لجريدة عمان:
2025-05-08@20:09:12 GMT

هل قلوبنا كبيرة .. فعلا؟

تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT

يتحدث الناس كثيرا عن القلوب، وينيخون رحال ركابهم التي أعياها السير على مشارف هذه القلوب «الحاضرة الغائبة» وأصفها بهذا الوصف، لأنها أعضاء غير ملموسة، وبالتالي فهي غائبة، ولأنها تعقد عليها كل هذه الآمال فهي حاضرة، وبين هذا الحضور والغياب تعيش قصة إنسانية متسلسلة منذ ذلك الزمن البعيد، حيث النشأة الأولى، وإلى يومنا هذا، والحال لا يزال يراوح مكانه، ولا تزال الآمال منعقدة على أن تكون القلوب هي الملاذ الأخير لـ(تجاوز الزلات، التغاضي عن الأخطاء، غفران الذنوب، العفو عند المقدر،ة مسح الدموع الهاطلة من أثر الندم، اتساع الأحضان بعد طول غياب، ميلاد عمر جديد، بدأ مرحلة أكثر آمانا عما كان) وقس على ذلك أمثلة كثيرة، فالقلوب تتسع، ألم نقل لآخر: أنت قلبك كبير؟

من جميل ما قرأت: «قلوبنا كبيرة ولكن لا تستهينوا بحجم أخطائكم فالبحر لا يحمل السفينة إن ثقبت»- انتهى النص - حيث تلعب الضنية هنا دورا كبيرا، لأنه من الغباء أصلا أن يتوقع أحدنا أن مجموعة الأخطاء والمآسي التي يرتكبها في حق الآخرين سوف «تذروها الرياح» ومن اعتاد ألا يلمس إلا الصمت من أي طرف آخر يتعامل معه، فليس معنى ذلك أن الطرف الآخر يستنشق عطر المباهج، وهو يتلقى ضرباتنا القاسية بصمت، فكل تغريدة تكون خارج السرب -والسرب هنا المساحة الآمنة للتفاعل- هي بلا شك تقضي على الأخضر واليابس، وتوسع دائرة تخزين التحمل، ومعنى هذا أن الحالة معرضة للانفجار، ومتى يحصل الانفجار، فعلينا ألا نتفاجأ مما حدث، لأن مساحة التفاعل المتاحة بين الطرفين قد امتلأت بما فيه الكفاية، وحينها آن الأوان أن ترسو السفينة على رصيف الذكريات، فهذا يكفي، لأن في الخطوة التالية، لبناءات جديدة في العلاقة معناه انتحار.

عندما نشاهد حالة التشنج بين طرفين متنازعين، فإن ذلك يعبر عن كمية المخزون القاسي الذي تحمله القلوب «الكبيرة» وليست المسألة فقط مرتبطة بالحالة الصدامية تلك، والناتجة عن خطأ جسيم وقع في تلك اللحظة الزمنية، فالزمن بدوره يقوم بمعالجات نفسية كثيرة، حيث يستنجد دائما بصديقه «النسيان» والحالات النفسية تهدأ مع تحقق هذا النسيان وتسيده على الموقف حيث يأمل الجميع أن تكون «سحابة صيف» وهي الغطاء الذي يوفره طول الزمن، ولكن هذه المعالجات التي يقدمها الزمن مع أهميتها لن تستطيع أن تكون بديلا مطلقا لما تختزنه القلوب، ولذلك يتم استدعاء كل الأرصدة في لحظات النزاع الحرجة، ولعل الصدمة تصل ذروتها هنا، لأنه يتوقع كل طرف من الآخر، قلبه كبير، وأن ما حدث قد طواه الزمن، ولم يعد له أثر، والحقيقة أن الزمن معالج نفسي في بعده الأفقي، وهذا البعد الأفقي يسيرا تكونه، وإزالته في آن واحد، لكن ما تختزنه القلوب يلعب على الوتر العمودي، وهذا ليس بالأمر اليسير اقتلاعه، فاقتلاع الأعمدة يحدث كثيرا من التشققات الجانبية، ويؤثر بصورة مباشرة على كل الجوانب المحيطة، وبالتالي فالقلوب الكبيرة على الرغم من أهميتها في إيجاد مساحة للنور، إلا أن ما تختزنه - بناء على كبرها - يوجه دفتها في لحظات التصادم القاتلة حيث يتم استدعاء كامل الرصيد لتعزيز موقع الدفاع.

تحدث مغازلات كثيرة لاستمالة القلوب على أنها كبيرة، ولا يمكن أن تعصف بها الزلات الصغيرة، وينسى هؤلاء المغازلون أن الزلات الصغيرة لا تقف عند حد، بدءا من كلمة جارحة، غير محسوبة، أو موقف يراد منه «الفرفشة» وأحيانا حتى نظرة مصوبة تجاه حركة معينة، يجعل من اتساع القلوب ضيق وكدر، فلتهنأ القلوب الكبيرة إن استطاعت تجاوز معضلات حامليها.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سام التمان: أوبن إيه آي ليست شركة عادية ولن تكون كذلك أبداً

أعلن الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي" سام ألتمان، تخلي الشركة التي تقف وراء "تشات جي بي تي" عن خطتها لتصبح ربحية.
وكتب سام ألتمان في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين نُشرت الاثنين على موقع الشركة الإلكتروني "أوبن إيه آي ليست شركة عادية ولن تكون كذلك أبدا".
وقال "اتخذنا قرار البقاء كشركة غير ربحية بعد الاستماع إلى قادة المجتمع المدني والتحدث مع مكاتب المدعين العامين في كاليفورنيا وديلاوير".
وأصبحت الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي واحدة من أنجح الشركات الناشئة في تاريخ سيليكون فالي، بدفع خصوصا من النجاح الكبير لأداتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي "تشات جي بي تي" منذ نهاية 2022.
في أعقاب الأزمة التي حدثت داخل الشركة في 2023، أراد المستثمرون الرئيسيون في "أوبن إيه آي" أن يتمكنوا من تنمية استثماراتهم ضمن هيكلية قائمة على تحقيق الأرباح، خصوصا بالنظر إلى التكاليف الكبيرة المرتبطة بتصميم وتدريب ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي".

وفي العام الماضي، كشفت "أوبن إيه آي" التي تكلف طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي عشرات مليارات الدولارات من الاستثمارات، عن خطة للتحول إلى شركة ربحية في غضون عامين.
لكن منتقدي الخطة اعتبروا المشروع خطرا نظرا لقوة أدوات الذكاء الاصطناعي، ولأن هذا التغيير الهيكلي برأي هؤلاء من شأنه أن يضع مصالح المساهمين قبل مصالح المجتمع المدني.

وبموجب خطة "أوبن إيه آي" الجديدة، سيكون الفرع المدرّ للإيرادات في الشركة قادرا على تحقيق الربح، ولكن الأهم من ذلك، فإنه سيظل تحت إشراف مجلس إدارة الشركة غير الربحية.

وقال ألتمان الاثنين إن البقاء كشركة غير ربحية "سيسمح لنا بمواصلة تحقيق تقدم سريع وآمن ومنح الجميع إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي القوي".

 

أخبار ذات صلة وداعاً للحساسية.. نظام ذكي للنجاة من موسم حبوب اللقاح هل يقع الذكاء الاصطناعي في نفس أخطاء البشر؟ دراسة تكشف مفاجأة مثيرة للاهتمام المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • باسيل: نتمنى ان تكون حبرية البابا الجديد فترة سلام في العالم
  • علي جمعة يكشف عن أعمال ينبغي فعلها فى هذا الزمن المليء بالفتن .. تعرّف عليها
  • لا تهمِلها.. قرحة الفم المستمرة قد تكون ناقوس خطر ينذر بسرطان مميت
  • معوض: عودة الدولة يجب أن تكون راسخة لا لحظة عابرة
  • لقاء خاص مع احد اشهر صانعي الساعات في العالم : العبقري السويسري فرانك مولر يعيد ابتكار الزمن !
  • لماذا تسابق أميركا وإيران الزمن للوصول لاتفاق؟
  • مصادر إسرائيلية: ضرباتنا على مطار صنعاء لن تكون الأخيرة في اليمن
  • سام التمان: أوبن إيه آي ليست شركة عادية ولن تكون كذلك أبداً
  • كيف تكون مستجاب الدعاء؟.. أمين الفتوى يكشف سرًا يغفل عنه كثيرون
  • الكرملين: لقاء ترامب وبوتين ضروري لكنه بحاجة إلى تحضيرات كثيرة