نفت السلطات البلغارية، الجمعة، أي علاقة للدولة الأوروبية بتفجيرات أجهزة البيجر التي حصلت في لبنان، وأدت لمقتل وإصابة الآلاف من مقاتلي حزب الله والمدنيين، وذلك بعد نفي مماثل من تايوان والمجر واليابان.

وقال جهاز الأمن البلغاري إنه لم يتم استيراد أو تصدير أو تصنيع أي أجهزة بيجر في بلغاريا من تلك التي استخدمت في هجوم لبنان.

وقالت السلطات البلغارية، الخميس، إن وزارة الداخلية وأجهزة الأمن فتحت تحقيقا في احتمال وجود صلة لإحدى الشركات ببيع أجهزة البيجر لحزب الله، والتي انفجرت هذا الأسبوع في هجوم متزامن.

وقالت وكالة الأمن القومي البلغارية في بيان، الخميس، "تجري عمليات تدقيق مع سلطات الضرائب ووزارة الداخلية لتحديد الدور المحتمل لشركة مسجلة في بلغاريا في توريد معدات اتصالات لحزب الله".

في المقابل استبعدت أن تكون الأجهزة دخلت بشكل قانوني إلى الاتحاد الأوروبي عبر بلغاريا لأن الوكلاء "لم يسجلوا أي رقابة جمركية على البضائع المذكورة".

تايوان

وفي سياق متصل، استُجوب ممثلا شركتين تايوانيتين في إطار التحقيق في مصدر أجهزة البيجر التي كانت في حوزة عناصر من حزب الله اللبناني، وتم تفجيرها في عملية نسبت لإسرائيل، وفق ما أفادت النيابة العامة.

وقال مكتب المدعي العام لمنطقة شيلين في تايبيه "طلبنا من مكتب التحقيق مواصلة الجلسة أمس (الخميس) للاستماع لإفادة شخصين مرتبطين بشركتين تايوانيتين" من دون ذكر اسميهما.

وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن أجهزة البيجر التي انفجرت، الثلاثاء، من صنع شركة "غولد أبولو" التايوانية، فخختها إسرائيل.

لكن مدير "غولد أبولو "، هسو تشينغ كوانغ، نفى ذلك وقال لصحفيين في تايبيه، الأربعاء، "ليست منتجاتنا... من البداية إلى النهاية".

وكانت الشركة أكدت، الأربعاء، أن أجهزة الاتصال التي انفجرت تم إنتاجها وبيعها من قبل شريكها المجري BAC.

المجر

من جهته، قال ناطق باسم الحكومة المجرية إن شركة BAC "وسيط تجاري ولا تملك موقع إنتاج أو تشغيل في المجر".

وشاهد صحفي من وكالة فرانس برس، الخميس، هسو يدخل مقر المحققين بصحبة امرأة. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن المرأة ممثلة لشركة "أبولو سيستمز" التي تتخذ في تايبيه مقرا والمرتبطة بشركة BAC.

وقالت النيابة العامة التايوانية، الجمعة، إنها تأخذ القضية "على محمل الجد" وأضافت "سنوضح الحقائق في أقرب وقت ممكن، خصوصا في ما يتعلق بتورط الشركات التايوانية من عدمه".

وأشارت إلى أن الشاهدين سُمح لهما بمغادرة موقع التحقيق بعد استجوابهما.

وأجرى محققون تايوانيون عمليات تفتيش لأربعة مواقع، الخميس، في إطار هذا التحقيق.

وقال وزير الاقتصاد، كو جيه-هوي، لصحفيين، الجمعة، إن أجهزة البيجر هذه "صنعت بمكونات، من دوائر متكاملة وبطاريات، منخفضة الجودة". وأضاف "هذه الأجهزة لا يمكن أن تنفجر" مشيرا إلى أن شركة "غولد أبولو" صدّرت 260 ألف جهاز مماثل خلال العامين الماضيين دون وقوع أي حادث.

وردا على سؤال حول أجهزة البيجر التي يستخدمها حزب الله في لبنان، قال إنه يمكن "التأكد من أنها ليست مصنوعة في تايوان".

من جهته، أكد رئيس الوزراء، تشو جونغ-تاي، الجمعة، أن "الشركة وتايوان لم تصدرا أجهزة بيجر مباشرة إلى لبنان".

اليابان

وفيما يتعلق بأجهزة اللاسلكي التي انفجرت، الأربعاء، قالت شركة آيكوم اليابانية، الخميس، إنها أوقفت قبل حوالى عشر سنوات، تصنيع طراز أجهزة اللاسلكي التي فجرت في لبنان.

وأوضحت الشركة في بيان أن طراز "آي سي-في82 هو جهاز لاسلكي محمول كان يُنتج ويُصدر إلى مناطق منها الشرق الأوسط من 2004 إلى أكتوبر 2014. وقد أوقف إنتاجه قبل عشر سنوات تقريبا. ومنذ ذلك الحين لم يتم شحنه من جانب شركتنا".

وأضافت "إنتاج البطاريات الضرورية لتشغيل الوحدة الرئيسية توقف أيضا. ولم يُحدد وجود الدمغة المجسمة المستخدمة لتمييزها عن تلك المزورة لذا لا يمكن الجزم إن كان المنتج شُحن من جانبنا".

وتابعت أن المنتجات الموجهة إلى الأسواق الخارجية تباع حصرا من جانب موزعين معتمدين وأن برنامجها للتصدير يستند إلى الضوابط الأمنية والتجارية في اليابان.

وأفادت بأن "كل أجهزتنا اللاسلكية تصنع في فرعنا للإنتاج واكاياما آيكوم إنكوربورترايد في منطقة واكاياما في ظل نظام إدارة صارم... لذا لا تستخدم في المنتج أي قطع أخرى غير تلك المحددة من جانب شركتنا".

وأضافت "كل أجهزتنا اللاسلكية تنتج في المصنع نفسه ولا نصنعها في الخارج".

وفي الموجة الثانية من الانفجارات التي طالت أجهزة اللاسلكي في لبنان، قتل نحو 30  شخصا وجرح أكثر من 450، الأربعاء، في معاقل تابعة لحزب الله على ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

إسرائيل زرعت متفجرات

وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر لرويترز إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع كميات صغيرة من المتفجرات داخل خمسة آلاف جهاز اتصال (بيجر) تايواني الصنع طلبتها جماعة حزب الله اللبنانية قبل أشهر من التفجيرات التي وقعت، الثلاثاء.

وتكشف التفاصيل عن خرق أمني غير مسبوق لحزب الله أدى إلى تفجير آلاف الأجهزة في أنحاء لبنان.

وتعهدت الجماعة المتحالفة مع إيران بالرد على إسرائيل، التي يرفض جيشها التعليق على الانفجارات.

وقالت عدة مصادر لرويترز إن المؤامرة استغرقت على ما يبدو عدة أشهر من أجل التحضير.

وقال المصدر الأمني اللبناني الكبير إن الجماعة طلبت خمسة آلاف جهاز اتصال من إنتاج شركة غولد أبوللو التايوانية، وتقول عدة مصادر إنها وصلت إلى البلاد في الربيع.

وعرض المصدر الأمني اللبناني الكبير صورة للجهاز، وهو من طراز إيه.آر924، وهو مثل أجهزة المناداة الأخرى التي تستقبل وتعرض الرسائل النصية لاسلكيا، لكنها لا تستطيع إجراء مكالمات هاتفية.

وقال مصدران مطلعان على عمليات حزب الله لرويترز هذا العام إن مقاتلي حزب الله يستخدمون الأجهزة كوسيلة اتصال منخفضة التقنية في محاولة للتهرب من أنظمة تعقب المواقع الإسرائيلية.

لكن المصدر اللبناني الكبير قال إن الأجهزة تم تعديلها "في مرحلة الإنتاج" من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي.

وأضاف المصدر أن "الموساد قام بحقن لوح داخل الأجهزة يحتوي على مادة متفجرة تتلقى شيفرة من الصعب جدا اكتشافها بأي وسيلة، حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي".

وقال المصدر إن ثلاثة آلاف من أجهزة البيجر انفجرت عندما وصلت إليها رسالة مشفرة‭‭ ‬‬أدت إلى تفعيل المواد المتفجرة بشكل متزامن.

ولم ترد إسرائيل ولا غولد أبوللو على طلبات رويترز للتعليق.

وقال مسؤول بحزب الله، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الانفجارات تمثل "أكبر خرق أمني" للجماعة منذ اندلاع الصراع في غزة بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أجهزة البیجر التی التی انفجرت لحزب الله فی لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

هل تلقين الميت بعد دفنه بدعة؟!

هل تلقين الميت بعد دفنه بدعة؟! سؤال يسأل فيه الكثير من الناس فأجاب الدكتور محمد العشماوي من علماء الازهر الشريف وقال قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه [المسالك في شرح موطأ مالك]، في شرح [كتاب الجنائز] منه:

"فإذا أدخل الميت قبره؛ فإنّه يستحبُّ تلقينه في تلك السَّاعة، وهو مستحبٌّ، وهو فعلُ أهل المدينة والصالحين والأخيار؛ لأنّه مطابِقٌ لقوله تعالى: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ"، وأحوج ما يكون العبد إلى التّذكير بالله - تعالى - عند تغيّر الحال، وخروج الرُّوح، وعند سؤال الملك؛ لأنّه يخاف عند ذلك أن يختلسه الشّيطان، فَيُذَكَّر بالله تعالى، ولقوله: "لَقِّنُوا أَمْوَاتَكُمْ لَا إِلَهَ إِلا الله".

قال: "ولهذه النكتة اختلفَ استفتاحُ المصنِّفينَ، في كتبهم، في الجنائز، فأمّا البخاريّ فقال في [كتاب الجنائز]: "مفتاح الجنّة: (لا إله إلَّا الله)"، وأمّا مسلم فقال: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: (لَا إِلَهَ إلا الله)"، لهذا المعنى؛ لأنّه موضع يتعرّض الشيطان فيه لإفساد اعتقاده ودينه وآخرته، ويجتهد في ذلك، فأمَر النّبيُّ صلّى الله عليه وسلم بذلك؛ ليكون تذكيرًا له، وتَنْبِيهًا، لما وعدَ به صلّى الله عليه وسلم، ولما وقعَ في الحديثِ الآخَرِ أنّه "مَنْ كَانَ آخِرَ كَلاَمِهِ (لَا إِلَهَ إلَّا الله)؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ". انتهى.

وقال الإمام أبو عبد الله القرطبي المفسر، وهو تلميذ أبي العباس القرطبي المحدث، في كتابه [التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة]:

"قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي: "ينبغي أن يُرشَد الميتُ في قبره - حيث يوضع فيه - إلى جواب السؤال، ويُذَكَّر بذلك، فيقال له: "قل: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد رسولي"؛ فإنه عن ذلك يُسأَل، كما جاءت به الأخبار، على ما يأتي إن شاء الله، وقد جرى العمل عندنا بقرطبة كذلك". انتهى.

وقال ابن الحاج المالكي في [المدخل]:

"وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو حَامِدِ بْنُ الْبَقَّالِ - وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ - إذَا حَضَرَ جِنَازَةً؛ عَزَّى وَلِيَّهَا بَعْدَ الدَّفْنِ، وَانْصَرَفَ مَعَ مَنْ يَنْصَرِفُ، فَيتَوَارَى هُنَيْهَةً، حَتَّى يَنْصَرِفَ النَّاسُ، ثُمَّ يَأْتِي إلَى الْقَبْرِ، فَيُذَكِّرُ الْمَيِّتَ بِمَا يُجَاوِبُ بِهِ الْمَلَكَيْنِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -!".

ثم قال: "وَيَكُونُ التَّلْقِينُ بِصَوْتٍ فَوْقَ السِّرِّ، وَدُونَ الْجَهْرِ، فَيَقُولُ: "يَا فُلَانُ، لَا تَنْسَ مَا كُنْت عَلَيْهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، مِنْ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا جَاءَك الْمَلَكَانِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَسَأَلَاك، فَقُلْ لَهُمَا: "اللَّهُ رَبِّي، وَمُحَمَّدٌ نَبِييِّ، وَالْقُرْآنُ إمَامِي، وَالْكَعْبَةُ قِبْلَتِي"، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ نَقَصَ؛ فَخَفِيفٌ!

وَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، مِنْ التَّلْقِينِ بِرَفْعِ الْأَصْوَاتِ وَالزَّعَقَاتِ، لِحُضُورِ النَّاسِ قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ فِي شَيْءٍ، بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ". انتهى.

وقال الإمام النووي في [الأذكار]:

"وأما تلقينُ الميّت بعد الدفن؛ فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه، وممّن نصَّ على استحبابه: القاضي حسين في [تعليقه]، وصاحبه أبو سعد المتولي في كتابه [التتمة]، والشيخ الإِمام الزاهد أبو الفتح، نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي، والإِمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن الأصحاب.

وأما لفظه، فقال الشيخ نصر: "إذا فرغ من دفنه؛ يقف عند رأسه، ويقولُ: "يا فلانُ بن فلانٍ، اذكر العهد الذي خرجتَ عليه من الدنيا: (شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأن الله يبعث مَن في القبور)، قُل: "رضيتُ بالله ربّاً، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، وبالمسلمين إخواناً، ربّي الله لا إِلهَ إِلا هو، وهو رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ". هذا لفظ الشيخ نصر المقدسي في كتابه [التهذيب]، ولفظ الباقين بنحوه، وفي لفظ بعضهم نقصٌ عنه، ثم منهم مَن يقول: "يا عبد الله ابن أمة الله"، ومنهم مَن يقول: "يا عبد الله ابن حوّاء"، ومنهم من يقول: "يا فلان - باسمه - ابن أمة الله، أو يا فلانُ ابن حوّاء"، وكله بمعنى.

وسُئل الشَّيخ الإِمام أبو عمرو ابن الصلاح - رحمه الله - عن هذا التلقين، فقال في [فتاويه]: "التلقين هو الذي نختاره، ونعمل به، وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين، قال: "وقد روينا فيه حديثاً من حديث أبي أمامة؛ ليس بالقائم إسناده، ولكن اعتضد بشواهد، وبعمل أهل الشام به قديماً". انتهى.

وذكر نحو هذا في [المجموع شرح المهذب]، وزاد:

"قلت: "حديث أبي أمامة؛ رواه أبو القاسم الطبراني في [معجمه] بإسناد ضعيف، ولفظه: عن سعيد بن عبد الله الأزدي، قال: "شهدت أبا أمامة - رضي الله عنه - وهو في النزع، فقال: "إذا متُّ فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب على قبره؛ فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: "يا فلان ابن فلانة"؛ فإنه يسمعه، ولا يجيب، ثم يقول: "يا فلان ابن فلانة"؛ فإنه يستوي قاعدا، ثم يقول: "يا فلان بن فلانة"؛ فإنه يقول: "أرشدنا رحمك الله"، ولكن لا يشعرون، فليقل: "اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما"؛ فإن منكرا ونكيرا؛ يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: "انطلق بنا، ما نقعد عند من لُقِّنَ حجته"، فقال رجل: "يا رسول الله، فإن لم نعرف أمه؟". قال" "فينسبه إلى أمه حواء، يا فلان ابن حواء".

ثم قال النووي: "قلت: فهذا الحديث - وإن كان ضعيفا - فيستأنس به، وقد اتفق علماء المحدثين وغيرهم على المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب، وقد اعتضد بشواهد من الأحاديث، كحديث "واسألوا له التثبيت"، ووصية عمرو بن العاص، وهما صحيحان، سبق بيانهما قريبا، ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا، في زمن من يُقتدى به، وإلى الآن، وهذا التلقين إنما هو في حق المكلف الميت، أما الصبي فلا يلقن. والله أعلم". انتهى.

وقال المرداوي في [الإنصاف] في فقه السادة الحنابلة:

"فائدة: يستحب تلقين الميت بعد دفنه، عند أكثر الأصحاب. قال في [الفروع]: "استحبه الأكثر. قال في [مجمع البحرين]: "اختاره القاضي، وأصحابه، وأكثرنا، وجزم به في [المستوعب]، و[الرعايتين]، و[الحاويين]، و[مختصر ابن تميم]، وغيرهم، فيجلس الملقن عند رأسه، وقال الشيخ تقي الدين - يعني ابن تيمية -: "تلقينه بعد دفنه مباح عند أحمد، وبعض أصحابنا، وقال: "الإباحة أعدل الأقوال، ولا يكره".. وقال المصنف: "لم نسمع في التلقين شيئا عن أحمد، ولا أعلم فيه للأئمة قولا؛ سوى ما رواه الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله: "فهذا الذي يصنعون؛ إذا دفنوا الميت، يقف الرجل، فيقول: "يا فلان بن فلانة إلى آخره"، فقال: "ما رأيت أحدا فعل هذا؛ إلا أهل الشام، حين مات أبو المغيرة"، وقال في [الكافي]: "سئل أحمد عن تلقين الميت في قبره؟ فقال: "ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام"، وقد روى الطبراني، وابن شاهين، وأبو بكر في [الشافي]، وغيرهم، في ذلك حديثا". انتهى.

وقال ابن تيمية في [الفتاوى الكبرى]:

"وتَلْقِينُهُ - الميت - بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لَيْسَ وَاجِبًا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِ بَيْنَهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ، بَلْ ذَلِكَ مَأْثُورٌ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ كَأَبِي أُمَامَةَ، وَوَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ؛ فَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ اسْتَحَبَّهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَكْرَهُهُ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، فَالْأَقْوَالُ فِيهِ ثَلَاثَةٌ: الِاسْتِحْبَابُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالْإِبَاحَةُ، وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ". انتهى.

وبعد: فهذه بعض أقوال أعلام المحدثين والفقهاء من أمة الإسلام، من جميع المذاهب، في مسألة التلقين بعد الدفن، حتى ابن تيمية نفسه، يرى أنه مباح، لا بدعة، كما يقول هؤلاء، ولو قالوا: إن المسألة خلافية؛ لهان الخطب، لكنهم يبدِّعون من يفعله، وقد علمتَ أن المسألة مختلف فيها، وأن أكثر العلماء على الجواز، بل الاستحباب!

وقد انقرضت كثير من هذه السنن الحسنة في بلادنا، بسبب هذا المد المتنامي من الفكر الأحادي الإقصائي، وحان وقت بيان الحقيقة الكاملة!

مقالات مشابهة

  • هجوم مُركّز من التيّار على وزير الطاقة
  • هل تلقين الميت بعد دفنه بدعة؟!
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • بلغاريا ترفض تسليم لبنان مالك السفينة انفجار المرفأ
  • تحذير من مخاطر (المنازل الذكية)
  • علاقتها بإيران وحزب الله.. سبب احتجاز أمريكا ناقلة نفط قرب فنزويلا
  • هيقلب الدنيا.. كل ما تحتاج معرفته عن أول جهاز مادي من OpenAI
  • بلغاريا تمتنع عن تسليم مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت.. والسبب: لا ضمانات
  • الأشغال تنفي التعديات على الأملاك البحرية
  • الجماعة الإسلامية تنفي الأخبار المسيئة وتؤكد دعمها للشعب السوري