ماذا لو كان الذكاء الاصطناعي مرشحاً؟
بقلم: إبراهيم راضي الصبح
تخيلوا معي… “الذكاء الاصطناعي” قرر يترشح للانتخابات في الأردن! لا، لا تمزحوا… خلونا نتخيل الجدّ. احنا دايماً بنقول: “المستقبل للتكنولوجيا”، و”الذكاء الاصطناعي رح يغير كل شيء”، طيب ليش ما يغير كمان “دورات الانتخابات؟
أول شيء، لازم نعرف إنه إذا الذكاء الاصطناعي نزل انتخابات، ما في داعي للبوسترات الكبيرة اللي بتغطّي الواجهات، ولا للسيارات اللي بتلف البلد تشغل أغاني “علي الصوت”.
برنامج انتخابي مليء بالأرقام والمعطيات
الذكاء الاصطناعي رح يدخل عليك بخطة انتخابية مبنية على الأرقام والإحصائيات، مش “رح نبني، رح نعمل” وبعدين؟ النسيان، لأنه الذكاء الاصطناعي ما بينسى ولا عنده فشل في الذاكرة، بيقول لك مثلًا: “في آخر 10 سنوات، نسبة البطالة وصلت إلى 19.2%، بينما الخطط الحكومية كانت بتحكي عن خفضها إلى أقل من 10%. أنا ما رح أوعد، لكن رح أعطيك تحليل دقيق وعلمي لحلّ المشكلة”.
وبدون ما تروح تعزم عشائر أو تجيب الناس للحملات الانتخابية بالباصات، بيكون عامل استطلاع للرأي في كل منطقة بدقة 99%. كل ناخب عنده فرصة يفهم بالضبط شو اللي رح يتغير، بالأرقام، مش بالحكي الفارغ.
كشف حساب فوري
تخيلوا الذكاء الاصطناعي وهو بيقدم نفسه في اللقاءات الشعبية: “أصدقائي الناخبين، خلال السنوات الماضية، في 95% من المناطق، وعود النواب كانت غير قابلة للتنفيذ بسبب غياب التمويل أو سوء التخطيط، أنا هنا لأعطيكم الخطة، بالأرقام، وعلى الهواء مباشرة، وعبر ضغطة زر واحدة، بتشوفوا كل إنجازات أو إخفاقات سابقة، وكل وعد كاذب قدمه المرشحون قبلي.
أصلا من غير ما يطلب دعم من أحد، بيكون داخل بمجموعة بيانات ضخمة عن كل واحد منا، وبيعرف إذا كنت جاي على الانتخابات مشان الكنافة أو مشان تسمع وعود حقيقية!
لا مكان للوعود الكاذبة
خلينا نكون واقعيين، الذكاء الاصطناعي مش رح ييجي ويقول لك: “سأرفع الرواتب، سأبني مليون مدرسة، وسأوظف كل شاب”، لا، الذكاء الاصطناعي بياخد إحصائيات البنك المركزي ويقول لك: “الوضع الحالي لا يسمح بأي زيادات في الرواتب، إلا إذا حققنا نمواً اقتصادياً بنسبة 5% على الأقل”. هاد ما بيعطيك كلام عالفاضي، بيعطيك الحقيقية المرّة.
ومش رح يضل يلف علينا بالحكي عشان يرضي فلان وعلان، لا في حشد ولا عشيرة، لأن الذكاء الاصطناعي بيعتمد فقط على الحقائق، وبيقولها بلا أي مجاملات: “ما في ميزانية كافية؟ مش رح نوعد بشي مش رح نقدر نحققه.
صدقٌ بلا حرج
ومن الطريف إنك إذا جيت سألت الذكاء الاصطناعي: “طيب ليش ما تحققوا؟” رح يرد عليك فوراً: “لأن الحكومات المتعاقبة أخطأت في توزيع الأولويات، ولأننا صرفنا على مشاريع ما كان إلها أي قيمة عملية!” باختصار: ما في مجاملات.
الذكاء الاصطناعي ما عنده وقت للف والدوران، بيعطيك حل بناءً على المعطيات، بيقول لك: “إذا استمرينا على هذا الوضع، بعد 5 سنوات رح تتضاعف البطالة بمعدل 2% سنويياً، وبدون لا يعتذر ولا يلف ويقول لك: “هذا الموجود!”
الشفافية المطلقة
ويا سلام لما تطلب كشف حساب لأدائه بعد ما ينجح، ما رح يقول لك: “راجعني الأسبوع الجاي”، رح يفتح لك كل البيانات ويقول لك: “بفضل النظام الإلكتروني المتطور، تم تنفيذ 75% من البرنامج الانتخابي”، وطبعا الكل رح يعرف مين فعلا اشتغل ومين لا، لأنه ما في مجال للتلاعب أو التزوير.
نجاحات مشتركة
ولما ييجي الذكاء الاصطناعي يتكلم عن العشائر، ما رح يقول “إحنا ولاد عشيرة كبيرة ونحمي بعض”. لأ، الذكاء الاصطناعي بيقول لك: “البيانات تشير إلى أن النجاح يعتمد على التعاون المجتمعي وليس الولاءات الضيقة، سنحقق نجاحات مشتركة بناءً على الكفاءة وليس على من يحضر أكثر.”
في النهاية، هل إحنا جاهزين للذكاء الاصطناعي كنواب؟ مش مهم. لكن الشيء الأكيد، هو إنه لو الذكاء الاصطناعي ترشح للانتخابات، رح يخلّي كل نائب بعده يحاسب حاله مليون مرة قبل ما يوعد بوعد كاذب، لأنه الكاميرا شغالة، والمراقبة صارت مش من الناخبين فقط، بل من التقنية اللي ما بتنسى ولا بتسامح.
فيا ترى، هل الذكاء الاصطناعي هو الحل؟ أم إنه المستقبل بانتظار إننا نصير “أذكى”؟
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يوجه المسيّرات رغم العوائق الطبيعية
في مهمة لإطفاء حرائق الغابات في سلسلة جبال سييرا نيفادا، قد تجد طائرة مسيّرة ذاتية التحكم نفسها تواجه رياح «سانتا آنا» العاتية التي تهدد بإخراجها عن مسارها. التكيف السريع مع مثل هذه التقلبات الجوية غير المتوقعة أثناء الطيران يمثل تحديًا هائلًا لأنظمة التحكم في وضع الطيران الخاصة بهذه الطائرات.
ولمواجهة مثل هذه التحديات، طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «MIT» خوارزمية تحكم تفاعلي جديدة تعتمد على تقنيات تعلّم الآلة، قادرة على تقليل انحراف الطائرة عن مسارها المحدد حتى في مواجهة عوائق مفاجئة مثل هبوب الرياح.
وعلى عكس الطرق التقليدية، لا تتطلب هذه التقنية من المبرمج أن يكون على دراية مسبقة ببنية أو نمط هذه الاضطرابات. بدلاً من ذلك، يتعلم نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم في نظام التحكم كل ما يحتاجه من خلال بيانات ملاحظة تُجمع خلال 15 دقيقة فقط من الطيران.
الميزة الأبرز لهذه التقنية تكمن في أنها تحدد تلقائيًا خوارزمية التحسين الأمثل للتكيف مع هذه الاضطرابات، مما يعزز من دقة تتبع المسار. إذ تختار الخوارزمية الأنسب بحسب طبيعة الاضطرابات التي تواجهها الطائرة في كل حالة.
وقد درّب الباحثون نظامهم على تنفيذ هذين الأمرين معًا، التكيّف وتحديد الخوارزمية باستخدام تقنية تُعرف باسم التعلم الفوقي «meta-learning»، والتي تُعلّم النظام كيفية التكيّف مع أنواع مختلفة من الاضطرابات.
النتائج جاءت واعدة، إذ سجل النظام الجديد نسبة خطأ في تتبع المسار أقل بنسبة 50% مقارنة بالطرق التقليدية، سواء في المحاكاة أو في الظروف الحقيقية، كما أثبت كفاءته في التعامل مع سرعات رياح لم يسبق له مواجهتها أثناء التدريب.
يأمل الباحثون أن يُسهم هذا النظام مستقبلاً في تحسين كفاءة الطائرات المسيّرة في توصيل الطرود الثقيلة رغم الرياح القوية، أو في مراقبة المناطق المعرضة للحرائق في المحميات الطبيعية.
يقول نافيد عزيزيان، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية ومعهد البيانات والنظم والمجتمع «IDSS» بمعهد «MIT»، والباحث الرئيسي للدراسة: «قوة طريقتنا تكمن في التعلم المتزامن لمكونات النظام. من خلال الاستفادة من التعلم الفوقي، يتمكن نظامنا من اتخاذ قرارات تلقائية تحقق أفضل تكيف ممكن في وقت قصير».
شارك عزيزيان في إعداد الورقة البحثية كل من سونبوتشين تانغ، طالب دراسات عليا في قسم الطيران والفضاء، وهاويان صن، طالب دراسات عليا في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب. وقد عُرض البحث مؤخراً في مؤتمر «التعلم للديناميكيات والتحكم»
التعلم على التكيف
تتغير سرعات الرياح التي قد تواجهها الطائرة في كل رحلة، لكن من المفترض أن تبقى الشبكة العصبية ودالة الانحدار المستخدمة ثابتتين، لتجنّب إعادة التدريب في كل مرة.
لتحقيق هذه المرونة، اعتمد الباحثون على التعلم الفوقي، ودربوا النظام على مجموعة من سيناريوهات الرياح المختلفة أثناء مرحلة التدريب.
يوضح تانغ: «الهدف ليس فقط أن يتكيف النظام، بل أن يتعلم كيف يتعلم. عبر التعلم الفوقي، يمكننا إنشاء تمثيل مشترك من بيانات متعددة السيناريوهات بسرعة وكفاءة».
في التطبيق العملي، يقوم المستخدم بتغذية نظام التحكم بمسار الطيران المطلوب، ويقوم النظام بحساب قوة الدفع اللازم في الزمن الحقيقي لإبقاء الطائرة على المسار رغم أي اضطرابات جوية.
وقد أثبت النظام كفاءته سواء في المحاكاة أو في اختبارات حقيقية، حيث تفوق على جميع الطرق التقليدية في تتبع المسار، حتى في الظروف الجوية القاسية.
يضيف عزيزيان: «حتى عندما تجاوزت قوة الرياح مستويات لم نشهدها في التدريب، أثبتت تقنيتنا قدرتها على التعامل معها بكفاءة».
واللافت أن تفوق النظام على الطرق الأخرى ازداد كلما زادت شدة الرياح، مما يدل على قدرته على التكيف مع البيئات الصعبة.
ويجري الفريق الآن تجارب ميدانية على طائرات مسيّرة حقيقية لاختبار النظام في مواجهة ظروف جوية متنوعة.
كما يسعى الفريق لتوسيع قدرات النظام ليتعامل مع اضطرابات متعددة المصادر في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، تغير سرعة الرياح قد يغيّر من توزيع وزن الحمولة أثناء الطيران، خصوصاً عند حمل مواد سائلة.
كما يطمح الباحثون إلى تطوير خاصية التعلم المستمر، بحيث يتمكن النظام من التكيف مع اضطرابات جديدة دون الحاجة إلى إعادة تدريبه على البيانات السابقة.
وفي تعليق على البحث، قال بروفيسور باباك حسّیبي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا «Caltech»، والذي لم يشارك في المشروع: «نجح نافيد وزملاؤه في الجمع بين التعلم الفوقي والتحكم التكيفي التقليدي، لتعلم الخصائص غير الخطية من البيانات. واستخدامهم لخوارزميات الانحدار المرآتي مكّنهم من استغلال البنية الجيومترية الكامنة للمشكلة بشكل لم تفعله الطرق السابقة. وهذا العمل قد يساهم بشكل كبير في تصميم أنظمة ذاتية التشغيل تعمل بكفاءة في بيئات معقدة وغير مؤكدة».
وقد حصل هذا البحث على دعم من عدة جهات، منها شركة «MathWorks»، ومختبر «MIT-IBM Watson» للذكاء الاصطناعي، ومركز «MIT-Amazon» للعلوم، وبرنامج «MIT-Google» للابتكار في الحوسبة.