البوابة نيوز:
2025-06-10@10:27:45 GMT

لماذا لا يمنع الله الشر ويقضي عليه؟

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ينتابنا قدر كبيرمن الغضب والحنق تجاه الحكَّام – سواء داخل منطقتنا العربية أوخارجها – الذين يشاهدون ما يحدث من مجازر مفزعة وإبادة بشعة للحجر والشجر والبشر داخل قطاع غزة؛ ولا يحركوا ساكنً، هذا المشهد الذي يُدمي القلب يجعلنا نتساءل:

لماذا يقف الحكَّام – هنا وهناك – موقفًا متخاذلًا دون ردع إسرائيل، ومعاقبتها على جرائمها؛ وإجبارها على التوقف عن ارتكاب تلك الجرائم؟!

لماذا يقف من بيدهم الحل والعقد – في بلادنا وسائر بلاد الدنيا – موقف المتفرج رغم امتلاك بعضهم وسائل القوة والردع، ويكتفون بمشاهدة ما يحدث؛ وهم جلوس على مقاعدهم الوَثِيرَة؛ داخل قصورهم الفخمة؟!

حين نتأمل تلك المواقف السلبية والمتخاذلة تجاه ما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية؛ تنتابنا دهشة بالغة تصل إلى حد الصدمة، ويذهب بنا الظن إلى درجة الاعتقاد بتآمر بعض هؤلاء الحكَّام مع إسرائيل وتواطؤهم معها؛ كما تفعل الولايات المتحدة مثلًا.

تقرع الرأس مجموعة من علامات الاستفهام الكبيرة التي تحتاج إجابات دقيقة؛ علامات استفهام وتساؤلات تصيب العقل بالدوار!!.. من أمثلة هذه التساؤلات:

إن كثيرًا من البشر – أو بعضهم على الأقل – يقف موقف المتفرج العاجز عن فعل شيء لإيقاف الجرائم الوحشية التي يقترفها جيش الاحتلال الصهيوني ضد شعب غزة الأعزل.. لكن الله سبحانه وتعالي الذي يمتلك قدرة مطلقة وخيرًا مجردًا، الله القادر الرحيم؛ الذي في وسعه أن يقول للشيء كن فيكون، والذي تسع رحمته السموات والأرض.. لماذا لا يمنع هذا الكم الهائل من الشرور والجرائم التي تُرْتَكب في فلسطين؟! هل هو رحيم؛ ولكنه غير قادر على منع هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها؟!.. أم أنه قادر ولكنه لا يأبه بما يحدث؟! أم أنه أقرب ما يكون لإله أرسطو الذي وُصِفَ بأنه «المحرك الأول الذي لا يتحرك»؟!.. أم أنه يتحلى بتلك الصفات التي وصف بها بعض الفلاسفة الوجوديين الإله؟!.. إذ قالوا إن الإله هو كالنسر الضخم الذي قذف أفراخه من وراء ظهره، ثم انطلق لا يلوي على شيء!!.. إن بعض الوجوديين ذهب إلى أن الإله ألقى بالإنسان في هذا الكون الشاسع؛ وتركه يواجه مصيره بنفسه في هذا العالَم الذي تسوده لا مبالاة عمياء غليظة القلب.

ويتساءل المرء لماذا لم يرسل المولى سبحانه وتعالي على هؤلاء الصهاينة المجرمين الظلمة طيرًا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل؟!

هذه التساؤلات وغيرها تندرج في مجال البحث الفلسفي تحت اسم «مشكلة الشر». إن هذه المشكلة هى واحدة من أكثر المشكلات خلودًا في الفلسفة.

إن الإيمان بوجود إله قوي وقادر ورحيم؛ هوالأساس الذي تستند إليه «مشكلة الشر»، ولذلك تتعلق هذه المشكلة بالأديان السماوية، أما الأديان الوضعية كالبوذية والزرادشتية وغيرهما، فلا وجود لهذه المشكلة هناك، لأن تلك الأديان قالت بوجود إلهين: إله للخير وإله للشر؛ وبذلك انتفت المشكلة. إن «مشكلة الشر» تنطوي على «مفارقة» Paradox، أي تنطوي على الشيء ونقيضه. إذ تضعنا أمام أمرين أحلاهما مُرٌ:

إما أن الله باستطاعته منع الشر والقضاء عليه؛ لكنه لا يريد أن يفعل ذلك. وإما أنه أراد منع الشر والقضاء عليه؛ لكنه لا يستطع ذلك.

في الحالة الأولى: هل يمكننا القول بأنه رحيم؟

وفي الحالة الثانية: هل يمكننا القول بأنه قادر؟

إذا كان قادرًا ورحيمًا؛ إذا كان ذلك كذلك؛ فلماذا إذن يوجد الشر في العالَم؟

هنا تكمن المفارقة، وتتضح المشكلة، وهى مشكلة لها تاريخ طويل في مجال الفلسفة، فقد حاول كثير من الفلاسفة وضع أساس منطقي لمشكلة الشر. وكان «أبيقور» هو أول من أثار هذه المسألة في القرن الرابع قبل الميلاد، وصاغها على النحو الآتي:

إما أن الإله يريد القضاء على الشر، ولكنه لا يستطيع، وإما أنه يستطيع لكنه لا يريد، وإما أنه لا يريد ولا يستطيع، وإما أنه يريد ويستطيع. وهذا الاحتمال الأخير هو الوحيد – في رأي «أبيقور» – الذي يتناسب مع طبيعة الآلهة. كما سخَّر القديس «أوغسطين» كثيرًا من جهده الفلسفي قبل ما يزيد على ألف وخمسمائة عام لحل هذه المشكلة.

وفي القرون التي تلت «أوغسطين» بذل كل مفكر من المفكرين البارزين بعض جهده لصياغة هذه المشكلة ومحاولة حلها.

علامات استفهام كبيرة وكثيرة إذن يحتاج تأملها لقدر أكبر من الروية والتدبر، ذلك لأن التأمل العميق للشر والكم المروع من الآلام والأوجاع الناجمة عن وجوده؛ لا تقتضي بالضرورة عدم الإيمان بوجود إله عادل ورحيم وقادر على كل شئ.

لقد حاول بعض المفكرين فض «مشكلة الشر» وحلها بالقول: إن رفع الشر عن الدنيا يقتضي إلغاء حرية الإنسان في الاختيار، لأن رفع الشر عن العالَم يتعارض مع وجود «الحرية الإنسانية». منح الله الإنسان إرادة حرة تمكنه من أن يفعل خيرًا أو شرًّا؛ وفقًا لما يتخذه من قرارات، ومن ثمَّ فإن رفع الشر يعني نزع حرية الإنسان في ارتكاب الشرور؛ ويصير ملاكًا. إننا إذا أردنا أن نعقد مقارنةً بين عالَم يخلو من الشر، ويُحْرَم الإنسان فيه من ممارسة حريته؛ وعالَم يمتلك الإنسان فيه إرادة حرة، فلا ريب أن العالَم الذي تعلو فيه قيمة الحرية سيكون هو الأفضل. إن وجود الشر في العالَم؛ على الرغم من أنه أمر مزعج وكريه فإنه أفضل من عالَم خالي من الشر وتغيب فيه حرية الإرادة الإنسانية، عالَم لا يُسْمَح فيه للإنسان إلا بالسير في إتجاه واحد لا يملك له تغييرًا.

عالمنا إذن هو الأفضل من بين كل العوالم الممكنة – على حد تعبير الفيلسوف الألماني ليبنتس – ليس لأنه خاليًا من المعاناة، بل لتواصل الحرية الإنسانية فيه. وإذا عدنا للحديث عن العدوان الصهيوني الوحشي على الشعب الفلسطيني، والذي يمثل ذروة الشر، فإن حرية الإنسان الفلسطيني في مقاومة هذا العدوان والصمود في وجهه – رغم فداحة الخسائر وفظاعة المجازر – وتكبيد ذلك العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتعرية وجهه القبيح بوصفه كيانًا دخيلًا وغاصبًا؛ فإن هذه الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني في التصدي والصمود في وجه العدوان تمثل قمة الخير. هذه هى الإرادة الحرة للشعوب المناضلة التي تتجسد إرادة الله الخيرة من خلالها.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الخير الشر الشجر البشر حریة الإنسان هذه المشکلة الإنسان فی وإما أنه العال م ما یحدث

إقرأ أيضاً:

النبي الذي فداه الله بكبش عظيم.. إسحاق أم إسماعيل؟ على جمعة يحسم الجدل

من الذبيح إسحاق أم إسماعيل؟ اختلف العلماء في تعيين الذبيح هل سيدنا إسحاق أم إسماعيل، فمن العلماء من نقل عنه بأنه إسحاق عليه السلام، ومنهم من نقل عنه بأنه إسماعيل عليه السلام.

الذبيح إسحاق

قال ابن كثير: «فممن حكي القول عنه بأن الذبيح إسحاق: كعب الأحبار، وروي عن عمر، والعباس، وعلي، وابن مسعود، ومسروق، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، والشعبي، ومقاتل، وعبيد بن عمير، وأبي ميسرة، وزيد بن أسلم، وعبد الله بن شقيق، والزهري، والقاسم بن أبي بزة، ومكحول، وعثمان بن حاضر، والسدي، والحسن، وقتادة، وأبي الهذيل، وابن سابط.

ولكن الصحيح عنه «أي: عن ابن عباس»، وعن أكثر هؤلاء: أنه إسماعيل عليه السلام قال مجاهد، وسعيد والشعبي، ويوسف بن مهران، وعطاء، وغير واحد، عن ابن عباس: هو إسماعيل عليه السلام.

الذبيح هو إسماعيل

وأوضح ابن كثير في كتاب "البداية والنهاية" (1 / 336): وهذا هو الظاهر من القرآن، بل كأنه نص على أن الذبيح هو إسماعيل؛ لأنه ذكر قصة الذبيح، ثم قال بعده: «وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» ومن جعله حالا فقد تكلف، ومستنده أنه إسحاق إنما هو إسرائيليات، وكتابهم فيه تحريف».

وذكر ابن القيم في كتاب "زاد المعاد" (1 / 71): «وإسماعيل: هو الذبيح، على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأما القول بأنه إسحاق: فباطل بأكثر من عشرين وجها».

زواج سيدنا إبراهيم من السيدة هاجر 

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء، إنه يرجح أن زواج سيدنا إبراهيم - عليه السلام- من السيدة هاجر كان في مصر أكثر من رواية كونه بعد الرحيل؛ لأنه لا يوجد مساحة زمنية بين الإهداء والحمل؛ فالمتتبع للأحداث يجد أن أمر الزواج تم بسرعة فائقة.

وأضاف «جمعة» خلال حلقة تليفزينوينة سابقة، أنه في القرآن يقول- تعالى-: «وبشرناه بغلام حليم»، والتوارة تقول إن الذبيح هو إسحاق: «أذبح لك وحيدي إسحاق»، وإسحاق لم يكن وحيد فكان له أخ أكبر منه هو إسماعيل، فالسياق يقول إن هناك: «وحيدي، وإسحاق»؛ فوحيدي فيها إشكال، لافتًا إلى أن الذبيح الأول: سيدنا إسماعيل، والذبيح الثاني: سيدنا عبد الله - أبو النبي صلى الله عليه وسلم- بشكل عام، ورواية "أنا ابن الذبيحين ضعيفة".

ذكرى وفاة النبي محمد 8 يونيو .. ودع الدنيا بـ6 كلمات.. أسرار الأيام الأخيرةدعاء ثاني أيام عيد الأضحى.. علي جمعة: النبي أمرنا بـ5 أذكار

 الذبيح هو سيدنا إسماعيل

وأكد عضو هيئة كبار العلماء، أنه بتتبع واستقراء ما يزيد على نحو 40 آية نجد أن الذبيح هو سيدنا اسماعيل- عليه السلام- ابن السيدة هاجر، موضحًا: أنه يوجد رواية عجيبة مرفوضة، مضمونها: " أن سيدنا إسماعيل كبر مع سيدنا إسحاق، وضرب إسماعيل إسحاق ذات مرة؛ فحزنت السيدة هاجر، وكأنه بيت عادى، ومن ثم حدثت الهجرة "؛ فهذا مرفوض تمامًا، والذي حدث أن الله أوحي إلى سيدنا إبراهيم أن يأخذ السيدة هاجر وسيدنا إسماعيل لتعمير البيت الحرام والسيدة سارة بقيت مع ابنها إسماعيل لتعمير بيت المقدس.


وأشار الدكتور على جمعة، إلى أن النسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- كان من السيدة هاجر أم سيدنا اسماعيل ، أبو العرب وجد النبي - صلى الله عليه وسلم-، والصهر مع مارية القبطية عندما أسلمت وتزوجت النبي - عليه الصلاة والسلام- واصبحت أمولد، ولحقت بأمهات المسلمين.

السيدة هاجر - رضى الله عنها- أم العرب

ونوه بأن السيدة هاجر - رضى الله عنها- أم العرب، بنت الملوك، أخذت أسيره من بيت أبيها بمصر في أحد حروب أقاليم مصر قبل توحيد القطرين، وكانت هبة عظيمة من الملك لسيدنا إبراهيم - عليه السلام- حسن تربيتها ومعاملتها وأخلاقها لابنها اسماعيل - عليه الصلاة والسلام- ،أحسنت التوكل على الله عندما تركها سيدنا إبراهيم- عليه السلام- مع ابنها في الصحراء بلا زاد ولا ماء؛ فسعت وبحثت وفجر الله لها ينبوعًا من ماء هو خالد إلى يوم القيامة، وأصبح سعيها ركن من أركان الحج في الإسلام؛ فهذه هاجر أم العرب مثلًا وقدوة وفخرًا.

طباعة شارك من الذبيح إسحاق أم إسماعيل إسحاق إسماعيل من هو الذبيح من هو الذبيح في التوراة ثبات أن الذبيح هو إسماعيل من الكتاب المقدس ووهبنا له اسحق ويعقوب لماذا لم يذكر إسماعيل من هو النبي الذي فداه الله بكبش عظيم ملخص قصة ذبح إسماعيل عليه السلام

مقالات مشابهة

  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • 20 عامًا على رحيل عبد الله محمود.. الفنان الذي اختصر عمره في أدوار لا تُنسى (تقرير)
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • فضل الله: الدولة قادرة على حشد عناصر القوة التي تملكها لمواجهة الاعتداءات
  • شيخة الجابري تكتب: في متغيرات الإنسان والزمان
  • النبي الذي فداه الله بكبش عظيم.. إسحاق أم إسماعيل؟ على جمعة يحسم الجدل
  • الدفاع المدني في غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء بالقطاع
  • عودة: الشرّ في الأرض هو في حركة تزايد متصاعد
  • غزة.. الآية التي يتجلى فيها الوعد الإلهي
  • سبب اختفاء القطط في عيد الأضحى .. أين تذهب وماذا قال عنها النبي؟ أسرار «الطوافات»