تفجيرات البيجر في لبنان.. خبير أميركي: هذه مخاطر الحرب الخفية ومآلاتها
تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT
قال باحث في مجال الأمن الدولي والاستخبارات إن الانفجارات الأخيرة التي استهدفت حزب الله في لبنان تدل على أن العمل السري يحظى بجاذبية تزداد في عصر يحتدم فيه التنافس بين القوى العظمى في العالم.
وكتب جيف روغ -وهو باحث أول في "معهد الأمن العالمي والوطني" بجامعة جنوب فلوريدا- في مقال بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية أن العالم شهد للتو واحدة من أكثر العمليات الاستخبارية "المذهلة" في التاريخ، في إشارة إلى حوادث انفجار أجهزة النداء الآلي (البيجر) في لبنان الثلاثاء والأربعاء الماضيين.
ولفت الباحث -وهو أيضا عضو في مجلس إدارة "المجلة الدولية للاستخبارات والاستخبارات المضادة وجمعية تاريخ الاستخبارات"- إلى أن الاتهامات والتهديدات المتبادلة والغموض الذي اكتنف العملية كلها عوامل حجبت حقيقة أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها رسميا عن التفجيرات، "وذلك لأن العملية تُصنَّف أنها خاصة وسرية وتندرج ضمن أسرار الدولة".
ويُعرِّف الكاتب العمل السري بأنه "عملية من المفترض أن يبقى دور الجهة الراعية لها مخفيا أو لا يُعترف به".
وأوضح أن الدول عادة ما تستخدم العمل السري في المواقف التي لا تستطيع فيها تحقيق أهدافها من خلال تدابير علنية أو حيث يكون خطر تحمل المسؤولية عن عملية ما كبيرا للغاية.
والعمل السري، برأي روغ، ذو قيمة خاصة عندما تنفذ الدول عمليات يمكن اعتبارها أعمال حرب، مثل الهجمات القاتلة داخل الحدود السيادية لدولة أخرى.
وتأتي هذه العملية السرية الأخيرة -وفق المقال- في أعقاب عملية أخرى استهدفت رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية الذي اغتيل هو وحارسه الشخصي في العاصمة الإيرانية طهران في يوليو/تموز الماضي.
تراجع إيران
وبعد أن شعرت إيران بالإذلال جراء فشلها الاستخباراتي "الهائل"، توعدت بالرد، إلا أن كاتب المقال يعتقد أنها تراجعت عن ذلك على ما يبدو، إذ ألمحت إلى أن انتقامها سيكون "مختلفا" وليس بالضرورة العملية العسكرية الكبيرة التي خشي الجميع أن تؤدي إلى حرب إقليمية.
ولعل من المفارقة ومن غير المنطق، في اعتقاد روغ، أن ترد إيران بالقوة العسكرية العلنية بشكل مباشر على هجوم إسرائيلي غير معترف به. ورغم كل شيء، فقد "تبوأت" إيران إلى حد كبير موقعها الحالي من القوة في الشرق الأوسط بأعمالها السرية عبر وكلائها في المنطقة.
"من دون أدنى شك"ووفقا للباحث الأميركي، فإن حزب الله سوف يضطر إلى التفكير مليا في خياراته إذا أراد أن يتجنب حربا ستقضي عليه "من دون أدنى شك" وتدمر لبنان.
ولا يخلو العمل السري من مخاطر، فهي دائما حاضرة في كل العمليات السرية، كما يؤكد روغ الذي أشار إلى أن الطرف المستهدف بالعملية السرية في كثير من الأحيان يرد بعملية مماثلة ضد الطرف الآخر، وذلك يؤدي إلى "حرب خفية" كتلك التي تدور حاليا في الشرق الأوسط.
وفضلا عن ذلك، فإن التكنولوجيا والتسريبات والمعلومات الاستخباراتية المفتوحة المصدر جعلت من الصعب إخفاء يد الفاعل الذي يقوم بعملية سرية، ومن ثم أصبح من السهولة بمكان توجيه اللوم، لكن ذلك لا يعد دليلا أو اعترافا بالمسؤولية بقدر ما قد يبدو "دفاعا ضعيفا".
لا غنى عنهوفي ضوء ذلك، يشدد الكاتب على ضرورة أن يدرس العالم العواقب المترتبة على التخلي عن معايير العمل السري، لكنه يؤكد أن هذا ليس في مصلحة أميركا التي ينص قانونها على أن العمل السري "لا غنى عنه" وجزء من سياستها للأمن القومي. ومن أشهر هذه العمليات وأقلها سرية تلك التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان.
كما أن الولايات المتحدة لعبت دورا في الحرب الخفية في الشرق الأوسط من خلال انخراطها مع إسرائيل في العمليات السرية التي تستهدف إيران وحزب الله.
ويخلص روغ إلى أن حزب الله قد يشعر الآن بأنه مضطر إلى الرد بطريقة تدفع نحو الحرب الإقليمية التي ظلت كل الأطراف تتجنبها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات العمل السری إلى أن
إقرأ أيضاً:
بسبب ضربات إيران .. إدارة ترامب تقلص مشاركة المعلومات السرية مع الكونجرس
قرّرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص حجم المعلومات السرية التي تُشارك مع الكونجرس، في خطوة أثارت جدلًا سياسيًا واسعًا، وذلك على خلفية تسريب تقرير استخباراتي حساس يتعلق بنتائج الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول كبير في البيت الأبيض قوله إن التقييم الأولي الذي أعدته وكالة استخبارات الدفاع بشأن أثر الهجمات على البرنامج النووي الإيراني، قد جرى تداوله عبر نظام مخصص لمشاركة المعلومات السرية مع الكونغرس ليلة الإثنين، قبل أن يتسرب للصحافة، مما أثار حفيظة الإدارة.
الإدارة تحقق وتقلص الوصولوصرّح المسؤول ذاته بأن الإدارة قررت بناءً على هذا الحادث تقليص حجم المعلومات التي ستُرفع مستقبلاً إلى هذا النظام المشترك، مضيفًا أن تحقيقًا داخليًا قد بدأ لتحديد مصدر التسريب.
وأكد أن البيت الأبيض ينظر بجدية إلى ما حدث، لاسيما في ظل حساسية الموقف الأمني وتداعياته الإقليمية والدولية، خصوصًا في ظل الحملة العسكرية الأمريكية الجارية في الشرق الأوسط.
جلسة إحاطة مغلقة لمجلس الشيوخوكشف المصدر عن أن أربعة من كبار المسؤولين الأمريكيين، وهم وزير الدفاع بيت هيجسيث، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، سيقدمون يوم الخميس جلسة إحاطة مغلقة لأعضاء مجلس الشيوخ، تركز على الوضع في إيران وتداعيات العمليات العسكرية الأمريكية.
وكانت بعض وسائل الإعلام الأمريكية، من بينها "سي إن إن" و"نيويورك تايمز"، قد نشرت مقتطفات من تقييم استخباراتي أولي يشير إلى أن الضربات الأمريكية لم تدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك مخزون اليورانيوم عالي التخصيب وأجهزة الطرد المركزي، ما أثار جدلًا واسعًا في واشنطن.
ودفع ذلك كبار مسؤولي الإدارة، وفي مقدمتهم الرئيس ترامب، إلى الرد علنًا وتكذيب تلك التقارير، مؤكدين أن العملية العسكرية كانت "ناجحة للغاية" وألحقت "أضرارًا غير مسبوقة بالبنية التحتية النووية الإيرانية".