بدأت الأمور تتضح و تتجلى الحقيقة من خلال التصريحات المتبادلة بين الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الكيان الصهيوني النتن ياهو، فالأول قال بالحرف الواحد « أن عدد من الدول كانت على وشك الانضمام إلى مشروع إبرهام لمن لا يعرف هذا المشروع هو اختصار لما يسمى بالديانة الإبراهيمية .
نعود إلى كلام ترامب حيث قال، أن إيران وقفت حائلاً أمام ذلك، فأوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن العدوان الهمجي السافر على إيران لم يكن سببه كما يُشاع السلاح النووي، وإنما كان الهدف كسر شوكة هذه الدولة التي لا تزال تحتفظ بمبدأ الدعم والإسناد لقضية العرب والمسلمين الأولى قضية الشعب الفلسطيني، بعد أن حاول الأمريكان والصهاينة محوها حتى من ذاكرة بعض القادة العرب وانحراف البوصلة باتجاه العدو المزعوم إيران، كما هو حال إعلام الخليج وبعض الدول العربية كلها تتحدث عن إيران باعتبارها مصدر الخطر على العرب والمسلمين أكثر مما تتحدث عن العدو الصهيوني، بل إنها تجعل للعدو الصهيوني مكانه خاصة وتعتبره المنقذ، وهو ما يكشف عن حالة الانحطاط الذي وصلت إليه الأمة، ما جعل إيران هدفاً مباشراً للعرب والصهاينة والأمريكان، خاصة إذا ما علمنا أن التمويل الأساسي للضربات الغادرة نحو إيران كان مصدره السعودية والإمارات وقطر، فهم من يتحدثون عن العروبة والقضية العربية بالمساء ويرسلون الشيكات في النهار إلى من يهدم هذا المبدأ ويحوّله إلى مجرد شعار ترفي لا يُقدم ولا يؤخر، هذا حال ترامب .
أما النتن ياهو فالرجل لا يتوقف في حديثه عن التغيير وإقامة منطقة الشرق الأوسط الجديد، وكأنه أعاد إلى الواجهة ذلك المشروع الذي أسقطه خالد الذكر الشهيد العظيم حسن نصر الله «طيب الله ثراه» عام2006م بعد الهزيمة الماحقة التي ألحقها بدولة الكيان الصهيوني، وهُنا نُدرك مدى أهمية هذا الزعيم العظيم الذي اعتبره رئيس وزراء الكيان الصهيوني جبهة بذاته .
أي أن النتن ياهو وترامب يتحدثان عن نفس النهج والغايات التي تم وضعها في زمن مبكر، ولم يأت العدوان الأخير إلا ليُنفذ ما سبق الاتفاق عليه بعد أن استخدم الصهاينة أسلوب المكر والخداع عبر الغزو الاستخباراتي الذي نخر في لبنان وإيران وسوريا، حتى أسقط النظام الأخير وجاء بنظام عميل جاهز للتطبيع، بل وعلى استعداد لأن يتنازل عن نصف الدولة السورية مقابل بقائه في السلطة، وهو – للأسف – صاحب لحية طويلة وسبق أن سفك دماء المسلمين بدعوى النصر للإسلام، وهاهو يحول اللحية إلى ما يُشبه الزنانير ويترك سوريا الحبيبة نهباً لتطلعات الصهاينة والأمريكان، وهو في هذه الحالة على استعداد لأن يُقدم التنازلات تلو التنازلات، بل وكما قال ترامب، أن سوريا على مشارف الانضمام إلى مشروع إبراهام .
مما سبق يتضح جلياً لكل ذي بصيرة أن العدوان على غزة وإيران واليمن هدفهما واحد وواضح، وهو استكمال خارطة القيادات الهزيلة التي تُسبح بحمد أمريكا وتصبح على استعداد لأن تُقدم التنازلات تلو التنازلات بما يُحقق الرغبات الأمريكية والصهيونية الخبيثة .
يبدو أن العالم كله فهم هذه المغازي وبدأ يتحرك من منطلق الحفاظ على الذات لا من أجل العرب والمسلمين وهم الطرف الوحيد الذي لم يستوعب هذه المغازي هم الساسة الغاصبين للحكم في عدد من الدول العربية والإسلامية، لأنهم لا يزالون على غيّهم يسبّحون بحمد أمريكا ويعتبرونها المُنقد ويتداعون لاجتماعات لا تُقدم ولا تؤخر بدعوى السعي لإيقاف النار في غزة وإيجاد حلول سلمية .
تخيّلوا لو أن إيران لم تمتلك القدرة الكبيرة للردع وإيقاف دولة الكيان الصهيوني عند حدها، كيف كان سيكون حالنا نحن العرب والمسلمين؟! لاشك أن خارطة الدولة الصهيوني من الفرات إلى النيل كانت ستكتمل «لا سمح الله»، لولا وجود المقاومة الباسلة في فلسطين واليمن ولبنان والعراق وإيران .
لذلك نجد التوجه الآن صوب تصفيه المقاومة في لبنان وبداية مناوشة العراق من أجل القضاء على قوات الحشد الشعبي الباسلة التي أظهرت شجاعة غير عادية في البداية، إلى أن تدخلت أمريكا وحالت بينها وبين الإسهام في مساندة الشعب الفلسطيني، وهُنا نتساءل بمرارة، هل استوعب العرب والمسلمون الدرس؟! بالذات حُكام الخليج الذين يجب أن يشكروا إيران على ما قامت به، ويعتبرونها حاجز الصد الوحيد لنزوات الكيان الصهيوني، أما هم فلن يصمدوا أمام غطرسة هذا الكيان سوى ليلة أو نصف ليلة بالكثير، والحليم تكفيه الإشارة، والله من وراء القصد..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إيران وغزة وصهاينة العرب والاحتلال
لا يتجرأ العدو الصهيوني على القيام بعدوان إلا إذا أمره (صهاينة العرب والغرب) وضمنوا له عدم تركه وحيداً في ساحة المواجهة خاصة إذا كان الهدف والخصم قوياً يحسب له المجرمون ألف حساب مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ قطيع الإعلام الذين وصفهم مساعد نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني (ديفيد ورمز)، فقد وصف الإعلاميين العرب الذين استأجرهم لتلميع سياسة أمريكا-بأنهم كلهم أعداء وضد السامية ويشكلون معسكر الخصم، لكنه راهن على ثلاثة أصناف في الإسطبل
الأحصنة: يرددون دائما أن إيران وسوريا هما المشكلة؛
الحمير: من يصدقون ديمقراطية أمريكا؛ الخنازير: يقتاتون على الفضلات وينفون وجود أي مؤامرة.
أما اليوم فلم تعد هناك أحصنة ولم يتبق غير الخنازير الذين يدعمون الإجرام ويتهمون المقاومة ويقاتلون بألسنتهم وأقلامهم ومواقفهم؛ فبعد العدوان على إيران خرج بعض من هؤلاء ليقولوا إن الهدف التالي قطر وتركيا وخالفهم جنرالات الجيش فقالوا إن الهدف التالي مصر تحت مبرر أنها زودت المقاومة بالسلاح وهي فرية كاذبة لتضليل الرأي العام عن الدور الذي قام به الجيش المصري في مساندتها وتبرير احتلال معبر رفح؛ فقد قام بمنع دخول المساعدات الإنسانية وبنى جداراً لا يقل حصانة عن جدار غلاف غزة من الجانب الإسرائيلي وأجرى مياه المجاري في الانفاق.
العدوان على إيران لم يبدأ إلا بعد أن تم تأمين شبكات التخريب وإرسال الجواسيس والمُسيّرات من أجل زعزعة الاستقرار وتحقيق المفاجأة واستغلال انشغال النظام في التصدي للعدوان وفق نظرية الفوضى الخلّاقة التي يعتمد عليها التحالف الصهيوني الصليبي في إسقاط الأنظمة وتغييرها.
أمريكا وتحالفها هي من دقت طبول الحرب وهي من طلبت التهدئة بعد أن سقطت أوراق المؤامرة، فالجواسيس تم اعتقالهم والمُسيّرات أيضاً؛ والرد العملي أنهى كل خطوات التصعيد والاستمرار.
جيش الدعايات لم ينتظر طويلا، فهو يبرر ويتهم وله أدوار قبل المعارك وأثنائها وبعدها؛ ومن تلك الأقاويل أن المواجهة عبارة عن مسرحية؛ ومن ذلك ما صرح به أحد قادة جيش الاحتلال: إن الرد الإيراني كان أقل مما توقعه كيانهم والمتحالفون معه، بمعنى أنه غير مؤثر، وهذه كذبة مفضوحة فقد سقطت كل الدعايات الكاذبة وتسابق قطعان المستوطنين مع الجنود للهرب وعلا نحيب بعضهم لمّا شاهدوا بعضا من الدمار الذي ارتكبوا مثله في غزة ولا يزالون يرتكبونه حتى الآن.
لم يصمدوا سوى (12) يوما، رغم أنهم أخذوا الغدر والخديعة أساسا في كل جرائمهم؛ بدأوا بالغدر وتوقفوا، لأن أمريكا والغرب يعملون على تقييم القدرات العسكرية الإيرانية وكان الجواب -أنتم بدأتم الحرب ونحن من سينهيها.
أما غزة فقد استأسدوا عليها لأنها محاصرة ولا تملك السلاح، بل تعتمد على المقاومة، لذلك استمر ارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية والتهجير القسري لانعدام التكافؤ بين مقاومة وبين جيش يعد في المراتب المتقدمة بين جيوش دول العالم.
لم يستطيعوا تحقيق أي إنجاز يُذكر من خلال ارتكاب جرائم الإبادة باستخدام احدث الصواريخ والقنابل وكل أساليب الهدم وتفخيخ المنازل وقنص الأطفال والنساء الأبرياء؛ والآن يمنعون دخول المساعدات الإنسانية للقضاء على الأشقاء في غزة وإرغامهم على مغادرة أرضهم .
ينتظرون قدوم الجياع لاستلام المعونات ويقتلونهم ومن استطاع الحصول على بعض الدقيق، لاحقه القناصة وقتلوه؛ المجرم المطلوب للعدالة الدولية (نتن ياهو) عندما سُئل: لماذا لا تسمحون بدخول المساعدات؟ أجاب لأن حماس تستولي عليها؛ فردت عليه المذيعة: كيف تستولي حماس على المساعدات الإنسانية في المناطق التي تحت سيطرتكم ونفوذكم؟.
شنوا عدوانهم على غزة تحت مبرر (طوفان الأقصى)، صهاينة العرب قالوا: إن المقاومة استفزت الإجرام الصهيوني؛ وصهاينة الغرب قالوا: إن الإجرام دفاع عن النفس وكذّبهم تصريح مجرم الحرب المُقال (غالانت) أن طوفان الأقصى كان بمثابة الرد على تدنيس المسجد الأقصى من قبل مجرم الحرب (بن غفير) والمستوطنين وهو ما أذاعه الشهيد محمد الضيف حينما أعلن عن بداية طوفان الأقصى، لكن الإعلام الذي يسيطر عليه اللوبي الصهيوني نشر الإفك اليهودي لا غير.
ليست المرة الأولى التي يتحرك فيها الشعب الفلسطيني لنصرة الأقصى، فالانتفاضتان الأولى والثانية قامتا بسبب تدنيسه من قبل الهالك (شارون)، ولم تتوقفا إلا بعد ان عقدت محادثات السلام وتولت السلطة الأمر وقمعت الانتفاضة وأخمدتها بالتعاون مع صهاينة العرب والغرب؛ اما مبررات العدوان على إيران، فقد اتضح للعالم اجمع زيف تلك الدعاوى والأقاويل الكاذبة.
الجرائم البشعة حرَّكت الرأي العام العالمي ضد الإجرام الصهيوني وأعلن الرئيس الفرنسي ورئيسا الوزراء في كندا وبريطانيا استنكارهم لتلك الجرائم وانضمت إيطاليا وإسبانيا والبرازيل معهم، لكن لما بدأ العدوان على إيران تحولوا إلى دعم الإجرام الصهيوني ما عدا البرازيل وتشيلي وإسبانيا.
سقطت الصواريخ الإيرانية على الأراضي المحتلة وبدأوا يصرخون ويستغيثون “إيران تقتل النساء والأطفال والعجزة والمرضى”، لكنهم يعملون على إبادة كل ما في غزة ويعلنون ذلك بدون حياء ولا خجل تحت مبرر (لا يوجد أبرياء في غزة).
إفادات الكوادر الطبية التي نجت من الاستهداف، أكدت أن الجيش الصهيوني يتعمد قتل الأطفال والنساء بالقنابل والصواريخ وبالقنص المباشر .
قد يتساءل البعض لماذا يقتلون الأطفال؟ والجواب هو ما كشفه مراسل الإذاعة والتلفزيون النرويجي (ياماوولاسمل) عندما طرح سؤالا على أحد المستوطنين: لماذا تقتلون الأطفال الرضع؟ فأجاب :لانهم، سيكبرون ويصبحون إرهابيين ولا يقبلون السلام.
ويسجل جندي صهيوني شهادته لوسائل الإعلام قائلا: يجب القضاء عليهم وهم أطفال رُضع؛ لا فرق في ذلك إن كان في سن العاشرة أو أقل، ليس علينا الانتظار حتى يكبر ويحمل بندقية أو مسدساً ويطلق النار علينا.
قصفوا المستشفيات ودمروها وقتلوا الكوادر الطبية ويعملون على إبادة كل كائن حي في غزة تحت عناوين (لا يوجد أبرياء) وقصفوا المرافق الخدمية والمنشآت متحدّين القوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وحينما تضرر مستشفى قريب من الأماكن الهامة التي ضربتها الصواريخ الإيرانية صاحوا ان إيران تستهدف المستشفيات وتقتل الأطفال والنساء والعجزة .
العالم اليوم يعلم حقيقة الإجرام الصهيوني ولذلك لم ينخدع بتصريح مجرم الحرب (نتن ياهو) في استعارته مقولة الداعم له أمريكا ورئيسها السابق بوش (ان العالم يعيش صراع الحضارة مع الهمجية والبربرية)، وكما رد عليه عضو البرلمان الأوروبي-باري اندروز- “لقد اكتشف العالم المتحضّر أن الهمجية هي ما يفعله جيش اليهود؛ والمتحالفين معه من صهاينة العرب والغرب”.