيكي واسعة الانتشار لدرجة أنها دفعت الأمم المتحدة إلى إطلاق حملة من أجل معاهدة عالمية بشأن البلاستيك.
بدأت قصة البلاستيك في أوائل القرن الـ19 باختراع الإنجليزي ألكسندر باركس أول بلاستيك صناعي، وحصل على براءة اختراعه عام 1862. وقد مثّل هذا بداية حقبة جديدة في علم المواد، حيث فتحت مرونة البلاستيك ومتانته الباب أمام استخدامات لا حصر لها.
إعلانشهد القرن الـ20 ثورة في إنتاج البلاستيك، تمثلت في ظهور البلاستيك الصناعي بالكامل في عام 1907، كان الكيميائي والمسوق البلجيكي ليو بايكلاند رائدا في إنتاج أول بلاستيك صناعي بالكامل (الباكليت)، مما عزز مكانة البلاستيك في قطاع التصنيع الحديث.
وجاءت نقطة التحول الحقيقية بعد الحرب العالمية الثانية عندما ازدهر إنتاج البلاستيك بشكل كبير. وقد سرّعت الحرب من وتيرة التقدم في كيمياء البوليمرات، مما أدى إلى الإنتاج الضخم لمواد بلاستيكية مثل "بولي إيثيلين" و"بولي بروبيلين".
وبحلول ستينيات القرن الماضي، بدأ البلاستيك يهيمن على السلع الاستهلاكية، من التغليف إلى الأدوات المنزلية. وقد عزز هذا التبني السريع من قبل الشركات والمستهلكين انخفاض تكلفة هذه المادة وتعدد استخداماتها.
آنذاك، لم تتضح الآثار البيئية لطفرة البلاستيك، فعلى مدى عقود حظيت هذه المادة الثورية بالثناء لسهولتها وفائدتها، في حين تم تجاهل العواقب الطويلة المدى لإنتاجه والتخلص منه إلى حد كبير.
رغم الجهود العالمية المتزايدة، لا يُعاد تدوير إلا 9% من البلاستيك. ويُعزى هذا المعدل المنخفض إلى تعقيدات إعادة تدوير المنتجات المصنوعة من أنواع مختلفة من البوليمرات، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية لإدارة النفايات.
يُسهم البلاستيك، المنتَج من الوقود الأحفوري، بنسبة 3.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، أي ما يُضاهي انبعاثات قطاع الطيران بأكمله. ويُنتج البشر الآن حوالي 400 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنويا، وينتهي 60% منها في بيئتنا الطبيعية.
وفقًا للتقديرات، هناك ما يقرب من 82 إلى 358 تريليون جزيء بلاستيكي عائم في محيطات العالم، مع متوسط تقدير يبلغ 171 تريليون جزيء بلاستيكي مسجل في عام 2019، بمتوسط وزن يبلغ 2.3 مليون طن.
إعلانتتجاوز عواقب التلوث البلاستيكي البيئات البحرية؛ إذ تُهدد النظم البيئية والحياة البرية وصحة الإنسان. وقد عُثر على جزيئات بلاستيكية دقيقة ناتجة عن تحلل البلاستيك الأكبر حجما في مياه الشرب والمأكولات البحرية، وحتى في الهواء الذي نتنفسه.
وبينما لا تزال هذه الجزيئات قيد البحث، تشير بعض الأبحاث إلى أنها قد تُسبب مشاكل صحية مختلفة، مثل اضطرابات الغدد الصماء، وربما السرطان، حيث وصلت جسيمات البلاستيك النانوية إلى الأعضاء الحيوية للبشر والحيوانات.
ووفقًا للأمم المتحدة، فقد تناثر أكثر من 51 تريليون جزيء بلاستيكي دقيق في بحار العالم، ومن المتوقع أن تستهلك 99% من الكائنات البحرية هذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة بحلول عام 2050 إذا لم تُتخذ أي إجراءات لإبطاء التلوث البلاستيكي.
بادرت الأمم المتحدة إلى وضع معاهدة عالمية بشأن البلاستيك. تهدف هذه المعاهدة إلى إرساء التزامات مُلزمة قانونا بين الدول للحد من إنتاج البلاستيك، وتعزيز جهود إعادة التدوير، وتشجيع البدائل المستدامة.
وفي يونيو/حزيران 2023 دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "إلى الوقوف صفا واحدا الحكومات والشركات والمستهلكون لكي نتخلص من إدماننا البلاستيك وتحقيق هدف النفايات الصفرية".
ففي أوائل عام 2022، اعتمدت جمعية الأمم المتحدة للبيئة القرار 5/14، الذي وافق على اعتماد معاهدة عالمية ملزمة قانونا بشأن البلاستيك بحلول نهاية عام 2024.
منذ ذلك الحين، عُقدت أربع دورات للجنة التفاوض الحكومية الدولية، وانتهت أحدثها -الدورة الرابعة للجنة التفاوض الحكومية الدولية- يوم 29 أبريل/نيسان 2024. ورغم إحراز بعض التقدم في تحديد المنتجات والمواد الكيميائية الحرجة المثيرة للقلق، فإن المحادثات لم تعالج بشكل كافٍ الحاجة إلى تقليل إنتاج البلاستيك الأولي.
إعلانويتواجه معسكران على الأقل في الجولة الخامسة من المحادثات الرامية للتوصل إلى معاهدة دولية للحد من التلوث الناجم عن البلاستيك، والتي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بإشراف برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
ويجمع المعسكر الأول العديد من الدول الأفريقية والأوروبية والآسيوية في "تحالف الطموح العالي"، الذي يريد معاهدة تغطي "دورة الحياة" الكاملة للمواد البلاستيكية من الإنتاج إلى النفايات.
أما المعسكر الثاني فيضم دولا أخرى خصوصا المنتجة للنفط، ويرغب في أن تكون المعاهدة متعلقة فقط بإدارة النفايات. ويرى هذا المعسكر أن خفض الإنتاج ليس من أهداف المفاوضات.
ويشكّل نفوذ جماعات الضغط في قطاع الصناعة عقبة كبيرة في المفاوضات. لا تزال هناك شكوك حول جدوى التوصل إلى معاهدة قابلة للتوقيع بحلول نهاية عام 2024 نظرًا لتعقيدات المفاوضات.
من الجوانب المهمة الأخرى التي يبدو أنها غائبة في مناقشات معاهدة البلاستيك العالمية هي مساءلة الشركات الملوثة عن النفايات التي تنتجها. فقد أظهرت دراسات تلوث البلاستيك ذي العلامات التجارية أن حوالي 60 شركة مسؤولة عن أكثر من نصف تلوث البلاستيك في العالم.
وللسنة السادسة على التوالي (2024) تم الاعتراف بشركة كوكاكولا كأكبر ملوث في مبادرة تدقيق العلامة التجارية العالمية، محققة رقما قياسيا جديدا بإجمالي 33 ألفا و820 قطعة من النفايات البلاستيكية.
وإلى جانب إلزام الشركات بخفض إنتاج البلاستيك، يطالب أنصار البيئة أيضا بضمان مسؤولية الشركات الملوثة عن تمويل تنظيف النفايات التي تسببت فيها.
وفي ظل هذه التحديات باتت الحاجة إلى معاهدة عالمية بشأن البلاستيك أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وسترث الأجيال القادمة مسؤولية مواجهة تفاقم التلوث البلاستيكي من أجل كوكب أكثر صحة وخاليا من أعباء التلوث البلاستيكي.
إعلان