يرى محللون أن صور "الهدهد 3" التي نشرها حزب الله اللبناني اليوم الأربعاء لمنطقة حيفا-الكرمل تؤكد احتفاظه بقدرته على اختراق دفاعات إسرائيل وتحديث بنك أهدافه، وقالوا إنها قد تكون مقدمة لهجوم كبير وواسع ما لم يتوقف العدوان على لبنان.

ونشر الحزب صورا لمنطقة حيفا-الكرمل أظهرت رصده منشآت صناعية واقتصادية وبنية تحتية وقواعد عسكرية ودفاعات جوية وعديدا من الأماكن الإستراتيجية كمصفاة نفط حيفا والمنطقة الصناعية في كريات آنا.

وقال مدير مكتب الجزيرة في بيروت مازن إبراهيم إن هذا الفيديو "خاص بقاعدة رامات ديفيد (التي تخرج منها المقاتلات لضرب لبنان)، ولا يمكن فصله عن بيان غرفة العمليات المشتركة للمقاومة اللبنانية الذي قالت فيه أمس الثلاثاء إن حيفا وغيرها ستتحول إلى ما يشبه كريات شمونة إذا واصل الاحتلال شن هجماته على اللبنانيين".

وقالت المقاومة -في بيانها- إن حيفا ستتحول إلي هدف مفتوح كبقية مستوطنات الشمال بكل ما فيها من منشآت، وهو أمر يتماشى -كما يقول إبراهيم- مع حديث نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الذي قال أمس الثلاثاء "إن المقاومة جاهزة، وستضرب عميقا، ما لم تتوقف إسرائيل".

حيفا كلها باتت هدفا

ويرى مدير مكتب الجزيرة أن حزب الله -من خلال هذه الصور الجديدة- "يبعث برسائل مفادها أن منطقة حيفا-الكرمل كلها باتت ضمن الأهداف وأصبحت داخل دائرة النيران، وهو ما تؤكده هجمات اليومين الماضيين".

وعن تنوع الأهداف التي تناولها الفيديو، قال إبراهيم إنه يهدف لإيصال رسالة مفادها أن استهداف اللبنانيين وبنيتهم التحتية سيقابل باستهداف الإسرائيليين وبينتهم التحتية أيضا.

وأشار إبراهيم إلى أن الفيديو أظهر مستشفيات وأنفاقا تتحول لملاجئ في وقت الخطر وقواعد عسكرية وبرج كهرباء ومصفاة نفط حيفا ومصانع في كريات نحوم، وهي أهداف مهمة في مجملها ومتنوعة في طبيعتها.

وتعليقا على هذه الصور الجديدة، قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إنه يركز على مراكز ثقل في مدينة حيفا، مما يعني أن الحزب قادر على تحديث بنك أهدافه رغم عنف الضربات الإسرائيلية.

وأضاف حنا أن المهم في هذا الفيديو هو أنه يعكس قدرة الحزب على رصد الأهداف ذات القيمة الإستراتيجية من عقد قتالية ومواقع إستراتيجية، وهو ما يتضح في عمليات القصف التي نفذها خلال اليومين الماضيين التي بدأت تتصاعد في أهمية أهدافها.

توقيت مهم جدا

وقال حنا إن موعد تصوير الفيديو مهم جدا، ولو كان التصوير جديدا، فإنه يؤكد أن لا يوجد أمن مطلق وأن الاختراق حدث فعليا كما حدث عندما وصلت الصواريخ إلى ضواحي تل أبيب.

في المقابل، أبدى الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي استغرابه من نشر الحزب لهذه الصور الجديدة، وقال إنها تعطي إسرائيل فرصة نقل مواقع هذه الأهداف المهمة التي كان على الحزب ضربها بعد ما تعرض له من ضربات واغتيالات طالت أكبر رأس فيه.

وقال الفلاحي إن هذه الصور الجديدة تعني تحديث الحزب معلوماته حسب تحريك القطعات العسكرية، وتظهر أيضا قدرته على الدخول والتصوير في ظل حالة التأهب القصوى الحالية، مؤكدا أنها تعكس فشلا عسكريا ودفاعيا كبيرا للجانب الإسرائيلي.

ومع ذلك، قال الفلاحي إن نشر هذه الصور يعني أن الحزب يريد إيصال رسائل للجانب الآخر "بينما المواجهة تخطت هذه المرحلة، ويفترض أنها وصلت إلى نقطة الضرب دون إنذار"، ومن ثم فإن الاحتلال سيشرع في نقل القطعات العسكرية التي تم رصدها.

وقال الفلاحي إن حزب الله تجاوز أزمة اغتيال قادته وانتقل إلى مرحلة جديدة من الحرب واستعادته للقيادة والسيطرة ظهرت على الأرض، ولو وقعت حرب برية مباشرة ستكون مكلفة جدا للاحتلال الذي لا يزال يتحرك في مساحة ضيقة جدا على نقاط التماس.

تصعيد محتمل

وخلص إلى أن هذا الفيديو يعكس أن الأيام القادمة ربما تشهد تصعيدا كبيرا من الحزب ضد إسرائيل لو قررت مواصلة هجومها.

وردا على مسألة نقل القطعات العسكرية، قال حنا إن بعض القواعد العسكرية كبيرة ولا يمكن نقلها مثل رامات ديفيد، وإن الدفاعات الإسرائيلية عموما لا يمكنها توفير الحماية الكاملة بدليل أن 80 صاروخا من أصل 180 أطلقتها إيران مؤخرا تجاوزت هذه الدفاعات وضربت قواعد عسكرية باعتراف إسرائيل.

وقال حنا إن هذا الفيديو "يدخل ضمن الحرب النفسية، ويقول لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت: لقد أثبتنا قدرتنا على ضرب حيفا"، مضيفا "لو كان الحزب يريد الضرب لفعل هذا مباشرة دون نشر صور".

واعتبر حنا أن المقاومة اللبنانية "عادت لما كانت عليه قبل الضربات الأخيرة، وتقول إنها تنشر الآن وستضرب في لحظة محددة، لكنها لم تقرر تدفيع حكومة الاحتلال الثمن الباهظ حتى الآن بضرب هذه المناطق دون تلويح".

وقال حنا إن حيفا تمثل بنك أهداف خطيرا من كل النواحي، لأن بها نحو 700 ساكن سينزحون، وبها قواعد جوية وعسكرية وبحرية ومصافي نفط ومنشآت اقتصادية، وصناعية، وبنية تحتية واسعة.

وخلص حنا إلي أن الحزب لا يزال ملتزما بقاعدة عدم استهداف المدنيين، لأنه ربما يريد إجبار إسرائيل على التفاوض وهو أمر تريده الدولة اللبنانية الرسمية، لكنه قال أيضا إن مبدأ التناسب في الخسارة "يحتم على الحزب إلحاق هزيمة كبيرة بإسرائيل توازي ما تعرض له من خسارات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هذه الصور الجدیدة هذا الفیدیو حزب الله

إقرأ أيضاً:

على إسرائيل الاستعداد لزلزال الألف عام… فاتركوا غزة وكفوا عن عقلية التوسع

صراحة نيوز- كتب أ.د. محمد الفرجات

الكوكب وبعد زلزال أمس شرق روسيا والبالغ 8.8 درجات، وبعد زلازل تركيا مؤخرا، وبعد الثوران البركاني الكبير في مواقع مختلفة، ورصد ظاهرة الانحراف المغناطيسي المتسارعة، لم تعد رسائل الطمأنة مجدية في مناطق الخطر على سطحه.

وفي خضم المواجهات المستمرة في غزة، والتوترات الأمنية الممتدة مع لبنان وسوريا وإيران، تُهمل إسرائيل تهديدًا أكثر خطورة، لا يُرى بالعين المجردة، ولا يُردع بالقبة الحديدية أو المفاوضات: زلزال ضخم قادم على طول صدع البحر الميت التحويلي، تتراكم طاقته منذ قرون، وقد اقترب موعد انفجاره.

الزلزال المؤجل: واقع جيولوجي لا يمكن تجاهله:
تشير الدراسات الزلزالية على امتداد صدع البحر الميت، وهو جزء من نظام الصدوع السوري-الإفريقي (Dead Sea Transform Fault System)، إلى أن المنطقة لم تشهد زلزالًا كبيرًا (بقوة تتجاوز 6.5 درجات) منذ زلزال عام 1033م، الذي خلّف دمارًا هائلًا في طبريا، أريحا، الخليل، القدس، غزة، وأجزاء من الساحل الفلسطيني. وفقًا لتحليل حركة الصدع، فإن الانزياح التراكمي على طول الصدع يبلغ حوالي 4.5 إلى 5.0 ملم سنويًا (Klinger et al., 2000; Agnon et al., 2006). وبذلك، وخلال 1000 عام، تراكمت طاقة كافية لانزياح يتجاوز 4.5 أمتار، وهي كافية نظريًا لحدوث زلزال بقوة 7.3 إلى 7.5 درجات.

ورقة علمية حديثة (Wechsler et al., 2020) المنشورة في “Journal of Geophysical Research” تؤكد أن المنطقة الواقعة بين البحر الميت وبحيرة طبريا تمثل فجوة زلزالية (Seismic Gap)، وهي منطقة لم تطلق طاقتها الزلزالية منذ أكثر من ألف عام، على الرغم من نشاط مستمر في المناطق المجاورة.

ما هو السيناريو المتوقع؟
إذا تعرض النطاق المذكور لزلزال الألف عام، فإن النموذج الزلزالي يشير إلى زلزال بقوة تتراوح بين 7.2 و7.5 درجات، مع شدة اهتزاز تصل إلى IX على مقياس ميركالي المعدّل (USGS, 2023). مثل هذا الحدث قد يؤدي إلى:

تدمير أكثر من 60% من المباني غير المدعّمة في مدن مثل طبريا وبيسان وأريحا.

سقوط آلاف الضحايا في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية.

انهيار بنى تحتية حساسة مثل الجسور، محطات الكهرباء، وأنظمة المياه.

موجات تسونامي في البحر الميت، وإن كانت محدودة النطاق.

تصدعات وإنهيارات ظاهرة تدمر الشوارع وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.

تبعات نفسية وبيئية وصحية.

تعطل خطوط الامداد الداخلي.

تحذير أكبر من الحرب:
دراسة جامعة تل أبيب لعام 2018 أظهرت أن 80% من المباني في إسرائيل لم تُبنَ وفقًا لكود الزلازل المعتمد بعد عام 1980، خاصة في الأحياء الشرقية من القدس ومدن شمال الضفة الغربية. وتوقعت الدراسة أن زلزالًا بقوة 6.5 درجات فقط، قد يسبب انهيارًا لما لا يقل عن 28,000 مبنى، ووفاة أكثر من 16,000 شخص في أسوأ سيناريو (Bar-El et al., 2018).

الزلزال المنتظر لا يميز بين مدن إسرائيلية وفلسطينية، ولا بين منشآت عسكرية أو مدارس، فهو “عقوبة طبيعية صماء” إن جاز التعبير، لا تفهم السياسة ولا تنحاز لأحد.

غليان شرق المتوسط: علامة إنذار بحري:
يضاف إلى ذلك التحول غير المسبوق في حرارة مياه شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث وصلت درجة حرارة السطح في صيف 2023 إلى 30.5 مئوية قرب السواحل اللبنانية والفلسطينية، بزيادة تفوق 1.8 درجة عن المعدلات السنوية (European Copernicus Program, 2023). هذه الزيادة قد تؤثر على التوزيع التكتوني بشكل أو بآخر، وتُسرّع عمليات التصدّع في القشرة البحرية، مما يرفع احتمالية حدوث زلازل بحرية أو حتى موجات تسونامي مثل تلك التي ضربت بيروت عام 551م.

الربط الجيولوجي بين الصفيحتين الإفريقية والأوروآسيوية في شرق المتوسط يخلق وضعًا زلزاليًا مركبًا، حيث أن انزلاقًا بحريًا عميقًا قد يتزامن مع تمزق على صدع البحر الميت، منتجًا هزّة مزدوجة – برية وبحرية – تضرب قلب المنطقة من البر إلى الساحل.

الدروس من التاريخ:
زلزال عام 551م على الساحل اللبناني، بقوة ~7.5، تسبّب في تدمير بيروت وصيدا، وأطلق تسونامي هائل، قدر عدد ضحاياه بأكثر من 30,000.

زلزال عام 1033م على طول غور الأردن دمّر أكثر من 30 بلدة، وشعر به سكان مصر والشام، وخلّف تشققات أرضية غيّرت مسار الأنهار.

زلزال 1927 في أريحا، بقوة 6.3 درجات، أسقط نحو 500 قتيل رغم تواضع البنية السكانية آنذاك.

بين الإهمال والاستعداد:
في مواجهة هذا الخطر المتصاعد، فلا جدوى من القبة الحديدية حين تنهار المستشفيات، ولا تنفع الغواصات النووية حين تُبتلع البنى التحتية تحت الركام.

تواجه إسرائيل تحديات تفاقم الخطر الزلزالي كما يلي:

1. البنية التحتية في المدن المعرضة للخطر، وقلة تطبيق كود الزلازل.

2. أكثر من 1,200 مدرسة و250 مستشفى تقع على خط الصدع أو بالقرب منه.

3. غياب نظام الإنذار المبكر بالتعاون مع الأردن وفلسطين وتركيا وقبرص.

4. قلة الوعي بالخطر الزلزالي لدى المدنيين.

5. عدم دمج مراكز البحث الزلزالي وقلة تبادل البيانات الزلزالية على مستوى الإقليم.

زلزال قادم لا يعترف بالعزلة ولا بالاحتلال:
إذا كانت إسرائيل جادة في الاستعداد لما هو قادم، فإن المسألة ليست هندسية أو تقنية فقط، بل جيواستراتيجية وإنسانية بالدرجة الأولى. فالتعامل مع الزلازل الكبرى لا يتم بمعزل عن الجوار، بل يتطلب تعاونًا إقليميًا شاملاً في مجالات الرصد، وتبادل البيانات، وإدارة الطوارئ، والإخلاء، والإغاثة. وهذا لا يمكن تحقيقه في بيئة سياسية تقوم على العداء والحصار والحروب المتكررة مع جميع دول الإقليم، من غزة ولبنان وسوريا، إلى إيران واليمن.

إن الاستقرار الداخلي شرطٌ لا يمكن تجاوزه في أي منظومة جاهزية حقيقية، ولا يتحقق إلا من خلال حل سياسي عادل للصراع مع الشعب الفلسطيني، يقوم على الاعتراف بحقه التاريخي، ورفع الظلم المتمثل في القتل والتشريد والتجويع، ووقف الاستيطان ومصادرة الأراضي. إن حل الدولتين، بإجماع المجتمع الدولي، ليس فقط مطلبًا إنسانيًا، بل ضرورة وجودية لضمان التماسك المجتمعي في مواجهة الكوارث الطبيعية، لأن الشعوب المستقرة والمتصالحة داخليًا فقط، هي القادرة على الصمود والتعافي.

الزلازل لا تقرأ الخرائط السياسية، ولا تعترف بخطوط التماس أو الاتفاقات العسكرية. الزلزال القادم، في حال وقوعه، سيكون مأساة بشرية وجيوسياسية عابرة للحدود، ولن يوقفه احتلال أو إنذار مبكر أو اعتراض جوي.

لقد أنذرت الأرض، وسجّلت ذاكرتها تحت أقدامنا. والحوض الخسفي العملاق العميق بإزاحته الجانبية البالغة 105 كم حصلت على شكل زلازل.
بقي فقط أن نُصغي لصوت العلم قبل أن يعلو صوت الركام.

كما وأنه قد آن للإقليم إن ينظر لأمنه المائي والغذائي والطاقي والزلزالي والوبائي، وتأمين مستقبل الأجيال القادمة، وأن على إسرائيل أن تعي بأنها كانت وما زالت سببا يمنع ذلك، فإما السلام أو مستقبل مظلم للجميع.

إسرائيل حولت ذاتها إلى آلة حرب من أجل أمنها، وبنت الجدران العازلة، وخلال آخر عامين أنفقت عشرات المليارات على الحرب، بينما كانت قد أخرت وأعاقت خطط تعافي لإقليم والعالم الخارجين من سنوات كورونا العجاف، والمقبلين على سنوات أشد بسبب التغير المناخي.

أستغرب حقيقة أن لا نسمع من إسرائيل سوى صوت قادة الحرب وأصحاب عقلية التوسع، بينما لا نسمع شيء من الداخل الإسرائيلي ولا عن الرأي العام الاسرائيلي الداعي للسلام؛ أكاديميين، باحثين، طلبة جامعات، قوى عمالية، نقابات، منظمات مدنية، أحزاب… إلخ.

كم جامعة ومركز بحثي في غزة إختفت عن الوجود؟

مقالات مشابهة

  • خالد عبد الرحمن يعلق على الفيديو العفوي الذي التقطه لجمهوره في مهرجان جرش..فيديو
  • على إسرائيل الاستعداد لزلزال الألف عام… فاتركوا غزة وكفوا عن عقلية التوسع
  • “شعبي بدأ يكره إسرائيل”.. ماذا يعني اكتشاف ترامب؟
  • حزب الله والانكشاف الأخير أمام الداخل والخارج
  • الـ 15 خلال الشهر الأخير.. إسرائيل تعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • خبراء: الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين تنذر بتحول مواقف الغرب تجاه إسرائيل
  • حكم الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة .. الإفتاء توضح
  • إعلام إسرائيلي يبث فيديو انفجار عبوة ناسفة بقوة راجلة في رفح
  • بالغارات... إسرائيل تردّ على نعيم قاسم
  • هذا الفيديو بألف كلمة