الخطلة .. رحلة موسمية لرعي الإبل في جبال محافظة ظفار
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
بدأ موسم رحلة خطيل الإبل من السهول إلى الأودية في جبال محافظة ظفار، حيث يمتد هذا المسار من ضلكوت غربًا إلى سمحان شرقًا. إنه مشهد مهيب يثير شعورًا لا يمكن وصفه، حين ترى آلاف النوق ذات السلالات المحلية تنطلق في يوم واحد، مشكلةً ملحمة رائعة تتجه نحو الوديان والجبال الشاهقة. وقد أشرقت عليها شمس الربيع (الصرب)، مما منح الأشجار والأعشاب لونًا ذهبيًا جذابًا ووميضًا ناصعًا.
وتسرح النوق في العديد من الشعاب والأودية الخصبة التي توفر المراعي الغنية والتغذية الجيدة. ويعتبر حليب النوق، برغوته البيضاء كثلج، رمزًا لهذه الوفرة، مما يقلل من المصروفات اليومية التي تثقل كاهل مربي هذه الثروة الحيوانية. وتشير كلمة "الخطيل" إلى حركة قطعان الإبل من السهول إلى قمم الجبال بعد أن قضت ثلاثة أشهر في السهل، حيث تكون الإبل متشوقة لانتهاء موسم الخريف لتستمتع بالتمخطر في الجبال والأودية. ويشكل إياب الإبل من المرعى قبيل المغيب لوحة إبداعية فريدة الجمال، حيث تنعكس خيوط الشمس على بساط الخضرة الذي تتحرك عليه آلاف الإبل وسط غابات من الأشجار في اتزان وانضباط، لتصل إلى مباركها بلا عناء. فتبدو الصورة وكأن الأرض هي التي تتحرك، كما يقول المثل الشعبي الريفي "أتيبغود شيسن ديني".
من بين هذه الخطلات، تأتي خطلة الإبل من سهل صحلنوت بولاية صلالة إلى وادي ثيدوت ووادي ريثوت بمنطقة زيك في ولاية صلالة، حيث انطلقت منذ بدايات الفجر برفقة ملاكها الذين يحملون أمتعتهم على ظهورهم، مرتدين ملابسهم التقليدية. وقد قسموا أنفسهم إلى مجموعات، حيث يخصص لكل فرقة خط سير خاص بها، تتوزع على مقدمة ومؤخرة الإبل، وكذلك على الجوانب. وتتمثل مهمة كل مجموعة في الحفاظ على الإبل من الوقوع في أماكن خطر، نظرًا لكثافة الحشائش التي قد تحجب الرؤية عن بعض الحفر العميقة الناتجة عن غزارة الأمطار. كما يتعين عليهم التأكد من تجمع القطيع واختيار المواقع المناسبة للرعي وتحديد مدة المكوث بها. ورغم الحركة الدؤوبة والجهد الكبير، إلا أن شعور الزهو يعلو جباههم، وتظهر ملامح الفرح والسرور على محيا الجميع. فرفقة الإبل لها طعم خاص لعشاق النوق، حيث يعيشون أجواء صربية وسط كثافة الأشجار، مع أصوات نحيب الإبل والهواء الطلق، بينما تحشوشهم الحشائش وتكون الصخور بمثابة مخداتهم، وتحت السماء ينامون تحت سراج النجوم.
"عمان" رافقت خطلة الإبل من سهل صحلنوت إلى وادي ثيدوت، مشيًا على الأقدام لمسافة تصل إلى حوالي 8 كيلومترات ذهابًا وإيابًا، وسط الأشجار الكثيفة والحشائش المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة. وهذا يتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا نظرًا لوعورة الطريق وكثرة التشعبات التي تتضمن صعودًا وهبوطًا.
وقد شهدنا مشاركة كبيرة من فئة الشباب، الذين أظهروا حماسًا شديدًا ورغبة صادقة في الحفاظ على هذه الثروة الحيوانية التي ورثوها عن آبائهم، معتبرين إياها أمانة في أعناقهم. ورغم صغر سنهم، لم يكترثوا للمتاعب ومشقة الرعي في الجبال والأودية، وكأنهم نسخ طبق الأصل من آبائهم.
وقال سالم بن علي بن سالم كشوب، أحد ملاك الإبل: نقوم سنويًا، نحن ملاك الإبل في منطقة زيك التابعة لولاية صلالة، بالنزول بالإبل من الجبال إلى السهل المعروف محليًا بـ"الجربيب' خلال موسم الخريف، حفاظًا على البيئة ومنح فرصة للمراعي في الجبال للنمو". وأشار إلى أن الإبل تقضي لمدة ثلاثة أشهر في السهل، حيث تتغذى على الأعلاف والحشائش طوال هذه المدة.
وأضاف سالم كشوب: بعد انتهاء موسم الخريف، يبدأ موسم الرعي الربيعي (خطيل الإبل)، وهو مناسبة سنوية يجتمع فيها ملاك الإبل لتحديد اليوم الذي تتحرك فيه الإبل جماعيًا من سهل صحلنوت إلى الأودية. يتم تقسيم الإبل إلى مجموعتين نظرًا للأعداد الكبيرة، حيث تتوجه مجموعة إلى وادي ثيدوت، بينما تتوجه المجموعة الأخرى إلى جبل (حيث)، وبعد حوالي أسبوع، تلتقي المجموعتان في وادي ريثوت نظرًا لسعة الوادي ووفرة المرعى".
وأكد سالم بن علي كشوب أن للخطلة أعرافا اجتماعية وقوانين يلتزم بها رعاة الإبل، حيث لا تتجه الإبل إلى الوديان إلا بعد انتهاء تساقط الأمطار وتجفيف الأرض، وذلك للحفاظ على الغطاء النباتي. وبعد ذلك، يتم تحديد موعد الخطلة ويبّلغ به الجميع، ويتجه كل قطيع إلى المكان المعروف دون تجاوز حدوده إلى أماكن أخرى.
وأوضح سالم بن علي كشوب أن شغف الكثير من الجيل الجديد في اقتناء الإبل والاستعداد لتربيتها والاستمرار في ترسيخ العادات والتقاليد يعكس الأمل في الحفاظ على هذا الموروث الحضاري، الذي يدمج بين الرحمة تجاه الحيوان وصون الطبيعة الخلابة. وبهذا، تتبدد المخاوف من التغيرات الثقافية التي قد تطرأ، لتبقى الإبل مصدرًا مهمًا واستراتيجيًا للاقتصاد المحلي، خاصة في أوقات الأزمات والكوارث "لا سمح الله".
من جانبه، قال سهيل بن مسلم كشوب، أحد ملاك الإبل: تعد خطلة الإبل موروثًا تعارف عليه أهالي محافظة ظفار منذ سنوات عديدة. وتراعى في جلسات الخطلة عناصر مهمة، بموجبها يتم وضع البرنامج المختار من الحضور. ومن أهم تلك العناصر التأكد من أن الأرض لم تعد رطبة، بحيث تعيق سير الإبل أو تضر بالعشب والتربة معًا، ومعرفة حجم تحمل المراعي لأعداد الإبل المتوافدة خلال المدة المحددة، وكذلك تجنب الرعي فوق النباتات والحشائش الصغيرة.
وأضاف سهيل كشوب: في موسم الصرب، تسرح الإبل على شكل قطعان، وتكون مرافقتها من قبل مجموعة من الرعاة وهم ملاكها، لمدة شهر إلى شهرين. تنتقل هذه القطعان من مكان إلى آخر، ويسود فيها جو المتعة والترحال، وهو أشبه ما يكون بالرحلات السياحية في الطبيعة الخضراء. ويترك هؤلاء الرعاة صخب حياتهم اليومية ليعيشوا تجربة فريدة بين أحضان الطبيعة، مستمتعين بجمال المناظر وصور الحياة التي لا يشعر بها سواهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ملاک الإبل الإبل من
إقرأ أيضاً:
ماذا تقدم السعودية لعشاق سياحة المغامرات؟
إذا كنت من عشاق سياحة المغامرات، وتبحث عن المتعة والتشويق والتحدي في بلد يتمتع بالإمكانيات والعوامل الطبيعية والتضاريس الواسعة والممتدة، والكثبان الرملية، والجبال الخضراء، والسواحل الممتدة، والشواطئ والصحراء، فإن وجهتك ستكون المملكة العربية السعودية، فهي بلد مترامي الأطراف يلبي كل متطلبات سياحة المغامرات.
تلك العوامل المذكورة سابقا جعلت من المملكة وجهة لهذا النوع من السياحة، علاوة على وجود بيئة واعدة وبنية تحتية مناسبة، ما يجعل التنقل والوصول إلى الأماكن المقصودة أمرا سهلا، سواء عبر البر أو البحر أو الجو.
وبفضل تركيز السعودية على تنظيم والفعاليات والمهرجانات والأنشطة، والتي تهدف من خلالها للتوصل إلى مفهوم جديد لسياحة المغامرات، المتنوعة بين الأنشطة الاستكشافية والصحراوية، والساحلية والجبلية، وفي أعماق الصحاري والبحار والوديان والسهول.
وفي هذه المساحة، نتعرف بالتفصيل على رياضات المغامرة في السعودية، والتي تشمل الأنشطة المائية، تسلق الجبال، القيادة على الكثبان وركوب الخيل والقفز بالمظلات.
الرياضات المائيةالسواحل السعودية الممتدة من الغرب إلى الشرق (البحر الأحمر إلى الخليج العربي) تمثل مسرحا جذابا لعشاق المغامرات المائية، حيث يمكنك ممارسة هوايتك المحببة في الشواطئ الفيروزية، والأنشطة المائية الأخرى مثل الغوص وركوب الأمواج والزلاجات المائية الطائرة.
وإذا كنت من الذين يحتاجون للمساعدة، فإن هناك مراكز تساعدك لتجربة الغوص، واللعب مع الدلافين وأسماك القرش.
كما بإمكانك استكشاف الكهوف البحرية والشعب المرجانية المذهلة، وتتوفر هذه المغامرة في بيئة بحرية آمنة، وما عليك إلا الانتقال للساحل الغربي للمملكة، حيث مدينة جدة الغنية بإرثها البحري، وتجربة الغطس، إذ توجد مراكز للغوص في البحر الأحمر والتي تتيح لك التعرف على البيئة البحرية الغنية بالشعب المرجانية والأنواع المختلفة من الأسماك.
إعلانأيضا توجد رياضة القوارب البحرية والدراجات المائية، حيث تعد مياه مارينا في المنطقة الشرقية مقصدا مميزا لهذه الأنشطة، حيث يمكنك الاستمتاع بالمناظر الجميلة لمنتجع شاطئ الدانة والتحليق عالياً، والإبحار بالمظلة، والاستجمام في خليج "نصف القمر" في المنطقة الشرقية للمملكة.
ركوب الخيل"الخيل معقود بنواصيها الخير"، من هذا الموروث الإسلامي ينطلق الاهتمام برياضة ركوب الخيل، حيث تعد من أهم الرياضات التي يفتخر بها السعوديون، ويعتبرونها إرثاً عن الآباء والأجداد، وتعد نشاطا شعبيًا في المملكة.
وتتوفر السعودية على العديد من مراكز ركوب الخيل والرحلات السياحية على طول الشواطئ وفي الصحراء، وتوفر هذه الرحلات فرصة للاستمتاع بعدد من المناظر الطبيعية الساحرة.
وتوجد مراكز في مدينة الرياض مثل مربط سهم الأصائل للفروسية، والتي تقدم حصص تدريبية على ركوب الخيل في الرياض، وبالمثل يقدم نادي كابلو للفروسية أيضاً في الرياض تدريب على ركوب الخيل بشكل منفرد، ويحتوي على عدة فصائل من الخيل العربي المدربة.
كما يزودك المدربون في تلك المراكز بمعلومات حول كافة التجهيزات والملابس التي تناسب تلك الرياضة العربية الأصيلة.
تسلق الجبالتتميز المملكة بسلسلة من الجبال في مناطقها المختلفة، فإذا كنت من عشاق هذا النوع من المغامرات فيمكنك ممارسة المشي لمسافات طويلة (الهايكنغ)، والتي تشتهر بها قرية العمارية في الرياض التي تحتوي على جبال ومناظر طبيعية خلابة، كما يمكنك تسلق الجبال الصخرية التي تطل بقامتها وشموخها في مناطق متفرقة في السعودية.
ومن تلك المناطق المناسبة لرياضة تسلق الجبال غرب منطقة حائل، ففيها جبال "عقدة" ومنها جبل أجا، وهي وجهة مثالية في مجال التسلق والتنزه والمشي واكتشاف الصخور، واكتشاف الأخاديد والقبب الصخرية.
كما يمكن ممارسة هذه الرياضة المثيرة في جبال "المعتدل" شمال محافظة العلا، حيث تظهر لك الكتل الصخرية الرسوبية، والأشكال الحجرية المنحوتة، وأماكن أخرى ساحرة في الموقع نفسه مثل صخرة الفيل، وجبل المزهرية، وصخرة الوتد المائل.
وتطل جبال "الهدا" الشهيرة في محافظة الطائف، في الجنوب الغربي من البلاد، وهي تتربع على إطلالة كاملة على مكة المكرمة، متماثلة مع قمة جبل الشفا على ارتفاع يصل إلى 2500 متر فوق سطح البحر، كما يمكن أن تمتع ناظريك بمشاهدة منحدرات جبال الشفا.
أما في جنوب غرب منطقة تبوك (أقصى الشمال الغربي للمملكة)، فأنت على موعد مع جبال "الديسة" بتشكيلاتها الحجرية الرملية السميكة، وهي مكان ملائم للتخييم وركوب الدراجات النارية والهوائية.
وهناك في أقصى الجنوب في جازان (الجنوب الغربي) يتراءى "وادي لجب" بسحره وتناسقه الفريد، ولذلك يستقطب الوادي عشاق المغامرات لتسلق صخوره، والاستمتاع بتفرع وديانه وشلالاته.
إعلان قيادة في الكثبانتشتهر منطقة “الثمامة" في الرياض والمنطقة الشرقية من السعودية بأنشطة القيادة على الكثبان الرملية، والتي تمثل فرصة سانحة للتحرر من القيود التقليدية المعتادة في وسط المدن والطرق المعبدة، وتتميز المملكة بالتنوع في أنواع الكثبان بفعل شساعتها مناطقتها الصحراوية، ويمكنك قيادة مركبتك بكل حماس وممارسة تجربة "التطعيس" (عبارة في منطقة الخليج تعني قيادة السيارات رباعي الدفع في الكثبان).
وتعد الثمامة في العاصمة السعودية منطقة رائعة "للكشتات" (الرحلة البرية وغالبا للمناطق الطبيعية والصحراء خلال فصل الشتاء في منطقة الخليج)، وذلك بفضل تنوع طبيعتها حيث تجمع بين الجبال التي تتخللها الأخاديد والأودية مع منطقة واسعة منبسطة فيها العديد من الروضات، بالإضافة للكثبان الذهبية الفاتنة، وهي تضم مجموعات متنوعة من النباتات وفصائل من الحيوانات ما بين الثدييات والطيور والزواحف، إلى جانب احتواء المنطقة على مواقع أثرية من العصر الحجري.
وكذلك يمكنك خوض تجربة المغامرات في قلب صحراء الربع الخالي، ومنها التزلج على الكثبان وقيادة الدراجات الرباعية.
القفز بالمظلاتتتوفر عدة مناطق سعودية، ومنها أعالي جبال أبها (جنوب) ومدينة الطائف (جنوب غرب)، على أماكن لممارسة رياضة القفز المظلي أو الطيران الشراعي، حيث يمكنك قضاء أوقات لا تنسى مفعمة بالأدرنالين والإثارة.