مع ذيوع اخبار تقدم الجيش في بعض المحاور على قوات الدعم السريع، بدأ الكيزان في الظهور حرصا على اقتناص اللحظة المناسبة للظهور ونسبة الانتصارات لهم لجني فوائدها، وتجاوز ودفن كل ما افرزته ثورة ديسمبر المجيدة في النسيان وغبار معاركهم مع القوات التي صنعوها لتثبيت نظامهم.
لابد انّ الحنين الى النهب والعمولات والرشاوي هو ما يدفع الكيزان للعجلة في الظهور وتسيّد المشهد في الوقت المناسب.


خروج عقارب التنظيم من جحورها، يوضح بجلاء حقيقة من أشعل الحرب وما الغرض منها. الكيزان يعلمون انّ حربا تشتعل في الخرطوم ستعني دمارا وتشريدا وهلاكا يدفع فاتورته مواطن برئ لا حيلة له، ولكن متى كان التنظيم الذي لا يزال يحتمي خلف شعاره القديم: فلترق كل الدماء! متى كان يهتم لأرواح الأبرياء أو ممتلكاتهم او يُعنى بضياع مستقبل أبنائهم أو موتهم في صحاري النزوح بحثا عن الأمان؟ أليس ما حدث في الخرطوم والمدن الأخرى هو عين ما كان يحدث في الجنوب ودارفور طوال سنوات العهد الاجرامي المسمى عدلا بالإنقاذ! فدولة الشر الكيزانية المستمرة منذ 1989 شُيّدت فوق جماجم الأبرياء، وفوق بقايا أحلام وطموح مواطني بلادنا بالأمان والرفاه، وبوحدة بلادهم وتماسك نسيجها الاجتماعي.
عدا (ترامب والكيزان) فإنّ معظم ساسة العالم الحر يتوارون من الحياة العامة حين يفشلون في الحصول على ثقة (الناخب) الكيزان سقطوا أخلاقيا وفقدوا سلطتهم نتيجة ثورة عظيمة سيظل التاريخ يتغنى بفضائلها الى الأبد، وتظل شاهدا على عبقرية شعبنا وعشقه للحرية وكراهيته للاستبداد والطغيان.
لقد ارتكب الكيزان جرائم لا تغتفر في حق هذا الوطن وشعبه، نهبوا ثرواته، وقتلوا أبنائه واغتصبوا حرائره، اضاعوا مستقبل اجياله الذين حرموهم من حقوقهم في التعليم والصحة التي تكفلها الحكومات الراشدة، اشاعوا الفتن بين مكوناته، وبدلا من السعي لإزالة الفوارق القبلية الوهمية لصالح الوعي والانتماء لوطن واحد يساوي بين أبنائه، سعوا حثيثا لإيقاظ العصبيات، حتى أصبح كتابة اسم القبيلة واجبا في المعاملات والأوراق الرسمية! في ردة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، تجعل البطل علي عبد اللطيف يتململ في مرقده، فقبل أكثر من مائة عام حين سأله المستعمر الإنجليزي عن قبيلته: قال السودان!
وقادت تلك الممارسات الشائهة والجرائم الرهيبة وإنشاء المليشيات لحماية عرشهم المشيد فوق الجماجم، الى الوضع الذي تعيشه البلاد الان. فهم مسئولون مباشرة ليس فقط عن انتهاكات عقود حكمهم الثلاثة قبل ان يتراجعوا قليلا ويواصلوا نفس دورهم من خلف ظهر لجنتهم الأمنية التي خلفت مجرم الحرب الديكتاتور عمر البشير. هم مسئولون بصورة مباشرة عن كل الحروب والجرائم التي ارتكبت في هذه البلاد منذ 30 يونيو 1989 وحتى هذه اللحظة.
حتى الجرائم التي تواصل ميليشياتهم ارتكابها اثناء هذه الحرب العبثية مثل مجزرة الحلفايا، التي استهدف فيها شباب هم من شباب ثورة ديسمبر الذين يعملون في مساعدة أهلهم ضحايا الحرب، يؤدون نفس الدور الذي كانوا يقومون به اثناء الثورة وقبل فض الاعتصام، مستهدين بقيم تلك الثورة العظيمة التي يستهدفها الإسلاميون ويستهدفون رموزها بحربهم العبثية.
حتى جرائم ميليشياتهم تلك تصب في هدفهم النهائي لتعميق الهوة بين أبناء الوطن. دفعا لمزيد من الفتن والحروب، وصولا لمزيد من التشرذم، بل انهم لا يمانعون في تقطيع هذه البلاد ولا يستحون من كتابة العرائض يستجدون دول الجوار لضم أجزاء من بلادهم الى تلك البلاد! في فضيحة يستحي الانسان من مجرد ذكرها!
دعوات المصالحة مع الإسلاميين رغم نواياها الطيبة لكنها لن تمنح العدالة للضحايا على امتداد فترة حكمهم المشئومة، ولن تعالج الآثار الكارثية التي تركتها سياساتهم طوال أكثر من 3 عقود، كما ان من لا يملك المقدرة على الاعتذار ومحاسبة نفسه على ما اقترفته يداه، وليس له أدني احترام لشعبه او للمجتمع الذي ضحى كثيرا من اجل تعليمه وتأهيله، سيكون من المؤكد أنه سيواصل نفس نهجه في ارتكاب الجرائم والانتهاكات ان قُيض له العودة للسلطة.
التمسك بقيم ثورة ديسمبر العظيمة هو الضمانة الوحيدة للتخلص من هذه العصابة ومعالجة الاثار القاتلة التي تركتها سياساتهم في كل أوجه الحياة في هذه البلاد.
ديسمبر العظيمة ستظل حية في قلوب هذا الشعب العاشق للحرية، ستظل نورا ونبراسا يهدي الظامئين الى الحرية والعدالة في العالم كله.

 

أحمد الملك

ortoot@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الوكيل يكتب : نحتاج ثورة بيضاء يقودها سمو ولي العهد

صراحة نيوز ـ كتب : الدكتور احمد الوكيل

تمرّ المجتمعات في تاريخها بمنعطفات حاسمة، تستدعي تحولات جذرية وإعادة تشكيل الأولويات، لا عبر الانقلابات أو الصراعات، بل من خلال ما يُعرف بـ “الثورة البيضاء”؛ وهي ثورة يقودها العقل والتخطيط والرؤية، وتُبنى على الإصلاح المؤسسي، وتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن.

واليوم، في الأردن، لا نبالغ حين نقول إننا في أمسّ الحاجة إلى ثورة بيضاء يقودها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، شابٌ ينتمي إلى جيل المستقبل، ويملك من الكاريزما والطموح والانفتاح ما يؤهله لقيادة مشروع وطني شامل يعيد الثقة، ويجدد الأمل، ويزرع بذور التغيير الهادئ، لكن العميق.

إن الحراك الذي يشهده الأردن من حيث التحولات الاقتصادية، وملف التحديث السياسي، وإعادة هيكلة القطاع العام، يشكل أرضية خصبة لإطلاق مشروع وطني يقوده سمو ولي العهد، تتلاقى فيه إرادة الإصلاح مع هموم الناس وتطلعات الشباب.

ثورة بيضاء لا تقوم على هدم المؤسسات، بل على إعادة بنائها وفق معايير الشفافية والكفاءة والعدالة. ثورة لا تعني الصدام، بل تعني مراجعة السياسات، ومحاسبة المقصّرين، وتمكين الكفاءات، وتفكيك البيروقراطية المعطلة، ومكافحة الفساد بكل أشكاله، خاصة ذاك الذي يرتدي عباءة الوجاهة والنفوذ.

إن الشباب الأردني – الذين يشكلون النسبة الأكبر من المجتمع – بحاجة لمن يثق بهم ويمنحهم الأدوات والفرص، لا من يكتفي بالخطاب التحفيزي. هنا يأتي دور ولي العهد، الذي طالما أكد في خطابه ومبادراته أن الشباب ليسوا مجرد جمهور في مدرج الوطن، بل هم اللاعبون الأساسيون في ميدان البناء والنهضة.

نحتاج إلى سياسات جريئة في التشغيل والتعليم والتدريب، تحوّل الجامعات إلى منصات إنتاج، وتربط التخصصات بسوق العمل، وتستثمر في العقول الأردنية داخل وخارج البلاد.

الثورة البيضاء التي ننشدها لا يمكن أن تتم دون إعادة ترميم العلاقة بين المواطن والدولة، وهي علاقة اهتزت بفعل تراكمات الإحباط، وضعف الثقة، والشعور بالتهميش. يجب أن تكون دولة القانون هي المرجعية، وأن يكون المسؤول خادمًا لا سيدًا، والموقع العام تكليفًا لا امتيازًا.

وليس ثمة قائد أنسب لقيادة هذه المرحلة من سمو ولي العهد، لما يتمتع به من حضور شعبي، وتفاعل حي مع القضايا الوطنية، واطلاع واسع على تحديات الدولة، واستعداده الدائم للتواصل المباشر مع الناس.

إن الثورة البيضاء ليست مشروع شخص، بل مشروع دولة؛ لكنها بحاجة إلى راية يحملها صاحب رؤية، يُحسن الإصغاء ويملك الشجاعة للتغيير. هذه المواصفات تتجسد بوضوح في سمو الأمير الحسين، الذي قدّم في مناسبات عدّة تصورًا لشكل الأردن الذي نحلم به: دولة حديثة، عادلة، منتجة، ذات مؤسسات فعالة ومجتمع متماسك.

نعم، نحتاج إلى ثورة بيضاء يقودها ولي العهد، ثورة تعيد الأردن إلى موقعه الطبيعي كأنموذج عربي في الاستقرار والتنمية والعدالة، وتضعه على مسار جديد من الثقة والنهضة.

فالتاريخ لا يرحم الفرص الضائعة، ونحن اليوم أمام فرصة لا يجب أن نفوّتها.

مقالات مشابهة

  • الوكيل يكتب : نحتاج ثورة بيضاء يقودها سمو ولي العهد
  • في بيروت.. ثورة ضدّ التوك توك (فيديو)
  • “فنجان قهوة” مع حمدي الطباع.. كان فنجانًا من الذكريات، والوفاء، والحديث العابر للزمن
  • أبو علي: مجهودات محافظ بورسعيد لا ينكرها أحد وهو الوحيد الذي دفعني للعدول عن الاستقالة
  • السيد القائد يدعو للخروج المليوني غداً في جمعة النفير والوفاء
  • مدير الاستثمار بشركة قطر للأوراق المالية: تطبيق مراجعة مورغان ستانلي يقفز بقيم التداول إلى 1.44مليار ريال
  • أبوظبي تستضيف “ألعاب المستقبل 2025” في ديسمبر المقبل
  • بليحق: الطرف الوحيد الذي يرفض تشكيل حكومة جديدة موحدة هو الدبيبة
  • الضمان الصحي يوضح واجبات المستفيد لضمان الرعاية الشاملة التي يحتاجها
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟