أنقرة- كشف وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، الأسبوع الماضي، أن تأخير افتتاح أول محطة للطاقة النووية في تركيا جاء نتيجة قيام شركة "سيمنس إنرجي" الألمانية بحجب مكونات أساسية، موضحا أن هذا التعطيل دفع شركة "روساتوم" الروسية، التي تتولى بناء وتشغيل المحطة، للجوء إلى الصين لتأمين هذه الأجزاء.

كانت تركيا وضعت خططا مبدئية لتشغيل المفاعل الأول في محطة "آق قويو" النووية بحلول عام 2023، إلا أن التأخيرات التي شهدها المشروع أدت إلى تأجيل هذا الموعد إلى العام التالي.

ومن المقرر أن تدخل باقي المفاعلات في الخدمة تدريجيا، مع استكمال تشغيلها بالكامل بحلول نهاية عام 2028.

وأكد الوزير أن التأخير قد يؤدي إلى إرجاء تشغيل أول مفاعل في محطة "آق قويو" النووية لعدة أشهر، موضحا أن القرار يحمل طابعا سياسيا، وأن السلطات التركية تلقت إشعارا رسميا بشأنه في وقت سابق.

 بيرقدار: تركيا قد تفكر في فرض غرامات على سيمنس إنرجي نتيجة لهذا التأخير

وقال بيرقدار إن أكثر من 90% من أعمال البناء في المفاعل الأول قد اكتملت، لكنه لفت إلى أن المشروع يواجه تحديات تقنية متعلقة بطبيعة الطاقة النووية، فضلا عن عقبات ناتجة عن عوامل خارجية.

وفي إطار البحث عن حلول بديلة، أكد بيرقدار أن شركة "روساتوم" الروسية، المسؤولة عن بناء المحطة، أبرمت صفقات مع شركات صينية لتأمين الأجزاء المطلوبة، من دون الإفصاح عن أسماء هذه الشركات، وأوضح أن البدائل جاهزة، وأن الأجزاء ستصل من الصين.

كما أشار إلى أن تركيا قد تفكر في فرض غرامات على "سيمنس إنرجي" نتيجة لهذا التأخير، رغم تاريخ التعاون الطويل بين البلدين في مشاريع متعددة.

وفي تصريح سابق، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استياءه من تأخر ألمانيا في تصدير بعض الأجزاء الضرورية لمحطة "آق قويو"، ما تسبب في احتجازها لفترات طويلة في الجمارك.

وأوضح أردوغان أنه أثار هذه القضية مع المستشار الألماني أولاف شولتس خلال لقائهما على هامش قمة الناتو في واشنطن، مؤكدا أن الأمر كان مصدر إزعاج كبيرا للحكومة التركية.

"روساتوم" الروسية لجأت إلى طلب المعدات من شركات صينية لضمان الالتزام بالجدول الزمني المحدد للمشروع (رويترز) سيمنس توضح

وحسب رويترز، أكد متحدث باسم "سيمنس إنرجي" أن عدم تسليم بعض الأجزاء إلى تركيا يعود إلى القيود المفروضة بموجب اللوائح الألمانية على الصادرات.

وقال "تم تسليم بعض الأجزاء منذ فترة طويلة، لكن لم يتم تسليم أي شحنات خلال العام الماضي، بسبب عدم إصدار تراخيص التصدير والجمارك اللازمة، ونحن ملتزمون تماما بالامتثال للوائح التصدير".

وأفادت شركة "آق قويو نوكلير"، التابعة لـ"روساتوم"، بأن المحاولات المستمرة لتأمين تسليم المعدات المطلوبة باءت بالفشل، لذا لجأت "روساتوم" إلى طلب المعدات من شركات صينية لضمان الالتزام بالجدول الزمني المحدد للمشروع.

وتتولى شركة روساتوم الروسية بناء محطة "آق قويو" النووية في محافظة مرسين التركية المطلة على البحر المتوسط، ويُعد المشروع -الذي تقدر قيمته بـ20 مليار دولار، ويضم 4 مفاعلات بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميغاوات- خطوة محورية لدخول تركيا إلى نادي الدول التي تمتلك الطاقة النووية المدنية.

كانت تركيا وروسيا وقّعتا الاتفاق الحكومي بشأن محطة "آق قويو" عام 2010، في حين بدأ البناء الفعلي عام 2013، وشهد المشروع تسارعا ملحوظا عام 2018، وينص الاتفاق على تحديد ملكية تركيا للمحطة بنسبة 49%، مع الالتزام بتشغيل أول مفاعل بحلول عام 2025، إلى جانب اتفاقية لشراء الطاقة بسعر مضمون.

لماذا تهتم تركيا بالطاقة النووية؟

لفت الباحث الأكاديمي جنك سراج أوغلو، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن تركيا تسعى جاهدة لتعزيز أمنها الطاقي وتنويع مصادر الطاقة، وذلك من خلال إدخال الطاقة النووية كجزء محوري من خطتها الوطنية للطاقة.

ويرى أن هذا التوجه يتماشى مع أهداف الحكومة التركية بجعل الكهرباء المولدة من المحطات النووية تمثل 11.1% من إجمالي الإنتاج بحلول عام 2030، مما سيسهم في تعزيز استقلال تركيا الطاقي، ودعم تحولها نحو نظام طاقة مستدام.

وأوضح أن تركيا تعتمد على شراكات إستراتيجية وتطورات تنظيمية لتوسيع قدراتها النووية بحلول عام 2050، بما يشمل محطات تقليدية ومفاعلات صغيرة ومتوسطة.

ومن بين هذه المشاريع تأتي محطة "آق قويو"، التي أشار إلى أن فترة تشغيلها قد تمتد لـ60 عاما قابلة للتمديد، حيث ستسهم في منع انبعاث 2.1 مليار طن من الكربون، ما يدعم التزام تركيا بتحقيق صافي الانبعاثات بحلول عام 2053.

"روساتوم" ستستعين بالصين لإكمال المفاعل التركي الأول (الفرنسية)

وفي إطار خطط تركيا لتوسيع البنية التحتية للطاقة النووية، يرى سراج أوغلو أن المحادثات الجارية بين تركيا وروسيا وكوريا الجنوبية لإنشاء محطة ثانية في ولاية سينوب، وكذلك مع الصين لبناء محطة ثالثة في منطقة تراقيا، ستعزز توجه البلاد نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.

هل تعوّض الصين غياب ألمانيا؟

في السياق، أوضح الباحث الاقتصادي بجامعة حجي بيرم حقي إيرول جون، في حديث للجزيرة نت، أن قرار الشركة الألمانية يأتي في سياق سياسي، موضحا أن تركيا قدّمت العديد من الشكاوى للحكومة الألمانية لحثها على تسريع إرسال المكونات المطلوبة والمتفق عليها.

ويرى أن هذا المنع مرتبط بالعقوبات المفروضة على روسيا، لكنه يؤثر بشكل مباشر على تركيا رغم أنها ليست طرفا في النزاع، ومع ذلك، يعتقد أن هذه العقبات قد تؤدي إلى تأخير إطلاق المشروع، لكنها لن تعيق استكماله بشكل كامل، إذ تمتلك تركيا بدائل للاستيراد، مثل الصين وكوريا الجنوبية، اللتين تربطهما علاقات وثيقة مع تركيا في مجال الطاقة النووية.

ويضيف إيرول جون أن الصين قد تكون شريكا محتملا لبناء المحطة النووية الثالثة في تركيا، وهو ما يعزز قدرات البلاد النووية ويقلل اعتمادها على الموردين التقليديين الذين قد يتأثرون بالضغوط السياسية.

وينوه بأن الصين أبدت رغبة واضحة في الانضمام إلى تركيا في هذا المجال منذ البداية، حيث ترى في التعاون مع أنقرة فرصة لتعزيز وجودها في السوق النووية العالمية، خصوصا مع تزايد الطلب على الطاقة النظيفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الطاقة النوویة بحلول عام أن ترکیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير الطاقة السوري: خط غاز تركيا يوفر 6 ملايين متر مكعب يوميا

قال وزير الطاقة السوري محمد البشير، اليوم السبت إن مشروع خط الغاز بين سوريا وتركيا سيوفر 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً عند التشغيل الكامل.

ويتكوف: غالبية سكان غزة يريدون إعادة الأسرى الإسرائيليينوزير الخارجية البريطاني: قتل منتظري المساعدات أمر مقزز

وأوضح وزير الطاقة السوري أن المرحلة الأولى تبدأ بضخ 3.4 ملايين متر مكعب يومياً من الغاز الأذربيجاني.

وأشار البشير إلى أن توريد الغاز يتم عبر تركيا، وبدعم من دولة قطر.

وفي وقت سابق من اليوم السبت، افتتح خط النقل الإقليمي للغاز الذي يربط بين سوريا وتركيا، بمشاركة وزارية ضمت، وزير الطاقة السوري محمد البشير، ووزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، ووزير الاقتصاد الأذربيجاني ميكائيل جباروف، ممثلين عن صندوق قطر للتنمية.

تجدر الإشارة إلى أن الاستعدادات لنقل الغاز الطبيعي بموجب الوثيقة الموقعة مؤخرًا بين شركة النفط والغاز الأذربيجانية (سوكار) وسوريا قد اكتملت. 

إدارة ترامب تسعى لضم أذربيجان إلى «اتفاقات إبراهيم» مع إسرائيلرغم الخلافات القائمة.. أكسيوس يكشف لماذا منح ماسك 15 مليون دولار لترمب؟

ومن المقرر إرسال 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى سوريا سنويًا وسيمر الغاز عبر مدينة كلس على الحدود التركية ليصل إلى محطات توليد الكهرباء في حلب وحمص، وسيُستخدم في توليد الكهرباء. وبفضل هذا، من المستهدف الوصول إلى طاقة إنتاجية تتراوح بين 1200 و1300 ميجاواط تقريبًا.

طباعة شارك خط الغاز وزير الطاقة السوري محمد البشير خط الغاز بين سوريا وتركيا الغاز الأذربيجاني

مقالات مشابهة

  • فيديو.. انفجارات قرب محطة زابوريجيا النووية
  • السيطرة على حريق بالقرب من محطة «زابوريجيا» النووية
  • فورين أفيرز: لماذا على تايوان إعادة إحياء مفاعلاتها النووية؟
  • حريق قرب محطة زابوريجيا النووية بعد قصف أوكراني
  • سفارة أذربيجان بدمشق: تدشين خط نقل الغاز إلى سوريا يعكس رغبة القيادة الأذربيجانية في دعم التنمية الاقتصادية فيها
  • وزير الطاقة السوري: خط غاز تركيا يوفر 6 ملايين متر مكعب يوميا
  • انطلاق أول تدفّق للغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا!
  • بدء أول تدفق للغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا
  • افتتاح خط أنابيب الغاز الطبيعي بين تركيا وسوريا
  • «أيميا باور الإماراتية» تشارك في توسعة محطة تحلية المياه في المغرب