أكتوبر 12, 2024آخر تحديث: أكتوبر 12, 2024

محمد الربيعي

في فيديوات انتشرت حديثا، ادعاءات مثيرة من قبيل ان الذكاء الاصطناعي سيؤدي الى اطالة عمر الانسان وانه سيجعل الانسان متقدما او متخلفا جينيا (وراثيا) وبأنه يمكن ان يتفوق ويسيطرعلى الانسان ويدير حياته. في هذا السياق، سأحاول هنا الاجابة على السؤال الذي طرحته في العنوان حول دور الذكاء الاصطناعي في حياة الانسان وتقدمه التكنولوجي وعلى امكانيته التي قد تتفوق على الذكاء الطبيعي.

مع انه من الضروري ان نفهم ان الذكاء الصناعي هو فعل جماعي ومشارك، حيث يعتمد على تفاعل العديد من الانظمة والخوارزميات لتحقيق اهدافه. في المقابل، يعتبر الذكاء الطبيعي كعملية فردية وشخصية، حيث يعتمد على القدرات العقلية لشخص واحد. لذلك، لا يمكننا مقارنة الاثنين بشكل مباشر، لان كل منهما يعمل في اطار مختلف ويعتمد على اليات مختلفة لتحقيق النتائج. فعلى سبيل المثال، يعمل نموذج اللغة الكبير في الذكاء الاصطناعي بناءً على نظرية الاحتمالات لتوليد النصوص، باستخدام الأساليب الاحصائية بدلاً من العمليات الادراكية او الفهم عند الانسان.

لا شك ان الذكاء الاصطناعي قد احدث ثورة هائلة في مختلف المجالات، بما في ذلك العلوم الاساسية. فمن خلال ادواته المتطورة، يمكننا تحليل كميات هائلة من البيانات، وفهم الظواهر الطبيعية بشكل افضل، وتطوير نظريات علمية جديدة. ولكن، هل حقا يعد الذكاء الاصطناعي “مولدا” للابتكارات؟ ام انه مجرد اداة تساهم في تسريع ظهورها؟ هنا احاول ان اوضح طبيعة الذكاء الاصطناعي ودوره في تسريع الابتكار والاكتشاف، مع التاكيد بأنه من دون فهم للعمليات والظواهر الطبيعية لن يكون للذكاء الاصطناعي دور في التقدم التكنولوجي في العلوم خصوصا البيولوجية والفيزياوية والطبية منها.

تسريع الابتكارات:

لا شك في ان يلعب الذكاء الاصطناعي دورا هاما في تسريع الابتكارات في العلوم الاساسية، ويحدث هذا من خلال:

تحليل كميات هائلة من البيانات: تعد البيانات اساس العمل العلمي، لكن تحليل كميات هائلة من البيانات قد يكون صعبا للغاية على البشر. هنا ياتي دور الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنه تحليل هذه البيانات بسرعة وكفاءة، واكتشاف الانماط المخفية التي قد لا نتمكن من رؤيتها. في مجال الطب كمثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات التصوير الطبي مثل الاشعة السينية والرنين المغناطيسي، مما يساعد الاطباء على تشخيص الامراض بشكل اكثر دقة وسرعة. فهم الظواهر الطبيعية بشكل افضل: يمكن للذكاء الاصطناعي بناء نماذج محاكاة للظواهر الطبيعية، مما يسمح لنا بفهمها بشكل افضل. في مجال الفيزياء كمثال، يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة سلوك الجسيمات دون الذرية، مما يساعدنا على فهم قوانين الفيزياء بشكل افضل. تطوير نظريات علمية جديدة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات العلمية ولربما توليد فرضيات جديدة بالتعاون مع البشر. كما يمكنه المساعدة في اختبار هذه الفرضيات وتطوير نظريات علمية جديدة. ومن الامثلة على دوره في مجال الكيمياء، يمكن للذكاء الاصطناعي تصميم مواد جديدة ذات خصائص محددة، مما يساعدنا على تطوير ادوية جديدة وعلاجات جديدة.

امثلة على انجازات العلوم الاساسية بدعم الذكاء الاصطناعي:

العلوم الطبية:

بالاضافة الى تشخيص الامراض من خلال تحليل الصور الطبية مثل الاشعة السينية والرنين المغناطيسي بشكل اكثر دقة وسرعة، يستخدم الذكاء الاصطناعي ايضًا في تصميم وتطوير ادوية وعلاجات جديدة. علاوة على ذلك، يدعم الذكاء الاصطناعي الطب الشخصي من خلال تحليل البيانات الجينية للمرضى لتطوير علاجات مخصصة لكل فرد.

العلوم الهندسية:

يستخدم الذكاء الاصطناعي في تصميم مواد جديدة ذات خصائص محددة، مثل مواد خفيفة الوزن وقوية في نفس الوقت، وكذلك في تصميم روبوتات اكثر ذكاء وقدرة على التكيف مع البيئة المحيطة. كذلك، يسهم الذكاء الاصطناعي في تصميم انظمة طاقة اكثر كفاءة واستدامة.

العلوم الزراعية:

يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الزراعية لتحسين الانتاجية وتقليل استخدام المبيدات الحشرية والاسمدة، وكذلك في اكتشاف الافات والامراض النباتية في وقت مبكر ومكافحتها. كما يساعد الذكاء الاصطناعي في ادارة الموارد المائية والتربة بشكل اكثر كفاءة.

 

هل يمكن للذكاء الاصطناعي ابتكار افكار علمية جديدة؟

يمكن للذكاء الاصطناعي ان يلعب دورا هاما في ابتكار افكار علمية جديدة، ولكن من المهم التاكيد على انه اداة قوية تساعد العلماء والباحثين، ولا يمكنه ان يحل محلهم، بل يمكن بالتعامل مع الانسان ان يفتح افاقا جديدة ويؤدي الى ابتكارات ونظريات علمية رائدة. الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة وكفاءة، مما يمكن الباحثين على سبيل المثال من فهم الاليات التي تتحكم بالعمر والالغاز البيولوجية بشكل اسرع. ومع ذلك، فان العمل العلمي الحقيقي ينجزه البشر، فهم الذين يصممون التجارب ويحللون البيانات ويطورون النظريات.

بمعنى اخر، يمكن تشبيه دور الذكاء الاصطناعي في العلوم الاساسية بدور الممثل الذي يجسد النص ويوصل رسالته الى الجمهور، لكنه لا يمكنه ادعاء انه هو من كتب المسرحية. لذا من هنا تكمن اجابتي على الادعاءات بامكانية الذكاء الاصطناعي في اطالة عمر الانسان في ان الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تسريع وتيرة الاكتشافات العلمية، لكنه لا يستطيع بمفرده اطالة عمر البشر، هذا الانجاز يتطلب فهما عميقا واليات معقدة لا يزال البشر هم المفتاح لفك شفراتها.

ومن المهم ان ندرك ان الذكاء الاصطناعي لا يمكنه:

فهم السياق العلمي: لا يمكن للذكاء الاصطناعي فهم السياق العلمي للبيانات والنظريات، مما يعني انه لا يستطيع تطوير نظريات علمية بصورة مستقلة، ولا يمكنه تقييم اهمية الاكتشافات العلمية او تفسير نتائجها بشكل كامل. طرح اسئلة علمية جديدة: لا يمكن للذكاء الاصطناعي طرح اسئلة علمية جديدة، بل يمكنه فقط تحليل البيانات والاجابة على الاسئلة التي يطرحها البشر. تطوير نظريات علمية جديدة: لا يمكن للذكاء الاصطناعي تطوير نظريات علمية جديدة، بل يمكنه فقط تحليل البيانات واختبار الفرضيات.

العلوم الاساسية هي الاساس:

لا ينبغي ان نقلل من دور العلوم الاساسية في الابتكارات التي يسهم فيها الذكاء الاصطناعي. فالعلم الاساسي هو الذي يوفر الاسس النظرية والتجارب التي تبنى عليها التطبيقات العملية. وبدون الفهم العميق الذي توفره العلوم الاساسية، لن يكون لدينا الاطار النظري الذي يمكننا من تطوير تقنيات جديدة او تحسين التقنيات الحالية.

العلوم الاساسية تعنى بفهم الظواهر الطبيعية والقوانين التي تحكمها، وهذا الفهم هو الذي يمكننا من تطبيق الذكاء الاصطناعي بطرق مبتكرة وفعالة. فمثلا، في مجال الطب، يعتمد تطوير تقنيات التشخيص والعلاج على الفهم الاساسي لبيولوجيا الانسان والامراض. وفي مجال الفيزياء، تعتبر النظريات الاساسية حول سلوك الجسيمات والقوى الطبيعية هي الاساس لتطوير تقنيات جديدة في مجالات مثل الطاقة والمواد.

لذلك، يجب ان ندرك ان الابتكارات التي يسهم فيها الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على الاسس التي توفرها العلوم الاساسية. بدون هذه الاسس، لن يكون لدينا البنية التحتية المعرفية التي تمكننا من تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي.

التحديات:

على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للعلوم الاساسية، الا انه يواجه بعض التحديات، منها:

البيانات المتحيزة: قد تكون البيانات التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي متحيزة، مما قد يؤدي الى نتائج خاطئة. قلة الشفافية: قد تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعي معقدة وصعبة الفهم، مما قد يقلل من ثقة الباحثين فيها. المخاوف الاخلاقية: قد تثير بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي مخاوف اخلاقية، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في الاسلحة ذاتية التشغيل.

في الختام، مع انه يمكن للذكاء الاصطناعي ان يلعب دورا اكبر في احداث ثورة في مختلف المجالات العلمية، لكنه ليس “والدا” للابتكارات في العلوم الاساسية، بل هو اداة قوية تساعد الباحثين على اجراء اكتشافات جديدة وتطوير نظريات علمية جديدة. ومع الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، يمكننا تسريع التقدم العلمي وتحسين حياة البشرية.

* أعرب عن شكري لصديقي الدكتور علي الشرباز الاستاذ في جامعة كمبردج في بريطانيا لملاحظاته القيمة التي اغنت المقال.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: یمکن للذکاء الاصطناعی ان الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی العلوم الاساسیة تحلیل البیانات فی العلوم بشکل افضل فی تصمیم فی تسریع لا یمکنه من خلال فی مجال لا یمکن

إقرأ أيضاً:

حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي

كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.

إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.

تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».

انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.

طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».

أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!

حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».

ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».

لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».

الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.

كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.

وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.

في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.

مقالات مشابهة

  • مبادرات جديدة لغوغل في أفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • لمواجهة العقوبات الأميركية.. تحالفان للذكاء الاصطناعي في الصين
  • حكومة ترامب تلجأ للذكاء الاصطناعي لحذف 100 ألف قانون فدرالي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
  • علي بابا تكشف عن أول نظاراتها للذكاء الاصطناعي
  • كركوك.. استحداث كليتين حكوميتين للذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • قطر تشارك في حفل افتتاح المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي بالصين
  • جوجل تطلق خاصية جديدة لتنظيم نتائج البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • الصين تدعو لتأسيس منظمة عالمية للذكاء الاصطناعي