موقع النيلين:
2025-05-23@05:17:05 GMT

مكي المغربي: إلى بيريليو!

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

صديق قال لي لديه موعد مع توم بيريليو المبعوث الأمريكي للسودان، بماذا أرغب من رسالة له؟
قلت له أمريكا يجب أن تفهم أنه عمليا وبراغماتيا وليس بأي تفكير آيدولوجي من أي جهة، صار التنازل لها (مرفوض)، ليس بسبب الشجاعة وعزة النفس ولا المشاعر الوطنية، ولكن لأن الخسارة في التجاوب مع أمريكا أكبر من المواجهة، أساسا لم تعد هنالك مقارنة.

الموجة الدولية حاليا هي البحث عن أحلاف أخرى خارج النفوذ الأمريكي، الطيف في الجانب الآخر الآن لا يوجد بينه رابط آيدولوجي، يشمل دولا من غرب أفريقيا والنخب التي رضعت من الكونياك الفرنسي وارتضت العلمانية الغربية طوال عمرها، إلى إيران حيث الآيات، إلى أفغانستان حيث الملالي إلى كوريا الشمالية حيث لا يوجد إلا مسجد واحد في السفارة السعودية، إلى جنوب أفريقيا التي استقلت في التسعينات من استعمار عنصري دعمته أمريكا وبريطانيا واسرائيل.

هذا الصف فيه (بل غالبه) حاولوا التفاهم مع أمريكا وانهارت العلاقة بعد محاولات متكررة وخسائر فادحة. إذا الموضوع لا علاقة له بوسوسة ‘كيزان’ ولا رواسب بعثيين، ولا عناد عسكريين، هذه “هلوسة سياسية” .. المشكلة عالمية وليست في السودان ولا في الجيش ولا الرئيس البرهان، المشكلة في الأجندة الأمريكية في السياسة الخارجية لأنها مثقلة بالعقد والتناقضات، المشكلة أن مجتمع السياسة الخارجية الأمريكي (وزارة خارجية و وكالات ومستفيدين ومرتشين) هو مجتمع غريب، مثل من يعيش في أحلام البوربون، مع جنون النيرون، ويرغب في ذات الوقت تدريس الناس الطب النفسي.

أمريكا تعاند الرأي العام الداخلي عندها والرأي العام في أي بلد تستهدفه لتتسائل بعدها لماذا يكروهننا؟ ويخرج منهم الإرهاب ضدنا؟! ثم تأتي الإجابة المملة “لأننا ندعو للحرية ونحرسها في العالم” – إلا في الجامعات الأمريكية طبعا!

أي حرية هذه نهايتها التستر على الجنجويد وتدفق السلاح لقتل السودانيين واغتصاب القاصرات أمام آبائهم؟! أي حرية هذه تجعل السلاح الأمريكي في يد من يبيد المساليت، ويقتل النوبة بالتجويع، ويهدد بقطع نخيل الشمال وسبي نسائهم.

ومع هذا السرد والتشخيص، هل تصدقون، أنا أتعاطف مع توم بيريليو، ويجب ألا أظلمه كشخص، ليس متكبر ولا متغطرس، لكنه ليس مبعوث أمريكا، هو في الحقيقة منسق أو وسيط بين التناقضات الأمريكية، حيث لا توجد أجندة أمريكية محددة المعالم، هي خليط غير متجانس من أربع مكونات: (طمع وكلاء أمريكا في احتلال السودان – مخاوف واشنطون من الخصوم الدوليين – محاولة فاشلة للالتفاف على الرأي العام الأمريكي المناهض للجنجويد بصناعة مزيفة لأعداء آخرين – تقاليد بيروقراطية وتدخل مؤسسات أخرى في عمل المبعوث).
بريليو مطلوب منه الجلوس على كرسي من ثلاثة أرجل لالقاء محاضرة عن التوازن.

ليس بيريليو وحده، أنا اتابع السياسة الأمريكية يوميا، ولم أعد محللا سياسيا لها، بل ناقدا فنيا يشاهد فصولا لمسرحية كومديا سوداء فيها ممثلين أصلا يكرهون بعضهم.
حقيقة، الدولة التي استطاعت سياستها الخارجية أن تطفو فوق رغوة الاكاذيب الأمريكية هي مصر، ربما لأنهم أصلا بالقدر الجغرافي والتاريخي تعلموا كثيرا، وربما لأنهم أهل الدراما وسادتها، ومش ممكن أمريكا (تبيع المية في حارة السقايين).

دول أخرى -كان الشعب السوداني يحبها- بكل أسف ورطتها أمريكا في كراهية السودانيين وصاروا هم والجنجويد سواء.

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

رواتب موظفي كوردستان بين جوع الناس وتخمة السياسة

بقلم: هادي جلو مرعي ..

تحتل قضية رواتب موظفي إقليم كردستان أولوية في الحوارات التي إعتدنا الحديث عنها طوال سنوات مرت بين بغداد وأربيل، وفي حين ينتظر الموظفون أن يتسلموا رواتبهم لأشهر، فإن قضايا تخرج الى العلن تجعل هذا الملف هامشيا على مستوى التطبيق، وإنصاف شريحة الموظفين، وأساسيا على مستوى التاثير السياسي والإعلامي، لأن الموظفين حين تتأخر رواتبهم فإنهم يلجأون الى طرح الأسئلة عن السبب الحقيقي في ذلك، والمسؤولية، وحجمها تلك التي تقع على عاتق بغداد وأربيل، وإذا كانت حكومة الإقليم ساهمت بشكل إيجابي في تحديد ملامح مرحلة من التهدئة، ودعم تشكيل الحكومة الحالية، وتؤكد إنها سلمت بغداد قوائم الموظفين، والإيرادات النفطية، وإن محكمة رسمية أقرت بقانونية تصدير النفط من الإقليم، فلابد من حسم هذا الملف، والتخلص من تبعاته السلبية، وعدم السماح للأمور بأن تخرج عن السيطرة، وتؤدي الى صدام إعلامي خاصة إن السنتين المنصرمتين كانتا شهدتا تنسيقا عاليا بين حكومة السيد السوداني وحكومة الإقليم في ملفات عدة، وكلاهما في طريق صحيح لتنفيذ برنامج واعد في مجالات الخدمات والبنية التحتية، وحازتا ثقة العالم، ووجدنا إهتماما متزايدا من حكومات ومنظمات وشركات كبرى في البحث عن مشاريع وإستثمارات، بينما تتواصل الوفود من مختلف البلدان مع بغداد وأربيل، وشهدنا بغداد التي تأخرت عن أربيل في التنمية تخطو خطوات مهمة نحو ذلك وفي قطاعات عدة.
الناس في الإقليم لايكترثون للخلافات، فأغلبهم موظفون عاديون، ولديهم حاجات متزايدة لايستطيعون تلبيتها بسبب عدم إستلامهم تلك الرواتب منذ أشهر، وصاروا يلجأون الى الإقتراض، وبيع ممتلكاتهم، والتخلي عن أحلامهم، وهي قصة مضى عليها سنوات عدة، ويجب تحديد الأولويات لحلها، فهي ليست قضية سياسية وفنية، ولكنها تمتد الى أن تكون قضية أخلاقية مرتبطة بحياة قطاعات شعبية عدة تواجه قسوة الحياة دون أدوات الإستمرار فيها، ومايهمنا هنا ليس تحديد المسؤول عن التقصير، وتحميله المسؤولية، واللجوء الى المواجهة التي لن يستفيد منها الموظفون، ولن تصلهم رواتبهم حتما حيث ستتحول الى تصريحات وإفتراضات وتأويلات وأحاديث عابرة لن تشبع جائعا، أو تكسو عريانا ، وهنا تتركز مسؤولية الفاعل السياسي ليتشكل لديه وعي كامل بطبيعة المشكلة التي تجاوزت قضية الخلاف على المناطق المتنازع عليها، أو المنافذ الحدودية الى وجود وكرامة عامة المواطنين الذين يعانون ولايجدون سبيلا لوقف تلك المعاناة، فبين جوع الناس، وتخمة السياسة تضيع أحلام، وتغيب حقائق، وتموت أمنيات وتجف معالم الأمل وتذوي، وخشية من عودة المركزية في الحكم، أو تطبيقها بالفعل دون إعلانها حيث يتجسد التناقض بين الفدرالية على مستوى الدستور والمركزية على مستوى الحكم والتطبيق، والأكيد أن حكومة السيد السوداني حريصة على توفير أجواء من الهدوء في العلاقة مع حكومة الإقليم مايستدعي وضع حد لمعاناة المواطنين هناك، والوضوح في بيان أسباب هذه المشكلة التي لاتضر بالفاعل السياسي بقدر إضرارها بالمواطن العادي الذي هو الموظف الذي لايحصل على مرتبه الشهري ماينعكس على حركة السوق الذي يصاب بالركود، ولاتعود الحركة التجارية ممكنة، وتتوقف عملية البيع والشراء، والرغبة في إقتناء الأشياء، والحاجات ما قل ثمنها، أو إرتفع طالما إن الأموال غير متوفرة..

هادي جلومرعي

مقالات مشابهة

  • خطة فرنسية - سعودية لنزع سلاح حماس.. المنفى مقابل السياسة
  • خور عبد الله ليس ملفاً مغلقاً: رد على مقال “السياسة” الكويتية
  • القائد العام لشرطة أبوظبي يلتقي السفيرة الأمريكية
  • المستشارون يساءلون أخنوش عن السياسة العامة للحكومة
  • حجيرة : الولايات المتحدة الأمريكية أول وجهة للزليج المغربي والصادرات المغربية أصبحت مؤمٓنٓة نحو أفريقيا
  • وزير العدل داخل البرلمان: جمعيات حماية المال العام تفسد السياسة و أحد رؤسائها تعطات لو فيلا
  • رواتب موظفي كوردستان بين جوع الناس وتخمة السياسة
  • الإسلاميون وفنّ الخضوع الممكن.. في نقد السياسة بلا فرق
  • صمت القادة عار.. ما قالته “مس رايتشل” عن أطفال غزة يهز الرأي العام الأمريكي
  • دُعيتُ لإدخاله عالم السياسة.. تفاعل على ما قاله سفير أمريكي سابق حول لقائه بالشرع عام 2023