تعالت الأصوات في الأونة الأخيرة حول إتفاق جوبا ومواقف بعض أطرافه بعد قرارات رئيس الوزراء المعين الدكتور كامل إدريس دون النظر بعمق في المآلات والعواقب وماترمي إليه تلك الأصوات خاصة الموجهة ضد الدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة السودانية والقائد أركو مناوي رئيس جيش حركة تحرير السودان دون غيرهما من قيادات أطراف سلام جوبا .

من الواضح بالنسبة لي أن تلك الحملة هي خطوة في مشروع التحول الذي خططت له بعض القوي الخارجية وعملت علي تنفيذه بفرض محتواه علي الجانب العسكري من مجلس السيادة باعتبار أن العسكر هم الفاعل الرئيسي في المرحلة الحالية .مجيئ دكتور كامل رئيسا للوزراء عبر بوابة العسكر هو نفسه مرحلة من مراحل ذلك المشروع الذي يهدف أساسا إلي تحقيق حالة من الرضاء لجهات خارجية لها وجهة نظر في وجود دكتور جبريل وأركو مناوي كفاعلين أساسيين في دولاب الحكم في السودان باعتبارهما معوقا لمشروع التحول المرسوم بأيادي غير سودانية خاصة وأن الرجلين ظلا يؤكدان فعلا لا قولا حقيقة توجهاتهما القومية بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها قواتهما خلال معركة الكرامة.هذه الحملة تم الترويج لها من البعض بحسن نية ترديدا لصوت نشأ في الوقت الخطأ من دوائر خارجية والآخر بسوء نية رغبة في توسيع الهوة بين مكونات معركة الكرامة الفاعلة حقا .هذه الحملة ليست وليدة المرحلة الحالية بل أطراف السلام نفسها سمعت كفاحا بعض تفاصيلها من جهات خارجية لا ترغب في وجود الرجلين في المشهد القادم بإعتبارهما حجر عثرة أمام تنفيذ مشروع تشكيل المشهد السياسي السوداني الجديد وعقبة كؤود في طريق عودة بعض الأطراف التي تعتبر أيادي للخارج في تنفيذ تشكيل ذلك المشهد.في كل اللقاءات التي عقدتها بعض القوي المدنية المساندة لمعركة الكرامة مع كثير من الجهات الخارجية في باريس ولندن وسويسرا وبلجيكا كان السؤال الحاضر هو أين موقع صمود وقياداتها من المبادرات المطروحة للحل السلمي والتحول الديموقراطي ، وكثير من الجهات الغربية صرَحت بوضوح عن عدم رغبتها في وجود الرجلين خاصة دكتور جبريل كفاعل في المشهد السياسي بحجة قربه أو إنتمائه للتيار الإسلامي حسب زعمهم دون تقديم مبررات أخري مقنعة تمنع الرجل من ممارسة حقه كسياسي وقائد له ولحركته كسبا مهما منذ توقيع إتفاق جوبا للسلام خاصة في تحويل دفة معركة الكرامة لصالح الشعب وجيشه العظيم .لو كان البرهان ضالعا في تلك الحملة رضوخا لمطالب بعض الجهات الخارجية ورغبة في الحصول علي وعودها بتحقيق الإستقرار ووقف الحرب وتخفيض الضغوط فإن تلك الوعود بلا شك وعودا زيفا وفقا لتجارب الماضي ومقدمة لسلسلة تنازلات يجب أن يقدمها البرهان وأعوانه من العسكر .ليس هنالك مايمنع حركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان في هذا الظرف من تسنم أهم المقاعد في الحكومة الجديدة لأن أي محاولة لإبعادهما وتقزيم دورهما بغير حوار معهما ونقاش عريض يعزز الثقة بضمان تنفيذ بروتوكولات إتفاق جوبا يعيد مسلسل نقض العهود ويؤكد ماذهبت إليه أبواق إعلام المليشيا وسياسييها ويوجد مبررات لتصديق خطابهم العنصري ، خاصة وأن مسار دارفور لم ينفذ من بروتوكولاته سوي ذلك الجانب الذي يتعلق بالمواقع داخل السلطة الإقليمية والمركزية أما الجوانب المهمة فلم يتم فتحها حتي الآن إحتراما من الحركتين لظروف البلاد الأمنية والسياسية والإقتصادية.في إعتقادي إن حرب ١٥ إبريل جعلت من كل أقاليم السودان علي الحد السواء تهشيما وتهميشا وبالتالي هنالك ضرورة لاستحضار تقييم إتفاق سلام جوبا ومنح المسارات الأخري كالوسط والشرق والشمال وكردفان قدرا موازيا من التنفيذ بدل تقويضه خضوعا لوعود زيف حتي يتم المحافظة علي لحمة المكونات المساندة لمعركة الكرامة وتوحيد صوتها وجهدها المساند.علي الجهات الناقمة علي وجود دكتور جبريل علي رأس وزارة المالية وأبو نمو علي رأس وزارة المعادن تقييم أدائهما ومطالبة رئيس الوزراء بتفعيل أدوات الحوكمة والرقابة التي بشر بها وتفعيل عمل المراجع العامأما المطالبة سرا وجهرا بإزاحتهما فهذا يعد سلوكا لا يستشعر خطورة المرحلة ولا يمنح الحركتين حقهما بعد التضحية وعظيم دورها في تكسير مشروع تقسيم وتفتيت السودان وعدم السماح بإتيان وحدة السودان من ثغرة دارفور .لو كنت مكان قيادة الدولة العسكرية لشرعت فورا في تنفيذ برتوكول الترتيبات الأمنية لمسار دارفور بأكمله وقمت بدمج كل القوات الأخري في المؤسسة العسكريةلنستشرف جميعا المرحلة القادمة دون حمولات وحتي لا تكون تلك القوات قيودا لقيادات تلك الحركات ومؤثرا علي قراراتهم ومواقفهم السياسية مستقبلا وتيسير أمر تحولهما لأحزاب مدنية وحتي لا تستخدم الجهات المعادية لإستقرار السودان وجود تلك القوات منفصلة عن القوات المسلحة كبعبع تخيف به الشعب السوداني وحتي لا يستنسخ كل إقليم تجربة تكوين الجيوش الموازية للقوات المسلحة.أنا أعلم تماما رغبة الرجلان في دمج قواتهما اليوم قبل الغد وأعلم مدي صعوبة تحملهما للعبء الإداري والمالي لهذه القوات ناهيك عن تبعات فقدان الشهداء ومعاناة الجرحي والذين أعاقتهم المعارك .أمر تشكيل الحكومة الجديدة يتطلب من دكتور كامل حوارا متأنيا وأكثر شمولا حتي يضمن قاعدة عريضة مساندة لا معارضة لحكومته وعليه أن يتطلع الي المستقبل في ظل تناغم وتناسق المكونات المساندة لمعركة الكرامة .لا نزال نعيش فترة الإنتقال السياسي التي ولدت خلالها إتفاقية جوبا ومهما استطالت تلك الفترة يجب أن نولي إتفاقية جوبا أكبر قدر من التنفيذ بتدرج غير منقطعوأن نستذكر دروس الماضي تحسبا للمستقبل، وعندما تضع الحرب أوزارها ويزول خطر التقسيم فلا مكان لدكتور جبريل والقائد مناوي وغيرهما مكانا في السلطة إلا عبر صندوق الإنتخابات وعليهم جميعا أن يعلموا أن إتفاق جوبا ليس قرآنا منزلا صالحا لكل زمان ومكان وأن دفاعنا عن كثير من تفاصيله سيصبح غير مبررا مستقبلا ولكن في الوقت الحالي فإن المساس بإتفاق جوبا وعداء بعض أطرافه الفاعلة والمؤثرة يعد الفعل الخطأ في الزمن الخطأ .بقلم : فتح الرحمن يوسف سيدأحمد إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: دکتور جبریل إتفاق جوبا

إقرأ أيضاً:

«حزب صوت الشعب» يندد بتصريحات جبريل العبيدي ويؤكد تمسكه بالتعددية الحزبية

أعرب حزب صوت الشعب عن استنكاره الشديد للتصريحات التي أدلى بها جبريل العبيدي، والتي وصف فيها الأحزاب السياسية الليبية بأنها “كرتونية ولا تمثل 2% من الليبيين”، داعيًا البعثة الأممية إلى تجاهلها وعدم الاستماع إليها.

واعتبر الحزب، في بيان تلقت شبكة “عين ليبيا” نسخة منه، أن تصريحات العبيدي تمثل “جهلًا سياسيًا صادمًا” وتتناقض مع المبادئ الديمقراطية، مشددًا على أن الأحزاب تمثل العمود الفقري لأي عملية سياسية سليمة، وأن تغييبها يُعد تكريسًا للفوضى والشخصنة السياسية.

وأشار البيان إلى أن ما ورد بشأن ضعف تمثيل الأحزاب “مزاعم بلا أي أساس أو بيانات”، تهدف إلى تضليل الرأي العام وخدمة أجندات ترفض الديمقراطية وتسعى لإعادة إنتاج الولاءات القبلية على حساب الكفاءة والمشاريع الوطنية.

وفي لهجة حادة، خاطب الحزب العبيدي بالقول إن الدول التي تبنّت التعددية الحزبية هي من تقود العالم اليوم، فيما تعيش الأمم التي تدير شؤونها من “مضائف القبائل” في أزمات دائمة وانقسامات حادة.

وأضاف البيان أن استهداف الأحزاب هو في جوهره استهداف لفكرة الدولة المدنية الحديثة، ومحاولة لإقصاء كل صوت إصلاحي لصالح “فراغ سياسي” تستثمر فيه شخصيات لا تملك سوى خطابات التهجم والشتائم.

وختم الحزب بالتأكيد على أن من يهاجمون الأحزاب هم ذاتهم من يعادون صناديق الاقتراع ويخشون قيام دولة القانون، مؤكدًا أن ليبيا لن تنهض إلا باستعادة الحياة السياسية في إطار تعددي تنافسي بعيدًا عن الفردية والجهوية والعسكرة.

مقالات مشابهة

  • «حزب صوت الشعب» يندد بتصريحات جبريل العبيدي ويؤكد تمسكه بالتعددية الحزبية
  • «الكتيبة +» يفوز بالمركز الأول ضمن مشروعات تخرج قسم الاتصال التسويقي بإعلام المنوفية
  • محلل: الجميع يرفض التدخلات الخارجية من أجل مستقبل السودان
  • ⛔️ هل تخلى الجيش عن الفاشر ؟
  • الكرامة وأهلي حلب يقودان تأهل البلاي أوف
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • فرنسا تواصل انسحابها من ثاني دولة بالعالم وتسلم قواعدها العسكرية التي كانت تستخدمها
  • البيت الأبيض: لن نرسل بعض الأسلحة التي تعهدنا بها لأوكرانيا
  • فصائل من “اتفاق جوبا’ تعتزم التقدم بمذكرة للجنة الوساطة الجنوبية.. ما فحواها؟