الأسبوع:
2025-08-12@09:32:03 GMT

الفتوى و"السرقة"

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

الفتوى و'السرقة'

منذ أن تعددت البرامج التى تستضيف شيوخا للإفتاء فى أمور الدين، وتنوعت وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الفيس بوك، وأمر الفتوى أصبح مستباحا بشكل كبير، حتى أننا نفاجأ بين الحين والآخر بفتوى غريبة تثير حالة من الجدل والتشتت حول مفاهيم دينية محسومة بالفعل ولا تقبل النقاش.

هل وصل بنا الحال إلى سماع فتوى تبيح سرقة التيار الكهربائي والمياه والغاز؟ بكل أسف نقول نعم، الغريب أن هذا الكلام لم يخرج من فم جاهل أو أمي أو العامة، ولكن خرج على لسان أستاذ جامعي بجامعة الأزهر، وهو الدكتور إمام رمضان الأستاذ بكلية التربية، وبناءً عليه أعلنت جامعة الأزهر، تحويل الأستاذ إلى التحقيق، بعد الفتوى التي أجاز فيها سرقة الكهرباء والمياه والغاز، وكان الأستاذ بالأزهر قد قال عبر فيديو له على صفحته على مواقع التواصل بجواز سرقة المياه والكهرباء والغاز، مستشهداً بقول الله تعالى "ومن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل".

وكان الدكتور إمام رمضان قد أثار الجدل قبل 5 سنوات وتعرض للتحقيق والإيقاف وقتها، بعدما أجبر طالبين بجامعة الأزهر على خلع سرواليهما أمام زملائهما الطلاب في المحاضرة بحجة التعلم، وأنه بذلك يحاول توصيل رسالة إلى الطلاب بضرورة الثبات على العقيدة، وقتها دافع عن نفسه بقوله "طبَّقت مفهوم الإغواء بأن اللي عايز ينجح في المادة يطلع يعمل ما يُطلب منه، وفيه طَلَبَة رفضت الخروج قبل ما يعرفوا إيه المطلوب".

واذا كان الجدل الذى أثير حول الاستاذ وقتها حول مفهومه لطرق التدريس، التى كان بإمكانه اختيار طريقة أكثر رقيا وتحضرا من تلك الطريقة "المبتذلة" فى ايصال المعلومة، وهو أمر يدفعنا إلى النظر مرة أخرى فى أهلية بعض من يقومون بالتدريس فى الجامعات، وهو أمر بات حتميا، على أن يتم تقييم الأساتذة كل فترة من الوقت، حتى نتجنب كثيرا من المشكلات التى تنجم عن تعنت الأساتذة تجاه الطلاب أو فرض وجهات نظرهم التى تكون غير صالحة فى بعض الاوقات.

هل نحن بحاجة إلى فتوى تجيز سرقة التيار الكهربائي والمياه والغاز؟ سؤال لابد وأن نتعمق فى الاجابة عنه، لأن الإجابة تتطرق لجوانب عدة أولها فكرة السرقة فى حد ذاتها، والتى حرمها ديننا حتى أن رسول الله عليه السلام أقسم بأن السرقة لو كانت من ابنته فاطمة- وهى الأغلى والأقرب لقلبه- لقطع يدها، وثانيها حتى لو كانت الفواتير مرتفعة وهناك سرقات للخدمات من قبل بعض المستهلكين، فان هذا لا يعني جواز السرقة حتى نشعر بالعدل كما أفتى الاستاذ.

للأسف هناك أعداد ليست قليلة من المستهلكين يقومون بسرقة التيار الكهربائي وباقي الخدمات، وهم يبررون ما يفعلون بنفس منطق هذا الأستاذ الجامعي، وهؤلاء لا يدركون المعنى الحقيقي للحلال والحرام، مع أن الحد الفاصل بينهما معلوم للجميع، ولكن أن تعطيهم سندا شرعيا بفتوى مغلوطة فهذا هو الحرام بعينه.

نقول كل من يدّعى العلم وهو للأسف علم مشوب بالجهل والانتهازية، وينصب نفسه أمينا على الفتوى، استقيموا وإياكم وأمانة الكلمة!

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

وماذا بعد؟

بعد تلك الحملة الأمنية والإعلامية الضخمة التى استهدفت كثيرا من مشاهير التيك توك المزعومين، ووسط أنباء تتواتر كل يوم عن اتهامات جديدة توجه لهم مثل غسيل الأموال ونشر الفجور والتعدى على قيم المجتمع يطرح السؤال نفسه: إذا كنا نقدر على إغلاق هذا الملف الذى كان يؤرق بال كل عاشق لمستقبل أجيال هذا الوطن بهذه القوة والحسم وفى وقت ضيق، فلماذا لا يمتد هذا التطهير إلى كل دروب الحياة الفكرية فى مصر؟!

لماذا لا نعلنها ثورة على القبح والتدني الأخلاقي وكل المظاهر السلبية التى سادت مجتمعنا المصرى دون مبرر خلال العقد الأخير؟ لتكن انتفاضة ضد كل ما هو هادم لقيم المجتمع، ضد العنف والفن الهابط والفكر الأجوف ومروجي الشائعات وأصحاب الفتاوى الهزلية التى تملأ جنبات الميديا، ضد إعلام لا يراعي المهنية وقيمة مصر ويتاجر فقط فى تلك التريندات التافهة، ضد كل من يخرج عن المألوف ويحاول أن يفرض علينا واقعا فكريا ونمط حياة لا يتفقان مع قيمنا وأخلاقنا.

ليست دعوة لتقييد الحريات فلا مجال لكاتب أو صاحب فكر أن ينادى بذلك، فالحرية هى مصدر الإبداع الوحيد، ولكنها دعوة للتطهير وإزالة كثير من المخلفات والشوائب التى لوثت حياتنا دون وجه حق وأفقدتنا جزءا كبيرا من هويتنا الثقافية والفكرية وشتتت عقول الصغار حتى اختلطت الأمور لديهم وأصبح ميزان القيم والمبادئ لدى بعضهم مختلا بشكل ينذر بخطر عظيم على استمرار هذا الوطن بنفس الشكل وذات الهوية التى عرفها العالم عبر آلاف السنين.

لتكن بداية نبني عليها وخطوة طيبة نستكملها معًا ضد كل ما يلوث هواء هذا الوطن، نحن نستحق الأفضل ونستطيع أن نصنع لأنفسنا حاضرًا فكريًا يليق بنا حين نريد، فقط هى الإرادة الجمعية حين تتوافر لدى الكل، نريدها حربًا ضروسًا ضد كل ما يخالف القيم والأعراف والاديان وموروثات هذا الوطن، كل العالم اليوم يبحث عن الجذور ويتمسك بها ضد طوفان الحداثة، فلماذا لا نفعلها نحن ولدينا تاريخ وموروث حضاري عظيم نعود إليه ونستلهم منه عظمة هذا الشعب وقوته حين يصطف خلف قضية ما؟ لتكن بداية وليست نهاية فهذا وطن يستحق، وتلك أجيال صاعدة ستحاسبنا يومًا إن قصرنا فى حمايتها من فقدان الهوية والتشتت.. .حفظ الله مصر وأجيالها الناشئة، حفظ الله الوطن العزيز الغالي.

مقالات مشابهة

  • ترامب يعتزم الاعتماد على الحرس الوطني لمكافحة السرقة في واشنطن.. فيديو
  • بعد تزايد معدلات السرقة.. «ترامب» يضع شرطة واشنطن تحت السيطرة الفيدرالية
  • «محاولة سرقة انتهت بوفاة».. مصرع لص سقط من «الدور الثالث» بالجيزة
  • سرقة معدات قناة سعودية في لندن خلال تقرير عن السرقة (شاهد)
  • وماذا بعد؟
  • سرقة معدات قناة الإخبارية السعودية خلال تصوير تقرير عن حوادث السرقة في لندن
  • فرعا شركتي النفط والغاز في ذمار يحتفيان بذكرى المولد النبوي
  • بالفيديو.. "الإخبارية السعودية" توثق سرقة معداتها خلال تقرير عن جرائم السرقة في لندن
  • فيديو لحظة سرقة معدات قناة سعودية في لندن خلال تقرير عن السرقة يشعل تفاعلا
  • النقض تؤيد إعدام سيدة قتلت جارتها المُسنة وقطّعت جثتها بالفيوم بدافع السرقة