خريجو الأزهر بالغربية: هذه أسباب الإلحاد وطرق حماية الشباب من مخاطره
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
لا شك أن ظاهرة الإلحاد من أخطر المشكلات التي تدمر البيئات وتهدم المجتمعات، وتكمن خطورتها في استقطاب واستهداف الشباب وتطويعه ليكون معول هدم لهم، فقضية الفكر من أخطر القضايا التي تواجه اي أمة والأمن الفكري واحد من الأسس التي تبني عليها حضارات الأمم، ولخطورة الفكر أوجبت الشريعة حفظ العقل وجعلته من قاصدها وضرورياتها الخمس، وجعلت من التفكير فريضة إسلامية فإذا كان الدين عقيدة وشريعة فهو أيضًا أخلاق وحضاره تأخذ حكم الفريضة، وحول الإلحاد وخطورته على عقول وفكر الشباب، وكيف نحمي شبابنا من خطورة الفكر المسموم والتلاعب بالمصطلحات التي تدمر الثوابت الداخلية لديهم وتقودهم نحو المجهول، كان لنا هذا التحقيق مع عضوات خريجى الأزهر بالغربية.
تقول الواعظة هدي الشاذلي بمجمع البحوث الإسلامية وعضو خريجى الأزهر بالغربية: نستطيع أن نقول أن الإلحاد لا يعتبر ظاهرة منتشرة فالكثير من الشباب لديه الوعي الكافي لفهم ما يحاك ضده من مؤامرات وما ينتشر حوله من أفكار ولكن القليل منهم يتم استقطابه بطريقة أو بأخرى عن طريق بعض المواقع والجروبات التي وجدت خصيصًا لبث الأفكار المسمومة، وهنا وجب التنبيه على الآباء والأمهات بالمتابعة الدقيقة والمستمرة لأولادهم وعدم ترك عقولهم خاوية خاصة في عالم السماوات المفتوحة والأفكار المتغايرة، وجب عليهم الاحتواء وتقدير العقول وفتح باب المناقشة وفهم ما يدور في عقول أولادهم ومن ثم توجيههم التوجيه الصحيح فعندما يبدأ الشاب أو الفتاة التخلي عن لغته وعقيدته وتراثه فهنا دق ناقوس الخطر وهو بداية التخلي عن الهوية، وننصح الوالدين إذا ما وجدو أحد أبنائهم اتجه لمثل هذه الأفكار الإلحادية أن لا يتناقشو معهم في الموضوع خاصة أنهم غير متخصصين في العلوم العقدية والفلسفية الدقيقة وعليهم توجيههم لأساتذة العقيدة المتخصصين في محاورة الملحدين وتصحيح الأفكار المغلوطة والرد على الشبهات، ولعل هذا من الخدمات التي يقدمها الأزهر الشريف في مشيخته متمثلا في وحدة بيان ووحدة الدعم النفسي والله نسأل أن يحفظ أولادنا وبناتنا بحفظه ويرعاهم برعايته.
وتشير الواعظة وفاء القبيصى بمنطقة وعظ الغربية وعضو خريجى الأزهر إلى أن الإلحاد من أشد الظواهر السلبية التي بدأت تنتشر فى عصرنا وقبل الحديث عن أسباب هذه الظاهرة لابد أن نعلم معنى كلمة إلحاد وهي تعني/إنكار وجود الله الخالق، وأن كل شيء موجود له سبب تسبب في وجوده فهم يؤمنون بمبدأ السببية، ويرجع انتشار هذه الظاهرة إلى عدة أسباب أولها وأهمها عدم التنشئة الدينية السليمة التي تقوم على منهج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومن الأسباب أيضا اتباع الهوى، لأن حب الإنسان لشهواته ورغباته يجعله يريد ان يشبع هذه الرغبات دون ضوابط فهو يريد يأتي المحرمات ويرتكب الكبائر دون أن يكون هناك ما يردعه فيبدأ بالخروج من هذا الدين الذي يعتقد أنه يقيده.
ومنها أيضا الجهل بالدين وغياب الوعي الديني، فأصبح كثير من الشباب راغبين عن كتاب الله وعن التأمل والتدبر فيه وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعها وتطبيقها ولهذا أصبح مدخل الشيطان مفتوحا على مصراعيه يلعب بأفكارهم ويغير طريقهم، قال تعالى "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (١٢٦)، وتضيف من هذه الأسباب أيضا فشل الإنسان في حياته وعدم قدرته على إنجاز أو تحقيق أي شئ يثبت به ذاته فيلجأ إلى الإلحاد هروبا من واقعه، ومن هذه الأسباب أيضا/ملازمة معظم الشباب لشاشات الفضائيات والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت سببا رئيسيا في أي انحراف، وتبادل الأفكار والمعلومات التي منها الصالح ومنها الطالح.
وتقول الدكتورة بديعة الطملاوي أستاذ الفقه المقارن والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالإسكندرية: لا شك أن مشكلة الإلحاد من أعظم المشاكل التي يعاني منها شبابنا، ذلك أن الإلحاد هو المدخل الرئيسي للإرهاب، وقد باتت ظاهرة الإرهاب تؤرق كل أسره تتطلع إلى أن تنشئ أولادها على التربية الدينية الصحيحة، لأن معرفة الدين الوسط هو الذي يعصم الإنسان من الوقوع في الفتن الرذيلة، لا سيما وقد يجاهر البعض بالإلحاد على وسائل الإعلام غير عابئ بالآثار السيئة على غيره من الشباب الذي قد لا تمكنه فرص الحياة، أو البيئة المحيطة به من معرفة دينه مع عدم العذر له فى عدم تعلمه دينه فجهات التعلم ومواقع الفتوى المعتمدة وعلماء الدين فى كل مكان يقومون بدورهم المنوط بهم رهن إشارة أولادنا لكى يتعلموا ويتفقهوا فى دينهم فيتمسك الشاب بعقيدته وينبذ كل تطرف وإرهاب ونزوات وشهوات بحجة الحرية الشخصية والمدنية.
وتشير الدكتورة بديعة يجدر بنا أن نعرض بعض الحلول لمواجهة خطر الإلحاد وتأثيره السلبي على شبابنا ومجتمعاتنا، منها على سبيل المثال لا الحصر ":توثيق الصلة بالله تعالى فقد أمرنا الله تعالى بعبادته وتوحيده في قوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة آية٥
وقال عز وجل: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات أية ٥٦، فالغاية من خلق الإنسان هي عبادة الله سبحانه وتعالى وتنزيهه عن الشريك والولد، لذا يبين الله تعالى أنه أرسل رسله بيان للناس فقال تعالى:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) النحل أية 36
-والقدوة الحسنة: يقول الله تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران آية ١٠٤، ويقول عز وجل: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران آية ١١٠.
والقدوة والموعظة الحسنة والمناقشة بالمنطق: هي السبيل الوحيد لكسب القلوب وردها الى الحق رداً جميلا. فالإسلام رسالة هداية ورحمة للناس جميعا، ولنا في رسول الله أسوة حسنة في تعامله مع المخالف وسماعه ومجادلته بالحسنى، لذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء آية ١٠٧، ويأتي دور المجتمع بكل أطيافه والأسرة ممثلة في الأبوين وما يقع على عاتقهم من توجيه وإرشاد وقدوة وتربية.
وأهمية دور المؤسسات الدينية من علماء ومثقفين عبر القنوات الدينية المعتمدة لنشر صحيح الدين مناقشة الشباب والعمل على حل مشكلاتهم النفسية والثقافية والاجتماعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي نجح الغرب وأعداء الدين في بثها في عقولهم وتشويش أفكارهم، وتجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع مقتضيات العصر مع الحفاظ على الثوابت ومقاصد الشريعة، وبيان أن أعداء آلامه لا يريدون الخير للبشرية بنشر الفوضى والرذيلة بمخططاتهم المشبوهة الخبيثة التى لا تعود بالخير على شبابنا ومجتمعاتنا.
ومناظره هؤلاء الملحدين وتفنيد شبههم الخبيثة الباطلة ضد الإسلام والمسلمين، تحصين الشباب بالعلم والحلم والتعلم، لا بد من زياده الوعي بعمل دورات تدريبية، وندوات ومؤتمرات وقوافل دعوية في المدارس والجامعات لتحصين الشباب من مخاطر الإلحاد والإرهاب، ولا يخفى علينا دور وسائل الإعلام وتأثيرها في جميع طوائف المجتمع، حيث إن لها أكبر الأثر في نشر الفضيلة والبعد عن الرذيلة والأفكار الهدامة.
والعمل على استضافه علماء الدين الذين يتبنون وسطية الإسلام، ويبتعدون عن التشدد في الفتوى، وعدم اللجوء إلى نشر الفتاوى الشاذة التي تضر بالمجتمع وتحدث بلبلة في عقول العامة، وإتاحة الفرصة للشباب بأن يناقش أفكاره، ويبدي رأيه فيما يعتقده، وبيان صحيح الدين له تأسيا برسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-
ولا بد من الاهتمام بمناهج التعليم وإبراز روح الشريعة الإسلامية الوسط، التي تدعو إلى الخير وتنبذ العنف والتطرف والغلو، لأن الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان أيا كان نوعه وجنسه وديانته، فقال عز من قائل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء آية ٧٠، وقال عز وجل: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) غافر آية 64.
وأخيرًا مع ضراوة الحرب الشرسة على الإسلام وتسليط كل ما هو رزيل على شبابنا من إعلانات ومواقع إباحية وأفلام مخلة، وغيرها إلا أننا نجد والحمد لله الكثير ممن يعتنقون الإسلام عن طواعية، ولا يزال الخير في أمة الإسلام كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر الشريف خريجي الأزهر بالغربية الإلحاد مخاطر الإلحاد صلى الله علیه وسلم الله تعالى
إقرأ أيضاً:
ما هي سورة الاستجابة؟.. تصعد بدعواتك إلى السماء بسرعة البرق
لاشك أن ما يزيد البحث عن ما هي سورة الاستجابة ؟ أنه يعد أحد أهم أسرار القرآن الكريم ، وهو كلام الله عز وجل الذي يشملنا بخيراته وبركاته في الدنيا والآخرة ، إلا أن السؤال عن ما هي سورة الاستجابة ؟ يهم الكثيرين لأنه يتعلق باستجابة الدعاء ، والذي يحمل حلولاً لكل مشكلة ونجاة من كل مصيبة وردًا لكل بلاء ، ومن هنا ينبغي معرفة ما هي سورة الاستجابة ؟ فلا يمكن لعاقل التغافل عنها وإهمالها ، لأنه السبيل لتحقيق الأحلام والنجاة من كل شر بهذه الحياة الدنيا .
قال الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، إن هناك سورة فى القرآن الكريم تسمى سورة “الاستجابة”،وهي سورة الأنبياء ، منوهًا بأنها سميت كذلك لأن بها يستجاب الدعاء كأنه البرق .
وأوضح “ أبو بكر” في إجابته عن سؤال “ ما هي سورة الاستجابة ؟”، أن سورة الأنبياء هي السورة التى يلجأ إليها الإنسان حين تغلق الأبواب، لأنها السورة الوحيدة التى ورد فيها "فاستجبنا له" أكثر من مرة، وهذا اللفظ لم يرد في موضع آخر من القرآن مثلما ورد فى هذه السورة.
ونبه إلى أن سورة الأنبياء بها أربعة مفاتيح لكل المشاكل التي تنغص على الإنسان حياته، وهي:
1- الأول يسمى مفتاح نوح للكرب “وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ”.
2- مفتاح الأيوب للمرض الشديد “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ”.
3- مفتاح سيدنا يونس للغم والهم والحزن “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”.
4- مفتاح سيدنا زكريا للذرية والأمل والرجاء والطلب والأمنية “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”.
وأفاد بأن هذا الكلام ينطبق على كل من قرأ هذه السورة وليس للأنبياء فقط، والدليل على ذلك أن الجواب جاء فيها فى موضعين اثنين؛ الأول “رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ”، والثاني “إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”، فينبغي على كل من يعرف أن يقرأ القرآن قراءة سورة الأنبياء.
لماذا سميت سورة الاستجابةورد في مسألة لماذا سميت سورة الاستجابة ؟، أن سورة الأنبياء سُميت سورة الاستجابة لسرعتها وكأنها البرق ، فهذه السورة يمكن أن نلجأ لها عندما تقفل الأبواب في وجوهنا، في الوقت الذي نحتاج فيه بابا واحدا من السماء يفتح لنا.
وورد أنها سميت كذلك سورة الاستجابة لأنها السورة القرآنية الوحيدة التي ورد فيها لفظ " فاستجبنا له" أكثر من مرة وهذا اللفظ لم يرد في أي موضع قرآني آخر .
فضل سورة الأنبياء في استجابة الدعاءورد من فضل سورة الأنبياء في استجابة الدعاء ، أن سورة الأنبياء فيها المفاتيح لما أُغلق ، تجمع مفاتيح إستجابة ربنا للدعاء، وأول مفتاح مفتاح سيدنا نوح كان للكرب ، لما ورد في بقوله تعالى : "وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ".
وجاء أن ثاني مفتاح مفتاح سيدنا أيوب كان للمرض الشديد والصبر ، لما بقول الله عز وجل : "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أهلهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ"، كما أن ثالث مفتاح مفتاح سيدنا يونس كان للغم ، لما بقوله جل وعلا: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"، أما رابع مفتاح مفتاح سيدنا زكريا للذرية ، فقال تعالى: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ".
هل سورة الاستجابة للأنبياء فقطجاء الجواب في نفس السورة في موضعين : الموضع الأول “ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ " كل العابدين ورحمة من عنده ورحمته وسِعت كل شيء، والموضع الثاني" إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"، الذاكرين ، المتصدقين ، المسبحين ، الصائمين ، المصلين " فـَاستجبنا له ".
فضل سورة الأنبياءلم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثر صحيح ثابت يخص سورة الأنبياء بفضل، وما ورد يعد أحاديث ضعيفة ولا صحة لها، ووجب التنويه عليها، وقد أوردها الإمام الفيروز آبادي في كتابه بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، وهي كما يأتي: "مَن قرأَ سورة اقترب للنَّاس حسابهم حاسبه الله حساباً يسيراً، وصافحه، وسلَّم عليه كلُّ نبي ذكر اسمُه في القرآن". "وفي حديث علي: يا علي مَنْ قرأَ هذه السّورة فكأَنَّما عبد الله على رضاه".
تعريف سورة الأنبياءأجمع العلماء على أنّ سورة الأنبياء سورة مكيّة، نزلت قبل هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وقيل في سنة نزولها؛ أنّها نزلت في السنة الثانية عشر من البعثة.
محاور سورة الأنبياءاشتملت آيات سورة الأنبياء على محاور عدة، ومنها:
التحذير من اقتراب يوم القيامة وذلك بهدف حث الناس على التقرب من الله والإكثار من الصالحات، قال -تعالى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ).التحذير من الكفر بضرب المثل بمصائر الأقوام السابقة قال -تعالى-: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ).تناول وحدة الخالق وربطه بوحدة الحق، ووحدة الوحي، ووحدة مصدر الرسالات، قال -تعالى-: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).الحديث عن موقف المشركين من دعوة رسول الله وسخريتهم به -صلى الله عليه وسلم-، والتهكم بطلب الاستعجال بالعذاب، قال -تعالى-: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَن ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ).تناولت السورة مسيرة الأنبياء والرسل وما قاموا به من دعوة أقوامهم إلى الحق، وما قوبلوا به من قِبل أقوامهم، والتأكيد على أن مصدر رسالات الأنبياء واحد، وهدفها واحد، قال -تعالى-: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).العرض لمشاهد يوم القيامة ومنها: فتح سد يأجوج ومأجوج، وانتقال الناس لمصيرهم في يوم القيامة؛ فالمصلحون إلى الجنة، والمفسدون إلى عذابٍ مقيمٍ، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ).الدروس المستفادة من سورة الأنبياءيدرك المسلم أنّ العاقبة في نهاية الأمر للصالحين، قال -تعالى-: (ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ).يدرك المسلم فضل الملائكة، الذين يفعلون كل ما يأمرهم به -سبحانه وتعالى-، قال -تعالى-: (لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ).يدرك المسلم بأنه لا يخفى على الله خافية، وسيحاسب الإنسان على كل ما يصدر منه، قال -تعالى-: (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ).شكر النعمة، حيث يدرك المسلم بأن شكر النعمة سبب من أسباب دوامها على المسلم، قال -تعالى-: (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ).