كتاب يرصد سيميولوجيا الجسد عند البحرينيين في القرن الماضي
تاريخ النشر: 12th, August 2023 GMT
في لحظة من اللحظات لم يكن أمام علماء الإنسان من الأنثروبولوجيين إلاَّ المشاهدة المحسوسة، وأحيانًا العَيْش في مجتمعات البحث لسنوات طِوال، لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلاَّ واعتبروها إحدى دوالّ بحثهم. اليوم أضيفت إلى تلك التقنيات في المراقبة تقنية الصورة التي أسهمت أيقوناتها لأن تكون عاملا مهمًّا في التحليل.
فـ"كل ما يتعلق بالإنسان هو في الواقع أداة اتصال، ومن بين تلك الأدوات الصورة". هكذا يقول الكاتب البحريني محمد عبدالله العلي مؤلف كتاب: "أوراق من تاريخ البحرين" الصادر عن دار الساقي في بيروت، والذي يتناول موضوعات تاريخية واجتماعية متنوعة. يعرض العلي وجهة نظر لطفيا كايا كيف أن ذلك الاتصال "إذا ما أُرِيدَ له أن يكون فعالا، فيجب أن تُستَخدَم فيه لغة مشتركة تُفضي إلى فهم مشترك بين أطرافه. فتاريخ الصور في مجمله يقوم على نظام بَصَرِي مادته المؤشرات، وبالتالي فإن فهم الصورة يعتمد على تحليل تلك المؤشرات والأيقونات، وتحليل الرموز التي يتم تضمينها في مجال الصور، لذلك فإن الباحث يجب أن يفسر لا أن يصف".
قام المؤلف بحصر مجموعة من الصور "تضم ما يربو على ٢٨٠ شخصًا، تمَّ التقاطها لبحرينيين، وفي وجبة أخرى ٨٧ شخصًا. وهذه الصور يعود تاريخها للستينيات والسبعينيات من القرن المنصرف، بعضها صورٌ منفردة، والبعض الآخر - وهو الأكثر - صورٌ جماعية، التُقِطت في مواقع مختلفة، بعضها في مؤسسات تعليمية وأخرى في العمل، فضلا عن البيوت والأحياء السكنية القديمة والرحلات الترفيهية، وهي كلها قابلة لأن تُقرأ بشكل عميق، وفقًا للأدوات السيميولوجية. فقد كانت المشاهدة والإحساس الفيزيائي هو المعتَبَر في تلك الفترة، لذلك كانت أوصاف الشخص تُدوَّن حتى في جواز السفر، كطوله، ولون عينيه، وشعره والمميزات الأخرى في وجهه، من قبيل الشَّأْمَة أو الخال الأسود الذي يظهر أحيانًا في الوجه".
أراد الكاتب من ذلك أن يجري قراءة لتلك الصور في جانب مُحدَّد، يتعلق بالهيئة الجسمانية للبحريني في تلك الفترة، وعلاقاتها بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. لذلك لاحظ من تلك الصور أن "نسبة البُدَناء فيها معدومة في الوجبة الأولى من الصور، التي تضم ٢٨٠ شخصًا، أي بنسبة صفر بالمائة، وفي الوجبة الثانية التي تضم ٨٧ شخصًا لم يُوجد بينهم سوى بَدِين واحد، أي بنسبة لا تزيد على ١.١ بالمائة". وهو يُرجع ذلك إلى "نمط الحياة المختلف الذي كان عليه البحرينيون في تلك الفترة، من حيث نوع الطعام واستخدام المشي وسيلة لتنقلاتهم، إذ لم يكن مستغرَبًا أن تجد مَنْ يمشي" من بداية مدينة في شرق البحرين إلى قرية في غربها ويُعطي بذلك أمثلة لتلك الأماكن.
يضيف مؤلف الكتاب أنه وحتى عندما "تطورت الحياة قليلا في الستينيات والسبعينيات في البحرين كانت أعداد كبيرة من الطلاب البحرينيين يمشون إلى مدارسهم سيرًا على الأقدام إلى مدة تصل إلى خمسين دقيقة، وعندما يمرض الطالب فإن عليه أن يذهب إلى المستشفى مشيًا، لذلك كانت أجسام البحرينيين ما بين نحيفة ومعتدلة" وعندما "تتحسن النظم الغذائية والحياتية يزداد مؤشر كتلة الجسم الممشوق وينخفض عندما تصبح أقل فائدة، لذلك يصبح مؤشر كتلة الجسم مؤشرًا مهمًّا لفهم العمليات التاريخية، وأنماط الناس الزمانية، والمكانية، وارتباطاتهم الاجتماعية".
الكتاب لا يتحدث عن هذا الموضوع فقط بل عن موضوعات اجتماعية وتاريخية مختلفة بذات الوتيرة من الاستفاضة، كالعلاقات العائلية والجيرة والأصدقاء، ونمط الزواج والبيوت في تلك الفترة والدِّين والتديُّن وغيرها من العناوين.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ختام جولة الإعادة.. الشباب المصري يرصد الإقبال والتجاوزات في اليوم الثاني لانتخابات النواب
أصدر مجلس الشباب المصري تقريره النصفي حول المتابعة الميدانية لليوم الثاني من جولة الإعادة للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025 في الدوائر التي تم إلغاء نتائجها سابقًا بقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات، إضافة إلى دائرة أطسا بمحافظة الفيوم.
ويأتي التقرير في ضوء أعمال الرصد التي يجريها المجلس عبر غرفة عمليات مركزية وفِرق ميدانية منتشرة في المحافظات السبع التي تُجرى بها الانتخابات، مع استمرار تلقي البلاغات من متابعي المجلس حتى منتصف اليوم.
سير العملية الانتخابيةوأظهر الرصد الميداني للمجلس انتظامًا عامًا في سير العملية الانتخابية داخل معظم اللجان، وفتحها في المواعيد القانونية، مع تعاون ملحوظ من رؤساء اللجان، وارتفاع تدريجي في نسب الإقبال مقارنة بساعات الصباح، خاصة في القرى والمناطق ذات الثقل العائلي. كما تواصل الحضور اللافت للنساء وكبار السن، فضلًا عن عودة مشاركة الشباب في عدد من الدوائر مقارنة باليوم الأول.
الهيئة الوطنية: تلقينا 27 شكوى في اليوم الأخير بإعادة انتخابات النواب
القبض على أحد أنصار مرشح بالبحيرة بحوزته كروت دعاية انتخابية
وفي المقابل، رُصدت عدة مخالفات متنوعة خلال الساعات الماضية ، كان أبرزها استمرار محاولات شراء الأصوات وتقديم حوافز مالية وعينية في محيط لجان ببعض المحافظات، من بينها دوائر في قنا مثل قوص، نجع حمادي، والوقف، ودائرتا أخميم والمراغة في سوهاج، ودائرة إمبابة بمحافظة الجيزة، إلى جانب محاولات التأثير على الناخبين عبر كوبونات سلع غذائية في دائرة الرمل بالإسكندرية. كما لاحظ متابعو المجلس توزيع كروت دعاية انتخابية في دمنهور بالبحيرة، ووجود سيارات تحمل صور مرشحين في شبراخيت، فضلًا عن توثيق نقل جماعي للناخبين في عدد من قرى محافظة قنا، وظهور محاولات لتجميع بطاقات الرقم القومي في جهينة بسوهاج وقنا.
وسجّل متابعو مرصد المجتمع المدني أيضًا عددًا من الوقائع التي تسببت في توتر داخل بعض اللجان، من بينها اشتباك محدود بين مندوبين يحملون توكيلات مرشحين داخل لجنة مدرسة الصياد الابتدائية بنجع حمادي، قبل أن تتدخل قوات الأمن بسرعة لإعادة الانضباط واستكمال التصويت دون تعطيل. كما وردت ملاحظات حول وجود كراتين بجوار بعض اللجان في محافظة سوهاج، ما يثير شبهات محاولات التأثير على إرادة الناخبين.
ورغم هذه التجاوزات، أثنى مجلس الشباب المصري على الاستجابة السريعة من الجهات الأمنية في التصدي للمخالفات التي تم الإبلاغ عنها أو توثيقها ميدانيًا، وهو ما أسهم في ضبط الوضع داخل محيط اللجان ومنع تفاقم بعض الوقائع. كما أشاد المجلس باستمرار الهيئة الوطنية للانتخابات في تلقي الشكاوى الواردة إليها والتعامل معها بقدر كبير من السرعة والشفافية، وإعلانها نتائج التحقيق في عدد من البلاغات أولًا بأول.
وفي السياق ذاته، أكد المجلس أن عددًا من المظاهر السلبية التي شابت الجولة الأولى من المرحلة الأولى قد اختفى تقريبًا، وفي مقدمتها ظاهرة البوابات أمام اللجان، والمسيرات الحزبية أمام المقار الانتخابية، واستخدام الحشود المنظمة، بينما استمر رصد محاولات فردية في الدعاية الانتخابية بطرق التفافية عبر مجسمات تحمل الرموز الانتخابية أو عبر حسابات التواصل الاجتماعي في خرق واضح للصمت الانتخابي.
تحسن تدريجي في استجابة مؤسسات الدولة للتعامل مع الانتهاكاتوقال الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن ما تم رصده خلال اليومين الماضيين يعكس «تحسنًا تدريجيًا في استجابة مؤسسات الدولة للتعامل مع الانتهاكات، وتطورًا ملحوظًا في قدرة المجتمع المدني والصحفيين على المتابعة وفضح أي تجاوزات»، مشيرًا إلى أن هذا التفاعل «يعبر عن إدراك متزايد لأهمية حماية العملية الانتخابية، رغم أن طموحات المجتمع ما زالت أكبر بكثير».
وأضاف ممدوح أن «استمرار بعض الأنماط من شراء الأصوات أو استغلال الفئات الأكثر احتياجًا يعكس تحديًا ثقافيًا ومجتمعيًا يتطلب جهودًا طويلة في التوعية، إلى جانب ضرورة فتح المجال العام وإعادة الحيوية إلى الحياة السياسية باعتبارها الطريق الأكثر فعالية لتراجع هذه الظواهر».
واختتم مجلس الشباب المصري تقريره بالتأكيد على استمراره في متابعة العملية الانتخابية حتى إغلاق الصناديق وبدء الفرز، مع الالتزام الكامل بالمعايير المهنية والحقوقية المعمول بها دوليًا، ودون الانحياز لأي طرف، حرصًا على دعم نزاهة العملية الانتخابية وترسيخ دور المجتمع المدني في المتابعة.