نجيب محفوظ.. ذلك المقاوم الأكبر
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
يضع البعض تعريفا إكليشيهيا تقليديا لأدب المقاومة، فيراه ذاك الأدب الذى يقف فى مواجهة المحتل الغاصب أو يقاوم نظما سياسية ظالمة، وهو مفهوم قاصر، ليس فقط لفكرة المقاومة بل لوظيفة الأدب الموجه «إذا عنّ ليّ التعبير»، ذلك أن كل مقاومة لفكر عقيم سائد تعد مقاومة، وتسليط الضوء على سلبيات المجتمع هى أيضا مقاومة، ومحاولة التغيير فى واقع اجتماعى قائم بالإبداع هو مقاومة فى حد ذاته.
وهو المعنى ذاته الذى يؤكده مفهوم الأدب المقاوم، لدى الدكتور السيد نجم، المتخصص فى أدب المقاومة، حيث يراه الأدب الذى يسعى لتحقيق أهدافه من خلال التركيز على الظروف الصعبة التى يعيشها الناس، مع بيان عناصر القوة والضعف فى الجماعة، ثم إبراز ما يملكه الآخر المعتدى من عناصر القوة والضعف، وبالتالى على العمل والأمل بالوعى وليس بالدفع العصبى المنفعل..
وعلى ضوء ما توصلنا إليه آنفا من تعريف أكثر شمولية لأدب المقاومة، تُرى هل يمكن اعتبار ما قدم نجيب محفوظ من أدب، أدبا مقاوما؟
تجلت ملامح المقاومة فى أعمال محفوظ، من خلال رصده للشخصيات وكذلك رصده للأحداث ونقده المباشر وغير المباشر للواقع المعاش، تمثل كلاهما فى تناوله لدقائق الحياة اليومية ورصد تغيرات الزمن وانعكاسها فى النص الروائى، كذلك رصد التحولات السياسية التى حدثت منذ نهاية الأربعينيات خلال وبعد الحرب العالمية الثانية.
فقد تبدت محاولات محفوظ فى رصد الملامح العامة للمتغيرات السياسية ومن ثم الاجتماعية وانعكاساتها على الإبداع الروائى، فى رصده مثلا لـ: هزيمة ثورة عرابي للاحتلال الإنجليزى عام 1882، ثم اندلاع ثورة 1919 وحصارها، ثم اندلاع ثورة1952، ثم انكسار المشروع القومى بعد هزيمة 1967م، وهو ما نراه قد شكل الخلفية التاريخية والاجتماعية الأساسية فى روايات محفوظ على وجه الخصوص.
كما كانت لمحفوظ مواقف سياسية مساندة لمبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية، وتجلى ذلك فى روايات: القاهرة الجديدة، الكرنك، يوم قتل الزعيم، الحب فوق هضبة الهرم، أولاد حارتنا، وغيرها من الروايات التى قدمت نقداً لاذعًا لنظم الحكم المتعاقبة.
إذن يمكننا اعتبار الأدب المقاوم، هو الأداة الناعمة التى يقاوم بها الأديب ما يرفضه، وليس كونه مجرد تصوير للمقاومة فى عمله، ذلك أن مقاومة الشىء تعنى مواجهته بما يلزم، وما يلزم هنا هو كلمات تُلهب حماس الجماهير لتصبح أكثر فاعلية فى مجتمعها، وعليه فإن أدب محفوظ يعد أدبا مقاوما من الدرجة الأولى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم المقاومة
إقرأ أيضاً:
فهم جديد لمتانة البيضة قد يلهم تصميمات هندسية مقاومة للصدمات
يقول المثل الشعبي: "يجعل سره في أضعف خلقه"، وهذا ما ينطبق تماما على قشرة البيضة، تلك المادة الهشة التي تبين أنها تخفي أسرارا قد تلهم المهندسين بابتكار تصميمات أكثر مقاومة للصدمات.
والمعروف في تحدي "إسقاط البيضة" الشهير في الفصول الدراسية، أن البيضة تكون أقل عرضة للكسر عندما تسقط بشكل عمودي (رأسيا) على طرفها، وكان يعتقد البعض أن قشرة البيضة أقوى في هذه الوضعية لأنها تكون "مضغوطة"، أي أن الوزن يوزع بشكل عمودي على القشرة.
ولكن الباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بأميركا، توصلوا إلى خلاف ذلك، حيث وجدوا أنها تكون أقل عرضة للكسر عند سقوطها على جانبها، وليس بشكل رأسي كما كان يعتقد سابقا.
وهذا الاكتشاف، الذي نُشر في دورية "كومينيكيشن فيزيكس"، لا يغير فقط نظرتنا إلى هشاشة البيضة، بل قد يلهم المهندسين لتصميم هياكل قادرة على امتصاص الصدمات بشكل أكثر فاعلية، مستفيدين من مرونة الشكل البيضاوي وصلابته الجانبية.
ماذا فعل الباحثون؟وخلال التجارب قام الباحث تال كوهين، من قسم الهندسة المدنية والبيئية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وزملاؤه بإجراء 180 اختبار إسقاط للبيض من ارتفاعات صغيرة جدا (8، 9، و10 مليمترات) لمحاكاة تجربة "تحدي إسقاط البيضة"، الشائعة بين طلاب المدارس، ووجدوا أن أكثر من نصف البيض الذي سقط عموديا من ارتفاع 8 مليمترات انكسر، سواء كان السقوط من الطرف المدبب أو العريض، وأقل من 10% فقط من البيض الذي سقط أفقيا (على جانبه) من الارتفاع نفسه تعرض للكسر.
إعلانكما أجرى الباحثون اختبارات ضغط على 60 بيضة لقياس القوة اللازمة لكسرها في الوضعين، وكانت القوة المطلوبة للكسر في كلا الاتجاهين حوالي 45 نيوتن، لكن البيض الأفقي استطاع أن ينضغط أكثر قبل أن ينكسر، مما يعني أنه يمتص الصدمة بشكل أفضل.
ويفسر الباحثون التفاوت في قدرة البيضة على تحمل الصدمات بناء على مفاهيم فيزيائية قد تكون مساء فهمها بشكل شائع، مثل الفرق بين "الصلابة" و"المرونة".
فعلى الرغم من أن قشرة البيضة تكون أكثر صلابة عندما يتم الضغط عليها عموديا، فإن هذا لا يعني أنها أكثر قدرة على تحمل الصدمات، وذلك لأن ما يسمى بـ"الصلادة" أو "القدرة على امتصاص الطاقة" يختلف عن الصلابة، حيث يمكن للبيضة أن تكون أكثر مرونة في امتصاص الطاقة عند سقوطها على جانبها، مقارنة بسقوطها عموديا.
ويقول الباحثون، في بيان نشره الموقع الرسمي لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن "الأبحاث المستقبلية يمكن أن تستكشف تطبيق هذه النتائج على سيناريوهات هندسية، مثل كيفية استجابة الهياكل للأحمال الديناميكية".
ويمكن أن تظهر انعكاسات هذه النتائج في تصميم هياكل تكون أكثر قدرة على امتصاص صدمات الزلازل أو الاصطدامات، وتحسين التصميمات في مختلف الصناعات مثل التغليف، حيث يمكن تصميم مواد تغليف أفضل لحماية المنتجات الهشة من الصدمات، وتطوير مواد تمتاز بالمرونة في بعض الاتجاهات والصلابة في اتجاهات أخرى، مما يجعلها أكثر كفاءة في امتصاص الطاقة أثناء الحوادث أو الكوارث.