تقرير: كابوس مذبحة غزة يطارد لبنان
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
أشعلت أول غارة إسرائيلية على جنوب لبنان، الإثنين الماضي، في أذهان ملايين اللبنانين مخاوف تكرار سيناريو مذبحة غزة، فالقصف يبدو مشابهاً، أو أشد وقعاً، والتهجير بدأ في اليوم الأول، بأعداد مهولة ولم يتوقف، ودعوات وقف التصعيد بين حزب الله والدولة العبرية، لا تلقى آذاناً صاغية.
وسلطت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية في تقرير لها، الضوء على معاناة آلاف اللبنانيين مع تزايد حدة القصف الإسرائيلي، قائلة إن كثيرين ممن استهدفت مناطقهم في القصف، تحدثوا عن ذاكرة مشابهة لما يجري في غزة، مبدين خوفهم وقلقهم من المصير ذاته.
ونقلت الوكالة عن اللبنانية ألين ناصر، قولها، إن أول ما تبادر إلى ذهني مع صدور تحذيرات الإخلاء الإسرائيلية هو ما جرى ويجري في غزة، على مدار عام كامل.
على مدى العام الماضي، كانت ألين المقيمة في بيروت، والبالغة من العمر 26 عاماً، تتابع برعب التقارير الواردة عن معاناة الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة الذين أُمروا بالانتقال من مكان إلى آخر عشرات المرات، وأجبروا على الفرار إلى "مناطق إنسانية"، تعرضت هي للقصف، وارتكبت فيها مذابح موثقة.
وتقول الوكالة، إن الدعوات الإسرائيلية للمواطنين اللبنانيين بإخلاء مناطقهم قبل حملة جوية موسعة، والتي تم إرسالها عبر الهاتف المحمول والمكالمات، والمنشورات هذا الأسبوع، مألوفة بشكل مخيف بالنسبة للبنانيين.
وقالت ألين، "إن هذا بالتأكيد شيء من ذاكرتي، ونحن لا نعرف حقاً أين المكان الآمن بالضبط".
وبعد مرور ما يقرب من عام على بدء إسرائيل حربها ضد غزة، حولت تركيزها إلى لبنان، وصعدت بشكل كبير من حملتها ضد عدوها اللدود "حزب الله". ويساور العديد من الناس في لبنان، خوفاً من أن تتبع العمليات العسكرية الإسرائيلية في بلادهم النهج نفسه في غزة: أوامر إخلاء، ونزوح جماعي، وغارات جوية ساحقة.
وتقول إسرائيل، إنها "تهدف من عملياتها في جنوب لبنان إلى دفع حزب الله بعيداً عن الحدود، حتى يتمكن عشرات الآلاف من الإسرائيليين النازحين بسبب هجمات الحزب الصاروخية من العودة إلى ديارهم".
ومع ذلك، هناك مخاوف من أن تتكرر أفعال إسرائيل في غزة، بما في ذلك استخدام القوة الساحقة، وما وصفته جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بالقوة غير المتناسبة، في لبنان. وهدد كبار المسؤولين الإسرائيليين بتكرار مأساة غزة في لبنان، إذا استمر حزب الله في إطلاق النار.
وبدأ الهجوم الكاسح، الإثنين الماضي، وفيه وحده ضربت إسرائيل 1600 هدف في مختلف أنحاء لبنان، مما أسفر عن مقتل 492 شخصاً وإصابة 1645 آخرين، وتسبب في موجة نزوح هائلة مع فرار الآلاف من جنوب لبنان إلى الشمال. وأذهلت حصيلة القتلى غير المسبوقة أمة شبه معتادة على الحرب. وكان هجوم الإثنين هو الأكثر دموية على الإطلاق منذ الحرب بين إسرائيل وحزب الله، التي استمرت شهراً في عام 2006، والتي قُتل فيها ما يقدر بنحو ألف شخص في لبنان.
وفي بداية حرب غزة، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء عديدة للفلسطينيين المحاصرين في القطاع، وفي الأسبوع الأول فقط من بداية الحرب التي اندلعت بعد هجوم حماس على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أمرت إسرائيل 1.1 مليون مدني في قطاع غزة بالانتقال من الشمال إلى الجنوب، الأمر الذي أثار الارتباك والخوف في الجيب المكتظ بالسكان.
ومنذ ذلك الحين، أصدر الجيش الإسرائيلي عشرات الأوامر بالإخلاء التي تدعو الفلسطينيين إلى الإخلاء إلى "مناطق إنسانية" مخصصة لهم. وأسفرت الحرب الإسرائيلية في غزة عن مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، حتى الآن، جلهم من النساء والأطفال.
ومع تصاعد التوتر في المنطقة، قالت جانا بساط، 25 عاماً، التي تعمل في شركة تحليل إعلامي في بيروت، إنها الآن تحمل حقيبتها جاهزة للإخلاء الفوري. وهي تشعر أن الأمر مجرد مسألة وقت.
وقالت، "يبدو الأمر سريالياً، لأكون صادقة. لقد سمعنا عما كان يحدث في غزة، والآن نشاهده بأنفسنا".
وأضافت، "أشعر بالاشمئزاز من كل هذا التخويف والتعذيب النفسي"، مضيفة: "لكن بعد ذلك تتذكر أن كل هذا جزء من استراتيجية حربية ولن يتوقف في أي وقت قريب".
في حين أن تصرفات إسرائيل في لبنان قد تتشابه مع ما يجري في غزة، إلا أن فروقات واضحة بين الجبهتين، فهدف إسرائيل في القطاع الفلسطيني هو تدمير حماس بالكامل، في حين أن هدفها المعلن في لبنان هو دفع حزب الله بعيداً عن حدودها، وفق الوكالة.
في عام 2006، سوت إسرائيل أحياء بأكملها في بيروت بالأرض وقصفت المطار الدولي الوحيد في لبنان وكذلك البنية الأساسية الرئيسية، بما في ذلك الجسور ومحطات الطاقة. وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن حملتها الحالية تستهدف "حزب الله" إلى حد كبير، على الرغم من مقتل العديد من المدنيين أيضاً.
على عكس غزة، فإن لبنان هو أيضاً نسيج مختلط من الجماعات السياسية والدينية، بما في ذلك المناطق ذات الأغلبية المسيحية والسنية حيث توجد معارضة كبيرة لحزب الله الشيعي المدعوم من إيران.
يقول علي صفا، وهو مصمم داخلي يبلغ من العمر 30 عاماً فر إلى بيروت من جنوب لبنان مع عائلته هذا الأسبوع، إنه لا يشعر بالقلق بشأن تكرار سيناريو غزة في لبنان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، متحدثاً في الأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي، إن العالم "لا يستطيع أن يتحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى".
أعصاب متوترةيقول كثيرون في لبنان إنهم مسكونون بالصور المرعبة التي تتدفق بلا توقف من غزة على مدار العام الماضي، ويخشون نفس السيناريو في لبنان.
ولعدة أشهر، أطلقت طائرات مقاتلة إسرائيلية منخفضة الارتفاع قنابل صوتية فوق لبنان، مما أدى إلى اهتزاز النوافذ وإرهاب السكان. وفي الآونة الأخيرة، دخلت الطائرات المسيرة على الخط، مثيرة مزيد من الرعب بين اللبنانيين.
وأكدت بساط، أنها في مرحلة ما اعتادت أيضاً على سماع دوي انفجارات تهز منزلها من حين لآخر. وقالت أيضاً، "لقد اعتدت على الطائرات بدون طيار والآن، للأسف، القصف".
وختمت قائلة، "لقد تقبلت الواقع، لكن يداي لا تزالان ترتعشان وأنا أكتب لكم، وما زلت خائفة مما سيحدث لاحقاً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية حماس غزة بيروت لبنان إسرائيل إسرائيل وحزب الله لبنان بيروت غزة وإسرائيل حماس جنوب لبنان حزب الله فی لبنان فی غزة
إقرأ أيضاً:
صحف عالمية: إسرائيل تحاول قتل أمل الغزيين لكنها تكرر إخفاقات الماضي
استحوذت التطورات المتلاحقة الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على عناوين الصحف العالمية، مثل العملية العسكرية الجديدة، واختيار شركة أميركية لتوزيع المساعدات الإنسانية على الغزيين.
وذكرت صحيفة صنداي تايمز أن الحملة العسكرية الجديدة في غزة -التي سمتها إسرائيل "عربات جدعون"- "تكرر أخطاء الماضي، وتعقب فشل حرب استمرت 19 شهرا لهزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتحرير الرهائن (الأسرى)".
ووصفت الصحيفة البريطانية الحملة بأنها "محاولة لتصحيح مسار فاشل"، لكنها "لم تعالج جذور الأزمة، ولم تخفف معاناة المدنيين المتفاقمة".
كما كشف تحقيق في صحيفة هآرتس أن الجيش والمؤسسة الأمنية في إسرائيل فوجئا باختيار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شركة مجهولة تدعى "إس آر إس" لتولي توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، دون مناقصة رسمية أو موافقة الجهات المختصة.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصادر قولها إن نتنياهو استبعد وزارة الدفاع من مسار اتخاذ القرار، في حين تولى سكرتيره العسكري رومان غوفمين اختيار الشركة بمساعدة رجال أعمال وضباط مقربين منه.
ووفق التحقيق، فإن آلية الاختيار شابتها شبهات تضارب مصالح ومكاسب شخصية.
إعلانبدورها، قالت صحيفة لوموند إن الحرب الشرسة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة هدفها القضاء على المستقبل.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن التدمير الممنهج للمدارس والمستشفيات والمصانع والطرقات يهدف إلى دفع الناس لفقدان الأمل في الحياة ومغادرة القطاع.
واستدلت الصحيفة بمدينة رفح (جنوب القطاع) التي كانت تضم ربع مليون ساكن، لكن القصف الإسرائيلي سوّى نحو 3 أرباع بناياتها بالأرض، في حين دمرت جرافات الجيش ما تبقى من البنايات واحدة تلو الأخرى.
وسلطت صحيفة ليبراسيون الضوء على كتاب صدر للمؤرخ والأكاديمي الفرنسي جان بيير فيليو يلخص فيه مشاهدات خلال شهر أمضاه في غزة برفقة أطباء فرنسيين بداية العام الجاري.
ويتضمن الكتاب -حسب الصحيفة- سردا مفصلا لما يعيشه سكان غزة من فظاعات اختزلها المؤلف بالقول إنه "متعود على الحروب عبر العالم، لكنه لم يشاهد في حياته ما شاهده في غزة".
وفي السياق ذاته، نشر موقع "أوريان 21" نداء أصدره عشرات المثقفين والأكاديميين الفرنسيين تحت عنوان "نداء باريس لحماية الشعب الفلسطيني".
وجاء في هذا النداء أن حماية الفلسطينيين أصبحت ضرورة ملحة، مشيرا إلى أن الإبادة عادت إلى قطاع غزة بعد هدنة قصيرة في شكل مذابح وتجويع شامل وتهجير قسري، وإلى الضفة الغربية في شكل قتل وتهجير.
وأضاف أن على أوروبا أن تتحمل مسؤوليتها المتمثلة في ضمان تنفيذ قرارات الأمم المتحدة عشية اجتماع نيويورك المقرر منتصف الشهر المقبل.
من جانبها، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن نعمة ليفي -وهي من الأسرى السابقين في غزة- قولها خلال تجمّع جماهيري حاشد في إسرائيل إن "أكثر ما كان يرعبها في غزة لم يكن الأسر ذاته، بل الغارات الإسرائيلية".
وأشارت ليفي إلى خطورة القصف، قائلة إنه يجعل الأرض ترتج ويصيب الإنسان بالشلل، مضيفة أن كل غارة كانت تشعرها بأن نهايتها اقتربت.
إعلان