الـ1701.. قصة قرار دولي يدور في حلقة مفرغة
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
في بيان أصدرته، الثلاثاء، في أعقاب تبلّغها من الجيش الإسرائيلي، في اليوم السابق، نيته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان، حثت "اليونيفيل": "الأطراف بقوة على إعادة الالتزام بقرارات مجلس الأمن، والقرار 1701، باعتباره الحلّ الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة".
وقبل ذلك بساعات، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، استعداد لبنان لتطبيق القرار 1701، وإرسال الجيش اللبناني إلى منطقة جنوب نهر الليطاني، معتبراً في الوقت ذاته أن المدخل إلى الحل هو "وقف العدوان" الإسرائيلي على لبنان.
وفي أواخر سبتمبر، طالب وزيرا الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ونظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، بضرورة تنفيذ القرار، واستخدما مضمونه للتنديد بالتدهور الأمني الحاصل.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حثّ من جانبه جميع الأطراف على العودة للالتزام بالتطبيق الكامل للقرار الدولي "لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع وضمان الاستقرار الدائم".
فما هو نصّ القرار 1701؟
وما الذي يمنع تطبيقه طالما أن الطرفين المعنيين به (لبنان وإسرائيل) يطالبان بتنفيذه ومعهما الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟ وهل يشكل فعلاً حلاً عملياً للتوتر الأمني المتصاعد بين لبنان وإسرائيل؟
مضمون القرار 1701.. وأهميته.في 11أغسطس 2006 تبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701، الذي وضع حداً لحرب دامت 34 يوماً بين إسرائيل ولبنان، عرفت بحرب تموز.
طالب القرار بوقف حزب الله هجماته على إسرائيل، ونشر عناصر الجيش اللبناني في الجنوب بالتزامن مع انسحاب إسرائيل من لبنان إلى ما وراء الخط الأزرق، الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وإخلاء المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب الليطاني من أي عتاد حربي ومسلحين، باستثناء الجيش اللبناني.
كما نص القرار، على تطبيق بنود اتفاق الطائف، والقرارين الدوليين 1559 لعام 2004، والقرار 1680 لعام 2006، بما في ذلك تجريد كل الجماعات المسلحة اللبنانية من سلاحها، وعدم تواجد قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة اللبنانية.
خروق وانتهاكاتالقرار تعرّض للكثير من الخروق، سواء من قبل إسرائيل، أو من حزب الله، الذي ربط انسحابه من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني بانسحاب إسرائيل من مناطق يقول إنها لبنانية.
ويستند الحزب في حجته إلى بند في القرار 1559، ينص على انسحاب جميع القوات الأجنبية المتبقية على الأراضي اللبنانية .
"الخلاف الحدودي بين لبنان وإسرائيل، يقوم على 13 نقطة أولا، وعلى مزارع شبعا، وأيضا على بلدة الغجر"، كما يوضح لموقع الحرة خلدون شريف، المستشار السابق لرئيس الحكومة اللبنانية.
غير أن إسرائيل تقول إن مزارع شبعا ليست لبنانية وتقع ضمن الجولان، بحسب خرائط الأمم المتحدة، "وليست حجة حزب الله في الخلافات الحدودية سوى أوامر من إيران لعدم تنفيذ القرار 1701"، بحسب تعبير الوزير الإسرائيلي السابق أيوب قرّه.
وأوضح قرّة لموقع الحرة أن إسرائيل التزمت بالقرار فور صدوره وانسحبت الى الخط الأزرق "الذي رسمته الأمم المتحدة مع مهندسين. أنا كنت حينها في الحكومة، وجاؤوا وقاسوا الحدود بدقة (..)".
ويتابع قرّة:" لو كانت هناك مشكلة لكانت الحكومة اللبنانية تقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة، لكن ذلك لم يحصل، الوحيد الذي يقول هناك مشكلة هو حزب الله".
وشجّع القرار الدولي رقم 168، الصادر في 17 مايو عام 2006، سوريا، على الاستجابة لطلب الحكومة اللبنانية بترسيم حدودهما المشتركة خاصة في المناطق حيث تعدّ الحدود محلّ نزاع.
ولم يشر القرار بالاسم إلى مزارع شبعا. وطالب أيضا بأن يتخذ لبنان إجراءات ضد عمليات تهريب السلاح، وحلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، واستعادة الحكومة سيطرتها على كامل الأراضي.
وفي مقابل بقاء حزب الله في منطقة جنوب الليطاني، بما يتعارض مع الـ1701، أقدمت إسرائيل من جانبها على خرق القرار، آلاف المرات، لتعقب ما تعتبره تهديداً لحدودها الشمالية.
ويقول شريف: "الجانب الإسرائيلي يريد تطبيق الـ1701، لكنه من المعروف أنه منذ إصدار القرار عام 2006 إلى الآن تم خرقه من الإسرائيليين أكثر من 30,000 خرق، وفي لبنان واضح أيضاً أن هناك تواجداً لحزب الله وسلاحه في المنطقة التي تقع في جنوب الليطاني ".
وعاد الحديث بقوة عن القرار1701 منذ بدء التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر الماضي، لكن إمكانية تطبيقه تبقى محل شك في ظل التصعيد الأمني، كما يقول شريف.
ويتابع: "كان يجب أن يكون حلا قبل التصعيد الإسرائيلي على لبنان الذي حصل في الأيام العشرة الأخيرة. لأن العرض الذي تقدم به لبنان، والذي قد تقدمت به الولايات المتحدة وفرنسا، وتبنته مجموعة السبع مع الإمارات والسعودية وقطر، كان يطلب وقف إطلاق النار لمدة 3 أسابيع، يتم خلالها البدء بإرسال الجيش إلى الجنوب. الآن نحن في وضع حرب، لا أدري إذا كان هناك أحد يمتلك القدرة اليوم على تطبيق الـ1701".
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قال إن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية يشكل "مدخلاّ للحل"، بينما يرى خلدون الشريف أن الحل يحتاج أيضا ظروفاً مساعدة ويوضح: "نحتاج أولا إلى وقف إطلاق النار، وثانيا إلى إنتخاب رئيس جمهورية، وثالثا حكومة فاعلة وحقيقية وجدية ومتوازنة تبدأ الحوار من أجل تطبيق القرار 1701".
ويبدو أن العرض اللبناني بالالتزام بالقرار الدولي سيلقى آذاناً صاغية في إسرائيل في حال فرضت الحكومة اللبنانية سيطرتها جنوب الليطاني، وفق قرّه، معتبرا أن "الحل سيكون متاحا"، باعتبار أن إسرائيل ليست ضد الشعب اللبناني حتى مع عدم وجود اتفاقية سلام بين البلدين.
ولسنوات ازدادت هيمنة حزب الله على الساحة السياسية في لبنان، معززاً بترسانة الأسلحة التي يملكها التي منحته اليد الطولى في القرارات المتعلقة بإسرائيل، ومكنتته هذه الهيمنة من الحفاظ على سلاحه في المنطقة بين الليطاني والحدود الإسرائيلة. أما اليوم فيتوقع أن تتغير المعادلة بعد الخسائر المؤلمة التي أصابته من الضربات الإسرائيلية .
وترى حنين غدار، من معهد واشنطن أنه "إذا مضت اسرائيل فعلياً في تدمير البنى العسكرية لحزب الله ، فلن يكون هناك شيء بعد ذلك اسمه حزب الله في السياسة، أي أنه سيضعف كثيرا وستحل العراقيل المرتبطة بالقرار 1701".
وإذا ما تحقق هذا السيناريو، توقعت غدّار تغيّر المعادلة في لبنان وكيفية اتخاذ القرار السياسي: "يعني إذا لم يعد حزب الله يملك ترسانة قوية فكيف سيكون لديه سياسة قوية بالدولة"؟
وفيما لا يزال مصير القرار 1701 في مهب الريح، تحدثت تقارير إخبارية غير مؤكدة مؤخرا أن إسرائيل تسعى لإقامة منطقة عازلة ضمن الأراضي اللبنانية عند حدودها الشمالية لتأمين الحدود، ولكن التزاماً لبنانياً بالقرار قد يبعد هذا الاحتمال بحسب الوزير الإسرائيلي السابق أيوب قرّة.
ومنذ صدوره عام 2006 وفر القرار 1701 استقرارا نسبياً وصف بالهش على مدى عقد ونيّف على الحدود بين لبنان وإسرائيل، فهل عودة الأطراف للالتزام به تشكل حلاً عملياً للتصعيد الأمني الحاصل بين البلدين؟
تجيب غدار "إذا كان بالامكان ربط القرار 1701 بالقرار رقم 1559، والتأكد أن لا سلاح على الإطلاق غير سلاح الجيش اللبناني، وأن لا سلاح آخر بيد ميليشيا حزب الله أو غيرها، وإذا تم ترسيم الحدود ليس فقط مع إسرائيل وإنما مع سوريا أيضاً لمنع تهريب السلاح الى لبنان، عندها سيحلّ القرار 1701، المشكلة بشكل جدي، أما من دون هذه الشروط فلن يكون الحل سوى حل مرحلي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: بین لبنان وإسرائیل الحکومة اللبنانیة الجیش اللبنانی جنوب اللیطانی الأمم المتحدة أن إسرائیل القرار 1701 حزب الله
إقرأ أيضاً:
أخطاء ارتكبتها إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبيّة
أرسلت إسرائيل ليل الخميس الماضي، عبر قصف الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت، رسالة إلى "حزب الله" مفادها أنّه ممنوع عليه إعادة التسلّح واسترجاع قوّته، كذلك، مارست ضغطاً جديداً بالنار على الدولة اللبنانيّة للإسراع بنزع سلاح "المُقاومة".وتعتقد إسرائيل أنّ الغارات العنيفة غير المسبوقة على الضاحيّة الجنوبيّة منذ 27 تشرين الثاني الماضي، قد تُساهم في تسليم "حزب الله" لسلاحه، لكنّها عبر تعريض إتّفاق وقف إطلاق النار للخطر، عبر خروقاتها المتكرّرة وغير المبرّرة، تُهدّد بإشعال الحرب من جديد، وبتمسّك "حزب الله" أكثر بسلاحه للدفاع عن لبنان، إنّ أقدمت تل أبيب على أيّ عملٍ عسكريّ.
كما أنّ العدوّ الإسرائيليّ ارتكب خطأً بعدم السماح للجيش بدخول الأبنيّة التي أشار إليها في الضاحية الجنوبيّة، وقلّل من أهميّة وفعاليّة لجنة مُراقبة وقف إطلاق النار في منع الإعتداءات على لبنان.
ويقول محللون عسكريّون في هذا السياق، إنّه لو صحّ بالفعل أنّ الأبنيّة المُستهدفة كانت تحتوي على مسيّرات، بحسب ما ادّعت إسرائيل، فإنّ رفض الأخيرة دخول عناصر الجيش إلى داخل الوحدات التي تمّ إستهدافها، الهدف منه أوّلاً تدمير هذه الأسلحة والتخلّص منها نهائياً، وثانيّاً، منع أيّ جهة في لبنان أكان "حزب الله" أمّ المؤسسة العسكريّة بالحصول عليها، كيّ لا تُهدّد في المستقبل أمن تل أبيب، وهذا الأمر حدث ولا يزال في سوريا، عبر قصف مستودعات ومعدات وآليات وطائرات، كانت بحوزة نظام بشار الأسد.
وأيضاً، من شأن أيّ إستهداف أو خرقٍ لاتّفاقيّة وقف إطلاق النار، أنّ يزيد "حزب الله" تمسكا بموضوع سلاحه وبمبدأ "المقاومة"، ويُفشل عهد رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون عبر عدم تحقيق وعده بحصر السلاح بيدّ الدولة. ويُوضح المحللون العسكريّون أنّ رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة يأملان في نجاح الجهود الديبلوماسيّة في فرض انسحاب العدوّ من الأراضي المحتلّة في الجنوب، إضافة إلى وقف أيّ شكلٍ من الإعتداءات على السيادة اللبنانيّة، وترسيم الحدود البريّة، كيّ يقتنع أخيراً "الحزب" بأنّ الهدف من تمسّكه بسلاحه سيكون غير مبرّر وفي غير محلّه. ويُتابعون أنّ أعمال إسرائيل العدوانيّة تُعرقل مساعي لبنان الرسميّ في حصر السلاح، مقابل تشدّد "حزب الله" أكثر في عدم التخلّي عن قوّته، في ظلّ إستمرار الحكومة الإسرائيليّة في خرق التفاهمات المُعلن عنها في 27 تشرين الثاني 2024.
ويلفت المحللون إلى أنّ إسرائيل لا تُريد أنّ تكون القوّات المسلّحة في لبنان قويّة، بينما "حزب الله" لم يحصل حتّى الآن على ضمانات للتخلّي عن سلاحه. ويُضيفون أنّ "الحزب" احترم بنود إتّفاق وقف إطلاق النار، وتسلّم الجيش وفق ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام أغلبيّة المواقع العسكريّة في جنوب لبنان، وبات يُسيطر على الوضع الأمنيّ هناك، وخصوصاً بعد التضييق على حركة "حماس" ومنعها من إستخدام الأراضي اللبنانيّة لشنّ الهجمات على المستوطنات الإسرائيليّة دعماً لغزة. غير أنّ تل أبيب لا تزال تضرب المساعي الرسميّة في لبنان الهادفة إلى بسط الدولة لسيادتها، الأمر الذي يزيد مناصري وعناصر "حزب الله" إيماناً بعقيدتهم القائمة على "المقاومة".
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة الجيش الإسرائيلي يهدد بقصف عدد من المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي يهدد بقصف عدد من المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت