يعد قانون الإجراءات الجنائية بمثابة دستور ثانٍ للبلاد لما يتضمنه من مواد تكفل الحقوق والحريات، وعلى مدار أزمان عديدة مرت القوانين الجنائية فى مصر بعديد من المحطات بدءاً من عام 1875 ووصولاً لعام 1950، حيث صدر القانون منذ ذلك الحين وتم العمل به رغم صدور 3 دساتير.

«النواب» يستعد لصياغة أقدم تشريع مصرى للحقوق والحريات

وفى ظل ما يشهده الدستور المصرى 2013، من مواد تكفل الحقوق والحريات كان لا بد من إعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية، وهو ما تم تقديمه بالفعل إلى مجلس النواب فى عام 2017، وتم رفضه بسبب الصياغات وسكت الحديث عنه.

الدولة ماضية فى تحقيق العدالة الناجزة

وفى عام 2021، أقر مجلس النواب فى الفصل التشريعى الثانى عدداً من التعديلات لمواد قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن المشرع تراءى أن الدولة ماضية فى تحقيق العدالة الناجزة وتوفير الضمانات الكافية لحقوق المواطنين، لا سيما بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، الأمر الذى تتطلب ضرورة مراجعة الحالى بهدف مواكبة التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

 القانون يعد دستورا ثانيا لتضمّنه مواد تكفل الحقوق والحريات

فى ضوء ذلك، شكل مجلس النواب لجنة فرعية قانونية ضمت عناصر قضائية وأكاديمية، وجهات إنفاذ القانون، وممثلين عن نقابة المحامين والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وذلك لمراجعة قانون الإجراءات الجنائية، واتضح للجنة بعد ساعات عمل استمرت لأكثر 14 شهراً بواقع 28 اجتماعاً ضرورة إعداد مشروع قانون جديد، وهو ما عملت عليه اللجنة طوال الفترة الماضية لإعداد مسودة قانونية حول مشروع القانون الجديد تم عرضها على مجلس الوزراء، والذى بدوره وافق عليها وتم إرسالها إلى «النواب».

انعقاد اللجنة التشريعية بمجلس النواب لمناقشة القانون لاحتوائه على 540 مادة

فى نهاية دور الانعقاد الرابع لمجلس النواب، كلف المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس المجلس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بالانعقاد خلال الإجازة البرلمانية لمناقشة مواد مشروع القانون الجديد، هذا القرار يعد الأول من نوعه، حيث لم تشهد اللجان البرلمانية فى الفصل التشريعى الثانى أى اجتماع فى الإجازة البرلمانية.

تتضمن الفلسفة القانونية لـ«الإجراءات الجنائية» نهاية أغسطس

فى نهاية أغسطس الماضى، انعقدت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان لمناقشة مشروع القانون، والذى يحتوى على 540 مادة بواقع 6 فصول تتضمن الفلسفة القانونية للإجراءات الجنائية.

راعت اللجنة، خلال الاجتماعات التى عقدتها، والتى امتدت لساعات مطولة دعوة كافة الجهات المختصة للمشاركة فى النقاش، وطرح الرؤى حول صياغات القانون الجديد، كما عملت على ترجمة مخرجات الحوار الوطنى الخاصة بالقانون إلى مواد قانونية تضمن الحقوق والحريات وتتفق مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

ومن المقرر أن يشهد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد المناقشة فى بداية دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعى الثانى، والمزمع انعقاده فى الأول من أكتوبر، كما أن إصدار القانون سيحقق عدداً من الأهداف، أهمها أن المشرع حريص على مواكبة تطورات العصر فى ضوء ما يخدم الدولة والمواطن، كما يساهم فى إرساء حقوق المواطنة ويدعم ملف مصر الدولى فى مجال حقوق الإنسان.

وهناك عدد من الخطوات يجب تحققها قبل إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، والمزمع مناقشته فى بداية دور الانعقاد الجديد لمجلس النواب، وتبدأ بمناقشته فى الجلسات العامة فى ضوء التقرير البرلمانى الذى أعدته لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، حيث سيحرص المجلس على مناقشة التعديلات والحكومة ممثلة فى وزارة شئون المجالس النيابية والتواصل السياسى فى متابعة سير المناقشات والرد على بعضها، وفقاً للضرورة، ثم تأتى الخطوة الأخيرة وهو التصويت النهائى على مشروع القانون ثم التصديق عليه، من قبل رئيس الجمهورية.

وعقب نشره فى الجريدة الرسمية، يلغى القانون الصادر برقم 150 لسنة 1950، كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون والقانون المرافق له، ويعمل بأحكامهما فى شأن الإجراءات الجنائية. ويستمر نظر الطعون فى الأحكام الغيابية الصادرة، فى مواد الجنح قبل سريان هذا القانون بذات الأوضاع والإجراءات المقررة قبل العمل به، كما لا تسرى أحكام الاستئناف فى مواد الجنايات، إلا على الدعاوى التى لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم ١ لسنة ۲۰۲٤ بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الإجراءات الجنائية الحقوق والحريات العدالة الناجزة مبادئ المواطنة قانون الإجراءات الجنائیة الحقوق والحریات مشروع القانون مشروع قانون مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

من النزاع إلى التسامح.. كيف يفتح قانون المواريث باب الصلح بين الورثة؟

شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في ظاهرة الامتناع عن تسليم الميراث داخل المجتمع المصري، خاصة بين أفراد الأسرة الواحدة، ما أدى إلى تفاقم النزاعات العائلية وازدحام المحاكم بقضايا الميراث التي تمتد لسنوات، رغم وضوح النصوص الشرعية والقانونية التي تحظر حرمان الورثة من حقوقهم.

وأكد قانونيون أن الامتناع عن تسليم الميراث ليس مجرد نزاع مدني، بل هو جريمة جنائية نص عليها القانون رقم 219 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام قانون المواريث، والذي شدد العقوبات على كل من يمتنع عمدًا عن تسليم الميراث أو يحجب مستندات أو أوراقًا تثبت الحقوق الشرعية للورثة.

مع تزايد أحكام الإدانة في هذه القضايا، يثور تساؤل قانوني مهم بين المواطنين: هل يمكن التصالح بعد صدور حكم بات في جريمة الامتناع عن تسليم الميراث؟

فقد تصاعدت شكاوى المواطنين خلال السنوات الأخيرة بشأن الامتناع عن تسليم الميراث، ما فتح باب النقاش حول مدى إمكانية التصالح في هذه الجريمة، خاصة بعد صدور أحكام نهائية بحق المتهمين.

قانون المواريث المصري


أوضح قانون المواريث المصري رقم 77 لسنة 1943، والمعدل بالقانون رقم 219 لسنة 2017، أن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث من الجرائم التي يجوز فيها التصالح حتى بعد صدور حكم نهائي، في خطوة تعكس حرص المشرّع المصري على الحفاظ على النسيج الأسري واستقرار العلاقات العائلية رغم الخلافات.

ويهدف النص القانوني إلى تشجيع تسوية النزاعات بين الورثة بالتراضي، بما يضمن الحقوق الشرعية ويحدّ من تفكك الأسر بسبب الخلافات المالية والميراثية.

وبحسب المادة 49 من القانون، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، أو حجب سندًا يُثبت هذا الحق، أو رفض تسليمه عند الطلب. كما شدد القانون العقوبة في حالة العود لتصل إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة، ردعًا لكل من يتعمد الاستيلاء على حقوق الورثة الشرعيين أو يماطل في تسليمها.

خلافات حول الميراث.. الداخلية تكشف حقيقة فيديو كسر شقة وسرقتها استثناء هام


أكد القانون أن الصلح ممكن في أي مرحلة من مراحل التقاضي، حتى بعد صدور حكم بات ضد المتهم، وهو ما يُعد استثناءً مهمًا في هذا النوع من القضايا، إذ يتيح للأطراف إنهاء النزاع بالتراضي دون الإضرار بالروابط العائلية.

ويجوز لكل من المجني عليه أو ورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك المتهم أو المحكوم عليه أو وكيله الخاص، إثبات الصلح أمام النيابة العامة أو المحكمة المختصة حسب الأحوال، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية حتى ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، كما يمكن للنيابة العامة وقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذ الحكم.

ونص القانون صراحةً على أن الصلح لا يمس الحقوق المدنية، ما يعني أن للمجني عليه الحق في المطالبة بالتعويض أو استرداد نصيبه الشرعي من التركة حتى بعد الصلح الجنائي، وبذلك يوازن المشرّع بين ردع المخالفين والحفاظ على الروابط الأسرية.

 

شقيقان يشعلان سيارة شقيقهما بسبب خلاف الميراث بالجيزة

أركان الجريمة
أوضح القانون المصري أن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث لا تتحقق إلا بتوافر مجموعة من الأركان الأساسية، وهي وجود تركة مملوكة للمورث تمثل مصدر الحق في الميراث، وأن تكون هذه التركة في حيازة أحد الورثة، وامتناعه عمدًا عن تسليم النصيب الشرعي للورثة الآخرين رغم مطالبتهم الرسمية به.

وفي حال توافر هذه الأركان، يحق للورثة المتضررين اتخاذ الإجراءات القانونية لاسترداد حقوقهم، سواء عبر النيابة العامة أو برفع دعوى مباشرة أمام المحكمة المختصة.

وجاء تعديل قانون المواريث عام 2017 لتحقيق توازن دقيق بين ردع المعتدين على حقوق الورثة، وإتاحة فرصة الصلح حفاظًا على الروابط الأسرية. فكثير من نزاعات الميراث تنشأ بسبب سوء الفهم أو الخلافات العائلية، وهو ما جعل المشرّع يجيز التصالح في هذه الجريمة حتى بعد صدور الحكم النهائي، بشرط رد الحقوق لأصحابها وإتمام التسوية الودية بين الأطراف.

وأكد القانون المصري في ختام نصوصه أن الامتناع عن تسليم الميراث جريمة يعاقب عليها القانون، لكنها في الوقت نفسه من الجرائم التي يجوز فيها الصلح حفاظًا على الأسرة واستقرار المجتمع.
 

مقالات مشابهة

  • غوغل: قانون أستراليا الجديد لن يجعل الأطفال أكثر أماناً على الإنترنت
  • لجنة الشباب بالشورى تدرس مرئيات مشروع قانون الهيئات الرياضية
  • رئيس الوزراء يتابع الإجراءات المتخذة لتوفير اللحوم الحمراء
  • ضبط متهم أنشأ كيانًا تعليميًا وهميًا للنصب على المواطنين بمدينة نص
  • تموين الوادي الجديد تطلق مبادرة لتوفير اللحوم السودانية الطازجة
  • من النزاع إلى التسامح.. كيف يفتح قانون المواريث باب الصلح بين الورثة؟
  • قانون الموارد المائية والري الجديد يشدد الإجراءات لحماية مجرى نهر النيل من التعديات
  • قانون مجلس النواب يمنع الجمع بين العضوية والحكومة ويشدد شروط الترشح
  • تأجيل دعوى إلزام المطابع الأميرية بنشر تعديلات قانون الإجراءات الجنائية لـ17 يناير
  • المنفعة العامة بديلة للحبس.. اعرف الحالات والشروط بمشروع القانون الجديد