عربي21:
2025-06-02@04:49:33 GMT

دومينيك دي فيلبن: آخر الرجال المحترمين في فرنسا

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

في ندوة دولية عقدت مؤخرا في باريس بعنوان «تخيّل السلام» تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزهاء النصف ساعة ذكر فيها «الهجوم الإرهابي للسابع من أكتوبر» مرتين أو ثلاث، لكنه لم يشر إلى آلاف الضحايا الفلسطينيين والدمار الكامل لقطاع غزة إلا في جمل اعتراضية غمغمها بسرعة.

كان الرئيس الفرنسي آخر المتحدثين في افتتاح هذه الندوة التي نظمتها جمعية «سانت إيجيديو» الإيطالية بعد أن تحدث من المنصة ممثلون عن الأديان السماوية الثلاثة لم يتوقف عند مأساة غزة، كل بطريقته ودون إسهاب، سوى رئيس أساقفة كانتربيري الإنكليزية وممثل عن عميد مسجد باريس.



القضية ليست هنا وإنما في أن الكاتب الكبير أمين معلوف الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية، وكان من بين المتحدثين الثمانية في تلك الجلسة، لم يشر بكلمة واحدة إلى معاناة غزة بل ولم يشر بكلمة واحدة إلى ذلك القصف الإسرائيلي العنيف الذي كان يتعرّض له بلده الأصلي لبنان الذي جاء منه إلى فرنسا نهاية السبعينيات.

المفارقة الكبرى التي قفزت إلى الذهن وقتها، سواء في مواجهة ماكرون أو معلوف، هي شخصية فرنسية تجمع بين السياسي والمثقف، وكلاهما يرفض التماهي الأعمى والمهين مع الرواية الإسرائيلية لما جرى منذ عام، بل ولكل ما جرى دائما، قبل ذلك وبعده. هذه الشخصية هي دومينيك دي فيلبن، السياسي والدبلوماسي والكاتب والمحامي الذي احتل مناصب هامة في عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، حيث كان وزيرا للخارجية (2002- 2004) قبل أن يصبح رئيسا للحكومة الفرنسية (2005 – 2007).

إنه «الديغولي الأخير» كما وصفه لي أستاذ جامعي فرنسي، الذي اشتهر بخطابه التاريخي الرهيب أمام مجلس الأمن الدولي في 14 فبراير/شباط 2003، وفيه أعلن فيه رفض باريس لقيام تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لغزو العراق.

كان دو فيلبن، ومنذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، واضحا وصريحا فمع أنه أدان ما أقدمت عليه هذه حركة «حماس» فجر السابع من أكتوبر العام الماضي إلا أن ذلك لم يمنعه من الإشارة في حديث لقناة «بي إف أم» الإخبارية الخاصة، الموغلة في تأييد إسرائيل، إلى «فخ النزعة الغربية، وتضاؤل رؤيتنا … نحن وإسرائيل، الرؤية الغربية التي ترفضها أغلبية المجتمع الدولي اليوم».

ويمضي شارحا بالقول إن هذه «النزعة الغربية هي الفكرة القائمة على أن الغرب، الذي أدار شؤون العالم لمدة خمسة قرون، سيكون قادراً على الاستمرار في القيام بذلك دون تغيير، وهو توجه نراه بوضوح، بما في ذلك في مناقشات الطبقة السياسية الفرنسية، التي تعتقد أننا يجب أن نواجه ما يحدث حاليا في الشرق الأوسط، بمواصلة القتال بصورة أكثر شدة، حتى أننا نتجه نحو ما يمكن وصفه بحرب دينية أو حرب الحضارات، مما يؤدي لأن نعزل أنفسنا بشكل أكبر على الساحة الدولية، وهذا منهج خاطئ».
لم يتردد دي فيلبن منذ البداية في إبراز فشل الغرب في منع ازدواجية المعايير في التعامل مع القانون الدولي
ولم يتردد دي فيلبن منذ البداية في إبراز فشل الغرب في منع ازدواجية المعايير في التعامل مع القانون الدولي قائلا «نحن نعاقب روسيا عندما تهاجم أوكرانيا، ونعاقب روسيا عندما لا تحترم قرارات الأمم المتحدة، ولكن وعلى مدى 70 عاما يتم التصويت على قرارات الأمم المتحدة، عبثا، ولم تحترمها إسرائيل».

ظل دي فيلبن وفيا لهذا المنطق، متحدثا دائما بأسلوب متدفق وجذاب، رغم كل ما تعرّض له من تشويه وشيطنة من الدوائر الفرنسية الموالية لإسرائيل. واصل الرجل مصارحة الرأي العام الفرنسي بما لا يحب سماعه، وبما لا يريد أو يتجرأ غيره أن يقوله، باستثناء بعض الشخصيات اليسارية وأشهرها طبعا جان لوك ميلنشون زعيم حركة «فرنسا الأبية».

ظل هذا المثقف الكبير وفيا للمدرسة الديغولية التي تكاد تنقرض في فرنسا، كما ظل الشخصية التي يقول ما يقوله دون طموح سياسي وبعيدا عن مناكفة غيره لحسابات انتخابية أو غيرها فهو في غنى عن كل ذلك.

مضى دي فيلبن في آرائه إلى النقد اللاذع لسياسة باريس تجاه ما يجري في المنطقة العربية والتي أضاعت بالكامل تقريبا ما كانت تتمتع به من تميّز سواء في عهد حكم اليمين أو اليسار في العقود الماضية، ففي مقابلة أخيرة له مع «إذاعة فرنسا الدولية» قال بأن «فرنسا لم يعد لها من صوت على الساحة الدولية وهذه فضيحة بالنسبة للديمقراطية. وكل ذلك باسم ماذا؟! آه إنها الحرب، هكذا !! (سقوط آلاف القتلى المدنيين) ولهذا نحن في أوج العبث (أو اللامعقول)».

يقول هذا الكلام في حين يقول رئيس وزراء فرنسي سابق مثله هو إيمانويل فال بأنه «إذا سقطت إسرائيل، سقطنا نحن».، هكذا بكل بساطة، في ما يستمر الإعلام الفرنسي بأكمله تقريبا في تبني الروايات الإسرائيلية ودعمها إلى درجة أن مجلة «الإكسبرس» على سبيل المثال لا الحصر، اختارت في الذكرى الأولى للسابع من أكتوبر أن يكون غلافها هذا الأسبوع تحت عنوان عريض «عام من اشتعال معاداة السامية»!!.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا فرنسا الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

«رولان جاروس» تدافع عن عدم إقامة مباريات السيدات في الفترة المسائية


باريس (د ب أ)

أخبار ذات صلة سابالينكا.. «الفوز السهل» في «رولان جاروس» درابر: لهذا السبب ألعب التنس


دافعت أميلي موريسمو، مديرة بطولة فرنسا المفتوحة للتنس (رولان جاروس)، ثاني مسابقات (جراند سلام) لهذا الموسم، عن سياسة البطولة في إعطاء الأولوية لإقامة مباريات الرجال على حساب السيدات في جلساتها المسائية التي تحظى بالكثير من المتابعة.
ويتعرض مسؤولو المسابقة مجدداً لانتقادات لاذعة لتجاهلهم مباريات السيدات في أوقات الذروة تحت أضواء ملعب (فيليب شاترييه) الشهير.
وانتقدت النجمتان الأميركية كوكو جوف والتونسية أنس جابر هذا الأسبوع، القائمين على جدول المباريات لعدم إبرازهم لمباريات السيدات، حيث قالت الأخيرة: «لا اعتقد أنهم أنجبوا فتيات».
ولكن مديرة البطولة والمصنفة الأولى عالمياً سابقاً، موريسمو، شددت على أن مباريات الرجال لها الأولوية، لأنها تأخذ وقتاً أطول، مما يمنح المتفرجين قيمة أكبر في مقابل المبالغ التي يدفعونها.
وأوضحت موريسمو في تصريحاتها، التي أوردتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا): «لدينا مباراة واحدة فقط للسيدات في كل جلسة مسائية، لم يتغير هذا الوضع، وبناء على ذلك، لن نغير كل شيء مرة أخرى».
وتابعت: «نأخذ أيضاً وقت اللعب أيضاً في الاعتبار، وقت اللعب المحتمل، بالطبع لأننا لا نستطيع التخطيط مسبقاً، سواء لمباريات السيدات أو الرجال، لكن ينبغي علينا أن نأخذ ذلك في الاعتبار فيما يتعلق بـ15 ألف متفرج سيحضرون الفترة المسائية».

مقالات مشابهة

  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • المرابطون في ذكرى اغتيال كرامي: كان من أعظم الرجال وأشرفهم
  • توتر فرنسي-إسرائيلي بعد هجمات في باريس وانتقادات لتصريحات مسؤولين
  • دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. الدولي المغربي أشرف حكيمي يتوج رفقة باريس سان جيرمان باللقب
  • التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر.. جريمة استعمارية تاريخية تلاحق باريس
  • اختبار ذكاء اصطناعي جديد يتنبأ بالأشخاص الذين سيستفيدون من دواء سرطان البروستاتا
  • بالأخضر الساحر.. دومينيك حوراني تخطف الأنظار بإطلالة جريئة مفعمة بالأنوثة
  • اعتبارا من تموز المقبل ..فرنسا تحظر التدخين في كل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال
  • «رولان جاروس» تدافع عن عدم إقامة مباريات السيدات في الفترة المسائية
  • فرنسا تحظر التدخين في كل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال بدءًا من يوليو