السياحة رافد مهم في الدخل القومي لأي بلد في العالم، وتنظيم هذا القطاع أصبح يخضع إلى معايير ومتطلبات دولية، ولكن بالمقابل أصبحت التأشيرة السياحية من اليسير الحصول عليها بعد استيفاء بعض الأوراق المطلوبة، ولكن يجب الانتباه بأن لكل دولة قوانين وأنظمة تختلف عن دولة أخرى، ولكن الجميع يشترك في تحديد المسؤوليات والحقوق سواء للسائح أو الدولة التي يرفد إليها، ومع انتشار الظواهر والسلوكيات الخاطئة يمكن القول بكل صدق بأن السياحة قد تكون سلاحا ذو حدين !.

كم من الأصدقاء الذين أعرفهم يرسلون لي ولغيري رسائل "واتسابية" يطلبون إيجاد فرص عمل لذويهم بعد أن أعياهم التعب من البحث عن فرص عمل، بل وأصبح أمرهم غاية في الصعوبة، والمفاجئة أن الأغلب منهم قد جاء بتأشيرة سياحية، وليس على عقد عمل موثق من الجهات المختصة.

بعض الذين أعرفهم يسردون في نص رسائلهم المؤثرة قصصا قد تكون "متشابهة " من بعضها البعض كون أن المشكلة واحدة من حيث الموضوع ومختلفة من حيث الشكل، إحدى تلك القصص تحكي أن شابا دفع أهله في بلده كل ما لديهم من مال من أجل أن يأتي ليبحث عن فرصة عمل بتأشيرة سياحية، وذلك عبر أحد مكاتب تشغيل القوى العاملة في وطنه بعد أن تم الاتفاق معه على أن العمل الذي يبحث عنه موجود ومضمون وبراتب مغر أيضا، أتى هذا الشاب بمال قليل ودون ترتيب أو تجهيز للمغامرة التي قرر الخوض فيها معتمدا على "الجد والاجتهاد" - بحسب ما يقول - وذلك من أجل استلام عمله في الشركة التي أخبر عنها، ولكن بعد وصوله اكتشف بأن المكتب الذي دفع له المال كانت وعوده حبرا على ورق، ولم تكن أيضا إلا "مواعيد عرقوب"، ولذا أصبح بين خيارين الأول العودة أو البحث عن فرصة عمل، ولكن مع مرور الوقت لم يوفق في فرصة عمل، فقرر الشاب العودة ثانية إلى وطنه بعد أن تعرض ثانية إلى عملية نصب أخرى جاءت من أحد زملائه في السكن الذي كان يجلس فيه، والذي بدوره دله على شخص يبيع له إقامة بسعر مرتفع، ولكن بعد أن قبض البائع منه المال أصبح لا يرد على اتصالاته ومناشداته، ولذا لم يكن له خيار آخر سوى العودة إلى وطنه.

بعض مكاتب توظيف القوى العاملة في الخارج في بعض الدول، تنشر بشكل يومي إعلاناتها المظللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتؤكد مقدرتها على توفير فرص عمل مختلفة في أي مكان في العالم نظير مقابل مالي كبير يدفع لها مقدما، بعض المكاتب تمنح الراغب في السفر خيار استكشاف الأوضاع في الدولة التي يريد السفر إليها خلال الثلاثة الأشهر الأولى من التأشيرة السياحية، ثم تعدهم بتقنين أوضاعهم من خلال تحويل التأشيرة السياحية إلى تأشيرة عمل وهذا لا أساس له من الصحة في الوقت الراهن!.

يأتي هذا الشاب الطموح بتأشيرة سياحية، ليجد نفسه وحيدا في المطار، ثم يبحث عن سكن متواضع من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وما أن يجد من يأويه بمبلغ شهري أو يومي، تظهر مشكلة أخرى غير السكن وهي أن الأموال البسيطة التي جلبها معه من وطنه بدأت في النفاد، ثم يصل به الحال بأن لا يجد له مسكنا، أو أي شيء يعينه على البقاء سوى ما يقدمه له الناس من مساعدات بسيطة!

من أرض الواقع، ربما استوقفك شخص يطلب منك المساعدة، يحكي لك قصته الحزينة ووضعه الإنساني الصعب الذي يعيش فيه، خصوصا وأنه لا يملك قوت يومه، ووضعه الصحي أو النفسي مدمر بالكامل، كل ما يطلبه البعض هو الحصول على تذكرة عودة إلى وطنه قبل انتهاء مدة إقامته ودخول في غرامات التخلف عن المغادرة.

يخبرك البعض بأنهم عندما قدموا إلى هنا، لم يكن لديهم المال الكافي لتدبير أمور حياتهم خلال فترة إقامتهم التي تمتد بعضها لشهور، وأيضا لا عمل ينتظرهم كما ادعى المكتب الذي استخرج له التأشيرة، أما تذكرة العودة إلى وطنه فهي "ليست حقيقية"، وإنما هي حيلة ذكية للتحايل على القوانين في حال تم طلبها منه في مطار المغادرة أو الوصول.

إذن باختصار "لا مال، ولا سكن، ولا مصروف، ولا تذكرة عودة" هذه اللاءات تشكل أزمة حقيقة ومشكلة كبيرة لكثير من القادمين بطموح العمل، ويمكن أن يكون كابوسا مخيفا للبسطاء الحالمين بالعمل بمجرد وصولهم.

بالمقابل هناك من أتى تحت مسمى "شريك استثماري"او " مستثمر" وهو أيضا يدخل في هذا النطاق، المسمى في البطاقة العمالية يشير الى ذلك، ولكن الواقع هو يعمل بأجر يومي زهيد لدى شخص آخر ويتقاضى راتبا شهريا بسيطا، ظاهريا أمام الناس هو مستثمر ورجل أعمال، والواقع هو عامل ضعيف وعندما تحدث له أي مشكلة يعجز عن سداد التزاماته المالية تجاه الآخرين وهنا تكمن المشكلة!.

إذن ما بين "التأشيرة السياحية والاستثمارية" هناك عامل مشترك، ولذا نأمل من الجهات المختصة مراجعة بعض النقاط المهمة والوقوف على الثغرات التي يدخل منها البعض حفاظا على الجميع، وتقنين أوضاع القادمين إلى أرض الوطن من اجل ايجاد سياحة حقيقية ومستثمر جاد.

ومن اللافت للنظر تلك الخطوة الإيجابية التي تم اتخاذها من قبل السلطات المختصة فيما يتعلق بمنع "تحويل التأشيرة السياحية إلى تأشيرة عمل"، إلا أن بعض المكاتب في الخارج لا تزال حتى اليوم توهم الناس بمقدرتهم على منحهم تأشيرة "حرة" وهي في نظرهم تشمل "السياحة والعمل" وفي الأصل غير موجودة على أرض الواقع نهائيا!.

والخطوة الثانية جاءت بأعلان مركز خدمات الاستثمار بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عن إيقاف طلبات تراخيص الاستثمار الأجنبي لفئة المقيمين من أصحاب المهن محدودة المهارة.

وجاء القرار في إطار الجهود المستمرة لتعزيز بيئة الاستثمار وضبط الطلبات الوهمية، واستنادًا إلى تصنيف المهن الصادر عن وزارة العمل.

كما يأتي القرار استكمالاً للإجراءات السابقة التي اتخذت خلال الأشهر الماضية، والتي تضمنت إيقاف تراخيص الاستثمار لفئة المقيمين من أصحاب التراخيص الخاصة للأفراد.

ويُسمح لأصحاب المهن الماهرة فقط من العاملين في الشركات بتقديم طلبات ترخيص الاستثمار الأجنبي، بشرط موافقة صاحب الشركة وتقديم إثباتات الملاءة المالية لمقدم الطلب.

وأكد المركز أنه يواصل جهوده لتعزيز النشاط الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال، مشيدًا بتفاعل المجتمع وملاحظاته القيمة، والتي تعد موضع اهتمام وتقدير كبيرين، ودعا المركز المواطنين للإبلاغ عن أي مخالفات متعلقة بتراخيص الاستثمار عبر النوافذ الرسمية وغيرها من الوسائل الاخرى ".

أخبرني أحد الذين قدموا منذ فترة بأن السكن الذي استأجر سريرا فيه يعج بالأشخاص الباحثين عن عمل من جنسيته ومن جنسيات أخرى، وبعضهم إقاماتهم منتهية منذ مدة طويلة ويبحثون عن مخرج لهذه المشكلة التي يترتب عليها دفع غرامات مالية في حال رغبتهم في العودة إلى أوطانهم أو عندما يتم القبض عليه من الجهات الرقابية وليس بيدهم شيء سوى الانتظار او التنقل من مكان الى آخر من اجل البحث عن فرصة عمل.

قال محدثي بأن الوضع الإنساني في تلك المساكن "غير آدمية وغير صحية" لدرجة يصعب الحديث عنها، لكن هذه المساكن قد تكون في يوم من الأيام "بؤرة إجرام أو قنبلة موقوتة" ومن الممكن أن تفجر مشاكل للسكان المجاورين لها.

لن ندخل في مسألة المقارنات في الإجراءات والاشتراطات ما بين الدول، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من وجهة نظري الشخصية، فهذا الأمر ليس سياحة بقدر ما هو مشكلة يمكن أن تواجه المجتمع في حال تفاقمها سواء في الوقت الحالي أو المستقبل خاصة وأن أعداد القادمين بالتأشيرات السياحية يزداد يوما بعد آخر، وأيضا يزداد معه أعداد المخالفين لنظام الإقامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التأشیرة السیاحیة فرصة عمل إلى وطنه بعد أن

إقرأ أيضاً:

اعتباراً من 1 يوليو.. أرمينيا تعفي مواطني ومقيمي دول الخليج من التأشيرة

قررت أرمينيا السماح بدخول مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي من دون تأشيرة ابتداءً من الأول من يوليو 2025. وتأتي هذه الخطوة في إطار مبادرة استراتيجية، تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية، ودعم قطاع السياحة، وتوسيع آفاق التعاون التجاري بين أرمينيا ودول الخليج العربي.

وتهدف هذه الخطوة المهمة إلى تعزيز جاذبية أرمينيا كوجهة سهلة الوصول ومرحّبة في منطقة جنوب القوقاز، لا سيما بالنسبة للزوار القادمين من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والكويت، وقطر، والبحرين، وسلطنة عُمان.

سوف يُطبق نظام الإعفاء الجديد من التأشيرة على جميع حاملي جوازات السفر من دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يتيح لهم السفر إلى أرمينيا لأغراض السياحة أو الترفيه أو الأعمال من دون الحاجة إلى تأشيرة، وذلك للإقامات التي لا تتجاوز 90 يوماً خلال أي فترة 180 يوماً.

وبإضافة إلى ذلك، فإن الإعفاء يشمل أيضاً الأفراد الحاصلين على إقامة سارية المفعول صادرة عن أي من دول مجلس التعاون الخليجي، بشرط ألا تقل مدة صلاحية الإقامة عن 6 أشهر من تاريخ الدخول إلى أرمينيا، وهو ما يوسّع نطاق الاستفادة، ليشمل شريحة كبيرة من المقيمين في تلك البلدان.

وتأتي أهمية توقيت هذا القرار، في ظل تزايد اهتمام مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي باكتشاف وجهات قريبة توفر تجارب أصيلة، وثقافات متنوعة، وجمالاً طبيعياً خلّاباً وفريداً من نوعه. ومع ما تتميز به أرمينيا من إرث تاريخي عريق، ومناظر طبيعية خلابة، ومشهد طهي غني وحيوي، فإنها تُعد وجهة مثالية لجذب أعداد متزايدة من السياح وزوار الأعمال القادمين من منطقة الخليج.

وفي هذه المناسبة، قالت لوسين غيفورغيان، رئيسة لجنة السياحة في وزارة الاقتصاد في جمهورية أرمينيا: «يمثل هذا الإنجاز دليلاً على التزامنا بجعل أرمينيا أكثر سهولة للوصول أمام المسافرين من المنطقة». وتابعت «نتطلع إلى استقبال المزيد من الزوار من دول مجلس التعاون الخليجي الذين يبحثون عن تجارب سفر غنية وملهمة، سواء من خلال أديرتنا التاريخية، أو مشهدنا في فنون الطهي النابض بالحياة، أو مهرجاناتنا الثقافية الغامرة».

وفي المقابل، تتوقع لجنة السياحة في وزارة الاقتصاد في جمهورية أرمينيا أن يسهم الإعفاء من التأشيرة في تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل أكبر. وتأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية السياحة الشاملة لأرمينيا، والتي تتضمن تحسين الربط الجوي، وتطوير البنية التحتية للزوار، وتكثيف الترويج السياحي في الأسواق العالمية.
ويُشار إلى أن أرمينيا كانت قد اعتمدت سابقاً سياسة الإعفاء من التأشيرة لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2017، ولمواطني قطر في عام 2019، ولمواطني الكويت في عام 2022، وهي خطوات ناجحة مهّدت الطريق نحو توسيع هذه السياسة الإقليمية، لتشمل بقية دول مجلس التعاون الخليجي.

صحيفة الخليج

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نذير لكناوي: “مولودية الجزائر أحسنت الاستثمار في الأخطاء التي ارتكبناها”
  • اعتباراً من 1 يوليو.. أرمينيا تعفي مواطني ومقيمي دول الخليج من التأشيرة
  • بسبب رفض التأشيرة.. نجم يودع حلم المشاركة في مونديال الأندية
  • محافظ الجيزة يتابع أعمال تطوير البنية التحتية بالمنطقة الصناعية والاستثمارية بأبو رواش
  • محافظ الجيزة يتابع أعمال تطوير البنية التحتية بالمنطقة الصناعية والاستثمارية
  • محافظ الجيزة يتابع أعمال تطوير المنطقة الصناعية والاستثمارية بأبو رواش
  • محافظ المنوفية: رفع الاستعدادات للقصوى والمتابعة الميدانية المستمرة وتقديم الدعم اللوجستي لانتظام أمتحانات الثانوية العامة
  • بطاقة ترامب الذهبية.. الإعلان عن فتح قائمة الانتظار للحصول على التأشيرة
  • السّـرديـات في مـيـزان التّـاريخ والعــقـل
  • سفارة العراق في دمشق تنفي رفع رسوم التأشيرة