«التنمية الأسرية» تفتتح أندية بركة الدار الاجتماعية في مدينتي العين والسلع
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةتحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، «أم الإمارات»، افتتحت مؤسسة التنمية الأسرية نادي بركة الدار الاجتماعية في مدينتي العين والسلع، لتعزيز استقرار كبار المواطنين، وتحسين جودة حياتهم.
تهدف هذه الخطوة إلى جعل كبار المواطنين والمقيمين أكثر نشاطاً وفاعلية في المجتمع، وتقوية أواصر الترابط بينهم وبين أسرهم والمجتمع من حولهم، على النحو الذي يوفر الرعاية والحياة الكريمة لهم، ضمن مساعي مؤسسة التنمية الأسرية الدؤوبة لتعزيز جودة حياتهم والارتقاء بهم، وبما يحقق لهم الرفاهية والسعادة وضمان مشاركتهم الفاعلة والمستمرة ضمن النسيج المجتمعي.
حضر الافتتاح معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، أبوظبي، ومريم محمد الرميثي، مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، وعدد من مديري العموم من الجهات الحكومية في أبوظبي، وكبار المسؤولين، والشركاء الاستراتيجيين، وممثلي الجهات الحكومية والشريكة، وموظفي مؤسسة التنمية الأسرية، وكبار المواطنين.
تمكين كبار المواطنين
من جهته، ثمّن معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، أبوظبي، جهود مؤسسة التنمية الأسرية، في إنشاء أندية اجتماعية مخصصة لرعاية كبار المواطنين؛ بهدف تقديم الخدمات الاستباقية والمبادرات المجتمعية التي تسهم في دمجهم في الحياة الاجتماعية، وجعلهم أكثر تفاعلاً مع أجيال المستقبل، حيث تُعد هذه الأندية منصة متكاملة للرعاية الاجتماعية، وتسهم في تمكين كبار المواطنين من المشاركة بشكل أكثر تفاعلاً وحيوية مع محيطهم الأسري والمجتمعي.
وأوضح معالي مغير الخييلي أن أندية «بركة الدار» تأتي ضمن المبادرات التي تندرج ضمن محور كبار السن في إطار استراتيجية جودة حياة الأسرة في إمارة أبوظبي، والتي تتماشى مع التوجهات الوطنية الرامية إلى تحقيق رفاه المجتمع وتماسك الأسرة، باعتبارها ركناً أساسياً في مسيرة التنمية المستدامة.
وأضاف معاليه أن افتتاح نادي «بركة الدار» الاجتماعي في مدينتي العين والسلع، وهو إنجاز جديد يعكس الالتزام بتعزيز جودة حياة كبار المواطنين في المجتمع، وهو ما يأتي تماشياً مع رؤية قيادتنا الرشيدة، التي تولي اهتماماً كبيراً لهذه الفئة المهمة في المجتمع، والتي تسعى دائماً إلى توفير كل سبل الرعاية والدعم لضمان رفاههم وكرامتهم، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، ورؤيتهم وتحفيزهم على أهمية تقديم خدمات متكاملة تساهم في استقرار وسعادة كبار المواطنين، ما يعزز دورهم في المجتمع، ويمكّنهم من الاستمرار في العطاء.
وأكد معاليه أن هذا المشروع سيحقق أثراً إيجابياً مستداماً، ليس فقط على كبار المواطنين، ولكن على المجتمع بأسره، حيث نواصل العمل نحو تقديم أعلى مستويات الرعاية والخدمات التي تحترم وتقدّر قيمة جيل الآباء والأجداد، الذين كانوا ولا يزالون أساس بناء هذا الوطن.
دعم القيادة
قالت مريم محمد الرميثي، مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، خلال كلمتها بهذه المناسبة: «إن نادي بركة الدار الاجتماعي الذي تتشرف المؤسسة بافتتاحه في مدينتي العين والسلع، يعمل على تقديم الرعاية الاجتماعية والعناية الكاملة لكبار المواطنين والمقيمين، الذين يحظون بدعم القيادة الرشيدة التي لا تدخر جهداً في سبيل توفير أوجه الرعاية والدعم كافة لهذه الفئة المهمة في المجتمع».
وأشارت إلى أن هذا الافتتاح يأتي تحت الرعاية الكريمة لـ«أم الإمارات»، وتحقيقاً لرؤية سموها الرامية إلى تقديم الخدمات التي من شأنها تعزيز جودة حياة كبار المواطنين ودعم استقرارهم في المجتمع، مشيرة إلى أن التوجيهات المستمرة لسموها تعزّز جهود مؤسسة التنمية الأسرية وتدعم استراتيجيتها في خدمة الأسرة وبشكلٍ خاص كبار المواطنين، حتى احتلت هذه الفئة المهمة أولوية قصوى وعناية فائقة من قِبل المؤسسة، وأصبحت على قائمة أولوياتها، باعتبارها الجهة المعنية برعايتهم، وتوفير خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية والرياضية والتثقيفية والترفيهية، إضافة للتأهيل الرقمي.
وأوضحت أن مكتسبات كبار المواطنين تتوالى في دولة الإمارات ويتعاظم دورهم في الحياة، بما يؤكد البعد الإنساني والحضاري للمجتمع الإماراتي، الذي نشأ وتربى على احترام جيل الآباء والأجداد وتقدير تضحياتهم ومساهماتهم في مسيرة بناء الوطن، مبينة أن مؤسسة التنمية الأسرية تواصل جهودها الدؤوبة نحو تقديم الدعم والرعاية والعمل على رفاهية كبار المواطنين والمقيمين.
وأضافت أن افتتاح نادي بركة الدار الاجتماعي في العين والسلع، وتنظيم الملتقى الاجتماعي السابع لكبار المواطنين والمقيمين 2024 تحت شعار «الارتقاء بجودة حياة كبار المواطنين» في جميع المراكز التابعة للمؤسسة، يأتي تحت إشراف كوادر مؤهلة ومدربة في مختلف المجالات والتخصّصات.
رعاية كاملة
أشادت مريم الرميثي بجهود الدولة تجاه كبار المواطنين والمقيمين، وما تقدمه لهم من رعايةٍ كاملةٍ وتقديرٍ كبير، عرفاناً بالدور الذي قاموا به في خدمة وطنهم، مؤكدة أن تجاربهم السابقة ملهمة وتنير دروب الحياة في مختلف المجالات والصُّعد، معربة عن تفاؤلها بالتقرير العالمي للسعادة لعام 2024، الذي يُصنِّف سنوياً الدول والأجيال الأسعد في العالم؛ والذي كشف عن أن كبار المواطنين هم الفئة الأكثر سعادة في دولة الإمارات، التي جاءت بالمرتبة الـ 22 عالمياً، وفقاً للتقرير، فهم الشباب الذين لا ينضب عطاؤهم، ولا يمكن تحقيق التماسك الأسري والتلاحم المجتمعي إلا بضمان الحياة الكريمة لهم، فاهتمام مؤسسة التنمية الأسرية بكبار المواطنين يأتي في إطار خططها الطموحة المستمدة من رؤية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات».
ريادة اجتماعية
توجهت مريم الرميثي بجزيل الشكر والامتنان إلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، التي بتوجيهات سموها تسير مؤسسة التنمية الأسرية على درب النجاح، محققة الإنجازات تلو الأخرى التي تدعم جهود الدولة، وتعزّز الريادة الاجتماعية لمؤسسة التنمية الأسرية، الرامية إلى تحقيق الاستقرار الأسري والتماسك المجتمعي في ظل قيادتنا الرشيدة.
وأشادت بجهود معالي الدكتور مغير خميس الخييلي المتواصلة، وتوجيهاته التي ستظل تؤسس لبناء الصروح الداعمة لفئة كبار المواطنين والمقيمين لتعزيز استقرارهم ورفاهيتهم في المجتمع.
كما توجهت بالشكر لأصحاب السعادة على حضورهم، مثمنة جهود موظفي مؤسسة التنمية الأسرية، وخصت بالذكر القائمين على خدمات كبار المواطنين وأندية بركة الدار الاجتماعية في المناطق كافة، مشيدة بتفانيهم في تنفيذ الخطط والبرامج والمشروعات الهادفة، ما يؤهلهم لتحقيق الرفاه والاستقرار النفسي والاجتماعي لهذه الفئة الغالية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: بركة الدار الإمارات أبوظبي مؤسسة التنمية الأسرية العين مدينة السلع مغير الخييلي مريم الرميثي كبار المواطنين سمو الشیخة فاطمة بنت مبارک کبار المواطنین والمقیمین مؤسسة التنمیة الأسریة أم الإمارات فی المجتمع جودة حیاة
إقرأ أيضاً:
إيهاب الملاح: دار المعارف تمثل جامعة دول عربية ثقافية
*قطعتُ رحلة طويلة مع الدار عمرها خمس وثلاثون سنة تقريباً
*أعيدُ نشر كتب عمالقة الأدب والنقد والفكر والتاريخ والفلسفة
*دار المعارف استكتبت أكبر العقول المصرية والعربية
*الدار مارست مفهومها للوحدة الثقافية عملياً دون تنظير
*نحتاج الكلاسيكيات وكذلك نحتاج الإصدارات المعاصرة
أعاد الناقد المصري إيهاب الملاح دار "المعارف" إلى الاضواء بعد أن تولى مسؤولية النشر بها منذ عام تقريباً. كانت الدار العريقة قد فقدت القدرة على المنافسة في سوق النشر وذهبت إلى النسيان تماماً.
سار إيهاب على خطى أستاذه الناقد الراحل الدكتور جابر عصفور في طبع الأعمال المهمة، فنشر 140 عنواناً جديداً، وقلَّب في كنوز الدار، وأعاد طباعة 140 عنواناً أخرى تمتلك الدار حقوقها لأساطين الثقافة المصرية والعربية، فانتعشت وبدأت في استقطاب أهم المبدعين والمثقفين من كافة اللاد العربية، وبدا أن إيهاب قد أيقظها من سبات عميق، رغم مشاكل الطباعة والتوزيع وغلاء أسعار الورق والأحبار وحقوق المؤلفين، أي أن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود أمامه.
على المستوى الشخصي يُعدُّ إيهاب الملاح واحداً من أهم النقاد المصريين، صدر له 20 كتاباً في الدراسات الأدبية، والنقد الأدبي، والسيرة الثقافية والفكرية، وتاريخ المؤسسات الثقافية، والتراث الشعبي؛ منها "الشيخ حسن العطارـ المجددون"، "طه حسين ـ تجديد ذكرى عميد الأدب العربي"، "كليلة ودمنةـ درة قصص الحيوان في التراث الإنساني"، و"سرديات البحر في التراث العربي". هنا حوار معه حول مشروعه في إحياء دار المعارف.
حكايتك مع دار المعارف بدأت قبل عشر سنوات بكتابك "دار المعارف.. 125 عاماً من الثقافة"، هل حلمت يوماً بأن تكون المسؤول عن إعادة إحياء كنوز تلك الدار العريقة؟
أبداً. كل ما في الأمر أنني اتصلت بدار المعارف؛ وكتبها وإصداراتها منذ سن مبكرة للغاية، وشاءت الظروف أن يتصل عملي ومستقبلي المهني بهذه المؤسسة، بعد أن عملت صحفياً سنة 2005 بمجلة “أكتوبر”، الدورية الأسبوعية العريقة التي تصدر عنها منذ العام 1976.
ارتباطي بدار المعارف قديم وتاريخي، ومع كل سنة من عمري كانت هذه الصلة تزداد متانة وقوة، رحلة طويلة عمرها الآن يربو على خمس وثلاثين سنة تقريباً، من مصاحبة كتب وإصدارات دار المعارف. نعم، حلمت يوماً بأن أكتب عنها، وأن أكشف الصفحات المجهولة من تاريخها وآثار مؤلفيها العظام، ولم أكن أعلم أن اسمي سيرتبط في يوم من الأيام بها، وأن تُرتِّب الأقدار بيني وبينها رباطاً وثيقاً.
وتمر الأعوام، والفكرة تكبر وتنتقل رويداً رويداً من عالم الظلال والأحلام إلى مقالات وموضوعات، فصول وأبواب تتراكم على مدار أعوام، وأجدني وقد وقعت أسيراً بكامل إرادتي في معايشة أحداث ووقائع وتفاصيل قرن وثلث تقريباً من الزمان (135 عاماً)، أجمع المادة وأنقب في بطون الكتب القديمة والدوريات الثقافية، وأتصل بأشخاص ارتبطت أسماؤهم بدار المعارف بصورة أو أخرى، أرجع إلى عشرات بل مئات الكتب من إصداراتها، أقرأ كتباً كاملة لأخرج بسطر واحد أو معلومة شاردة، أعيد البحث مرات ومرات حتى أستوثق من تاريخ ميلاد أو وفاة، أتحرى قدر الجهد والطاقة أسماء العناوين والمؤلفين وتواريخ الصدور.. حتى خرج كتابي «دار المعارف.. 135 عاماً من الثقافة» إلى النور في طبعات عدة.
لماذا وصفت ما تفعله بأنه "ترسيم حدود الإرث الهائل من الكتب والإصدارات والمعرفة لهذا الصرح الكبير"؟
منذ أن التحقت بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة، واكتشفت أن كل كتاب قيم ومرجعي وفريد في بابه نعود إليه، ونقرأه باهتمام وتركيز لا بد أن يكون صادرًا عن دار المعارف، فكتب أستاذنا الأكبر وعميد الآداب العربية طه حسين كلها عن دار المعارف، وكتب عمالقة الأدب والنقد والفكر والتاريخ والفلسفة كالعقاد، وهيكل، وحسين فوزي، وشوقي ضيف، وعائشة عبد الرحمن، ونعمات أحمد فؤاد، وعبد الحليم محمود، وغيرهم كلها صادر عنها.
وعندما نجحت في الوصول إلى قائمة إصداراتها للعام 1993، ذهلت من الكم المهول من الكتب والمطبوعات التي أعجز، لضخامتها وسعتها، عن الإحاطة بها وقراءتها جميعاً، فضلاً عن اقتنائها كلها، لكنني قررت أن أضع خطة سنوية أساسها التحضر والاستعداد خلال فترة معرض الكتاب الذي يقام في يناير من كل عام، ويكون جناح دار المعارف هو الجناح الأول الذي أزوره وأقتني منه ما أقدر على شرائه في حدود ميزانيتي المالية.
ولم يخطر ببالي بعد سنوات طويلة أنني سأعمل صحفياً بدار المعارف، وأن احتفالاً كبيراً تعد له المؤسسة للاحتفال بمرور مائة وخمسة وعشرين عاماً من عمرها الزاهر (2016) سأصبح من اللجنة العليا المنظمة له، إذ دعيت من بعض مسؤوليها آنذاك، وقد وصلهم أنني أعكف على تأليف كتاب عن الدار وتاريخها، للانضمام إليها، كما دعوني أيضاً للمساهمة في هذه المناسبة بكتابي ليكون هو "الكتاب التذكاري" الذي يتواكب صدوره مع الاحتفال. كانت هذه هي اللحظة التي بدأت فيها عملياً ترسيم حدود هذه المؤسسة والسعي لتوثيق ما أنتجته وقدمته للثقافة العربية طوال 135 عاماً.
لماذا اهتمت دار المعارف في عصرها الذهبي بالقارئ العربي.. ولم تنكفئ على مصر فقط؟ ولماذا تنتهج أنت أيضاً ذلك النهج الآن؟
منذ تأسيسها عام 1890 وحتى تأميمها في 1963، كانت دار المعارف أكبر وأفخم وأرقى دور النشر المصرية والعربية دون منازع، وقد تهيأ لها من أسباب التفوق والارتقاء والتميز ما لم يتوفر لغيرها! إدارة واعية ومسؤولة وعبقرية تنفق بسخاء ووعي على إنتاج منشوراتها ومطبوعاتها، وتوفر المناخ الملائم والسعة والكفاية لكل فرد فيها لكي يقدم أفضل ما عنده..
على مدى ثلاثة أرباع القرن تقريباً، توفر لدار المعارف أفضل الكفاءات الفنية والإدارية والتحريرية، وأكبر وأحدث المطابع، وكانت تستجلب الخبراء من جميع أنحاء العلماء للارتقاء بالطباعة وتطويرها وإدخال التحسينات عليها أولاً بأول.. هذا باختصار شديد فيما يتصل بالجانب التقني.
أما الجانب العقلي والفكري والثقافي وصناعة المحتوى، فقد عملت على استقدام واستكتاب أكبر العقول المصرية و"العربية" ومنحهم التقدير المعنوي والمادي الفائق، ما جعلهم يؤثرون دار المعارف على أنفسهم! وجعل دار المعارف بالنسبة لهم أكبر من دار نشر تطبع أعمالهم، وتنشر خلاصة إبداعهم وتوزِّعها في مصر وخارجها، بل صارت أيضاً مصدراً للوفرة والرخاء والرفاهية لهؤلاء الكتاب والمؤلفين والمترجمين والمحققين على السواء، وليس أدل من شهادة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي استأثرت دار المعارف به وبإنتاجه الكامل وأعماله الأصيلة منذ عام 1930 وحتى وقتنا هذا!
لقد كانت دار المعارف تمارس مفهومها للوحدة الثقافية عملياً ودون أي تنظير أو طنطنة فارغة. كانت تمثل جامعة دول عربية ثقافية حقيقية؛ صاحبها نجيب متري ومن بعد ابنه شفيق اللبناني، ورئيس تحرير مطبوعاتها ومحررها الأول السوري عادل الغضبان، وهيئة تحريرها تتكون من أدباء وكتاب مصريين وشوام وعراقيين وكل من يتحدث لغة الضاد ويتعاطى مع الثقافة العربية، أياً كانت جنسيته وبغض النظر عن انتمائه الديني أو الطائفي أو المذهبي.
قبل إعادة نشر الأعمال هل اتخذت قراراً فورياً بإيقاف نشر الأعمال الرديئة التي ظهرت في السنوات الأخيرة في بعض السلاسل مثل "اقرأ"؟
ببساطة، ودون الخوض في الكثير من التفاصيل، لا يمكن أن يُنشَر كتاب في دار المعارف من دون أن تتوفر فيه المعايير التي تجعله يصدر عنها، ويستحق أن يوضع عليه شعارها. القيمة، ثم القيمة ثم القيمة، وبعد ذلك تأتي بقية المعايير التي تتصل بتلبية احتياجات القارئ المعاصر، وسياسات الدار وأولوياتها ووفق إمكاناتها الحالية.
قدمت الدار ما يزيد على ٢٥ ألف عنوان فى الأدب والفكر والترجمة وأدب الأطفال خلال ٥٠ عاماً، ماذا ستفعل لإعادة أهم هذه الأعمال إلى النور؟
أجتهد في وضع خطة نشر سنوية (أو نصف سنوية) تقدم مجموعة منتقاة من تراث دار المعارف الذي تشتد إليه الحاجة وتعظم، ويكون كل عنوان يعاد طباعته ونشره بمثابة اكتشاف معرفي جديد أو قيمة مضافة في هذه الدائرة أو تلك.. على سبيل المثال؛ لا أحد يختلف على ضرورة توفير طبعات جديدة من العمل الخالد "كليلة ودمنة" بتحقيق عبد الوهاب عزام وتقديم طه حسين، أو الترجمة العربية الكاملة لـ"الكوميديا الإلهية" لدانتي، أو العناوين الممتازة من عيون التراث العربي في سلسلة الذخائر، أو أعمال شكسبير الكاملة.. إلخ.
ما الأولوية بالنسبة لك في النشر؟ الأعمال الخاصة بالأسماء الضخمة مثل طه حسين أم الأعمال المهمة بغض النظر عن كتَّابها؟
المساران معاً، أنا مؤمن بضرورة العمل بشكل متوازٍ وليس على التوالي! نحن نحتاج الكلاسيكيات وروائع الكتب والأعمال مما صدر قبل نصف القرن أو يزيد، ونحتاج أيضاً الإصدارات الجديدة والمعاصرة التي تلبي الاحتياج المعرفي الراهن، وعلى كل المستويات. طبعا قدر الجهد والطاقة والممكن!
منذ عام ١٩٦٣ حتى نهاية القرن العشرين، بدأ دور الدار يتراجع.. لماذا؟
لأسباب يطول فيها الكلام. وتحولات تداخل فيها السياسي بالاقتصادي.. إلخ، لكن دعنا نقول: لقد وضعنا نصب أعيننا -منذ اللحظة الأولى- ضرورة التأسيس لنهضة جديدة، وعهد جديد، في مسيرة دار المعارف وتاريخها العامر المديد، مرحلة تأخذ بسبل التخطيط والإعداد الدقيق، قبل التنفيذ، نحدِّد الأهداف والغايات والآليات وفق المعطيات المتاحة، وفي ضوء دراسة دقيقة لواقع الحال، وتقييم علمي شامل لنشاط المؤسسة، ما كانت عليه، وما نطمح أن تصير إليه، مع وضع مدى زمنى للتنفيذ والانتقال من مرحلة إلى مرحلة.. وهكذا.
وفي ضوء هذه الرؤية الكلية الشاملة، بدأنا في إعادة ترتيب الأوراق داخل المؤسسة، وإسناد المهام والمسؤوليات ورؤوس القطاعات والإدارات للكفاءات وأصحاب القدرات العالية، بإجماع أهل الخبرة والتخصص، ودون النظر إلى أي معيار آخر، ثم تعظيم الاستفادة من الكفاءات البشرية داخل المؤسسة، ومنحها الصلاحيات الكاملة لتنفيذ المهام الموكلة إليها، مع توفير كامل الدعم اللوجيستي، وفي المدى الذي نستطيع تحقيقه وإنجازه.
هل ترى أن ذلك المشروع يمكن أن يكون امتداداً لجهود التنوير التي قادها بعض المثقفين الكبار مثل الدكتور جابر عصفور؟
أتمنى أن يكون كذلك؛ أنا أشرف بأنني تلميذ جابر عصفور؛ درس لي في الكلية، وربطتني علاقة صداقة قوية به رحمه الله؛ ومنه تعلمت الكثير جداً؛ معرفياً وأكاديمياً ومنهجياً وعملياً، هو أستاذي وصديقي وأحد أصحاب التجارب الملهمة في العمل الثقافي العام؛ ويشهد القاصي والداني بقيمة ما قدمه جابر عصفور للثقافة المصرية والعربية.. إنجاز مهيب وفخيم وباقٍ.
أخيراً.. هل هناك رسالة تود توجيهها إلى أحد؟
نعم لديَّ كلمة أود توجيهها إلى أصدقائي وأعزائي الناشرين. منذ بدأنا الإعلان عن إصداراتنا ومشروعاتنا الجديدة الصادرة عن مؤسسة دار المعارف العريقة، ورسائل المحبة والدعم والتقدير والتشجيع لا تتوقف منهم..
عشت عمري كله أشعر بأنني حُرمت من التقدير والمكافأة منذ كنت صغيرًا إلى سنواتٍ قليلة مضت. لكن ما عشته الأيام السابقة من إحساس بالفرحة والنجاح والإنجاز وإحساس "أننا قد فعلناها فعلاً.. بجد وحق وحقيقي" لم أذق حلاوته في حياتي قط.
لقد صار اسم دار المعارف يتردد مجدداً وكثيراً، عشرات بل مئات المرات في كل مكان، لكن مصحوباً ودائماً بالفرح واستعادة المكانة والنظرة إلى تاريخ عريق وحاضر يجتهد في الإفصاح عن نفسه، ومستقبل بدت ملامحه تتشكل بعد أن كان الناس جميعا يتحدثون عن ماضٍ انتهى ولن يعود أبدًا!