عزاء ومواساة إلى الشعب اللبناني وكل أحرار المقاومة
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
إلى الشعب اللبناني الأبي وإلى أحرار حزب الله وكافة أحرار المقاومة في كل مكان:
بقلوب ملؤها الحزن والأسى، نتقدم بأحر التعازي والمواساة في رحيل القائد العظيم، الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي نال وسام الشهادة بعد عقود من النضال الجاد حيث كان هذا القائد الفذ رمزاً للمقاومة وعلماً من أعلام التحرر.
لقد كتب السيد حسن نصر الله، بدمائه الطاهرة أروع صفحات التاريخ، حيث واجه قوى الاستكبار والظلم بشجاعة نادرة.
إن رحيل القائد السيد حسن نصر الله يمثل خسارة فادحة للأمة الإسلامية وللكفاح من أجل التحرر والعدالة، لقد كان صوت الحق، الذي يصدح في وجه الباطل، ويعبر عن آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني وكل المقهورين في العالم، كان رمزاً للأمل في زمن اليأس، ومثالاً يحتذى في الإخلاص والتضحية.
ليست خيبة أمل نشعر بها ، بل إننا نشعر أيضاً بالفخر والاعتزاز بما حققه هذا القائد في مسيرته النضالية. فقد قاد المقاومة إلى أسمى درجات النصر، وألهم الملايين بالسعي نحو الحرية والكرامة.. إن تعاليمه وقيمه ستستمر في إلهام الأجيال القادمة، وستظل مبادئه نوراً يضيء طريق المقاومة.
لن ننسى كلماته التي كانت تحث على الصمود والثبات، ولن ننسى كيف كان يقف دائماً إلى جانب المظلومين، متجهاً نحو الحق رغم كل التحديات، لقد كان القائد الذي يجسد معاني الشجاعة والإرادة الصلبة، ولم يكن يتردد في مواجهة الصعوبات، بل كان يراها فرصاً لتعزيز المقاومة.
إننا في هذا الوقت العصيب، نتذكر أن الشهداء هم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم حققوا ما عجز عن تحقيق الكثيرون.. إن روح الشهيد السيد حسن نصر الله ستبقى حاضرة في قلوبنا، وستستمر خطواتنا نحو الحق، ولن نسمح لذكراه أن تندثر بل سنواصل مسيرته الغراء.
ندعو الله أن يسكنه فسيح جناته، وأن يرزق أهله وذويه الصبر والسلوان، كما نسأله تعالى أن يعيننا على مواصلة الطريق الذي رسمه لنا، وأن يوفقنا لتحقيق الأهداف التي لطالما ناضل من أجلها.
يا أحرار العالم، لنستمر في المقاومة حتى نحقق النصر الحقيقي، ولنكن جميعاً على قدر المسؤولية التي وضعها الشهيد في أعناقنا، فلنحافظ على وصاياه، ولنجعل من ذكراه دافعاً لمزيد من البذل والعطاء.
ومن أعظم ما ورَّثه الشهيد القائد من إنجازات» عظيمة» والتي أولها تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000م، وهو إنجاز تاريخي، وما قدمه في حرب تموز بقيادته الحكيمة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006م، حيث تمكنت المقاومة من صد العدوان وتحقيق انتصارات استراتيجية، مما عزز مكانتها في العالم العربي.
وما أبرزه من دور قام به في توحيد قوى المقاومة في المنطقة ودعمه لحركات المقاومة الفلسطينية والعراقية، حيث ساهم في تعزيز الجبهة ضد الاحتلال والظلم بجهوده الواسعة والارتقاء بقدرات المقاومة -عسكرياً وتقنيا – بما في ذلك تطوير الصواريخ والطائرات بدون طيار، مما جعلها قوة رادعة في مواجهة التحديات، وقدرته على إلهام الجماهير من خلال خطاباته القوية التي تعزز من روح المقاومة والصمود وتحفز الشعب على التمسك بحقوقه.
وما قدمه هذا القائد من جهود لتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة وحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وكذا إسهامه في نشر ثقافة المقاومة والصمود في أوساط الشباب والأجيال الجديدة وتعزيز الهوية الوطنية والقومية.
تغمد الله فقيد الأمة بواسع رحمته وأدخله فسيح جناته وألهم الأمتين العربية والإسلامية وأسرة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ثبات نبي الله إبراهيم عليه السلام في مواجهة الطاغوت : قراءة في المحاضرة الثالثة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ضمن سلسلة دروس القصص القرآني
يمانيون / خاص
في محاضرة إيمانية عميقة المضمون، تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام، مستخلصاً منها دروساً خالدة في الثبات على الحق، والبراءة من الباطل، ومواجهة الطغيان بالحُجَّة والموقف المبدئي، ضمن ثلاثة محاور رئيسية تمثل جوهر الرسالة الإبراهيمية في مواجهة الباطل والاستكبار.
المحور الأول: الحُجَّة القاطعة في وجه الطاغوت
استعرض السيد القائد يحفظه الله جانباً من الحوار الذي دار بين نبي الله إبراهيم عليه السلام والطاغية الذي يجادل في الله، حيث استخدم إبراهيم عليه السلام الحُجَّة العقلية والمنطقية التي تُبطل مزاعمه في قوله تعالى : {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب} فبهت الذي كفر، وسقطت كل محاولاته التي كانت تقوم على المكابرة لا على الحُجَّة.
وأكد السيد القائد أن الانتقال من مستوى الحُجَّة إلى مستوى إفحام الخصم بالبرهان القاطع، هو من سمات الأنبياء في مواجهة الاستكبار، لأن الطاغية لا يتراجع بسبب الجهل، بل بسبب التكبر. وهذه سنة من سنن الله: أن أهل الباطل حين تُزهق حُجَجهم، لا يعترفون بالحق، بل يستمرون في العناد.
المحور الثاني: عناد الكافرين رغم وضوح الحُجَج
أشار السيد القائد إلى أن الكافرين كلما ازدادت البراهين وضوحاً، ازدادوا عناداً واستكباراً، كما في قوله تعالى: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون} ، رغم هذا الاعتراف الداخلي، عادوا إلى باطلهم، وتشبثوا بما لا منطق فيه ولا عقل، تماماً كما فعل قوم إبراهيم حين ألقوه في النار، رغم علمهم بأنه نبي من عند الله.
بل إن أعظم معجزة شهدوها، وهي تحول النار إلى برد وسلام على إبراهيم عليه السلام، لم تُثنهم عن غيّهم، ولم تدفعهم إلى الإيمان، والسبب في ذلك – كما بين السيد القائد – هو التعلُّق بالروابط الخاطئة مع الطغاة والمضلين، والركون إليهم، ما يجعل القلب معانداً مهما وضحت له الحقيقة.
المحور الثالث: إبراهيم عليه السلام نموذجٌ متكامل للثبات والدعوة والبراءة والهجرة
استخلص السيد القائد من قصة إبراهيم عليه السلام نموذجاً إيمانياً متكاملاً، حيث مثَّل النبي إبراهيم عليه السلام: الثبات على المبدأ رغم الإيذاء والتكذيب والدعوة إلى التوحيد بالحُجَّة والمنطق، دون عنف أو مجاملة والبراءة من الباطل بوضوح لا يقبل التنازل :{إنني براءٌ مما تعبدون} ، والهجرة في سبيل الله عندما تعذر استمرار الدعوة وسط بيئة طاغوتية: {وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين}
وقد أكد السيد القائد أن الهجرة هنا ليست انسحاباً، بل انطلاقة نحو أفق أوسع للرسالة، ونقطة تحول في المسار الرسالي، فتحت لإبراهيم آفاق النصر، والتبليغ، والتأسيس لأمة مسلمة خالصة لله.
رسائل إيمانية هامة من المحاضرة
– العبادة الخالصة لله هي الخير كله في الدنيا والآخرة، وكل عبودية لغير الله هي ظلم للنفس، وإساءة إلى أعظم حقيقة التوحيد.
– الحُجَج القرآنية دامغة، لكن أصحاب القلوب المغلقة لا ينتفعون بها لأنهم يؤثرون الطاغوت على الله.
– الصراع بين الحق والباطل صراع قديم متجدد، تحسمه المواقف لا الأرقام، ويكسبه من يثبت على المبدأ لا من يساوم عليه.
– الهجرة في سبيل الله فعل شجاع يصنعه المؤمن حين تضيق سبل الحق في موطنه، فينطلق حيث يمكنه أن يعبد الله بحرية، ويدعو إلى دينه.
– الخاسر الحقيقي هم أولئك الذين تركوا إبراهيم، واصطفوا مع الطاغوت، أما هو فقد حمل النور، وفتح الله له الأرض، وأقام الحجة.
ختاماً
إن قراءة قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام كما وردت في محاضرة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، تعطينا تصوراً متكاملاً عن الثبات على الحق، والرفض الحاسم للباطل، وأن المؤمن لا يساوم على عقيدته، بل يقف بها، ويفتديها، ويهاجر بها، حتى يحقق وعد الله بالنصر والتمكين.
قصة إبراهيم ليست حكاية ماضية، بل نهج حيٌ، يجب أن يُحتذى به في زمن الطغيان، والاستكبار العالمي، والتضليل الإعلامي. وفي زمن كهذا، نحتاج إلى أن نكون “إبراهيميي الموقف”، ثابتين، متجردين لله، مستقلين عن الطغاة، عاملين لدين الله بقلب سليم وعقل بصير.