موقع النيلين:
2025-12-14@17:17:45 GMT

رشان اوشي: بذرة الكرامة .. حصاد الحرية-(5)

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

بذرة الكرامة .. حصاد الحرية-(5)..
المنقذ في لحظات الانهيار
رشان اوشي
رغم أن القوى الصناعية الكبرى في مأزق، تعيش مخاوف مظلمة، و الاقتصاد الأوروبي، يعاني من الركود منذ عام 2018، إنتاجيته لا تنمو، وتركيبته السكانية في انخفاض. هناك نقص فادح في الاستثمارات، وخوف من شلل كامل.
صحيح أن الرأسمالية في اوربا وامريكا خلقت ثروات هائلة، لكنها تسببت بفجوات مالية وإفراط في الاستدانة ، مما فتح الباب أمام ركود اقتصادي وكساد .


مع الانهيار الاقتصادي العالمي ، وبينما تعيش بلادنا حرب قضت على الأخضر واليابس ، دمرت البنى التحتية الصناعية ومعظم مقدرات الإنتاج ، ونهبت المليشيات احتياطي النقد الأجنبي من بنك السودان ، وعملات كانت مطبوعة وأخرى لم تكتمل طباعتها، خروج معظم مشروع الجزيرة ، وكل دارفور وكردفان ، إلا أن المعدن النفيس انقذ السودان من الانهيار في أشد الأوقات حلكة على الدولة .
بلغت إيرادات “الذهب” خلال الفترة من يناير حتى اغسطس /٢٠٢٤م حوالي (164.653.085.495) جنيه سوداني ، وبلغت حصائل الصادر (1.204.583.690) دولار ، ساهم إنتاج الذهب وحصائل الصادر في سد العجز الضخم في الاقتصاد السوداني والموازنة العامة ، وتحمل تكلفة الانفاق على الحرب .
نمو إنتاج الذهب وبالتالي حصائل الصادر جاء نتيجة لإجراءات حاسمة اتخذتها شركة الموارد المعدنية ، ووزارة المعادن ، تجاه مصدري الذهب والمعدنين (الشركات والاهلي) ، وتم تفعيل دور نيابة جرائم التعدين ، وبرز دور الأمن الاقتصادي خاصة بعد إجازة قانون المخابرات العامة مؤخراً.
ولا يمكن لـ”المنقذ” أن يأتي إلا من أولئك الذين يملكون معتقدات وطنية قوية ،اي بواسطة رجال لا يتعاملون مع القضايا الوطنية بطريقة ضبابية ، ،هذا ليس تهويلاً، بل توصيف لمجهودات عظيمة بذلتها الشركة السودانية للموارد المعدنية ومن ثم وزارة المعادن ،في سبيل مكافحة تهريب الذهب الذي تسبب في إهدار عائدته.
وصفة التعافي أتت من إجراءات حاسمة وقاسية اتبعتها شركة الموارد المعدنية ، طعمها مرّ، وتجرُّعها صعب على المتلاعبين بأموال الذهب ممن تسببوا في حرمان السودانيين رفاههم وحريتهم وبيئتهم.
محبتي واحترامي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة

منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها. 

أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.

فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود. 

ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه. 

تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.

لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى. 

ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.

ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية. 

وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.

كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.

وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين. 

وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.

ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.

ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.

إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة. 

وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.

رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.

مقالات مشابهة

  • بذرة فنان
  • قطاع التعدين.. فرص واعدة وخارطة طريق واضحة للاستكشاف
  • تعلن محكمة ضوران آنس للمحكوم عليه أحمد عبدالله غيثان بالحكم الصادر
  • العراقيون في خطر.. الحرية محاصرة بـالخوف والملاحقات اليومية
  • ما أسباب الانهيار غير المسبوق للعملة الإيرانية؟
  • الذهب يستقر قرب أعلى مستوى له في 7 أسابيع
  • تعلن محكمة جنوب غرب الأمانة للمدعى عليه عبدالحكيم محمد بالحكم الصادر
  • احذر.. غرامة 1500 جنيه عقوبة عدم استخدام اللوحات المعدنية المنصرفة من المرور
  • الدور الحقيقي للمنظمات… والدور المنقذ الذي قامت به هيئة الزكاة
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة